الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهي المكتب الإعدادي الذي أسس فيها سنة 1300 وانتهت عمارته سنة 1316 وهو مكتب عظيم لا يضاهيه في البلاد العثمانية غير إستانبول مكتب بسعته وكثرة غرفه وحسن هندامه وانتظامه أحاط به من جهاته الثلاث فسحات عظيمة منها ما هو بستان يسقى من دولابه معد لزرع الخضر والبقول ومنها ما هو ميدان يقيم فيه التلامذة ألعابا ترييضية. مساحة عرصته تزيد على ستين ألف ذراع مربع وهي محتكرة من وقف المدرسة الرضائية المعروفة بالعثمانية تدفع عنها جهة المعارف إلى متولي المدرسة مؤجلة مبلغا معلوما.
وقد بلغت النفقة على بنائه زهاء عشرين ألف ذهب عثماني في تلك الأيام لا جرم أن لو كان بناؤه في هذه الأيام لبلغت ثمانين ألف ذهب. إدارة هذا المكتب ومكتب دار المعلمين والمعلمات الآتي ذكره واحدة وتلامذتهما ذكورا وإناثا يبلغ عددهم أربعمائة منهم ثمانون تلميذا ليليون والباقون نهاريون فالليليون من طلبة المكتب الإعدادي يقدم لهم طعام الفطور والغداء والعشاء ويؤخذ من واحدهم في السنة سبعة آلاف وخمسمائة قرش على حساب الذهب العثماني مائتين وثمانين قرشا ومنهم من لا يؤخذ منه شيء إذا كان فقيرا والنهاريون يقدم لهم طعام الغداء فقط ويؤخذ من واحدهم في السنة خمسمائة قرش والفقير منهم يقبل مجانا، وهو يقبل طلبة الملل الثلاث غير أن طلبة المسلمين فيه أكثر من غيرهم. وهو معدود من المكاتب الثانوية التجهيزية فالعلوم التي تقرأ فيه هي العلوم التي تقرأ في تلك المكاتب.
وهو مكتب ناجح منتظم الأحوال سيما في أيام نظارة مفتش المعارف الشاب النجيب النبيه الأديب جميل بك ابن العالم العامل الشيخ عبد القادر الشهير بالدهان. كما أن مدير هذا المكتب السيد الماجد توفيق بك آل الجابري حقيق بالثناء الجزيل لما يبديه من العناية والاهتمام في ترقية هذا المكتب وتحسين أحواله.
ومن الآثار العظيمة المستحدثة في هذه المحلة جامع الحميدي
أنشأه المغفور له السيد (عبد الرحمن زكي باشا آل المدرس) وهو جامع حافل على طراز جامع المدرسة الرضائية إلا أنه أصغر منه وأنشأ في صحنه بعض حجرات لإقامة أرباب الشعائر وعمل له منبرا لإقامة صلاة الجمعة والعيدين غير أن هذا المنبر بقي معطلا بلا خطيب
مدة إحدى عشرة سنة لعدم صدور الإذن السلطاني بالخطبة فيه جريا على ما كان معتادا عليه السلطان عبد الحميد من عدم إعطاء الإذن بالخطب الدينية على المنابر المستحدثة إلى أن كتب عبد الرحمن زكي باشا الواقف المشار إليه إلى السيد الفاضل محمد بهاء الدين بك الأميري يلتمس منه السعي بالحصول على إذن سلطاني بالخطبة في جامعه المذكور وكان محمد بهاء الدين بك أحد المبعوثين عن حلب في إستانبول فسعى بذلك وحصل على إرادة سلطانية بإقامة الخطبة في هذا الجامع.
وكان أخي بشير هو الذي عينه الواقف خطيبا فيه فخطب مدة ثم أنابني عنه فقمت بالخطبة مدة ثم تركتها لبعد الجامع فوكل غيري ولم تزل الخطبة وبقية الشعائر تقام فيه.
ولما عزم الواقف على تسجيل وقف هذا الجامع كلفني إنشاء خطبة لكتاب هذا الوقف فقلت بعد البسملة حمدا لمن وقف أهل السبق في عنايته على شروط محبته وولائه. وألهمهم العمل بمقتضاها فحازوا شرف قربه واصطفائه. وأمدهم بالتوفيق فانتهجوا مناهج أحبابه وأوليائه. وأعد لهم الهداية إلى سواء الطريق فابتهجوا بالوقوف على مجالي جلاله وبهائه.
أولئك الذين أدناهم مولاهم إلى حضرته. وأولاهم ما أولاهم من رضائه وخيرته. وسجل ما وقفوه من الإخلاص على مرضاته في ديوان أهل ولايته وصفوته. فنالوا منه العطاء الأوسع. ونزلوا من حظائر قدسه المحل الأرفع. حيث بسط لهم الدنيا موائد نعمته. ومهد للقائهم في الآخرى مهاد كرامته ورحمته. فعاشوا مغتبطين بفضل هباته. وقضوا فائزين بمشاهدة كريم ذاته. لا يحزنهم الفزع الأكبر يوم القيامة: ولا تلحقهم فيه حسرة ولا ندامة.
وصلاة وسلاما على الشافع المشفع. المنزل عليه في محكم الذكر في بيوت أذن الله أن ترفع.
القائل لما أسس مسجده الأنوار. هذا الحمال لا جمال خيبر. هذا أبر ربنا وأطهر. وعلى آله بدور التمام. ومصابيح الظلام. وأصحابه الأعلام هداة الأنام. وحفظة الأحكام.
وقدوة الحكام. وسلم تسليما كثيرا: أما بعد فإن إنشاء مساجد المسلمين. ومعابد الموحدين من أسنى ما يتقرب به المتقربون. وأسمى ما يتوصل بواسطته المتوصلون. كيف لا وهي الأماكن المطهّرة. والبقاع المقدسة المنورة. التي يوجه بها المصلى وجهة قصده مخلصا إلى مولى الملك والملكوت صاحب العزة والكبرياء والجبروت فيؤدي فيها الصلاة التي هي مفتاح الفلاح وعنوان النجاح وتنويها بعظيم فضل عمار المساجد. الذين أخلصوا لله المآرب والمقاصد.