الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصنفات الأستاذ السيد محمد الخضر حسين
العلامة محمد بهجة البيطار (1)
1 -
"رسائل الإصلاح"، الجزء الأول:
هي مقالاتٌ نافعة، بل أصول جامعة في الإصلاح العام، تشتمل على نحو خمس وعشرين رسالة أو مقالة في ضروب من الإصلاح الديني والمدني، وقد قسمها أربعة أقسام كما جاء في مقدمتها:
1 -
قسم الأخلاق والاجتماعيات.
2 -
قسم المباحث الدينية من أصول الدين وأصول الفقه، والأحكام العملية.
3 -
قسم السيرة النبوية وتراجم الرجال والبحوث التاريخية.
4 -
قسم مباحث اللغة وصناعة الأدب.
وأكثر رسائل هذا الجزء الأول من القسم الأول -أي: الأخلاق والواجبات-، ومن مباحثه الطريفة التي عالجها الأستاذ: التعليم الديني في مدارس الحكومة، العلماء والإصلاح، أصول سعادة الأمة، الغيرة على الحقائق والمصالح، الشجاعة وأثرها في عظمة الأمم، الانحراف عن الدين علله وآثاره ودواؤه، ضلالة فصل الدين عن السياسة، الرِّفق بالحيوان، محاكاة المسلمين للأجانب، علة إعراض الشبان عن الزواج، النبوغ في العلوم والفنون.
(1) مجلة "مجمع اللغة العربية" بدمشق، الصفحة 81 من المجلد الثامن عشر - سنة 1943 م. عرض لبعض مؤلفات الإمام التي وصلت إلى المجمع في حينها.
2 -
(محمد رسول الله وخاتم النبيين):
هذه شذرات من السيرة النبوية، بيّن فيها الأستاذ حال العرب قبل الإسلام، ونشأته عليه الصلاة والسلام، ودلائل نبوته، والقرآن الكريم وإعجازه، وبشارات الرسل بنبينا، ومعجزاته صلى الله عليه وسلم، وعموم رسالته، ودوام شريعته، وختم النبوة به، وخلقه وآدابه، واجتهاده في عبادة ربه، ثم ختمها بفصل في أثر دعوته في إصلاح العالم. وقد ذكر في طليعة الرسالة ما دعاه إلى تأليفها بقول:"ما أراه في تلك الصحف- صحف الطاعنين في الإسلام - من زور وبهتان، ثم ما أذاعته الصحف من قصص محاولة تلك الطائفة لتنصير بعض الفتيان والفتيات".
3 -
"آداب الحرب في الإسلام":
وهذه الرسالة جمعت فصولاً في نظام الحرب وآدابه في الإسلام، بينت منشأها، والاستعداد لها، والتدريب عليها، وإعلانها، والشعار فيها، وتعهد الجند بالموعظة. ومن محاسن ما جاء فيها أيضاً: أثر الاستقامة في الحرب، والشورى فيها، والرِّفق بالجند، ومجاملة رسل العدو، وعدم التعرض لهم بأذى، وتجنب قتل من لا يقاتل، وحسن معاملة الأسرى، وختمها بأبواب منها:(عقد الصلح) إذا جنح له العدو. من تدبر هذه الرسالة النافعة علم أن الحرب في الإسلام ليست للقهر والاستعباد، بل لدفع الاعتداء والظلم، ونشر لواء الحق والعدل، وقد كان الخلفاء العظام يوصون قوادهم بأن لا يقطعوا شجراً، ولا يفسدوا ثمراً، ولا يقتلوا شيخاً ولا امرأة ولا طفلاً، ولا يُجهِزوا على جريح، ولا يعتدوا على من كف عن الحرب، وأين منها الحروب التي تستخدم أفتك الآلات الحديثة لتدمير المدن، وتعذيب أهلها الآمنين؟!.
4 -
"القياس في اللغة العربية":
أورد المؤلف لهذا الكتاب مقدمات في فضل اللغة العربية، ومسايرتها للعلوم والمدنية، وحالها في الجاهلية، وارتقائها في الإسلام، وجعله إياها لغة للشعوب، وبحث في وجه الحاجة إلى إنشاء مجمع لغوي ليرفع لواء اللغة العربية في الشرق والغرب، ثم بعد أن مهد المؤلف تمهيداً بين فيه حاجتنا إلى القياس في اللغة، عقد فصلاً ممتعاً تحت عنوان: أنواع القياس، وما الذي نريد من بحثه في هذه المقالات، استهله بقوله: تجري كلمة القياس عند البحث في معاني الألفاظ العربية وأحكامها، فترد على أربعة وجوه:
1 -
حمل العرب أنفسهم لبعض الكلمات على أخرى، وإعطاؤها حكمها لوجه يجمع بينهما.
2 -
أن يعمد إلى اسم وضع لمعنى يشتمل على وصف يدور معه الاسم وجوداً وعدماً، فتعدي هذا الاسم إلى معنى آخر تحقق فيه ذلك الوصف، وتجعل هذا المعنى من مدلولات ذلك الاسم لغة، ومثال هذا اسم (الخمر) عند من يراه معتصراً خاصة.
3 -
إلحاق اللفظ بأمثاله في حكم ثبت لها باستقراء كلام العرب حتى انتظمت منه قاعدة عامة؛ كصيغ التصغير والنسب والجمع.
4 -
إعطاء الكلمة حكم ما ثبت لغيرها من الكلم المخالفة لها في نوعها، ولكن توجد بينهما مشابهة من بعض الوجوه؛ كما أجاز الجمهور ترخيم المركب المزجي قياساً على الأسماء المنتهية بتاء التأنيث. ثم قال- بعد أن بسط القول في هذه الأقيسة الأربعة التي أوردنا منها ما يدل عليها -: وهذا النوع من القياس، والذي قبله-أي: الثالث والرابع- هما موقع النظر، ومجال البحث في هذه
المقالات، واخترت للفرق بينهما التعبير عن الأول بالقياس الأصلي، وعن الثاني بقياس التمثيل، وقد ذكر في القياس الأصلي ما يحتج به في تقرير أصول اللغة ومفرداتها، وألقى في القياس في صيغ الكلم واشتقاقها - نظرة على المصادر والأفعال ومشتقاتها؛ كاسمي الفاعل والمفعول، وأفعل التفضيل.
وقد استشهد بكلام المحققين على الاحتجاج بالكتاب العزيز، وفصل القول في القياس على الحديث الشريف، ثم عقد فصلاً مهماً في الاشتقاق من أسماء الأعيان، وتصرفِ العرب فيها، وأخذهم منها أفعالاً في أوزان مختلفة، وأسماء فاعلين ومفعولين. وذكر منها اشتقاق الفعل من أسماء الأعيان؛ لإصابتها أو إمالتها، (قلت: لعله: أو إنالتها -بالنون- كما ذكره من بعد، ومثل بنحو: شحمه ولحمه: أطعمه ذلك. ص 69).
وجاء بعده فصلٌ عنوانه: ما هو الاستقراء الذي قامت عليه أصول الاشتقاق؟ وقد حقق فيه أن الأفعال والمصادر التي لم يسمع لها فروع في الاشتقاق على نوعين:
منها: ما لم يتصرفوا فيه على كثيرة وروده في محاوراتهم ومخاطباتهم مثل: ويل وويح ونعم ويذر وما يماثلها، فيجب أن تبقى على هيئتها بدون اشتقاق منها، ولا أدنى تصرف فيها.
ومنها: ما لا يكثر في مخاطباتهم حتى يستفاد من وروده بهيئة واحدة أنهم قصدوا إلى ترك تصريفه، فيصح لنا أن نجري قاعدة الاشتقاق في هذا النوع، وإن لم ندر أن العرب تصرفوا فيه على هذا الوجه من الاشتقاق؛ كاشتقاق فعل واسم فاعل مما سمع مصدره، أو إحداث مصدر لفعل مسموع -مثلاً-.
ثم أنشأ فصولاً قصيرة وغير قصيرة في أنواع الأقيسة الكثيرة؛ كأقيسة
التمثيل، والشبه، والعلة، وأقسام علة القياس، وأقسام قياس العلة، وشرط صحة قياس التمثيل، ومباحث مشتركة بين القياس الأصلي والقياس التمثيلي، والقياس في الاتصال، وفي الترتيب، والفصل والحذف، ومواقف الإعراب، والعوامل، وشرط العمل والقياس في الأعلام. ثم ختم الكتاب باقتراح الأستاذ المغربي في الكلمات غير القاموسية، وجوابه على هذا الاقتراح.
وقد بحث الأستاذ في هذه الفصول جميعها بحث الناظر المستقل المستدل، فبين في كل منها ما يقبل وما يرد، وما يقاس عليه وما لا يقاس، ومذهبه وسط بين المعجميين الذين يجمدون على السماع فيهما يمكن إجراء القياس فيه لاستيفاء شروطه، وبين من يفتاتون على اللغة، فيشتقون من عندهم أقيسة لا تستند إلى نصوص لغوية، ولا قواعد عربية من صرفية أو نحوية.
ومن هذه الرسالة يعلم أن المعاجم اللغوية وحدها لا تفيد معرفة الأسس التي ينبني عليها القياس الصحيح من غيره؛ لأنها لم توضع لذلك، بل لا بد من الجمع بين معرفة النصوص ودراسة القواعد والأصول، التي تشتق منها الفروع، وتجري على مقتضاها الأحكام.
في طريق القاهرة (1) مع الأستاذ الخضر حسين
في مقهى قريب من الأزهر، قابلت زميل الدراسة الأخ إسماعيل بن شعبان، الذي كان موجوداً بالقاهرة، وأبديت له رغبتي في الاتصال بالشيخ محمد الخضر حسين العلامة التونسي الذي رفع اسم تونس بربوع أرض الكنانة عِلماً وعملاً، والمدرس بقسم التخصص بالجامعة الأزهرية، والعضو بهيئة كبار العلماء، ورئيس "جمعية الهداية الإسلامية".
فابتسم الأخ إسماعيل، وقال: اجلس، فأنا على موعد مع شيخنا هذه اللحظة.
وقدم الشيخ، وقُدِّمْتُ إليه، فصافحني بحرارة، وكان فرحه بوجودي عظيماً لأمور ثلاثة حسبما صرّح لي بذلك:
أولاً: لأنني تونسي زيتوني.
وثانياً: لأني أنتسب إلى المرازيق الحي العربي الذي عرفه الأستاذ في أيام شبابه.
وثالثاً: لأني أعمل مع أعز أصدقائه السيد الشاذلي القسطلي
(1) جريدة "النهضة" التونسية - العدد الصادر في 27/ 4/ 1951 م. مقالات نشرت على حلقات باسم مستعار (زورق اليم)، الحلقة 12، وقد أخذنا منها ما يتعلق بالإمام محمد الخضر حسين.
مدير جريدة "النهضة".
وانتقلنا إلى بيت الأخ إسماعيل بنزل الأزهر، وهناك انطلق الأستاذ الخضر يتحدث عن تونس في حرارة الابن المخلص البار.
شيخ جاوز السبعين، أو لعله شارف الثمانين، نحيل الجسم، معروق الوجه، يحمل نظارتين على عينيه، لم يكد يشرع في الحديث عن بلاده تونس حتى ارتفع صوته شيئاً ما حاملاً في نبراته حرارة الذكرى.
وتحدث عن أيامه بالزيتونة طالباً ومدرساً، وعن شيوخه، وعن تلاميذه، وعن كتب التعليم وأساليب الدراسة، ولكنه لا يريد أن يعلق بشيء عن حركة الطلبة الأخيرة.
ويذكر أصدقاءه من العلماء، وفي مقدمتهم سماحة الإمام الشيخ سيدي الطاهر بن عاشور، وعن أصدقائه من رجال السياسة والصحافة، وفي مقدمتهم حضرة مديرنا السيد الشاذلي القسطلي، وينتقل الأستاذ الخضر من هنا إلى السؤال عن صديقه القسطلي، وعن أعماله بالبلدية، وحدثته عن ذلك كله بما فيه الكفاية، فابتسم وقال: لقد عرفته من أيام الشباب رجلاً عملياً متحركاً، واعتقدت، ولست بمخطئ في اعتقادي: أنه أخلص العاملين لفائدة بلادهم، وأن في استطاعته أن يعمل كثيراً، وأن يصنع ما يعجز عنه غيره.
وحاولت استدراج الأستاذ بلباقة إلى الحديث عن السياسة، وعن الأحزاب الوطنية؛ لأستطلع رأيه، فلم أسمع منه إلا كلمة واحدة في معرض الحديث عن صديقه القسطلي، وهي قوله: إنه يعمل ما يعجز عنه (الغلاة)، ومن كلمة (الغلاة) عرفت رأي الأستاذ، فلم أحاول الدخول معه في حديث من هذا النوع.