الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد أنبئنا علاوة على ذلك بأن دانيال بعث إلى الحياة ألف رجل ماتوا ألف سنة -وهي قصة يظهر أنها تقوم على خطأ في تفسير الإصحاح الثاني عشر من سفر دانيال.
ويفرق المسعودي في كتابه "مروج الذهب"(جـ 2، ص 128) بين اثنين يحملان اسم دانيال، فأما أصغرهما فقد عاش أيام التيه، في حين ظهر الآخر في زمن قديم بين عهدى نوح وإبراهيم وتنسب إلى أكبرهما البشارة بملك العالم، ويقال أيضًا إنه ألف كتابًا في النبوءات هو كتاب "الجفر". ويقول المسعودي (المصدر نفسه، ص 118) إنه كانت هناك بئر بجوار مدينة بابل تنسب إلى النبي دانيال يزورها النصارى واليهود في مواسم بعينها. ويردد البيرونى ذكر قصة تذهب إلى أن هذا النبي استمد حكمته من غار الكنز، وهو غار أخفي فيه آدم أسرار الحكمة (البيرونى: الآثار الباقية، طبعة سخاو، ص 300، انظر فيما يختص بهذه الفكرة Die Schatzhohle طبعة وترجمة بزولد Bezold ليبسك عام 1883 - 1888) ويذكر المؤلف نفسه نبأ خلاف نشب بين اليهود والنصارى حول تفسير الآيتين الحادية عشرة والثانية عشرة من الإصحاح الثاني عشر من سفر دانيال.
وانظر فيما يختص بقبر دانيال في مدينة السوس أو تستر: Zeitschr. der Deutsch Morgaenl جـ 53، ص 58 وما بعدها؛ Jewish Encyclopaedia جـ 4، ص 430 وكتاب العرب المذكورين فيها.
وانظر أيضا قصص الأنبياء للثعلبي (طبعة القاهرة عام 1325 ، ص 213 وما بعدها)
يونس [كارا دي فو B.Carra De Vaux]
داود
وقد ورد ذكره في التوراة. وفي القرآن عدة آيات تشير إلى قصة الملك النبي داود، خليفة الله (سورة ص، الآية 25)(1). وقد حرفت هذه القصة شأن غيرها من قصص الأنبياء بعض التحريف، ويظهر فيها أثر من مذهب الربانيين، أو قل إنه يبدو فيها أثر
(1) رقم الآية في المصحف العثماني 26.
السعى إلى تفسير بعض آيات من التوراة لم تعرف على وجهها الصحيح. فقد كان محمد [صلى الله عليه وسلم] يعلم أن داود قتل جالوت (القرآن، سورة البقرة، الآية 250 وما بعدها)(1) وأن الله آتاه الزبور. والزبور سفر من الأسفار الأربعة التي عرفها محمد [صلى الله عليه وسلم] من التوراة. وقد آتى الله داود وسليمان الحكمة (سورة البقرة، الآية 252 (2) سورة النمل، الآية 15) (3)، وقد حكم النبيان؛ في قضية واحدة حكما مأثورًا في شأن الضرر الذي ألحقته غنم بحرث. ويقول المفسرون إن سليمان أظهر حكمته في هذه القضية على الرغم من أن سنه كانت إذ ذاك لا تتجاوز الحادية عشرة، ذلك أنه أصلح الحكم الذي حكم به أبوه. وقد وردت في آية أخرى قضية خصمين دخلا على داود متظاهرين بأنهما يسألانه أن يحكم بينهما بالحق، والواقع أنهما جاءا ليعرضا بخطيئته (سورة ص، الآيات 20 - 25)(4). وقد جاء في الآية 16 (5) من سورة ص ذكر توبة داود. ويعد هذا النبي الملك مبدع الدروع، وكانت من قبل صفائح. والظاهر أن الحديد قد لان بين يده (سورة الأنبياء، الآية 80؛ سورة سبأ، الآية 10) وقد أوتى داود نعمة الصوت الطيب، فكانت الجبال والطير يسبحن معه (سورة الأنبياء، الآية 79؛ سورة سبأ الآية 10؛ سورة ص، الآيتان 17 - 18)(6). ومن الواضح أن ذلك ليس إلا تفسيرا حرفيا لآيات التوراة التي يدعو فيها صاحب المزامير الجبال ووحش الفلاة إلى تسبيح الرب معه. ثم إننا نتبين من الجمع بين الآية 82 (7) من سورة المائدة والآية 61 (8) من سورة البقرة أن داود قد عاقب الخارجين على سنن بنى إسرائيل يوم السبت بمسخهم قردة.
وقد توسع المفسرون كثيرًا في الإشارات القصيرة التي وردت في القرآن عن داود. وتتفق هذه الإشارات
(1) الآيات التي تشير إلى الموضوع هـ 246 - 251.
(2)
رقم الآية في المصحف العثماني 251.
(3)
تذكر هذه الآية أن الله آتاهما "علما".
(4)
رقم الآيات في المصحف العثماني 21 - 26.
(5)
رقم الآية في المصحف العثماني 17.
(6)
رقم الآيات في المصحف العثماني 18 - 19.
(7)
رقم الآية في المصحف العثماني 78.
(8)
رقم الآية في المصحف العثماني 65.
في صميمها مع التوراة. وهاك أهم ما ورد في الطبرى عن ذلك: هاجم جالوت، الذي انحدر من عاد وثمود، طالوت؛ فقتل داود جالوت بمقلاعه. وتزوج داود ابنة طالوت وناصفه حكمه. ووجد طالوت في نفسه على داود، وحاول قتله، ففر داود منه، وأوى إلى غار فنسجت العنكبوت بيتا على بابه، فحمى الكهف داود من طالوت. ويذكر الطبرى نسب داود ويروى قصة سابغ بنت شائع امرأة أورياء، وتوبة داود، وخطة بناء الهيكل، ثم يضيف إلى ذلك قصصا أخرى قليلة.
وقد عرف المسعودي المحراب الذي بناه هذا الملك في بيت المقدس، وكان هذا المحراب لا يزال قائما في عهد هذا المؤرخ. وهو يقول إنه أعلى بناء في هذه المدينة، وإن المرء يستطيع أن يرى منه البحر الميت والأردن. ومن الواضح. أن هذا المحراب حصن داود أو برجه. وكان المسعودي على علم قليل بالمزامير.
وظل المسلمون إلى القرن الرابع عشر (الميلادى) مثل المسيحيين من قبلهم يجعلون قبر داود في بيت لحم، ولو أنهم كانوا على علم بالروايات الأخرى في هذا الصدد. وقد وجد في أيام الحروب الصليبية قبر قائم على التل الجنوبى الشرقى في بيت المقدس، وقيل إن هذا القبر هو قبر داود. واستولى المسلمون عليه في القرن الخامس عشر، ذلك أنهم كانوا لا يزالون يعتقدون بقداسته (المشرق، جـ 12، ص 898 - 902؛ : Kahle PALASTINA- Jahr- buch جـ 7، ص 74، 86).
ولداود مقام خاص عند الصوفية. وقد ذكره جلال الدين الرومى مرارا. ويبالغ كتاب "كشف المحجوب"، وهو من أقدم كتب التصوف، مبالغة تكاد تخرج به عن الصواب في القصص الخاصة بحلاوة صوت داود. فهو يقول (الكتاب المذكور، ص 402 - 304): إن الوحوش كانت تترك مرابضها للاستماع إليه، وكذلك كان الماء يقف عن الجريان وينزل الطير من السماء. وكان الناس يتبعونه إلى الفلوات ذاهلين عن مأكلهم ومشربهم أياما. كما كان كثير من المستمعين إليه يموتون وهم