الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محلة الجبيلة (د) عدد بيوتها 137
يحدها قبلة حارة البياضة وشرقا خندق البلدة الذي صار الآن شارعها الأعظم وشمالا حارة خان السبيل وغربا شاهين بك ومستدام بك: عدد سكانها 1058 الذكور 516 والإناث 542 كلهم مسلمون، والجبيلة تصغير جبلة والمراد بها المقبرة لأن شرقيها ناشز كالجبل الصغير أو هي الكلتاوية الكبرى وما جاورها فإن تلك البقعة عالية كالجبل الصغير وعلى كل فإطلاق اسم الجبيلة على كل المحلة مجاز من باب إطلاق اسم الجزء على الكل ومن الناس من يسمي هذه المحلة بالجبيل تصغير جبل وهي محلة مرتفعة طيبة الماء والهواء وماؤها المعين يستقى بجبل طوله عشرة إلى خمسة عشر باعا وشرب أهلها من آبار يجري إليها الماء من قناة حلب.
آثارها
المدرسة الكلتاوية
«1»
قرب باب القناة «2» على نشز من الأرض عن يسرة الداخل إلى المدينة بناها الأمير طقتمر الكلتاوي المتوفى سنة 787 وهو مدفون فيها وبنى إلى جانبها دارا كبيرة واسعة مرخمة وجعل تحتها إصطبلات واسعة ظاهرها حوانيت ووقف الجميع وأوقافا كثيرة على المدرسة وشرط أن يكون مدرسها وطلبتها على المذهب الحنفي. أقول: هذه المدرسة قد تغيرت رسومها وانطمست معالمها ولم يبق منها في هذه الأيام سوى ساحة محاطة بأربعة جدران يبلغ طولها 50 ذراعا في عرض 30 وفي جنوبها قبلية صغيرة تقام فيها الجهرية وجميع أوقافها
مضبوطة ولها في السنة من جهة محاسبة الأوقاف 750 قرشا تصرف على شعائرها ودار الواقف داثرة لا عين لها ولا أثر ويوجد الآن في جانب المدرسة مقبرة للمحلة وعدة دور حقيرة لها ملاك معلومون وموضع هذه المدرسة من أنزه ما يكون في مدينة حلب داخل سورها لأنه نشز من الأرض يسامت قلعة حلب مقبل على المدينة وبرها إقبال الوجه على المرآة وهذه البقعة تعرف بالكلتاوية الكبرى وعلى صفها من جنوبها وشمالها ربوتان تعرف كل واحدة منهما بالكلتاوية الصغرى وأهل الكلتاوية الكبرى يستقون من آبارها ماء فيه ملوحة قليلة يصعد على وجه الأرض بحلب طوله ثمانية إلى خمسة عشر باعا وفي سنة 1270 هـ أحدث في هذا الزقاق الحاج محمد بن أحمد قازان والحاج عبد القادر بن محمد شيخ القهواتية صهريجا يجري إليه الماء من قناة حلب جعلاه سبيلا ووقفا عليه دارا ملاصقة له وفي الكلتاوية الصغرى الشمالية مكان يعرف بالأتابكية نسبة إلى عبد الله طغريل شهاب الدين الأتابك عتيق الملك الظاهر غياث الدين غازي نائب السلطنة بالقلعة الجبلية ومدبر الدولة بعد وفاة معتقه والمكان المذكور عبارة عن عمارة مبنية بالحجارة الهرقلية العظيمة وله باب عظيم موجه جنوبا قد نقش على نجفته بعد البسملة (هذا ما تقدم بإنشائه العبد الفقير لرحمة الله وكرمه الشاكر.... سعيد طغريل عبد الله الملكي الظاهري.... تقام فيه الصلوات الخمس وفي أوقاتها ويسكنه المدرس والفقهاء الحنفية على ما شرط في كتاب الوقف وإن قدر الله وفاته خارج مدينة حلب وقبر في الموضع المعد له ولابنه المقر المولوي الأعظم على ما شرط فلا يحق لأحد تغييره عما وضع له فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم وذلك في شهور سنة 620) أقول صحن هذا المكان يبلغ ثلاثين ذراعا في مثلها تقريبا وفي شرقيه قبلية رممت جديدا في جنوبيها قبر يقال إن الدفين فيه السيد علي الجواد ابن الإمام الباقر وفي شمالي الصحن بيت يسكنه أحد مشايخ الطرق ولم نطلع على وقف لهذا المحل.
يوجد تحت هذه العمارة مسجد تقام فيه الصلوات الخمس على يسرة الداخل من باب القناة يقال له مسجد الزركشي نسبة إلى رجل مدفون فيه معروف بالزركشي وهو غير شارح البخاري المشهور وليس لنا علم بترجمته ولا بتاريخ وفاته، وهذا المسجد عبارة عن قبلية فقط ليس له صحن وبعض سقف هذه القبلية قبة مبنية من الحجر على صفة مضلعة جميلة الصنعة.
في السوق من الصف الموجه شرقا تجاه الكلتاوية الشمالية سبيل مكتوب على قنطرة بابه (فاعل هذا الخير الحاج عمر الطباخ تابع أحمد باشا) وقفه مخزن داخله ودكان في جانبه. وفي الجادة الآخذة من السوق إلى داخل المحلة على يمنة الداخل إليها قسطل منقور في الحوار يقال له قسطل الشعارة وهو من آثار (أحمد بن محمد الحلبي المشهور بابن مهان) المتوفي سنة 939 بذل على حفره وعمله 300 دينار وجعل في أعلاه بعض حجرات منقورة في الجبل برسم بعض الطلبة فلما سكن بها بعضهم أتلفت عليه كتبه بالرطوبة فتركها ولم يسكنها أحد بعده وفي الجدار الكائن على يسرة النازل إلى هذا القسطل مدفن فيه الواقف المذكور وفي شرقي هذا القسطل مدرسة العجمي وهي من إنشاء شمس الدين أبي بكر أحمد ابن أبي صالح عبد الرحيم ابن العجمي أنشأها سنة 595 وأنشأ فيها تربة وشرطها للشافعية والمالكية وقد زحف عليها الجيران بجيوش تعديهم فلم يبق منها سوى صحن تربة وشرطها للشافعية والمالكية وقد زحف عليها الجيران بجيوش تعديهم فلم يبق منها سوى صحن صغير وقبلية حقيرة وخلت من حجرات الطلبة وضاعت أوقافها إلّا قليلا تتداوله أيدي المتولين ويتصرفون فيه كما يريدون. وفي هذه المدرسة حجرة فيها ضريح رجل من العلماء المحدثين يقال له أبو ذر هو (أحمد بن إبراهيم) المحدث المؤرخ صاحب كنوز الذهب في تاريخ حلب المعروف بسبط بني العجمي وهذه المدرسة تقام فيها الجهرية وصلاة الجمعة والعيدين.
ومن آثار هذه المحلة مسجد أبي الشامات في الشارع المنسوب إليه تقام فيه الجهرية وتعلم فيه الأطفال وله من الريع كفايته ومنها مسجد بالجبيلة الصغرى وتربة أنشأهما إسكندر بن محمد بن محمد التركماني الحلبي المشهور بابن إيجق المتوفي سنة 897 ولم أعرف محلهما ومنها سبيل على باب مقبرة الجبيلة الشرقي لم أقف على خبر صاحبه وفي هذه المحلة عدة مزارات منها مزار الشيخ صامت في غربي مدرسة الكلتاوية الكبرى المتقدم ذكرها وفي مقبرة الجبيلة قبور جماعة من الأولياء والصالحين والعلماء منهم الحافظ أبو الحسن علي بن سليمان المرادي أحد الأولياء المكاشفين والأستاذ عبد الله بن علوان والشيخ أبو الحسن علي بن يوسف القاسمي والشيخ عبد الحق المغربي وغيرهم.