الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثيقة تاريخية هامة صادرة عن جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية
الدكتور محمود عبد المولى (1)
* محرر الوثيقة:
أما محرر الوثيقة الخطيرة باسم: (جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية)، فهو - دون ريب - محمد الخضر حسين، باعتبارها تحمل توقيع الشيخ بكل وضوح. فمن هو هذا الرجل؟.
لا يتسع مجال هذه المقدمة القصيرة للحديث عن جوانب الشيخ كلها؛ أي: باعتباره علماً بارزاً من أعلام الفكر الإسلامي الحديث، قد ساهم طويلاً مساهمة جادة في الحركات الفكرية والسياسية في تونس والمشرق على السواء؛ حيث ارتبط اسمه بأسماء عدد كبير من رجالات الدين الذين قاموا بدور هام في ميادين مختلفة: دينية ولغوية وأدبية وسياسية، فكتاب محمد
(1) كاتب تونسي، وأستاذ العلوم الاجتماعية بجامعات تونس والجزائر وطرابلس، وهذه المقتطفات من كتابه "كشكول مسافر" صدر في تونس حزيران 1978 م، وهو كتاب يطرح قضايا تتعلق بالنقد والأدب والاجتماع.
وتحدث المؤلف عن وثيقة تاريخية هامة صادرة عن (جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية) عنوانها: (تونس 67 عاماً تحت الاحتلال الفرنساوي 1881 - 1948 م) للإمام محمد الخضر حسين، وسبق أن نشرنا هذه الوثيقة في كتابنا "تونس وجامع الزيتونة".
مواعدة عن الشيخ يحيط بهذه الجوانب إحاطة شاملة.
غير أن الجانب السياسي-في رأينا- يحتاج إلى دعم علمي بالوثائق، الأمر الذي جعل المؤلف محمد مواعدة يبدي تحفظات، واعترف- بتواضع نادر- بأنه لم يتمكن من تقديم صورة واضحة عن النشاطات السياسية للشيخ المترجم له؛ إذ اكتفى بما تجمع لديه من معلومات، واستخلاص صورة تقريبية راجياً أن تزداد جلاء عند الحصول على وثائق أخرى، هي الآن -حسب زعمه- لدى بعض أصدقاء الشيخ، وخاصة عن نشاطه بالبلاد المصرية.
والجدير بالتذكير هنا: أن الشيخ محمد الخضر حسين ولد في بلدة "نفطة" في الجنوب التونسي في (26 رجب 1293 هـ -21 جويلية 1873 م)، وبعد حياته بالبلاد التونسية وبالبلاد السورية قضى -كابن خلدون- بقية عمره في مصر (إلى وفاته عام 1958 م) حيث رقي فيها إلى أعلى المناصب، نخص بالذكر منها: مشيخة الجامع الأزهر.
هذا بعد نشاطه الديني، والعلمي، والأدبي، والسياسي، في كل من تونس ودمشق والآستانة (تركيا)، وخاصة بأوربا (برلين وجنيف) أين اتصل بالأخوين باش حانبة (محمد، وعلي)، والشيخ صالح الشريف، وغيرهم من مناضلي المغرب العربي الذين يتفق وإياهم في النظرية والاتجاه السياسي اللذين يتمثلان في تحرير أقطاب المغرب العربي (خاصة) من الاستعمار الفرنسي (المسيحي)، والعمل في ظل الحكومة العثمانية بالآستانة، أو ببرلين من أجل:
1 -
(رابطة إسلامية) ستضم -عند قيامها- المسلمين كافة، في نظام سياسي مركزي، وهو نظام الخلافة، كما يتبين لنا ذلك من خلال كتابه "نقض
كتاب الإسلام وأصول الحكم".
2 -
تحرير المغرب العربي (أفريقية الشمالية)، ووحدة قضيته ومصيره، كما يتبين لنا ذلك من تأسيسه (جبهة الدفاع عن أفريقيا الشمالية)، ومن قراءتنا للوثيقة التي تخلفت عن هذه الجبهة.
ولا بد من التذكير أيضاً: أن الشيخ محمد الخضر حسين قد أمضى التقرير الذي وجهته (اللجنة التونسية الجزائرية للدفاع عن مطالب الشعب الجزائري - التونسي) إلى مؤتمر الصلح المنعقد في فرنسا، وأمضى هذا التقرير حسب الترتيب كل من: الشيخ صالح الشريف التونسي، والمترجم له، ومحمد مزيان التلمساني، ومحمد الشيبي التونسي، ومحمد بيزار الجزائري، وحمدان ابن علي الجزائري، ومحمد باش حامبة.
ومما يذكر بهذا الصدد: أن مجلة "المصور" قامت بإجراء حديث صحفي مع الشيخ محمد الخضر حسين بعد أسبوع من توليه مشيخة جامع الأزهر، ومما قاله لمبعوثها:
"ولعلكم تنظرون إليّ نظرتكم إلى رجل عجوز هرم، ولكن هذه الشيخوخة البادية هي نتيجة الكفاح السياسي، أما القلب والرأس، فما زالا فتيين"(1).
(1) مجلة "المصور" القاهرة. الأسبوع الأخير سبتمبر 1952 م.