الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا كان الحال هكذا فأي مانع من قوله؟ وأي دليل يجيز السفر إليهم ويبيحه مطلقًا؟
هذا لا يقوله إلا جاهل بأصول الشريعة ومدارك الأحكام، ومن القواعد المهمة:" سد الذريعة، وقطع الوسيلة المفضية إلى محظورات الشريعة ". فكيف بالكفر الذي لا ساحل له؟ وقد ابتلينا بهؤلاء المعترضين الجهال الذين لا يعرفون قواعد الملة والشريعة، ولا يستصعبون الأصول فيما يبدونه أو يحكونه من النقول.
وهذا اغتراب الدين من لك بالتي
…
كقبض على جمر فتنجو من البلا
ولو أن عينا ساعدت لتوكفت
…
سحائبها بالدمع ديمًا هطلا
ولكنها عن قسوة القلب قحطها
…
فيا ضيعة الأعمار تمشي سبهللا (1) .
[مناقشة المعترض في مسألة أخذ أموال المحاربين وحكم الفيء والغنيمة]
وأما قوله: (فإذا تولَّى بلدًا قهرًا من بلاد محاربيه جعلها بزعمه فيئًا بيت مال له ولعياله وأتباعه؛ يزعم بذلك أنه يفعل فعل الصحابة رضي الله عنهم بالشام والعراق وغيرها من بلاد المسلمين) .
والجواب أن يقال: هذه العبارة عبارة جاهل بالحال والواقع، جاهل [9] بالأحكام الشرعية. والشيخ رحمه الله ما اختص بشيء من ذلك له ولا (2) لعياله، بل هم كسائر المسلمين، يأكل أحدهم من الزكاة (3) بفقره (4) وحاجته وجهاده، ومن الفيء بحسب غناه في الإسلام ونفعه لأهله ومقامه
(1) ما بين القوسين سقط من (المطبوعة) .
(2)
في (ق) : " لا له ولا ".
(3)
في (ح) و (المطبوعة) : " الزكاة ".
(4)
ساقطة من (ق) .
فيه، وغيرهم أحظ (1) وأكثر، وأمر هذا المال إلى ولاة (2) الأمور والأئمة. هذا حقيقة الحال.
وأما الحكم الشرعي: فمعلوم أن الرسول (3) صلى الله عليه وسلم فتح خيبر، وقسَّمها بين الغانمين، واختصَّ منها بفدك يأكل منها هو وأهله، ثم صارت صدقة بعده بنص الحديث، بيد أبي بكر ثم عمر، ثم دفعها عمر إلى علي والعباس، وهذا أطيب المكاسب وأحلها.
قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] الآية [الأنفال -41] .
وقال تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: 7](4) الآية [الحشر -7] .
وقد أخذ الجزية من مجوس هجر وأهل نجران وقسمها بين أصحابه، وسيرته في المغانم (5) معروفة مشهورة عند أهل العلم، والبحث في حال من أخذت منه وفي دينه: هل هذا الأخذ على الوجه الشرعي والقانون المرضي أولا؛ هذا محل البحث.
وأمَّا التشنيع بمجرد (6) أخذها: فهو حرفة الجاهلين، وطريقة
(1) في (المطبوعة) : " أحظى ".
(2)
في (ق) : " لولات ".
(3)
في (م)(ق) : " رسول الله ".
(4)
في (س) زيادة: وَلِذِي الْقُرْبَى.
(5)
في (ق) : " وسيرته في الغنائم ".
(6)
في (س) : " بأخذها ".
غير المحصلين (1) وحينئذٍ فيقال: إن كان ما صدر من رؤساء الإحسان والقطيف وغيرهم، ممن أُخذ ماله فيئًا وغنيمة هو الشرك الأكبر وعبادة الصالحين، وهو صريح الرد على الله وعلى رسله (2) وعلى أئمة الدين، وما قرَّره الشيخ وبيَّنه هو توحيد رب العالمين الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب، وأنهم قاموا أشد القيام في رده وإطفائه، وقاتلوا (3) على ذلك بعد قيام الحجة، واعتراف (4) كثير من علمائهم بأنه الحق، وأنه دين الله، فلا حرج حينئذِ ولا إثم في أخذ تلك الأموال فيئًا وغنيمة، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وعملًا بدينه وشرعه (5) ؛ وإن كان ما عليه من أُخذت أموالهم من عبادة الصالحين، والشرك بالله والإعراض عن دينه، وقتال أهله، ومعاداة من قام به، وهو الإسلام وهو الحق، وهم مصيبون في ذلك على بينة من الله، [10] ، فالذم لمن (6) حكم على أموالهم بهذا الحكم، والعيب له، وتجهيله يتجه ولا يعاب.
فالكلام في الأصل الذي تفزع عنه أخذ الأموال، وجعلها فيئًا وغنائم، والمعترض لا يرى أن عبادة الصالحين، ودعاءهم، والتوكل عليهم، والذبح لهم، وتسويتهم بالله في الحب والخوف والرجاء والتعظيم
(1) في (ق) : " المخلصين ".
(2)
في (ق) و (م) : " رسوله ".
(3)
في (المطبوعة) : " وقاتلوه ".
(4)
في (المطبوعة) : " واعترف ".
(5)
في (ق) : " وشريعته ".
(6)
في (ق) : " على من ".