المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جمعية قدماء الصادقية تحيي ذكرى الشيخ محمد الخضر حسين العالم والمناضل - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - ١٤/ ١

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(27)«كِتَابَاتٌ حَولَ الإِمَامِ مُحَمَّدٍ الخَضِرِ حُسَين»

- ‌المقدمة

- ‌باقات شعر مهداة إلى الإمام محمد الخضر حسين

- ‌الشجرة المباركة

- ‌تهنئة للإمام محمد الخضر حسين بتوليه القضاء في مدينة "بنزرت

- ‌الملحق

- ‌التهاني التدريسية

- ‌تهنئة الأدباء

- ‌رحلة مفتي القيروان الشيخ محمد الجودي

- ‌نقض كتاب "الإسلام وأصول الحكم

- ‌السيد محمد الخضر حسين

- ‌إلى العلامة الجليل السيد محمد الخضر حسين بمناسبة سفره إلى الأقطار الحجازية

- ‌الترحيب بالإمام محمد الخضر حسين بمناسبة عودته من أداء فريضة الحج

- ‌محاضرة الأستاذ الخضر بن حسين

- ‌مصنفات الأستاذ السيد محمد الخضر حسين

- ‌في سبيل الله والوطن شيخ الأزهر الجديد

- ‌حظوة شيخ الأزهر الجديد

- ‌تهنئة إلى الأستاذ الإمام فضيلة شيخ الجامع الأزهر الجديد سماحة الشيخ محمد الخضر بن الحسين

- ‌أي مغزى سامٍ في وضع الشيخ الخضر على رأس الأزهر الشريف

- ‌القياس في دراسات المحدثين

- ‌الحركة الأدبية والفكرية في تونس

- ‌محمد الخضر حسين أحد زعماء النهضة الإسلامية

- ‌لماذا ذهب الشيخ الخضر إلى ألمانيا

- ‌محمد الخضر حسين حياته وآثاره

- ‌وثيقة تاريخية هامة صادرة عن جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية

- ‌علماء تونسيون في دمشق

- ‌أعلام العلماء الشيخ الخضر حسين

- ‌الأدب التونسي وصداه في الشرق قديماً وحديثاً

- ‌من تاريخ الصحافة التونسية "السعادة العظمى 1904" ودورها الحضاري

- ‌شيخ الجامع الأزهر السابق تونسي الشيخ محمد الخضر حسين

- ‌أعلام من تاريخنا الشيخ محمد الخضر حسين

- ‌أعلام الإعلام في تونس محمد الخضر بن الحسين

- ‌من أعلام الفكر الإسلامي المعاصر الشيخ محمد الخضر حسين

- ‌بين القاسم الشابي ومحمد الخضر حسين

- ‌أعلام محمد الخضر حسين وخطابه الحداثي

- ‌عرض مختصر عن حياة الشيخ الخضر بن الحسين

- ‌أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث محمد الخضر حسين

- ‌مشاهير القرن العشرين محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر وأحد زعماء النهضة الإسلامية

- ‌جمعية قدماء الصادقية تحيي ذكرى الشيخ محمد الخضر حسين العالم والمناضل

- ‌فهارس مؤلفات الإمام محمد الخضر حسين

- ‌من رسائل الوفاء

- ‌الجمهورية التونسية - رئاسة الجمهورية الكتابة الخاصة(عدد - 4541)

- ‌النشرة الأدبية الأولى لجمعية شَباب الخضرِ بن الحُسينِ النفطِيّ

- ‌كلمة الافتتاح

- ‌نبذة من تاريخ "نفطة

- ‌والذكر للإنسان

- ‌من حياة الشيخ الخضر بن الحسين

الفصل: ‌جمعية قدماء الصادقية تحيي ذكرى الشيخ محمد الخضر حسين العالم والمناضل

‌جمعية قدماء الصادقية تحيي ذكرى الشيخ محمد الخضر حسين العالم والمناضل

محمد بن رجب (1)

جانب كبير من الشباب التونسي، ويعض أهل الثقافة لا يعرفون أن الشيخ محمد الخضر حسين، من مواليد "نفطة" عام 1873 تولى مشيخة الجامع الأزهر عام 1952؛ أي: بعد أشهر قليلة من قيام الثورة المصرية التي قادها الضباط الأحرار.

وقد أمضى على وثيقة تعيينه في هذا المنصب العلمي الرفيع الرئيس محمد نجيب بنفسه، فقد كان يعرفه، ويكنّ له المحبة الخالصة، واستقبله في القصر الرئاسي أكثر من مرة قبل أن يقدم استقالته من الأزهر عام 1954. وكان يومها قد تجاوز الثمانين، ولم يعد قادراً على تحمل أعباء العمادة العلمية.

هذا الرجل الذي أصبح أحد زعماء النهضة العربية والإسلامية منذ العشرينات، خرج من تونس بحرقة في القلب بعد أن أثبت جدارته، وأكد حضوره العلمي، فجلب له الأعداء والمتآمرين عوض أن يجلب إليه المساندين والمؤيدين.

(1) كاتب وصحفي تونسي معروف - جريدة "الصباح" التونسية، العدد الصادر في (10 رمضان 1418 هـ 9 كانون الثاني جانفي 1998 م).

ص: 235

ولكنه رجل علم من خيرة ما أنجبت تونس، ولأنه درَّس في المعهد الصادقي في السنوات الأولى من هذا القرن الذي يستعد للرحيل، ولأنه ألقى أولى محاضراته الثقافية بهدف تحريك الهمم على منبر جمعية قدماء الصادقية، فإن هذه الجمعية التي ما زالت نشيطة، بل هي اليوم من أنشط الجمعيات الثقافية في تونس، مقرّة العزم على إقامة الذكرى الأربعين لوفاته.

وسيكون الموعد يوم الجمعة القادم 15 جانفي، وسيتولى الأستاذ محمود شمام الحديث عن الراحل محمد الخضر حسين لإبراز خصاله وفكره ونضالاته، كما يقوم الأستاذ البشير العريبي بالحديث عن شاعرية شيخ الأزهر من خلال شعره الغزير الذي كتبه في تونس أو في مصر، والذي صدر في ديوان عنوانه "خواطر الحياة" عام 1946.

ستكون سهرة ثقافية طيبة فيها الذكر الحسن، وفيها اعتراف بما قدمه محمد الخضر للغة العربية طيلة 65 سنة، كانت زاهرة بالعطاء العلمي من خلال التدريس والمحاضرات، فضلاً عن مؤلفاته الكثيرة.

وللإفادة نشير إلى بعض جوانب من حياة المحتفى بذكراه، مستعينين بكتاب "مشاهير التونسيين" للأستاذ محمد بوذينة، الذي عاد هو أيضاً في ترجمته لمحمد الخضر حسين إلى بعض المراجع، في مقدمتها كتاب لأبي القاسم محمد كرو عنوانه "أركان النهضة الأدبية في تونس".

شيخ الأزهر إذاً هو من مواليد "نفطة" بالجنوب الغربي التونسي يوم 23 يوليو جويليه 1873. وهناك تعلم مبادئ القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بجامع الزيتونة، وواصل دروسه إلى أن أصبح فقيهاً في الدين الإسلامي، ومختصاً في اللغة العربية وآدابها.

ص: 236

وفي سنة 1904 دخل إلى الساحة الفكرية من الباب الواسع؛ إذ أسس مجلة اختار لها اسم "السعادة العظمى"، كان لها الأثر الطيب على طلبة العلم وأهل المعرفة.

وبعد سنة واحدة تولى منصب القضاء في "بنزرت"، وباشر التدريس بجامعها الكبيرة حيث كان الخطيب الأول.

وفي عام 1906 ألقى محاضرة على منبر نادي قدماء الصادقية بعنوان: (الحرية في الإسلام)، وهي المحاضرة العلنية الأولى في تونس عن الحرية لاستنهاض الفكر، وتحريك السواكن ضد المستعمر الفرنسي، وقد سجل بهذه المحاضرة أنه لن يكون من الصامتين، بل هو رجل وطني غيور، يحب بلاده، وهو على استعداد للتضحية.

ولأنه أحس بأن الساحة الفكرية والنضال الوطني يستدعي بقاءه في العاصمة، فإنه استقال من منصب القضاء ببنزرت، وانتمى إلى جامع الزيتونة لإلقاء دروس علمية متطوعاً.

وانتدبه المعهد الصادقي أستاذاً لتلاميذه عام 1957، كما انتدبته الجمعية الخلدونية لإلقاء دروس الآداب والإنشاء على طلابها.

وفي سنة 1912 شارك في مناظرة التدريس من الطبقة الأولى بجامع الزيتونة، فحرم من النجاح باطلاً حسب تأكيدات الكثير من العارفين بتلك الفترة، وبعضِ معاصريه.

ولقد فهم محمد الخضر حسين أن عملية محاربته ليست بسيطة، فحزّ ذلك في نفسه، واستفحل الإحساس بالقهر في أعماقه، فظلمُ الأقربين أشد على النفس من ظلم الآخرين، وخوفاً على مستقبله، هاجر إلى المشرق العربي،

ص: 237

وحط رحاله في البداية بدمشق عام 1915، حيث عُيّن أستاذاً في المدرسة السلطانية، فاشتغل بها سنتين، ثم تحول إلى تركيا وألمانيا، ثم عاد إلى دمشق عام 1920.

وفي تركيا وألمانيا كان يدعو إلى الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، ولذلك فإن السلطات الاستعمارية أصدرت عليه حكم الإعدام عام 1921، فهرب إلى مصر لاجئاً سياسياً باعتبار أن فرنسا كانت تستعمر سورية أيضاً، واختياره لمصر يعود إلى أنها كانت تحت الهيمنة البريطانية.

وفي مصر انتمى إلى جامع الأزهر، وبدأ التدريس به عام 1922، فلمع في الوسط العلمي والطلابي، وأسس رابطة تعاون جاليات أفريقية الشمالية، كما أسس جبهة الدفاع عن أفريقية الشمالية، التي قامت بدور فعال في توجيه نضال أبناء المغرب العربي.

وهذه التعليمات التأسيسية للجمعيات المغاربية تؤكد أن الرجل لم ينسَ تونس، فلم يخرج غاضباً عنها، إنما خرج غاضباً من فئة كانت تتحكم في التعيينات للطبقة الأولى بجامع الزيتونة، فلقد عمل ما في وسعه لخدمة النضال التونسي، وخدمة النضال المغاربي بصفة عامة.

ففي النصف الثاني من العشرينات إذاً لمع اسمه، وتعرف عليه جُلّ أهل المعرفة. وبدأت كتابته تكتسح البلاد العربية والإسلامية، فقد أسس عام 1928 جمعية (الهداية الإسلامية) التي كانت تصدر مجلة تولى هو بنفسه رئاسة تحريرها، كما تولى رئاسة تحرير مجلات عديدة أخرى، آخرها مجلة "الأزهر" التي خصصها للدفاع عن جامع الأزهر .. وهذا الدفاع جعل منه رمزاً من رموز الجامع، ورمزًا من رموز المدافعين عن الإسلام بعيداً عن التعصب

ص: 238

ودعاة الظلام والركون إلى الكهوف. ولذلك استحق أن يكون إمام الأزهر، وعميده، وشيخه الأكبر عام 1952.

وقد توفي الراحل يوم 12 فيفري 1958، ودفن في المقبرة التيمورية بالقاهرة. وقد ذكر محمد بوذينة أن محمد الخضر حسين كان يتمنى أن لا يموت إلا بعد أن تنعم تونس باستقلالها، وحقق الله أمنيته، إذ عاش سنتين في عهد الاستقلال، لكنه لم ينعم بالعودة.

وفي كلمة: كان الرجل مناضلاً ضد الاستعمار، وله رؤية شمولية للأمة العربية، ويؤمن بالمغرب العربي، ووطني صادق في دفاعه عن تونس وعن استقلالها.

وللعلم: فقد أصدر ثلاثة مؤلفات في تونس من سنة 1909 إلى سنة 1910، وهي على التوالي:"حياة اللغة العربية"، و"الحرية في الإسلام"، و"الدعوة إلى الإصلاح"، وهذا الكتاب الأخير أعاد نشره في القاهرة عام 1921، وفي عام 1922 أصدر كتاب "الخيال في الشعر العربي"، ثم عام 1927 صدر له كتاب "الخطابة عند العرب"، وفي نفس السنة كتاب "العظمة"، وبعد سنة كان كتابه "علماء الإسلام في الأندلس".

وفي سنة 1934 صدر كتابه الذي يحمل عنوان "القياس في اللغة العربية"، يليه كتاب "رسائل الإصلاح" في ثلاثة أجزاء عام 1938.

وله كتب أخرى دينية، كلها تدعو للإصلاح من الوجهة السلفية، ولكنه كان يدعو أيضاً إلى الأخذ بالعلم والمعرفة، واستعمال العقل، كما أنه لم يكن حداثياً حسب رؤية طه حسين وبعض العائدين من الجامعة الفرنسية والإنكليزية، بل قاوم التجديد، وكتب ضد طه حسين من رؤية التجديد الديني، وإن كان

ص: 239

يرغب في النهضة بالمجتمع من خلال محاربة الجمود والرفع من مستوى المرأة.

وفي الأخير: أريد أن أشير إلى أني قبل كتابة هذه الأسطر اتصلت بالأستاذ حمادي الساحلي، فحدثني عن الخضر حسين، وأبرز أهم الجوانب في شخصيته الدينية والنضالية، والإصلاحية السلفية، وذكر لي أن عدداً كبيراً من كبار الشخصيات التونسية درس على يديه في الصادقية، والخلدونية، فضلاً عن الزيتونة لما كان متطوعاً بالجامع، ومن بين تلاميذه المشاهير: الدكتور محمود الماطري، ومحمد بن الحسين الصحفي الذي كان تأثيره كبيراً على الساحة الثقافية والإعلامية التونسية لسنوات عديدة.

ص: 240