المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[بيان أن الشيخ لم يوجب على أحد متابعته بل نهى عن ذلك] - مصباح الظلام في الرد على من كذب الشيخ الإمام ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام - جـ ١

[عبد اللطيف آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌[كلمة معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد]

- ‌[مقدمة المحقق]

- ‌[القسم الأول الدراسة]

- ‌[ترجمة المؤلف]

- ‌[التعريف بالكتاب]

- ‌[توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف]

- ‌[التعريف بنسخ الكتاب]

- ‌[منهج التحقيق]

- ‌[نماذج مصوّرة للنسخ الخطية]

- ‌[القسم الثاني النص المحقَّق]

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌[فصل في الرد على المعترض في تنقصه للشيخ واتهامه بالجهل والتكفير]

- ‌[الرد على المعترض في اتهامه للشيخ بأنه لم يتخرَّج على العلماء الأمناء]

- ‌[الرد على اتهام المعترض للشيخ بأنه سعى بتكفير للأمة]

- ‌[الرد على المعترض في قوله عن الشيخ وجعل بلاد المسلمين كفارًا]

- ‌[مناقشة المعترض في مسألة أخذ أموال المحاربين وحكم الفيء والغنيمة]

- ‌[الكلام في تكفير أهل الأحداث]

- ‌[كل الطوائف يصنفون الكتب لنصرة مذاهبهم]

- ‌[فصل بيان مقصود الشيخ لا يستقيم إسلام أحد إلا بمعادة المشركين]

- ‌[فصل في الرد على المعترض أن أتباع الشيخ هدموا المنار وخربوا المساجد]

- ‌[فصل رد دعوى المعترض أن الشيخ جعل بلاد الحرمين بلاد كفر]

- ‌[فصل الرد على زعم المعترض أن الشيخ كفر الأمة بالعموم وبحث تجديد العلماء للدين ووقوع الغربة]

- ‌[فصل رد إلزام المعترض للشيخ بتكفير النجاشي ومؤمن آل فرعون ومهاجري الحبشة]

- ‌[فصل في الإقامة بين ظهراني المشركين والتصريح بعداوتهم]

- ‌[فصل بيان أن الأحكام تبنى على قواعد وأصول الشريعة لا على ظواهر الأحوال]

- ‌[استقامة الإسلام بالتزام الواجبات]

- ‌[الإنسان لا يكلف إلا ما يستطيع]

- ‌[فصل في حكم موادة المشركين ومناقشة المعترض في ذلك]

- ‌[فصل في الرد على المعترض في فهمه لشروط الاجتهاد وبيان الحق في ذلك]

- ‌[بيان أن الشيخ لم يوجب على أحد متابعته بل نهى عن ذلك]

- ‌[فصل فيه مناقشة مسألة سبي المرتدات وتأصيل قاعدة دفع الضرر وجلب المصلحة]

- ‌[رد طعن المعترض إعطاء الشعراء على سب العلماء]

- ‌[رد طعن المعترض بأن أتباع الشيخ أتلفوا كتب العلم]

- ‌[الكلام على مدلول شهادتي الإخلاص]

- ‌[العلماء يحكون الإجماع ويحتجون به لأنفسهم]

- ‌[قول شيخ الإسلام ابن تيمية في قتال الطائفة الممتنعة]

- ‌[مسألة التلقين في القبر وهل هي شرك]

- ‌[فصل رد دعوى المعترض أن الشيخ جعل طاعته ركنا سادسا لأركان الإسلام وأنه أخذ الأموال وسفك الدماء]

- ‌[نص رسالة من الشيخ إلى حمد التويجري]

- ‌[نص رسالة من سليمان بن عبد الوهاب فيها البشارة بتوبته ورجوعه إلى الحق]

- ‌[نص رسالة من أحمد التويجري وابنا عثمان إلى سليمان ردا على رسالته إليهم]

- ‌[مناقشة جعل الشيخ علماء نجد كعقداء البدو في أخذهم العقبات على أهل الغارات]

- ‌[رد دعوى المعترض أن الشيخ استباح البلاد وجعلها لعياله وأتباعه]

- ‌[مسألة أخذ الزكاة من المدين وأن فعل الشيخ يوافق مذهب السلف]

- ‌[فصل بيان مقصود الشيخ بقوله ونكفره بعد التعريف]

- ‌[سياق الأدلة على كفر من أشرك بالله وجعل له ندا]

- ‌[رد اشتراط المعترض في قيام الحجة معرفة علم المخاطب بالحق]

- ‌[حديث سجود الجمل للنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في بيان كفر من عرف التوحيد ولم يتبعه مع عدم بغض للدين وأهله ولم يمدح الشرك]

- ‌[فصل في بيان كفر من عرف أن التوحيد دين الله وأن الاعتقاد في الشجر والحجر شرك وأعرض عنه ولم يقبله]

- ‌[الأدلة على فساد الأزمنة كلما تباعد العهد بالنبوة الخاتمة]

- ‌[التفريق في الحكم بين من عرف الحق وأصر وعاند ومن عرف فتاب]

- ‌[بيان المقصود بإظهار الدين وعدم لزوم المظهر للدين تكذيب الرسول]

- ‌[فصل في بيان كفر من عرف التوحيد ثم تبين في السب والعداوة وفضل أهل الشرك]

- ‌[بيان تحريف المعترض كلام الشيخ بالطعن على أهل الكويت]

- ‌[فصل بيان كفر من كره من يدخل في التوحيد ومحبة أن يبقى على الشرك]

- ‌[فصل مناقشة مسألة المؤمن المقيم ببلاد المشركين ولا يمكن ترك وطنه ويقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده]

- ‌[الرد على دعوى المعترض أن والد الشيخ نهاه وأن أهل البصرة أخرجوه وسياق الأدلة أن طاعة الآباء لا تحمد مطلقا]

- ‌[بيان فضل الشيخ في طلبه العلم ومشيخته ورحلته]

الفصل: ‌[بيان أن الشيخ لم يوجب على أحد متابعته بل نهى عن ذلك]

" الِإحياء" وأمثاله من تأليفه، وجزموا بأنه مخالف لأهل السنَّة والجماعة في كثير من السمعيَّات والعقليَّات، وقوله لا يحتج به عند أهل مذهبه في مسائل (1) الذيول والتفريعات؛ فكيف بأصول الإسلام؟ . قال تلميذه [أبو بكر](2) ابن العربي المالكي (3)(شيخنا أبو حامد دخل في جوف الفلسفة ثم أراد أن يخرج فلم يحسن) . انتهى.

وأما قول شيخ الإسلام، فيمن أوجب تقليد إمام بعينه: فهو كلام ظاهر وجيه؛ لكن المعترض وضعه في غير موضعه وأزال بهجته؛ لأنه استدلَّ (4) به على ردّ ما يورده العلماء من نصوص الكتاب والسنَة، ولم يفرِّق بين مسائل التقليد والاجتهاد، وبين النصوص الظاهرة وما يعلم من [51] الدين بالضرورة، وما أجمع عليه بين الأمة فخلط البحثين، ولم يفرق بين المقامين، ولو قال هذا (5) أحد على هذا (6) الوجه الذي أراده المعترض لوجب رد قوله كائنا من كان.

[بيان أن الشيخ لم يوجب على أحد متابعته بل نهى عن ذلك]

ثم قال المعترض: (فهذا الرجل بقوله وفعله قد أوجب (7) متابعته في كل ما يقول، وكفَّر مخالفيه في ذلك، وهو لم يوافقه على ذلك أحد من

(1) ساقطة من (ق) .

(2)

الكنية غير واردة في جميع النسخ وإثباتها أنفع وهو من المطبوعة.

(3)

انظر: "سير أعلام النبلاء"(19 / 327)، وأيضا نقل ذلك عنه شيخ الإسلام ابن تيمية انظر:" مجموع الفتاوى "(4 / 66 و 164)، وانظر أيضا:"درء تعارض العقل والنقل "(1 / 5) .

(4)

سقطت لامها من (ق) فكتبت: " استد"، وهو من أخطاء الناسخ الكثيرة.

(5)

ساقطة من (ق) .

(6)

ساقطة من (المطبوعة) .

(7)

في (ق) و (م) : "قد أوجب بقوله وفعله".

ص: 142

علماء الأمة من جميع أقطارها، بل أنكروا عليه فبإنكارهم عليه جعلهم بذلك (1) كفارا حلال (2) الدم والمال، وضمن لمن تبعه على ذلك من قوله: الجنة بتكفير الأمة وقتالها، ونهب أموالها) وأطال الكلام بما حاصله:(أن شاعرهم سبَّ علماء نجد: ابن فيروز وأبا الخيل، وأن هذا الرجل يذكر في درسه مسبتهم وما قيل فيهم، وأكثر من هذا الهذيان) .

والجواب أن يقال: ليس بعجيب صدور هذا البهت والسب عن هذا المعترض، وفي المثل:(إذا ظهر السبب بطل العجب) . كيف وقد تعدَّدت أسباب عدواته وبهته وزوره؟ ويكفي في هذه الدعوى ردَّها ومنعها واطراحها (3) .

ومعاذ الله أن يوجب (4) على أحد متابعته أو متابعة غيره إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه رسائل الشيخ ومصنفاته ينهى عن ذلك ويشدِّد فيه، ويأمر بتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (5) وينكر ما اعتاده الناس من الغلو في رأي العلماء واجتهادهم، وتنزيل ذلك منزلة النصوص النبويّة، وقد عقد باباً في كتاب التوحيد لهذه المسألة.

قال رحمه الله (6)(باب من أطاع العلماء والأمراء (7) في تحليل

(1) ساقطة من (ق) .

(2)

في (المطبوعة) : " حلالي".

(3)

في (ح) : "واطراجها" بالجيم.

(4)

في (المطبوعة) : "يوجب الشيخ ".

(5)

ساقطة من (الأصل) و (م) ، والصواب إثباتها.

(6)

انظر: كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ص 220، ضمن مجموعة التوحيد، طبع دار الفكر بمصر.

(7)

في (ق) : "الأمراء والعلماء".

ص: 143

ما حرَّم الله أو تحريم (1) ما أحل الله فقد اتخذهم أربابا من دون الله) .

واستدل بقوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31][التوبة / 31] .

وذكر حديث عدي بن حاتم (2) وذكر من الآثار عن أهل العلم ما يقضي ببراءته ويشهد بعلمه، وأن هذا المعترض لا يتحاشى عن قول الزور وشهادته، وقد قضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شاهد الزور أن يُسوَّد وجهه ويطاف به (3) {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت: 16]

وقوله: (ولم يوافقه على ذلك أحد من علماء الأمة) .

إن أراد أنهم لم يوافقوه في وجوب طاعته في كل ما يقوله (4) فهو لم يدع هذا (5) ولا قاله، ونبرأ إلى الله من قائله، وقد قال مالك بن أنس - وبقوله نقول ويقول شيخنا-: " كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا

(1) في (الأصل) : "وتحريم "، وفي النسخة التي بيدي من كتاب التوحيد، (باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله، فقد اتخذهم أربابا من دون الله) .

(2)

أخرجه الترمذي (3095) ، والطبراني (17 / 92، ح 218) ، والبيهقي (10 / 116، ح 20137، 20138) ، وهو حديث قدوم عدي بن حاتم على النبي صلى الله عليه وسلم ليسلم وفي عنقه صليب، وسماعه هذه الآية واعتراضه بأنهم لم يكونوا يعبدونهم، وبيان النبي صلى الله عليه وسلم أن طاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام هي عبادتهم، وإقرار عدي بن حاتم بذلك.

(3)

أخرجه عبد الرزاق (8 / 326) ، وابن أبي شيبة (5 / 526، 532) ، والبيهقي (10 / 142) .

(4)

في (ق) و (م) : "يقول".

(5)

في (ح) : "هنا ".

ص: 144

صاحب هذا القبر " (1) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما قوله: (بل أنكروا عليه، وبإنكارهم عليه (2) جعلهم كفارا حلال (3) الدم والمال) ، فقد كذب وافترى، ولم يُكَفِّر أحدا خالفه في رأيه وهواه وجميع ما يقول (4) وإنَّما كفَّر بالشرك بالله وعبادة غيره، واتخاذ الوسائط والأنداد في المسألة والتوكُل والإنابة، والتكفير بهذا لا يضاف إليه، بل هو حكم يضاف إلى كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما جاءت به الرسل عن الله.

وأما قوله: (وضمن لمن تبعه على ذلك الجنة بتكفير الأمة وقتالها ونهب أموالها) .

فقد تكرَّر الجواب عن مسألة التكفير للأمة (5) وقتالها.

وأما ضمان الجنة: فهذه الكلمة العوراء لا تصدر إلا عن غبي قد تمادى في الوقاحة والسفاهة، والله ورسوله قد وعد المؤمنين الجنة والمغفرة والرضوان، ورتَّب على أصول الإيمان وشعبه من الثواب والجزاء والمغفرة ما لا يخفى على من آمن بالله ورسوله وأجاب المرسلين.

وأما الشهادة لمعين من أهل القبلة بجنة أو نار: فلا يشهد لأحد (6)

(1) أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم "(1 / 120)، وانظر:(المقاصد الحسنة) ص (513) .

(2)

ساقطة من (المطبوعة) .

(3)

في (المطبوعة) : " حلالي".

(4)

في (المطبوعة) : " يقوله ".

(5)

ساقطة من (ق) .

(6)

في بقية النسخ: " أحد ".

ص: 145

بذلك إلا من (1) شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ذكره العلماء في كتب العقائد.

والمعترض قد التحق بأكذب الخلق الذين يكذبون على الله وعلى (2) رسوله، وعلى علماء أمته، وقد كنَّا في غنية عن رد أكاذيبه لسقوطها وظهور هجنتها، لولا ما قيل:(لكل ساقطة لاقطة) ، وخوفاً أن تصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة.

وأما قوله: (ويقول شاعره في أشعار كثيرة) .

فنسبة هذا الشاعر إلى الشيخ معدودة من زور هذا المعترض، (والكلام نبطي لا يعتبر وزنا)(3) ثم لو فرض (4) صحة هذا، وأن الشيخ قرَّره واستحسنه، لم يكن في ذلك ما يعاب به (5) الشيخ ويذم به، وقد شاع عن ابن فيروز وأبا (6) الخيل [53] ما لا يخفى على من عرف دعوة الشيخ، وما جرى من أهل عصره وقد هجا شعراء الإسلام كثيراً ممن صدَّ عن سبيل الله وصدف عن آياته.

ويذكر عن ابن فيروز أنه قال: (لو دعاني ابن عبد الوهاب إلى شهادة أن لا إِله إلا الله ما تبعته) ، والواقع يشهد بذلك.

(1) في (ق) و (م) : " لمن ".

(2)

في (المطبوعة) : "ورسوله ".

(3)

ما بين القوسين ساقط من (ق) .

(4)

في (ق) و (م) : "فرضنا".

(5)

في (ق) : "على".

(6)

في (م) و (ق) و (المطبوعة) : "وأبي ".

ص: 146

وقوله عن الشيخ: (إنه يحلف في رسالة من رسائله أن كُفْر الشيخ محمد بن فيروز أعظم من كفر فرعون إذ هو (1) قد أنزل نفسه منزلة الكليم موسى عليه الصلاة والسلام، والشيخ ابن فيروز منزلة فرعون، فابن فيروز مكث علمه في الأرض ونفع الله به العباد والبلاد، وهو كما ترى تسفك به الدماء وتنهب به الأموال حتى قاد على أهل نجد الدواهي العظام التي لا تطاق ولا ترام) .

فيقال لهذا المعترض: أنت مطالب أولا بتصحيح نقلك عن الشيخ وأنه صدر منه هذا الكلام، والناقل يطالب بالصحة، والمدعي يطالب بالدليل، فلا تعطى بمجرَّد دعواك؛ ولا يسلم لك ما دون هذا، ولو في حق آحاد العوام، وقد تقدَم البرهان على جهلك وكثرة كذبك، وشهادتك للزور (2) وثبتت عداوتك للشيخ في أول أمرك وآخره، فأي عاقل وأي حاكم يقبل منك هذا النقل وهذا الكلام الذي لا سند له، بل هو من جنس أوضاع اليهود والنصارى فيما ينسبونه (3) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأكاذيب والأباطيل التي يصدُّون بها الناس عما جاء به من الهدى ودين الحق، ويقولون: هو يسفك الدماء، ويأخذ الأموال ويسبي الذراري.

وفي الإنجيل: "من ضربك على خدك الأيمن فأدِر له خدك الأيسر"، ونحو هذا الكلام، فما أكثر وراثة هذا الرجل لأولئك الأقوام، وما أسرع ما نسي أصل الملة والإسلام؟

(1) في (ق) و (م) : " لأنه " مكان " إذ هو قد ".

(2)

في بقية النسخ: " الزور".

(3)

في (ق) : " نسبوه ".

ص: 147

فالحمد لله الذي أخزى هذا الرجل ونشر له في الناس ما يليق بأمثاله ممَّا (1) اقتضته الحكمة الإلهية والمشيئة الربَّانية، ولقد تفوَّه بعض أقاربه بذمه وتكفيره (2) بمجرَّد الإطلاع على كلامه.

ولو فرضنا أن الشيخ رحمه الله تعالى (3) صدر منه (4) هذا الكلام، نظرا إلى أنه (5) عرف ثم أنكر، وأقبل ثم أدبر، وصد عن دين (6) الله بشبهات (7) ينسبها إلى شرعه المطهر، وإلى ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم صاحب [54] ، الناموس الأكبر، ويظهر للناس في ثياب العلماء ورسم الفقهاء ووظيفة المعلمين، وهو في الحقيقة يصدّ عن دين (8) الله ويدعو إلى عبادة الصالحين ودعائهم مع الله؛ وصرف الوجوه إلى غير باريها وفاطرها، فبهذه الاعتبارات هو أغلظ (9) ممن أتى الأمر وصدَّ عن السبيل من غير نسبة لذلك إلى دين الله وما جاءت به رسله، وفي القرآن العزيز من الكشف عن حال هذا الضرب من الناس، وأنهم من أبعد الخلق عن الله، وأغلظهم حجابا وأشدهم كفرا ما يعرفه من فقه عن الله.

(1) في (ق) و (م) : "ما".

(2)

في (ق) و (م) : " تكفيره وذمه ".

(3)

" رحمه الله تعالى " ساقطة من (المطبوعة) .

(4)

في (ق) و (م) : " عنه ".

(5)

في (المطبوعة) : "أن ابن فيروز".

(6)

في بقية النسخ: "سبيل ".

(7)

في (ق) : "بشهادة".

(8)

في (ق) و (م) : " سبيل ".

(9)

في (ق) و (المطبوعة) : " أغلط " بالطاء المهملة، بعدها زيادة "كفرا" في (ق) و (م) .

ص: 148

قال (1) تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 86][آل عمران / 86] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وقول المعترض (2)(ابن فيروز مكث علمه في الأرض ونفع الله به العباد والبلاد) .

فيقال: هذه الدعوى لا تحتاج لدليل يبطلها؛ وبرهان يردها غير شهادة الحس والواقع، وما يعرفه سائر الناس من الخاصة والعامة، بل آثار ابن فيروز في الصد عن سبيل الله، ومسبة أئمة الإسلام، وجعل شيخ الإسلام طاغوتا (3) يجب الكفر به؛ معروف مشهور عند أهل الإحساء وغيرهم كما قال في منظومته التي أولَها:

أنامل كف (4) السعد قد أثبتت خطا (5)

بأقلام أشياخ لنا حررت ضبطاً

فإنه أقذع فيها، وأتى من نصرة عبادة القبور، وأهل الغلو في الأنبياء والصالحين، وتسمية من أنكر هذا طاغوتاً، بما يدل على آثاره ونفعه في البلاد والعباد، فإن كان هذا عند المعترض هو العلم ونفع العباد والبلاد فنعم؛ هذا صار منه، ومدحه به، وأثنى عليه كل مشرك بالله ربِّ العالمين، يسوى بين الله وبين خلقه في خالص حقه، وقد اتَّخذ أعداء الدين منظومته نزهة لمجالسهم وتحفة لأشياعهم.

(1) ساقطة من (ق) .

(2)

في (ق) زيادة: " أن ".

(3)

في (ق) و (م) : " طاغوت ".

(4)

في (م) و (ق) و (المطبوعة) : " خط"، وفي (ح) :" خطا ".

(5)

الشطر الأول من البيت ساقط من (ق) و (م) .

ص: 149

وقد ردَّ عليه الشيخ حسين بن غنام الإحسائي رحمه الله تعالى بمنظومة أجاد فيها وأفاد، وأولها:

على وجهها الموسوم بالشؤم (1) قد خطا

عروس هوى ممقوتة (2) زارت الشطا

تخطت ، فأخطت في المساعي مرامها

ومرسلها عن نيل مقصوده أخطا (3)

وثارت لنار الشرك تذكى ضرامها (4)

وسارت فبارت والإله لها قطا

لقد شوهت ما زخرفته بزورها

كما أنها بالمين (5) قد أحكمت ربطا

وقد جاء منشيها بزور ومنكر

وفحش وبهتان يعط به عطا

وحان به داعي العناد لمهيع

تنكب عن سبل الهداية واشتطا (6)

وضل عن الإرشاد (7) والحق واعتدى

وغط أناساً في طريقته غطا

وجاوز منهاج الهداية (8) راضياً

عن الدين بالدنيا ، فما نالها بسطا

يحاول تشييداً ورفعاَ لما وهت

قواعده فوق البسيطة وانحطا

في أبيات له رحمه الله تعالى.

[55]

ولابن فيروز رسائل ومصنفات في الصد عن سبيل الله، ورد ما جاء

(1) في (ق) : " بالثوب ".

(2)

في (ح) : " ممتوتة ".

(3)

الشطر الثاني من البيت ساقط من (ق) .

(4)

الشطر الأول من البيت ساقط من (ق) فجعل البيتين بيتاً واحداً.

(5)

في (ق) : "باليمن ".

(6)

هذا البيت ورد قبل سابقه في (ق) و (م) .

(7)

في (ق) و (م) : " الآثار ".

(8)

في (ق) و (م) : " الشريعة ".

ص: 150

به شيخنا من الدعوة إلى الله، وتجريد المتابعة لرسوله، وهي باقية يتداولها كل زائغ مرتاب، كهذا المعترض (1) ولو كلف أن يأتي عن ابن فيروز بمسألة واحدة انتفع بها الناس (2) في بيان التوحيد وأصل دين المرسلين، وإبطال ما عليه أكثر الناس من عبادة الصالحين لما وجد إلى ذلك سبيلاً.

وقول المعترض في شيخنا: (وهو (3) كما ترى تسفك به الدماء وتنهب به الأموال؛ حتى قاد على أهل نجد الدواهي العظام التي لا تطاق ولا ترام) .

فهذا الكلام لا يعترض به إلا جاهل بأيام الله وأخبار الناس، وما قصَّ الله عن رسله وأكابر أوليائه، والناس مذ كانت الدنيا فريقان.

قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ} [النمل: 45][النمل / 45] .

وقال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: 146] الآية [آل عمران / 146] .

وقال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 186] الآية [آل عمران / 186] .

وقال تعالى: {الم - أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 1 - 2](4)[العنكبوت1-2] .

(1) في (ق) و (م) زيادة: "وأمثاله".

(2)

في (ق) : "مسألة واحدة عن ابن فيروز انتفع الناس بها".

(3)

ساقطة من (ح) .

(4)

في (ق) و (م) زيادة: " الآية".

ص: 151

وقال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4][البينة / 4] .

وقال تعالى: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ - إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 118 - 119][هود / 118، 119] .

وفي الحديث: " «بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده» "(1) وفي السيرة من أخباره ومغازيه وما جرى بسبب مبعثه صلى الله عليه وسلم من القتال بين العرب (وقبائلها وبين الفرس والعرب والروم)(2) والقبط وأهل الكتاب وما جرى بين مؤمن هؤلاء الناس والأمم وبين كافرهم من النزاع والاختلاف والقتال على تعاقب الدهور والأعصار، مما (3) تستبين به سنة الله التي قد خلت في عباده، وفي الحديث: " «إن من كان قبلكم [كان] (4) يوضع المنشار على رأس (5) الرجل منهم حتى يخلص إلى قدمه، ما يصده ذلك عن دينه» (6) .

(1) أخرجه أحمد (2 / 50، 92) ، والمنتخب من مسند عبد بن حميد ص (267) ، ح (848) ، والطبراني في مسند الشاميين (1 / 135، ح 216) ، وصححه الألباني في إرواء الغليل (1269) ، وصحيح الجامع (2831) .

(2)

ما بين القوسين ساقط من (ق) .

(3)

في (ح) و (المطبوعة) : " ما ".

(4)

ما بين المعقوفتين إضافة من المصادر التي خرجت الحديث.

(5)

في (ح) : "رأسه".

(6)

في (ق) : " دين الله "، والحديث أخرجه البخاري (3612، 6943) ، وأبو داود (2649) ، والحاكم في المستدرك (3 / 431) ، وأحمد (5 / 109) ، والنسائي في الكبرى (3 / 450، ح 5893) .

ص: 152

وهذا الغبي ارتاع مما لا نسبة بينه (1) وبين ذلك من الامتحان، ولم ينظر إلى ما حصل من اللطف لأهل الإيمان، عند نزول المحن والافتتان، وما أعطوا بذلك من حسن العاقبة والعز والظهور، وأنهم لا يضرهم من [56] خذلهم ولا من خالفهم، ولم (2) يدر ما في ذلك من الحكم والمصالح التي لا يحيط بها إلا الله الذي قدرها ودبرها ولو لم يكن في ذلك إلا قيام حجج الله وآياته، وتمييز الخبيث من الطيب لكان كافيا (3) فالمؤمن يراه من أدلة الإيمان وبرهان صدق الرسول، والمنافق والمرتاب يراه من الدواهي العظام التي لا تطاق ولا ترام، كما أخبر الله تعالى عن قوم فرعون أنهم إذا أصابتهم سيئة اطيروا بموسى ومن معه.

قال الله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 131][الأعراف / 131] .

فانظر إلى هذه الوراثة القبطية تطلعك على حكمته، تعالى في إبقاء ورثة لأعداء الرسل.

فسبحان من بهرت حكمته العقول، وصدقت أقضيته ما جاءت به رسله من النصوص والنقول، ليس كمثله شيء في أفعاله (كما أنه لا مثيل له)(4) في ذاته وصفاته، وهب بعض عباده من الفهم عنه والإيمان به.

(1) في (ق) و (م) : " له بينة ".

(2)

في (ق) و (م) : " فلم ".

(3)

ساقطة من (ق) و (م) .

(4)

ما بين القوسين ساقط من (ق)، وفي (م) :"مثل"، بدل:"مثيل ".

ص: 153

ما دلهم على معرفته عند كل حادث وحركة وسكون، وخذل من شاء عن ذلك فباء عند المحن والاختبار (1) بصفقة المغبون، وتشاءم بما جاء به أئمة الهدى وما قاله الصالحون.

(1) في (ق) : "والاحتيار" بالحاء المهملة والياء المثناة.

ص: 154