الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السيد محمد الخضر حسين
(1)
تجنس السيد محمد الخضر حسين التونسي بالجنسية المصرية، والسيد الخضر من أشراف تونس، وقد اشتهر أهله بالفضل والعلم والدين.
وجدّه لأمه محمد بن عزوز، أخذ طريقة الشيخ الحفني الكبير شيخ الطريقة الخلوتية، عن الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري تلميذ الشيخ الحفني، وعنه أخذ جده لأبيه الشيخ علي بن عمر، فكان خليفة هذه الطريقة في المغرب.
ولد السيد الخضر بمدينة "نفطة"، وحفظ القرآن الكريم صغيراً، ثم انتقل مع والده إلى مدينة تونس، ودرس في جامع الزيتونة، ونال شهادة العالمية (2) وهو في الرابعة والعشرين من سني حياته، ثم سافر إلى طرابلس الغرب، وعاد إلى تونس، وأنشأ مجلة "السعادة العظمى"، وهي أول مجلة عربية دينية ظهرت في تلك البلاد. فأقبل عليها العلماء، ونشّطه أهل الفضل،
(1) مجلة "الفتح" العدد 290 من السنة السادسة الصادر في ذي القعدة 1350 هـ - القاهرة.
ملاحظة: يبدو لي أن هذه المعلومات استقاها السيد محب الدين الخطيب صاحب المجلة من الإمام محمد الخضر حسين، ولعلها أوضح موجز عن حياته.
(2)
المقصود بها: شهادة (التطويع).
وفي مقدمتهم الوزير الشيخ محمد العزيز بوعتور، والشيخ سالم بوحاجب.
ثم قُلِّد القضاء في مدينة "بنزرت"، والخطابة والتدريس في جامعها الكبير. ولم يكتف بعمله الرسمي، بل عمد إلى إلقاء المحاضرات العامة.
وضاق ذرعاً بقيود الوظيفة الرسمية وأصفادها، فاستعفى، وعاد إلى تونس متبرعًا لإلقاء الدروس في المعهد الزيتوني، وقدر ولاة الأمر خدمته، وشريف مقصده، فعينوه مدرساً رسمياً في معهد "الزيتونة"، وعضواً في ترتيب مكتبته، ومدرساً في المدرسة الصادقية، وعهدت إليه الجمعية الخلدونية في إلقاء محاضرات على طلبتها في آداب اللغة العربية. ولما قامت الحرب الطرابلسية، نظم عدة قصائد في الحث على معاونة الطرابلسيين كان لها أحسن وقع في القلوب، وبسط الأكف، ثم سافرت أسرته إلى دمشق، فلحق بها، وقضى بالقاهرة ثلاثة أيام، فألقى في الأزهر درساً في قوله تعالى:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122]. فأدرك السامعون مقامه وفضله، وتابع سفره إلى دمشق، ثم قَصد الآستانة في أيام الحرب البلقانية، وزار مكتباتها ومعاهدها العلمية، وتعرف إلى علمائها وآدابها، وعاد إلى تونس مدرساً ومحاضراً، ثم قصد المدينة المنورة، فإستنبول، فدمشق مدرساً للفلسفة والآداب العربية في المدرسة السلطانية.
وقضى أيام الحرب العظمى متنقلاً بين برلين وإستنبول ودمشق. ففي برلين تعرّف إلى كبار العلماء المستشرقين، وزعماء الحركة المصرية، وفي مقدمتهم المرحومون الشيخ عبد العزيز جاويش، ومحمد فريد، وإسماعيل لبيب. وفي إستنبول عين في قسم المباحث السياسية بوزارة الحربية، فواعظاً
في مسجد (الفاتح). وفي الشام وشى به بعضهم وشاية سياسية إلى جمال باشا، فاعتقله ستة أشهر و 14 يوماً، ثم ظهرت براءته فأفرج عنه.
ثم نزل مصر، ومع تحاميه الإعلان عن نفسه، فإن عارفي فضله ونبله أحلّوه المحل اللائق بكرامته، وانتدب للعمل خمسة أعوام في دار الكتب المصرية، فانتهز الفرصة، وألقى على بعض الكتب القديمة نظرات دقيقة، واستخرج منها ما لم يفقه إليه أحد قبله، وتقدم لامتحان العالمية الأزهرية، فنال شهادتها بتفوق.
وللسيد الخضر مؤلفات جمّة، منها: حياة اللغة العربية - الخيال في الشعر العربي- الدعوة إلى الإصلاح - مدارك الشريعة الإِسلامية - نقض كتاب "الإسلام وأصول الحكم" - وشرح وجيز على كتاب "الموافقات" للشاطبي - نقض كتاب "في الشعر الجاهلي" - تعليقات على "شرح القصائد العشر" للتبريزي
…
إلخ.
وكانت له اليد الطولى في إنشاء "جمعية الشبان المسلمين" بالقاهرة، وأنشأ "جمعية الهداية الإسلامية" ويتولى تحرير مجلتها، وإدارة شؤونها، ويرأس الآن تحرير مجلة "نور الإسلام" الأزهرية، ويدرّس في كلية أصول الدين بقسم التخصص.
ولا جدال في أن تجنيس السيد الخضر بالجنسية المصرية غنم لمصر، وجوهرة يزدان بها تاج علماء الدين.