الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حظوة شيخ الأزهر الجديد
(1)
لأول مرة في تاريخ الأزهر، أو في تاريخ شيوخ الأزهر، يذهب ثلاثة من الوزراء يطرقون باب شيخ، شيخ يبعد كل البعد عن الأزهر، وسياسة الأزهر، وأزمة الأزهر، ومناصب الأزهر. ذهب ثلاثة من الوزراء إلى شارع خيرت؛ ليطرقوا باب الشيخ الخضر حسين التونسي الأصل، المصري الجنسية، وذهبوا إليه ليقولوا: أنت شيخ الأزهر.
وكان جواب الشيخ: أنه ابتهل إلى الله أن يعينه ويساعده.
وقد قوبل نبأ تعيين شيخ الأزهر الجديد بالرضا والغرابة:
الرضا؛ لأنه لا ينتمي لحزب سياسي، ولم يعرف أنه أيد زعيماً من الزعماء، أو حزباً من الأحزاب، ثم إنه لا يرجو مغنماً من الدنيا؛ لأنه شارف السين التي لا تسمح للإنسان بالتفكير إلا في الله، وبهذا، فالمنظور أنه سيعمل لله، وأنه سيعمل للأزهر، من حيث رفع مكانته. وأهم من ذلك كله: أنه لا حاشية له في الأزهر تسيره، بل إنه سيعمل من وحي إرادته، وما يرتضيه الأزهر، وهذا هو المهم، أما كونه تونسياً، فالأزهر للعالم الإسلامي أجمع.
أما الغرابة في التعيين، فلأنه تونسي الأصل، وغريب على الأزهر أن
(1) جريدة "الوزير" التونسية - العدد 773 الصادر بتاريخ 7 ربيع الثاني 1372 هـ - 25 ديسمبر 1952 م - تونس.
يتولى مشيخته غير مصري، فلم يعرف عن أجنبي تولى مشيخة الأزهر إلا اثنان تقريباً، هما: الشيخ المهدي العباسي، والشيخ عليش، فهما من المغاربة، إلا أن أصلهما تمصر، وكانا هما من الذرية؛ بخلاف الشيخ الحالي؛ فلقد جاء إلى مصر، ثم تجنس بالجنسية المصرية حديثاً.
والمهم أن اختياره جاء اختياراً موفقاً، فهو أصلح إنسان تولى هذا المنصب الخطير، ولا يستطيع أن يدس له إنسان، أو يحوله عن خطئه، وليس هناك مؤثر خارجي يستطيع أن يؤثر فيه، بل سيعمل من وحي إرادته فحسب.
والوكيلان
أما الوكيل الأول: فقد لقي قبولاً من الجميع؛ لأن الأستاذ محمد عبد اللطيف دراز عرف بين الأزهريين بجهاده المرير، وحسن إدارته، وسعة أفقه العلمي، وحبه، بل وتفانيه في خدمة الأزهر والأزهريين، ولم يشذ عن هذا التأييد إلا حفنة كانت تطمع في بعض المناصب التي ولت باستقالة شيخ الأزهر، والتهاني التي يتلقاها تدل على أنه رجل يستحق المنصب الذي تقرر أن يشغله وهو كفء له.
وأما الوكيل الثاني: وهو الشيخ محمد نور الحسن، فهو رجل سوداني المولد، عالم فاضل، عرف بسعة علمه في الدوائر الأزهرية، إلا أن بعض المسؤولين في الأزهر يقولون، ومنهم مصدر هذا الحديث: إنه لم يعلم أنه عين في الأزهر وكيلاً ثانياً إلا من الصحف، ومن التهاني التي أرسلت إليه، وهو- وإن كان من حاشية الشيخ السالف، وقد رشحه في شروطه -، فهو -كما قلنا - واسع الأفق والتفكير، وتقلد مناصب عدة في الأزهر، أظهر فيها براعة تدل على التفكير وحسن التدبير.