الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلام على تشخيص القلعة وما آل إليه أمرها
اعلم أن موقع قلعة حلب في الحالة الحاضرة متوسط من البلد لكنها أقرب إلى الجهة الشرقية كثيرا والشمالية قليلا. وهذا باعتبار سور البلدة، وأما باعتبار ما خرج عنه فميلها إلى الجهة الجنوبية أكثر، أي أن عمران البلد في الجهة الشمالية من القلعة يبلغ ضعفي عمرانها في الجهة الجنوبية منها. وهكذا يكون ميلها إلى الجهة الشرقية أي أن العمران في الجهة الغربية يبلغ ضعفي عمران الجهة الشرقية. ثم إن شكل جبل «1» القلعة هرمي قد فرش سفحة بالبلاط «2» من بعض الجهة الشرقية. ومعظم الجهة الغربية الشمالية. وقمته بسيطة قد دار عليها سور متشعث جدا محيطه ألف ذراع تقريبا فيه عدة أبراج وبدنات متقدمة عليه إلى سفح الجبل لم نذرعها في محيطه وارتقاع الجبل من أرض الخندق إلى أسفل السور الدائر على قمته المذكورة خمسة وسبعون ذراعا تقريبا. وعرض الخندق الدائر على الجبل يبلغ نحو ثلاثين ذراعا وينخفض عن أرض البلدة نحو عشرة أذرع وهو مردوم بالأتربة ولولا ذلك لبلغ عمقه عشرين ذراعا وزيادة. وهذا الخندق يوجد في جهته التي تلي البلد عدة مغاير متهدمة وفي بعضها سراديب تبعد نهايتها وأظنها هي المغاير التي نحتها الملك الظاهر كما قدمنا ذكره. وقد عهدنا أرض الخندق غديرا عظيما يجتمع من سرابات المحلات المجاورة له وكان ينبعث عن ذلك عفونات تضر بمناخ تلك الجهة. وحكى دارفيو في تذكرته «3» أن الحكومة في زمانه كانت تطرح في تلك الغدران جثث القتلى فكان يزداد بها مناخ تلك الجهة فسادا. لكن هذا لم نعهده في زماننا، ولم تزل فيه الغدران المذكورة إلى حدود سنة 1300 هـ.
وفيها اهتمت الحكومة بإزالتها فردمتها بالتراب وصرفت القاذورات إلى سراب عظيم عملته في الخندق المذكور وأنفذته من جانب باب الأربعين مارا من تجاه قسطل العوينة «1» إلى خندق البلدة. ويوجد على سفح هذا الجبل برجان عظيمان على نقطة متقابلة بهما سميت قلعة حلب ذات الجناحين، أحدهما في الجهة الشمالية تجاه باب الأربعين مكتوب عليه: جدّد هذا السور المبارك مولانا السلطان قانصوه الغوري عزّ نصره في أيام المقر الأشرفي الأمير السيفي عين مقدم الألوف بالديار المصرية سيباي الأشرفي نائب القلعة المنصورة بحلب المحروسة عز نصره سنة 915. وثانيهما في الجهة الجنوبية تجاه سوق الخيل وحمام الناصري مكتوب عليه: أمر بعمارته مولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري في أيام المقر السيفي سيباي الأشرفي نائب القلعة المنصورة بحلب المحروسة سنة 914 وأظن أنهما مبنيان على أثر البرجين اللذين جددهما الأمير جكم مساحة كل منهما تقريبا عشرون ذراعا عرضا ومثلها طولا وخمسة وعشرون ذراعا ارتفاعا. وله مدخل من جهته العليا مما يلي سور القلعة قد اشتمل على أربع طبقات، كل طبقة لها قبو معقود بالحجارة العظيمة له عدة كوات إلى جهة الخندق. والطبقة السفلى من الجنوبي يهبط منها في سرداب ينتهي إلى حفير منقور بالحوار فيه ماء راكد يميل طعمه إلى الملوحة ثم يكون في طرفه سرداب ينتهي إلى فوهة في الجبل غربي باب القلعة بقليل. وهذا البرج وإن كان متهدما إلا أنه أجد عمرانا من البرج الشمالي. والغالب على ظني أن مدخل كل واحد منهما كان متصلا بالقلعة بواسطة قبو خفي.
أما مدخل القلعة الآن فهو مؤلف من أربعة أبواب. أولها مما يلي البلد متوجه إلى الجنوب مرتفع عن سطح أرض البلد نحو عشرة أذرع يرقى إليه بدرج مسطح على قبو معقود بالحجارة على الخندق وحافته، وفي انتهاء هذه المسافة ينقطع القبو المذكور فيكون فوقه جسر من خشب يؤدي إلى هذا الباب الذي هو الباب الأول. وله غلق من الحديد كبقية الأبواب بعده مكتوب على مصراعيه بالحديد النافر:(أمر بعمله مولانا الملك الظاهر غازي ابن يوسف سنة 608 وهذا الباب من آثار قانصوه الغوري بني بتولي مقدم الألوف بالديار المصرية وشاد الشرابخانات «2» الشريفة ونائب القلعة) ، وعلى هذا الباب برج عظيم لكنه
متوهن البناء. ثم تمر من هذا الباب صعدا وتمشي مسافة خمسين ذراعا على درج مكشوف مسطح في عرض عشرة أذرع محمول على قناطر معقودة فوق الخندق حتى تصل إلى الباب الثاني «1» الذي قد رسم في قنطرته صورة أفعى عظيمة ذات رأسين وهو يتجه إلى الغرب عرضه ثلاثة أذرع وقيراطان وارتفاعه 5 ع و 10 ط ولهذا الباب نجفتان فوق بعضهما وعضادتاه من آثار الملك الظاهر غازي مكتوب على إحدى النجفتين المذكورتين: (أمر بعمارته بعد دثوره السلطان الأعظم الملك الأشرف صلاح الدنيا والدين خليل محي الدولة الشريفة العباسية ناصر الملة المحمدية عز نصره) ومكتوب على النجفة الأخرى (جددت بعد إهمال عمارتها وإشرافها على الدثور في أيام مولانا السلطان الملك الظاهر أبي سعيد برقوق أيد الله أنصاره بحوذة سريدار «2» دولته محمد ابن يوسف أرسلان نائب السلطان سنة 786 هـ) ومكتوب على جدار متجه إلى الجنوب في جانب الباب (بالإشارة العالية المولوية الأميرية الشمسية قراسنقر «3» الجوكندار «4» المنصوري الأشرفي كافل المملكة الحلبية أعز الله نصره) . ثم تمر من هذا الباب إلى دركاه عظيم عرضه 11 ع و 19 ط عدا كثافة جداري الجهتين اللذين تبلغ كثافة الجدار الشرقي منهما 2 ع و 12 ط وكثافة الجدار الغربي الذي فيه الباب 3 ع و 18 ط ويدخل في هذه المساحة عرض عضادتي الباب وطول الدركاه المذكور 9 ع و 18 ط وهو يشتمل على أربعة أو اوين عرض كل واحد 3 ع و 16 ط وطوله 6 ع و 4 ط، وفي آخر هذه الدركاه الباب الثالث موجه شرقا في عرض الثاني وارتفاعه قد نقش على نجفته حفرا صورتا أسدين يتناطحان. وله غلق من حديد ثم تمر منه إلى دركاه فخم فيه عدة أو اوين ينعطف أربع عطفات في آخرها يكون مزار الخضر. ثم يكون الباب الرابع ويتجه إلى الجنوب وعرضه وارتفاعه كبقية الأبواب، وعلى كل من عضادتيه صورة رأس ورقبة أسد مجسدة كأن أحدهما يضحك والآخر يبكي. ولهذا الباب غلق من الحديد قد كتب في أعلاه بالحديد النافر (أمر بعمله مولانا الملك الظاهر غازي ابن يوسف سنة 606 هـ) ثم تمر منه إلى دركاه آخر مستقيم ليس فيه عطفات
قد اشتمل على عدة أو اوين ومخادع عظيمة أحدها كان طاحونا يدور بالدواب وبقيتها كانت معدة لجلوس الجند وأصحاب الدولة. ثم تمر من هذا الدركاه إلى أن تخرج إلى سماوي القلعة فتمشي نحو خمسين ذراعا.
ويكون على يسارك باب المقام الأسفل «1» موجه شرقا. وهذا الباب مركب من ثلاث أحجار سود عضادتين ونجف مكتوب عليه (أمر بعمارته الملك الصالح نور الدين أبو الفتح إسماعيل بن محمود زنكي بن أقسنقر ناصر أمير المؤمنين بتولي العبد شاد بخت في سنة 575) فتنزل إلى هذا الباب بثلاث دركات وتدخل منه إلى صحن الجامع السماوي الذي طوله 15 ع و 20 ط وعرضه 13 ع و 4 ط وهذه المساحة لم يدخل فيها كثافة الجدران وقد اشتمل هذا الصحن على دركة في الجهة الشمالية دخلت في ذرعه وفي وسطه بئر ماؤها من المطر أظنها هي البئر التي احتفرها الملك العادل نور الدين، عمقها من فم خرزتها إلى قعرها 19 ع و 12 ط، وفي غربي هذا الصحن ثلاث حجرات، وهو مفروش بالحجارة السود والصفر وفيه أيضا من جانب جدار القبلية بئر مطبقة فوقها في جدار القبلية حجرة كانت البكرة تعلق بها مكتوب في صدرها قوله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ..
إلى آخر الآية. ومكتوب على جانبها: (وقف الفقير إلى رحمة الله شادبخت الملكي العادلي على المسجد المقام بالقلعة المنصورة القرية المعروفة ببنيابل «2» وقفا محتسبا مؤبدا) ثم تدخل إلى القبلية وسقفها قبو في وسطه قبة عالية وفي وجهتها الموجهة شرقا حجرة صغيرة في جهتها الجنوبية خزانة في أسفلها جرن مربع عمقه تسعة قراريط في مثلها وثخانته قيراطان تقريبا يقولون إن إبراهيم صلوات الله عليه كان يحلب فيه بقره، وأنه إذا بيت فيه شيء من المأكولات كاللوز والفستق ثم أكلته مرضع در لبنها وتشتمل هذه القبلية أيضا على سدة تجاه محرابها طرفها الشمالي محمول على الجدار الشمالي من القبلية فوق بابها وطرفاها الجنوبيان محمولان على عمودين من الحجر الغربي وهو مرمر معرق بسواد كأنه الحجر المعروف باليشم «3» ومحراب هذه القبلية تجاه بابها وهو ملبس بخشب فيه بدائع
النقوش وقد كتب في حوافي هذا التخشيب بالقلم الكوفي المزهر البسملة وآية الكرسي «1» أما طول القبلية مع حجرة الجرن فهو ستة عشر ذراعا وتسعة قراريط عدا كثافة جدار الجهتين وعرضها من وسط المحراب إلى صفحة الباب مما يلي الصحن تسعة أذرع وثمانية قراريط ويدخل في هذه المساحة ثخانة جداري الجهتين ومكتوب في حجرة مربعة مرصوفة في جدار القبلية غربي بابها مما يلي الصحن (بسم الله الرحمن الرحيم أمر بإنشاء هذا المسجد المقام الملك العادل نور الدين الفقير إلى رحمة الله أبو القاسم محمود بن زنكي بن آق سنقر غفر الله له ولوالديه وأحسن ختامه سنة 562) ، ومكتوب على حجرة مربعة في جدار القبلية من شرقي بابها مما يلي الصحن أيضا (وقف العبد الفقير إلى الله تعالى شيخ الإسلام زين الدين محمد بن الشحنة الحنفي عامله الله بلطفه نصف فدان بقرية أورم الكبرى «2» من جبل سمعان على فرش وتنوير ومصالح مقام الخليل بقلعة حلب في جمادى الأولى سنة 811) وكان لهذا الجامع إمام راتبه الشهري مائة قرش يأخذها من إدارة الأوقاف بحلب، ثم قطع الراتب وعطلت الشعائر وكان يقام فيه خطبة ثم نقل المنبر إلى رباط الشيخ براق وبطلت منه الخطبة والصلاة وأغلق بابه، تخرج من هذا الجامع وتتوجه شمالا وتمشي حتى تصل إلى قرب حافة القلعة فيكون باب المقام الأعلى موجها إلى الشرق أيضا مكتوب على نجفته (بسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمله مولانا السلطان الملك الظاهر العالم العادل المجاهد المؤيد المظفر المنصور غياث الدنيا والدين أبو المظفر الغازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب خلد الله ملكه سنة 610 هـ) ، ومكتوب على جانب الباب من جنوب (أدام الله العز والبقاء لمولانا السلطان الملك الظاهر أبي سعيد خوشقدم عن نصره برسم الأمير الكبير المخدومي العزيزي تغري بردي الظاهري نائب القلعة بحلب عز نصره بأن لا يسكن أحد بهذا الجامع ولا يستعمله لغير الصلاة ولا يجدد خلافه ويعين على مخالفته إلخ سنة 871) .
وصحن هذا المقام مربع يبلغ نحو ثلاثين ذراعا في مثلها قد دار عليه ثلاثة أروقة من الجهات الثلاث في الشمالي منها أربع حجرات. وسعة قبليته يشاكل سعة قبلية المقام الأسفل
وسقفها مثلها إلا أن القبة خربة وفيه محراب إلى جانبه الشرقي خزانة مستورة بقماش أخضر أظن أن فيها كان الجرن المشتمل على رأس يحيى عليه السلام أو الجرن الذي كانوا يقولون إن إبراهيم عليه السلام كان يحلب فيه مواشيه وفي آخر الجهة الشمالية من الجامع من جهة الشرق منارة مربعة الشكل محيطها مما يلي بابها ثلاثة وعشرون ذراعا وعشرون قيراطا وارتفاعها من سطح الجامع إلى موقف المؤذن ثمانية وعشرون ذراعا واثنا عشر قيراطا وعدد مراقيها ثمانون وهي متشعثة وليس فيها ما يدل على تعيين بانيها ويظهر أن ثلثها الأسفل أقدم من بقيتها ثم أن هذا الجامع مهجور الآن مشرف على الخراب «1» .
وإذا خرجت من بابه وتوجهت شمالا إلى الشرق وجدت عمارة ممتدة من الغرب إلى الشرق في شمالي القلعة مطلة على البرج الشمالي الكائن تجاه باب الأربعين طولها 76 ع و 10 ط وعرضها 18 ع و 12 ط وهذه العمارة تعرف باسم قاوش «2» يسكنها الجند، وكانت عمارتها سنة 1267 وقد تهدم بعضها وفي شمالي هذه العمارة طنف واسع عهدنا أنه كان يقف فيه الجوق الموسيقي صباح مساء ويعزف بآلته الموسيقية ثم انقطع عمله ونقل إلى الثكنة العسكرية المعروفة بقشلة الشيخ براق وذلك في أيام الدولة العثمانية، وفي هذا الطنف من جبهته المتجهة إلى الشمال كتابة كوفية بالرخام الأسود هي (أمر بعمارته مولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي عز نصره سنة 877) ، وفي الطرف الشرقي من العمارة المذكورة تكون الساتورة الحلوة المتجه باب بيتها إلى الجنوب يجري إليها الماء من قناة حلب من شمالي القلعة من قرب باب الأربعين تجاه المدرسة الإسماعيلية «3» بكيزان تحت الأرض تمر من المحل المذكور إلى الخندق حتى تكون تحت البرج الشمالي فينصب الماء من الكيزان إلى مجرى واسع ينتهي بالساتورة وهي قد اشتملت على أواوين عظيمة ومخازن للماء ربما يبلغ عرض أحدها عشرين ذراعا وارتفاعه عشرة أذرع وطوله خمسين ذراعا أما عمقها من سطح أرض بيتها إلى وجه الماء فهو 65 ع وعرض فمها 2 ع و 3 ط وطوله 3 ع و 4 قد عقد على بيتها قبو محكم سنة 1061 كان يستخرج منها الماء بواسطة
دولاب يدور بدابة قد لف عليه حبل طويل له رأسان في كل واحد منهما دلو فإذا أدارته الدابة هبط دلو وصعد آخر. ولها وقف عظيم يصرف على ما تحتاجه. وفي شرقي بيتها دركاه يهبط منه إلى الماء بدرج حلزوني يدور على نفسه والمشهور أنها من آثار المرحوم السلطان سليم خان الأول وأنه كان لا يوجد قبلها في القلعة مستقى للماء سوى الساطورة المالحة الآتي ذكرها والذي أراه أن هذه الساطورة قديمة من آثار الملك الظاهر غازي وأن السلطان سليم رمها ووقف عليها. اه.
ثم إنك إذا خرجت من بيت هذه الساطورة وتوجهت شرقا إلى الشمال مقدار غلوة رأيت رحى تدور بالهواء لكنها معطلة وهي من آثار المرحوم إبراهيم باشا المصري، تحت هذه الرحى دار صغيرة يسكنها بعض ضباط القلعة، أما قصر الملك الظاهر فهو فوق الباب الثاني وما بعده من أبواب القلعة المتقدم ذكرها وفيه آثار لقايتباي وقانصوه الغوري وبعض غرف هذا القصر كان في أيام الدولة العثمانية يستعمل مخزنا للبارود والأسلحة القديمة وكان على جانبيه خشبتان طويلتان قدر ركزتا عموديا على رأس كل واحدة منهما حربة عريضة من الفولاذ حادة الرأس يقال لها جاذبة الصاعقة إذا سقطت في قربهما انجذبت إلى أحدهما ومشت منها على تيل بأسفل الحربة متصل بإطار حديدي مدفون في الأرض وبذلك يسلم مخزن البارود من خطر الصاعقة.
إن القصر المذكور مشرف الآن على الخراب «1» ليس له سقف والدخول إليه خطر قد كتب على بابه مما يلي سماويه شعر:
لصاحب هذا القصر عزّ ودولة
…
وكلّ الورى في حسنه يتعجب
بنى في زمان العدل بالجود والتقى
…
محاسنه فاقت جميع الغرائب
ولهذا القصر كوة عظيمة مطلة على جنوبي المدينة فيها مشبك من النحاس الأصفر طاقاته مسدسة الشكل بديعة الصنعة عديمة النظير وهو من آثار قايتباي أحدثه سنة 880، وفي هذه الأيام اقتطع من أسفله قطعة فشاه منظره ولهذا القصر من ظاهره طراز مكتوب عليه بقلم عريض (أمر بعمارته بعد إهماله وإشرافه على الدثور في أيام مولانا السلطان الأعظم
الملك الأشرف صلاح الدنيا والدين ناصر الإسلام والمسلمين عماد الدولة ركن الملة مجير الأمة ظهير الخلافة نصير الإمامة سيد الملوك والسلاطين سلطان جيوش الموحدين ناصر الحق بالبراهين محي العدل في العالمين) «1»
ولم أتمكن من قراءة البقية وتحت هذا القصر أماكن وأبراج كثيرة يطول الكلام عليها. وفي جانبه من أعلاه آثار أبنية ذات طبقات متعددة.
ومما يوجد في القلعة من الآثار القديمة باب صغير مغلق لا يفتح أبدا في سورها الدائر عليها من شمالها وراء البرج الشمالي أمام باب الأربعين. وأظنه هو الباب الذي كان يعرف قديما بباب السر. ويتصل به سرداب تبعد نهايته ويوجد أيضا بها بئر تعرف الآن بالساتورة المالحة قرب المقام الأسفل في جنوبه وعمقها من وجه الأرض إلى سطح الماء 60 ع و 12 ط ومن سطح الماء إلى قعرها 39 ع وعرض فمها وطوله كعرض فم الساتورة الحلوة وطوله وهي الآن معطلة وماؤها ملح ويقال إن لها دركا شبيها بدرك الساتورة الحلوة المتقدم ذكرها.
ويوجد في وسط القلعة بميلة إلى الشرق والشمال مكان ينزل إليه بسرداب عظيم له درج منهدم تحت الأرض يبلغ 50 درجة سعة هذا المكان يبلغ 30 ع في مثلها وسقفه قبو محمول على أربع عضادات كل واحدة منها تضاهي منارة ويذكر أنه كان كنيسة «2» .
ويوجد في القلعة أيضا أثر حمّام وآثار عدة مساجد فقد كان فيها عشرة مساجد منها مسجد النور أظن أن موقعه كان على سورها من جهة الجنوب على يمين الداخل إليها من بابها الحالي ويوجد فيها أثر فرن وآثار نحو مائة دار، وكان أسلافنا يحكون لنا أنها كانت مزدحمة بالمباني التي يسكنها الموظفون بها وبمحافظة البلد واستمرت هكذا دهرا طويلا إلى أن كانت زلزلة سنة 1237 فهدمت أكثر ما فيها من الدور ونزل أكثر سكانها إلى البلدة ثم لما انقرض وجاق اليكيجرية «3» سنة 1241 نزل منها من بقي من أهلها إلى البلد وعوض عنهم جنود نظامية ولم يبق من سكانها القدماء سوى جماعة من الأسرة المتولية على وقف الساتورة الحلوة