الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدل السياق علي أن المراد بالكيد هنا هو الاستدراج الذي هو المعني الرابع من معاني كيد الله.
3 -
المكبد من يكاد له. وهو اسم المفعول من كاد، وجمعه مكيدون.
المكيدون: (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمْ الْمَكِيدُونَ)" 43/الطور" أي هم الذين سوف يحبط الله كيدهم، ويفسد تدبيرهم
ك ي ف
(83)
كيف: الأصل في معني كيف أن يكون اسم استفهام يسأل به إما عن:
1 -
حال الشئ أو صفته. تقول كيف علي؟ تريد أن تسأل عن حاله من صحة أو مرض، أو استقامة أو إعواجاج في السلوك.
وإما عن:
ب- الطريقة أو الأسلوب الذي يتبع في القيام بعمل من الأعمال أو تكملته، تقول: كيف تأكل الطعام؟ تريد أن تسأل عن الطريقة التي تتبع في أكله، أبا ليد أم ناقص بغية النفور منها والإعراض عنها
4 -
إنكار بعض أعمال أخري، والتنبيه علي أنها غير لائقة لا ينبغي تناولها.
وفيما يلي بيان لهذا الإجمال:
1 -
يسمع السامع، أو يقرأ القارئ مثلا:
كيف: (وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً)" 259/البقرة " فيدرك أن كيف هنا تفيد حمله علي التعجيب من هذا العمل المعجز، وهو إحياء الموتي أو من الطريقة العجيبة التي يتبعها في ذلك المولي جل وعلا، فلا يسعه إلا أن يمجده سبحانه ويكبر ذاته ويقول - كما قال القائل - أعلم أن الله علي كل شئ قدير.
ومثل هذا يقال في: (أَلَمْ تَرَى إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً)" 45/الفرقان ".
2 -
يقرأ الكافر أو المحلد: (فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)" 137/آل عمران " فيرتجف قلبه، ويأخذ منه العجب كل مأخذ حينما يدرك ما حل بالأمم السابقة، التي كذبت رسلها فعاقبها الله بتدمير مساكنها والقضاء عليها بشتي الوسائل.
وإذا صدقت نظرته، وسلم تفيكره، أسرع إلي الإيمان بالله ورسوله، وحينئذ يتحقق الغرض من قول تعالي:(فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)" 137/آل عمران"
وأنتتري من هذه الآيات الكريمة أن التعجب يتعلق بحوادث حدثت فيما مضي للأمم السابقة.
وفي طائفة أخري من آي الذكر الحكيم نجد أن التعجب متعلق بما سوف يقع من حوداث، وذلك كما في:(فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ)" 25/آل عمران " أي: كيف تكون حال هؤلاء الكفار يوم الحساب؟ لا شك أنها حالة تدعو إلي التفكير الشديد الذي من شأنه أن يفضي إلي الإيمان والاستقامة ليكون الجزاء حسنا يوم القيامة.
3 -
نجد في بعض الآيات الكريمة أن التعجيب يكون من عمل شائن، أو خلق ذميم أو ذنب عظيم، وذلك لاستنكاره والحث علي عدم الإقدام عليه، أو علي الإقلاع عنه، وذلك كما في:(كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ)" 28/البقرة" يدعوهم سبحانه إلي التعجب من كفرهم بالله، وهم يعلمون أنه هو الذي أحياهم بعد موت، وأنه هو الذي يميتهم ويحييهم ثم يرجعهم إليه ليحاسبهم يوم القيامة، وهذا بمثابة استنكار شديد لكفرهم ومطالبتهم أن يثوبوا إلي رشدهم فيؤمنوا بالله ورسوله.
4 -
وقد يكون التعجيب من أمر لا ينبغي أن يحدث أو يستبعد حدوثه وآية أن يكون التعجيب في معظم هذه الحالات بمعني النفي أو النهي.
وذلك كقوله: (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ)" 86/آل عمران " فقد جرت عادته سبحانه ألا تفعل ذلك، وكما في قوله: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ
وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً) "21/النساء " أي لا ينبغي أن تأخذوه.
و: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ)" 43/المائدة " أي ما كان ينبغي لهم أن يفعلوا ذلك.
و: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً)" 81/الأنعام ".
والتعجيب في: (قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً)" 29/مريم " تعجيب من أمر مستبعد لا يحتمل وقوعه عادة.
5 -
قليلا ما نجد في القرآن الكريم " كيف " قد استعملت لبيان الطريقة التي تتبع في إنجاز العمل وذلك كما في: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ارني كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى)" 260/البقرة" أي أطلعني علي الطريقة التي تتبعها في إحياء الموتي، وكذلك في:(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ)"6/آل عمران" أي بالطريقة التي يرتضيها ويحسن أن يكون المعني بالحالة أو الهيئة التي يريدها وقوله: (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ)" 31/المائدة "
ويجوز أن يكون من هذا قوله: (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)" 24/إبراهيم " أي: تأمل في الطريقة التي يتبعها الله تعالي في ضرب المثل، وهي طريقة الإتقان والإحكام، ووضع المثل موضعه اللائق به.