الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترحيب بالإمام محمد الخضر حسين بمناسبة عودته من أداء فريضة الحج
(1)
محمد عبد العظيم الزرقاني
الحمد لله على سابغ نعمته، والصلاة والسلام على مظهر رحمته، سيدنا محمد وآله وصحابته.
أيها السادة!
قد علّمنا الحق فيما علّم، أن نحتفل بسلامة الهداة من عباده، ونجاة المصلحين من خلقه، وأقرب شاهد نضربه به مثلاً لذلك: هو هذه الليلة الغراء، ويومها الأغر (يوم عاشوراء) المبارك، الذي اعتبره الإسلام موسماً يتقرب فيه الخلق إلى الخالق، احتفاء بفوز طائفة من رسله، وشكراً على نجاة فئة من أنبيائه، في الأمس البعيد المتغلغل في أحشاء الماضي، قد تجلت عناية
(1) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء التاسع من المجلد الخامس، الصادر في شهر صفر سنة 1352 هـ - القاهرة.
أقامت جمعية "الهداية الإسلامية" في القاهرة حفلة ترحيب بالإمام محمد الخضر حسين رئيس الجمعة، ورئيس تحرير المجلة، وذلك في ليلة الجمعة العاشر من المحرم سنة 1352. وقد ألقيت فيها القصائد والخطب، وهذه كلمة أحد العلماء الأفاضل، والعضو في الجمعية، والكاتب الإسلامي الكبير الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني.
الكريم لبعض خاصته من خلقه، وأمنائه على رسله، فنجّاهم، وكتب لهم السلامة والفوز، ووافق ذلك يوم عاشوراء.
وفي هذا اليوم الحاضر الجديد، الذي يرفّ من الجدة، تتجلى العناية الإلهية لرجل من رجالات الإصلاح والجهاد، بل تتجلى هذه العناية الربانية لجمعية الهداية الإسلامية في شخص رئيسها الموقر، وأوبته إليها سالماً غانماً، ويصادف ذلك اليوم أيضاً يوم عاشوراء، فما أسعده يوماً يعيد التاريخ فيه نفسه، ويعتز فيه الحق وأهل الحق قديمًا وحديثا، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68} [وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: 105].
نعم، إن هذه أول ليلة من ليالي محاضرات الجمعية بعد عودة عميدها إليها من الأقطار الحجازية المباركة، تصحبه سلامة السلام، وترعاه عناية الحق، وتترادف عليه أنوار الحج الأكبر، وينفح من لدنه أريج المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وحقّ للجمعية أن تتخذ هذه الليلة عيداً تتبادل فيه آيات التهاني والتبريك، وتظهر معالم الفرح والبهجة، وتنشر أعلام السرور والغبطة، وتشكر مولي النعم على هذه النعمة؛ فإن الأستاذ يتبوأ من الجمعية مكان الرأس من الجسد، والنور من العين، والروح من البدن، وأي سرور يعدل سرور الجسم يعود إليه رأسه، والعين يردّ إليها نورها، والبدن تبعث فيه روحه.! لك اللهم من الحمد ما يفوق كل حمد، ومن الشكر أضعاف كل شكر، سبحانك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.
أي وربي! إن الأستاذ الخضر لنفحة من نفحات الحق في هذا العصر، جاد به الجواد على هذا العالم العقيم، فأحيا به من موات الإسلام، وجدّد
بعزمه من شباب الدين، ونضر بأخلاقه من وجه الفضيلة، ورفع بنبوغه من منار العلم، وجبر بهمته من كسر الشرق وأهل الشرق
…
فإذا نحن رحبنا به، فإنما نرحب بلسان الإسلام والدين، والفضيلة والعلم، والشرق والشرقيين. أطال الله في أيامه، وزاد في همته، وأكثر في المسلمين من أمثاله، وضاعف في الأمة من نفعه.
أيها السادة!
إن جمعية الهداية الإسلامية تشكر لكم هذا الشعور الفياض الذي دفعكم إلى مشاركتها هذا السرور، ومبادلتها هذه التهاني، ومشاطرتها ذلك الترحيب، نسأله -وهو الجواد الكريم- أن يهيئ لكل منا عهداً قريباً يتمتع فيه بما تمتع الأستاذ من حج بيت الله الحرام، وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يؤيد الإسلام والمسلمين بروح من لدنه، {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39] ، والسلام عليكم ورحمة الله.