المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في حكم موادة المشركين ومناقشة المعترض في ذلك] - مصباح الظلام في الرد على من كذب الشيخ الإمام ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام - جـ ١

[عبد اللطيف آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌[كلمة معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد]

- ‌[مقدمة المحقق]

- ‌[القسم الأول الدراسة]

- ‌[ترجمة المؤلف]

- ‌[التعريف بالكتاب]

- ‌[توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف]

- ‌[التعريف بنسخ الكتاب]

- ‌[منهج التحقيق]

- ‌[نماذج مصوّرة للنسخ الخطية]

- ‌[القسم الثاني النص المحقَّق]

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌[فصل في الرد على المعترض في تنقصه للشيخ واتهامه بالجهل والتكفير]

- ‌[الرد على المعترض في اتهامه للشيخ بأنه لم يتخرَّج على العلماء الأمناء]

- ‌[الرد على اتهام المعترض للشيخ بأنه سعى بتكفير للأمة]

- ‌[الرد على المعترض في قوله عن الشيخ وجعل بلاد المسلمين كفارًا]

- ‌[مناقشة المعترض في مسألة أخذ أموال المحاربين وحكم الفيء والغنيمة]

- ‌[الكلام في تكفير أهل الأحداث]

- ‌[كل الطوائف يصنفون الكتب لنصرة مذاهبهم]

- ‌[فصل بيان مقصود الشيخ لا يستقيم إسلام أحد إلا بمعادة المشركين]

- ‌[فصل في الرد على المعترض أن أتباع الشيخ هدموا المنار وخربوا المساجد]

- ‌[فصل رد دعوى المعترض أن الشيخ جعل بلاد الحرمين بلاد كفر]

- ‌[فصل الرد على زعم المعترض أن الشيخ كفر الأمة بالعموم وبحث تجديد العلماء للدين ووقوع الغربة]

- ‌[فصل رد إلزام المعترض للشيخ بتكفير النجاشي ومؤمن آل فرعون ومهاجري الحبشة]

- ‌[فصل في الإقامة بين ظهراني المشركين والتصريح بعداوتهم]

- ‌[فصل بيان أن الأحكام تبنى على قواعد وأصول الشريعة لا على ظواهر الأحوال]

- ‌[استقامة الإسلام بالتزام الواجبات]

- ‌[الإنسان لا يكلف إلا ما يستطيع]

- ‌[فصل في حكم موادة المشركين ومناقشة المعترض في ذلك]

- ‌[فصل في الرد على المعترض في فهمه لشروط الاجتهاد وبيان الحق في ذلك]

- ‌[بيان أن الشيخ لم يوجب على أحد متابعته بل نهى عن ذلك]

- ‌[فصل فيه مناقشة مسألة سبي المرتدات وتأصيل قاعدة دفع الضرر وجلب المصلحة]

- ‌[رد طعن المعترض إعطاء الشعراء على سب العلماء]

- ‌[رد طعن المعترض بأن أتباع الشيخ أتلفوا كتب العلم]

- ‌[الكلام على مدلول شهادتي الإخلاص]

- ‌[العلماء يحكون الإجماع ويحتجون به لأنفسهم]

- ‌[قول شيخ الإسلام ابن تيمية في قتال الطائفة الممتنعة]

- ‌[مسألة التلقين في القبر وهل هي شرك]

- ‌[فصل رد دعوى المعترض أن الشيخ جعل طاعته ركنا سادسا لأركان الإسلام وأنه أخذ الأموال وسفك الدماء]

- ‌[نص رسالة من الشيخ إلى حمد التويجري]

- ‌[نص رسالة من سليمان بن عبد الوهاب فيها البشارة بتوبته ورجوعه إلى الحق]

- ‌[نص رسالة من أحمد التويجري وابنا عثمان إلى سليمان ردا على رسالته إليهم]

- ‌[مناقشة جعل الشيخ علماء نجد كعقداء البدو في أخذهم العقبات على أهل الغارات]

- ‌[رد دعوى المعترض أن الشيخ استباح البلاد وجعلها لعياله وأتباعه]

- ‌[مسألة أخذ الزكاة من المدين وأن فعل الشيخ يوافق مذهب السلف]

- ‌[فصل بيان مقصود الشيخ بقوله ونكفره بعد التعريف]

- ‌[سياق الأدلة على كفر من أشرك بالله وجعل له ندا]

- ‌[رد اشتراط المعترض في قيام الحجة معرفة علم المخاطب بالحق]

- ‌[حديث سجود الجمل للنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في بيان كفر من عرف التوحيد ولم يتبعه مع عدم بغض للدين وأهله ولم يمدح الشرك]

- ‌[فصل في بيان كفر من عرف أن التوحيد دين الله وأن الاعتقاد في الشجر والحجر شرك وأعرض عنه ولم يقبله]

- ‌[الأدلة على فساد الأزمنة كلما تباعد العهد بالنبوة الخاتمة]

- ‌[التفريق في الحكم بين من عرف الحق وأصر وعاند ومن عرف فتاب]

- ‌[بيان المقصود بإظهار الدين وعدم لزوم المظهر للدين تكذيب الرسول]

- ‌[فصل في بيان كفر من عرف التوحيد ثم تبين في السب والعداوة وفضل أهل الشرك]

- ‌[بيان تحريف المعترض كلام الشيخ بالطعن على أهل الكويت]

- ‌[فصل بيان كفر من كره من يدخل في التوحيد ومحبة أن يبقى على الشرك]

- ‌[فصل مناقشة مسألة المؤمن المقيم ببلاد المشركين ولا يمكن ترك وطنه ويقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده]

- ‌[الرد على دعوى المعترض أن والد الشيخ نهاه وأن أهل البصرة أخرجوه وسياق الأدلة أن طاعة الآباء لا تحمد مطلقا]

- ‌[بيان فضل الشيخ في طلبه العلم ومشيخته ورحلته]

الفصل: ‌[فصل في حكم موادة المشركين ومناقشة المعترض في ذلك]

[فصل في حكم موادة المشركين ومناقشة المعترض في ذلك]

فصل قال المعترض: (ومن خطئه الواضح الفاضح أنه استدلَّ للآية الكريمة، وإنما فيها المودة لمن حاد الله ورسوله، فهو بهذه العبارة أنزل نفسه بمنزلة (1) فوق منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث من وادّ من حادّه من الأمة فهو كافر بذلك، والصحابة رضي الله عنهم (2) يجعلون من وادَّ (3) من حاد الله ورسوله منافقا معصوم الدم والمال؛ كما نهى الله تبارك وتعالى المؤمنين عن موادتهم في السورة بعدها؛ لأن ذلك من خُلُق المنافقين الذين دخلوا في الإسلام بشهادتي الإخلاص) .

فيقال في جوابه: قف يا من له نور يمشي به في الناس على ما في هذا الكلام من الكذب والبهت (4) وقول الزور، وقد تقدَّم نص كلام الشيخ؛ وأنه قال:(لا يستقيم للإنسان إسلام إلا بالتصريح بعداوة المشركين) ، ولم يقل بعداوة من عاداني، أو عادى أتباعي، أو لم (5)

(1) إلى هنا تنتهي النسخة (س)، وبذلك يكون قولنا:(جميع النسخ)، بعد هذا الهامش إنما نعني بها النسخ الأربع:(ق) و (م) و (ح) والمطبوعة.

(2)

ما بين القوسين ساقط من (ق) .

(3)

في (ق) : " آد ".

(4)

في (ق) و (م) : "البهت والكذب".

(5)

في (ق) : " ولم ".

ص: 129

يطعني، حتى يقال: إنه أنزل نفسه بمنزلة فوق الرسول. وسائر علماء الأمة من عهد أبي بكر إلى وقتنا هذا يلزمون الناس بما في كتاب الله تعالى وما في سنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم من أصول الدين وفروعه؛ ويثبتون من الأحكام ما أثبت الكتاب والسنَّة، وينفون ما نفاه الكتاب والسنَّة، لا يختلفون في ذلك؛ وحكمهم وإلزامهم إنما هو بطاعة الله ورسوله، وليس إلزاما بطاعتهم ورأيهم واجتهادهم، ومن نسب أحدا منهم إلى أنه يدعو بذلك (1) إلى نفسه، وينزِّل نفسه منزلة الرسول فقد خاب وافترى، وبهت أهل العلم وخلاصة الورى.

ومن المعلوم أن طاعة العلماء فيما أمروا به من دين الله وشرعه [45] طاعة لله (2) ورسوله؛ لأنها المقصودة بالأصالة، وطاعة أولي العلم تقع تبعا وضمنا لا استقلالا، فلا يترك الحق والدين والتزام ذلك لما فيه من طاعة الآمر والناهي، ومن تركه لذلك (3) فقد استكبر على الله ورد الحق استصغارا واحتقارا لقائله والداعي إليه، وهذه العلة هي التي أوجبت لكثير من الناس تكذيب الرسل ورد ما جاءوا به.

قال تعالى عن آل فرعون: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14][النمل / 14] .

وقال تعالى عمن كذَّب عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم من أشراف قومه ورؤسائهم: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31][الزخرف / 31] .

(1) في (ق) : "في ذلك ".

(2)

في (ق) و (م) والمطبوعة: " الله".

(3)

في (ق) : " ترك ذلك ".

ص: 130

والآيات في [هذا](1) المعنى كثيرة، وليس قولهم: إن من حادَّ الرسول من الأمة يكون (منافقا، بل قد يكون بذلك كافرا)(2) أو منافقا أو فاسقا، فالكلام والحكم فيه تفصيل يطلب من محله.

وبهذا يستبين كذب المعترض على الصحابة، وعدم معرفته لأقوالهم وجهله بأحوالهم، والثابت المحفوظ عنهم- بنقل العدول الثقات- يوافق كلام الشيخ، ولا يجعلونه منافقا معصوم الدم والمال؛ بل يفصلون كما تقدم. والنفاق إذا ظهر يجري على (3) صاحبه ما اقتضاه الدليل من كفر وقتل، ولا عصمة للمال والدم مع الظهور (4) .

فهذا (5) الرجل جاهل بالأحكام والأقوال، وقد سلك واديا مُهلكا، وطريقا ضالة عن طرق (6) أهل الهدى، فاضطره الحال إلى ما ترى، وقد قاتل أبو بكر مانعي الزكاة، واستباح دماءهم وأموالهم لما عصوا ما رآه، وثبت عنده من أدلة الشرع وأحكامه، أفتراه داعيا إلى نفسه، مقاتلا على طاعته من دون الله ورسوله؟ .

والشيخ لم يتعد (7) أمر الله ورسوله فيما دعا (8) إليه، فلأيّ شيء.

(1) ما بين المعكوفتين إضافة يقتضيها السياق.

(2)

ما بين القوسين ساقط من (ق) .

(3)

في (ح) : " لي "، ولعل العين سقطت من الناسخ.

(4)

في (ق) : (ظهوره) .

(5)

في (المطبوعة) : " هذا ".

(6)

في (ق) و (م) : "طريق".

(7)

في (ق) : "يتدع "، وهو سبق قلم.

(8)

في (ق) : "دى".

ص: 131

خُصَّ بهذا البهت؟ وأنه يدعو إلى نفسه؛ وأنه أنزلها بمنزلة (1) فوق الرسول؟ سبحانك هذا بهتان عظيم و " «تكفير المسلم كقتله» " بنص الحديث (2) وهذا القول الذي نسبه إلى الشيخ كفر لا شك فيه، فإن من أنزل نفسه منزلة الرسول، وكفَّر المسلمين بموادة أعدائه يكفر بذلك. [46] وهذا الرجل لا يتحاشى من نسبه الشيخ إلى الكفر والضلال والفساد.

فالحمد لله على ما منَ به من خزي أعداء دينه ورد كيدهم، وظهور عباده المؤمنين عليهم.

قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51] الآية [غافر / 51] .

وفي الحديث: " «من دعا إلى هدى كان له أجره وأجر من اتبعه إلى يوم القيامة من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئاً» "(3) .

والمعترض لضلاله (وخبث طويته)(4) يلمز الداعي إلى الهدى بأنه يدعو إلى نفسه.

قال تعالى:

(1) في (ق) : "منزلة ".

(2)

أخرجه البخاري (6047، 6105)، ومسلم (110) بلفظ:" لعن المسلم كقتله "، والدارمي (2 / 252، ح 2361) ، وأحمد (4 / 33، 34) .

(3)

أخرجه مسلم (2674) ، وأبو داود (4609) ، والترمذي (2674) ، وابن ماجه (205، 206، 207، 208) ، ومالك في الموطأ (1 / 218، ح 509) ، والدارمي (1 / 141، ح 513) .

(4)

ما بين القوسين ساقط من (ق) .

ص: 132

{الَّذِينَ (1) يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ (2) وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 79][التوبة / 79] .

فإذا كان هذا فيمن سَخِر بالمتصدقين، فكيف بمن يلمز ويسخر بأئمة الدين، الدعاة إلى توحيد رب العالمين؟

وقال تعالى لنبيه: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ - إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 94 - 95][الحجر / 95 ،94] .

وقول المعترض: (إنَ ذلك من خُلق المنافقين الذين دخلوا في الإسلام بشهادتي (3) الإخلاص) يطلعك على جهله، وعدم ممارسته لصناعة العلم.

ويقال له: إن جنس الموادة للمشركين قد تقع (4) من مسلم قد برئ من النفاق الأكبر، وآية سورة الممتحنة نزلت في (5) حاطب بن أبي بلتعة وهو بريء من النفاق بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لما اعتذر إليه، وقال:" «إني لم أفعل هذا رغبةً عن الإسلام ولا شكا فيه، وإنَما أردت أن تكون لي عند القوم يد تحمي أقاربي ومن لي بمكة " أو نحو هذا الكلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"صدق» "(6) فكيف يجعله هذا المعترض منافقا وقد شهد

(1) ساقطة من (ق) .

(2)

في (ق) : " بالصدقات "، وقد كثرت أخطاء النسخة (ق) في هذه اللوحات عما قبلها.

(3)

في (ق) : "الشهادة".

(4)

في (ح) و (المطبوعة) : " يقع ".

(5)

في (ح) و (المطبوعة) : " في حال ".

(6)

في (ق) : "وصدق ".

ص: 133

بدراً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر:" «ما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم» "(1) قال الشاعر:

فليصنع القوم (2) ما شاؤوا لأنفسهم

هم أهل بدر فلا يخشون من حرج

وأول السورة يدل على إيمانه، وأن المشركين من أعدائه.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1][الممتحنة / 1] .

فهذا المعترض يسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرميهم بالنفاق لكثافة [47] جهله، وعدم فهمه، وقد قال في هذه الآية بما لا يعلم. وفي الحديث:" «من قال في القرآن بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار» "، وفي رواية " «برأيه» "(3) .

ثم احتج المعترض بحديث عِتْبان وما قيل في مالك بن الدُخْشُم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:" «ألا تراه، قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله» "، وقول الرجل:"أما نحن والله لا نرى وده ولا حديثه (4) إلا إلى المنافقين " الحديث (5) وقد ساقه المعترض مستدلا به على أن موادة المنافقين لا تضر، وأن التصريح بعداوتهم لا يجب (6) .

(1) أخرجه البخاري (4890) ، ومسلم (2494) ، وأبو داود (2650) ، والترمذي (3305) .

(2)

في (ق) و (ح) : " الركب ".

(3)

أخرجه أبو داود (3652) ، والترمذي (2950، 2951) ، وضغَفه الألباني في ضعيف الجامع (5737) .

(4)

في (ق) : "حديث".

(5)

أخرجه البخاري (1186) ، والطيالسي (1241) .

(6)

(ق) و (م) : " تجب ".

ص: 134

وهذا القول في الحقيقة وهذا الفهم الضال فيه الرد والاعتراض على قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22][المجادلة / 22] .

وشيخنا رحمه الله تعالى لم يأتِ بشيء من كيسه، إنما هو القرآن والسنَة.

قال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] الآية [الكهف / 29] .

وهذا الحديث لا يدل على ما قاله المعترض أصلا، ولا يفهم منه أن المودة غير محرمة إلا أضل وأبلد الحيوان (1) فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أقرَّ القائل:" إنه منافق لا يحب الله ورسوله "، وما أقره على قوله:" أما نحن والله لا نرى ودّه ولا حديثه إلا إلى المنافقين "، بل أنكر ذلك ورده صلى الله عليه وسلم منبها على أن قوله:"لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله " براءة له مما نسب إليه، ومانع يمنع (2) مما قيل فيه.

ومن عرف الإخلاص واليقين ومنزلتهما من الإيمان، عرف أن من أعطيهما ووفق لهما لا يقع منه موادة للمنافقين والمشركين، ومن ذاق طعم الإيمان فالله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما. وإنَّما تقع الموادة لأعداء الله من خلل في الإخلاص واليقين، ونقص في التوحيد، والتزام التوحيد الواجب يمنع (3) من ترك واجب أو فعل محرم، وإنما يقع الغلط (4) من

(1) في (ق) : " الحيوانات ".

(2)

في (المطبوعة) : "يمنعه".

(3)

في (المطبوعة) : " بمنع" بالموحدة.

(4)

في (المطبوعة) : " الخلط ".

ص: 135

عدم العلم بحدود ما أنزل الله على رسوله.

فمن عرف الإيمان والتوحيد، وعرف حدودهما (1) الجامعة المانعة انفتح له باب عظيم في الفهم عن الله ورسوله لا يفهمه إلا خواص العارفين، فتأمَّله يطلعك (2) على أسرار غفل عنها الأكثرون

ولما حُجب هذا المعترض عن معرفة حدود ما أنزل الله، وصار معه من (3) الهوى والإعجاب ما اقتضى جهله بنفسه؛ وخوضه في أمر يقصر عنه فهمه وإدراكه، فلا جرم حيل بينه وبين رشده، وخُلي بينه وبين نفسه، فنعوذ. بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وشماتة الأعداء.

(1) في (المطبوعة) : " حدودها ".

(2)

في (ق) : "يطلعك الله".

(3)

في (ح) زيادة: "جميع العلوم، قال: ولو اجتمعت شروط الاجتهاد"، وهو خطأ، فقد نقل الناسخ هذا السطر مما بعده وليس هذا موضعه وأسقطه من موضعه الأصلي، ويأتي بعد قليل.

ص: 136