الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محلة خان السبيل (خ) عدد بيوتها 67
يحدها قبلة حارة ابن نصير وشرقا جب قرمان وشمالا جقور جق وسوق بانقوسا وغربا خندق بالوجه عدد سكانها 285 ذكور و 306 إناث جملتهم 591 نسمة كلهم مسلمون.
آثارها
جامع بانقوسا
هذا الجامع شهير كبير معمور تقام فيه الشعائر في الأوقات الخمس لا سيما في وقت السحر فإنه لا يضاهيه بحلب جامع في ذلك الوقت من جهة قراءة الأوراد وكثرة المصلين ولما كان الحاج (صالح بن مرعي بن حسن الملاح) قيما عليه أثر فيه أثارا حسنة فرمّه وفرشه بالبلاط وزاد في أوقافه. في صدر قبليته من شرقيها إثر باب عال مكتوب على نجفته (أنشأ
…
الفقير إلى رحمة ربه أحمد بن موسى السعدي على مذهب.... الفقراء الأفاقية بتاريخ شهور سنة 828) والظاهر أنه كان باب مدرسة. ويوجد في شرقي محرابه خزانة مغلقة على حجر مرصوف مدور يبلغ قطره نصف ذراع محاطا ببيتين صورتهما:
لأصابع المختار في هذا الحجر
…
آثار خيرات تعاين بالبصر
فالثم مواضع كفه إن كنت من
…
أهل المحبة مرتج كلأ الضرر
وعلى الباب الخارجي الموجه غربا الذي يدخل منه إلى الفسحة التي ينزل منها إلى الميضأة (أنشأ هذا المعروف المقر الأشرفي العالي المولوي المخدومي السيفي الآمر كافل المملكة الحلبية المحروسة يلبغا الناصري عز نصره سنة 788) فالظاهر أنه أراد بالمعروف هو الفسحة المذكورة وتحويلها إلى الميضأة وفتح باب لها، وفي شمالي الرواق الغربي من الصحن قبر كتب عليه فوق سنامه: (يا حضرة نبي الله بانقوس على نبينا وعليه أفضل الصلاة
والسلام قد أخبر بهذا العلامة المحدث الرباني الشيخ مرتضى اليماني شارح الإحياء والقاموس. قال شيخنا العلامة الشيخ أحمد بن التكمجي نزيل مصر إن الشيخ مرتضى إمام في علم التاريخ) . أقول: الشيخ مرتضى هذا هو الإمام العلامة محمد الشهير بمرتضى الزبيدي بحر العلوم ومعدن المنطوق والمفهوم المتوفى في القاهرة سنة 1205 هـ وقد ترجمه الجبرتي في تاريخ مصر بما لا مزيد عليه. وترجمه أيضا علي مبارك باشا في كتابه الخطط المصرية في الصحيفة 94 من الجزء الثالث من المجلد الأول من النسخة التي طبعت سنة 1306 في مطبعة بولاق الكبيرة الأميرية.
لا أدري أين قال مرتضى الدين إن بنقوسا المذكور نبي ولا نعلم نبيا اسمه بنقوسا. وقد راجعت في القاموس ما كتبه في كلمة بناقيس فرأيت الشارح قد استدركت على الفيروزابادي بانقوسا وقال: هو جبل في ظاهر حلب وأنشد أبيات البحتري (أقام كل ملثّ القطر رجاس إلخ) وقد ذكرناها فيما مدحت به حلب. فلو كان الشيخ مرتضى هو القائل بأن بانقوسا اسم نبي لكان ذكره لها هنا أولى من ذكرها بغير موضع لأنه كان يجعلها استدراكا على صاحب القاموس كما جرت عادته. ويزعم كثير من الناس أن لفظة بانقوسا أصلها بان قوسها أي ظهر قوسها ويحكون في ذلك حكاية لم نرها في كتاب ولا ديوان. والذي يظهر لي أن هذه اللفظة إن كانت عربية فهي مأخوذة من بناقيس وهي ما طلع من مستدير البطيخ واحدة بنقوس بالضم وبناقيس الطرثوث شيء صغير ينبت معه أول ما يرى كما قاله الشيخ مرتضى وذلك لأن بنقوسا جبل مستدير يتراءى للمقبل على حلب قبل سائر جبالها لما كانت أشجاره قائمة حينما كانت مخشبة لحلب كما ذكره صاحب كنوز الذهب وغيره وكما تدل عليه أشعار البحتري والصنوبري وعبارات المؤرخين الذين تكلموا على الحروب التي وقعت بين سيف الدولة وكافور الإخشيدي وكيف كان كافور يقطع شجر بنقوسا. وإن كانت هذه اللفظة غير عربية وهو الصحيح فالأولى أن تكون سريانية وأصلها بيت نقوشا أي بيت الناقوس فحذفت الياء والتاء من بيت كما هي قاعدة التعريب من السريانية كبحسيتا وباصفره وقلبت الشين سينا كما هي القاعدة أيضا كقنسرين فصارت بنقوسا فالظاهر أنها كانت موضع الناقوس أيام سكنى الكلدان في هذه البلدة هذا إذا كان أصل هذه الكلمة سريانية فإن كانت غير سريانية فالأولى أن يكون أصلها تركي محرفة عن كلمتين هما (بيك قوزه) تقرأ الكاف نونا. ومعنى الأولى ألف والثانية جوزة أي شجرة جوز وذلك لأن هذا
السمت كان قبل تعميره بستانا يشتمل على ألف شجرة جوز أو يكون المراد من الألف مجرد الكثرة كما جرى الأتراك على المراد من هذه اللفظة في كثير من تعبيراتهم كقولهم (بيك ياشا) أي ليحيى كثيرا وقولهم (بيك دره دن صو كترمك) يريدون كثرة الأعذار الواهية والظاهر إن هذا السمت عرف بهذا الاسم في أيام دولة بني طولون إذ أنهم أول قوم من الأتراك الذين حكموا حلب بعد فتحها.
يؤيد ذلك أن لفظة بنقوسا لم نرها في شيء من النظم والنثر أقدم من كلام البحتري الشاعر الذي استغرقت حياته جميع أيام الدولة المذكورة. ومما يؤيد أن أصل هذه اللفظة تركي وجود أكثر أسماء محلات تلك الجهة تركية مثل قارلق والقزليه وتاتارلر وجقورجق وصاجليخان والشميصاتية وزعم بعضهم أن لفظة بنقوسا تركية محرفة عن (بيك كوز) أي ألف عين أو ألف غرفة أو عن (بيك قوس) أي ألف قنطرة وكل ذلك بعيد عن الصواب لأنه لا يوجد في هذه المحلة عين واحدة فضلا عن ألف ولأن ألف الغرفة أو ألف القوس يقتضيان أن تكون هذه المحلة عرفت بهذا الاسم بعد تعميرها وذلك في أوائل القرن السابع وقد علمت أنها معروفة بالاسم المذكور في أيام بني طولون والوليد الشاعر البحتري وذلك في القرن الثالث. هذا ما يظهر لي في تحقيق هذه اللفظة والله أعلم. رأيت لوقف هذا الجامع كتابا آثرت نشر خلاصته وهي بعد البسملة (الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين إلخ وقف محمد خاص بك جامعه المشهور بظاهر حلب في محلة بانقوسا المشتمل على رواق في جهته الشرقية فيه مدرسة فيها حجرتان وجب ماء ومدفن وفي جانبها الشرقي سبع دكاكين وفي جهتها الغربية رواق وميضأة يهبط إليها بدركات فيها حوض وللجامع بابان أحدهما في جهته الغربية والثاني في جهته الشمالية يدخل إليه بدهليز على جانبه دكاكين ومخزن وقف على الجامع وفي جهته الجنوبية قبلية وراءها دار محمص البن وفي جهته الشمالية أيضا سبع حجرات ومنارة الجامع وثمان حجرات معدات للفقراء والمساكين ووراء هذه الحجرات إحدى عشرة دكانا ومخزنان للجامع وفي وسط الجامع حوض يهبط إليه بدركات ووقف له أيضا دارا في محلة الأكراد وثلاث دكاكين شرقي خندق الروم وغربيها الطريق ونصف قرية عجار في بلد عزاز وجميع قرية الصفيف في العمق التابعة أنطاكية وثمانية قراريط من أربعة وعشرين قيراطا من قرية حارم من أعمال قلعة حارم وثمانية قراريط من قرية عين زيادة في ناحية جبل سمعان وستة قراريط من قرية الفاتكية في قضاء أنطاكية.
وشرط أن تصرف غلة هذا الوقف على تعمير الجامع وترميمه وشعائره كوظيفة الإمام والخطيب والخادم والمؤذن ومدرس بعد صلاة الجمعة وآخر يدرس في مدرسة جامعه المذكور كل يوم وستة يقرءون ستة أجزاء ليلة الجمعة في حضور المتولي وإن أجور هؤلاء الموظفين يدفعها لهم المتولي على حسب الزمان وأسوة الأمثال إلا القراء الستة فقد شرط لهم في كل شهر عشرين درهما من الفضة تقسم بينهم على السوية وشرط أن يفرّق في كل يوم جمعة على الفقراء والمساكين أربع أقق خبز وأن يكون المتولي من أولاد الواقف الصلبيين والعزل والنصب بيده وعين له عشر غلة الوقف وأن ما فضل من الغلة بعد التعمير والترميم والوظائف ونفقات الجامع يكون لأولاد الواقف من صلبه فإذا انقرضوا فلأولاد البطون وتكون التولية حينئذ على أرشدهم تحريرا في محرم سنة 768، أقول: الذي يظهر من ذكر محمص البن أن كتاب الوقف هذا قد كتب مرة أخرى في غير أيام الواقف ووضع في ذيله تاريخ الوقفية الأولى وذلك لأن استعمال قهوة البن في حلب كان بعد استعمالها في اليمن ضرورة وهي لم تظهر في اليمن إلّا في أوائل القرن التاسع كما ستعرفه وعلى ذلك نورد نبذة في الكلام على القهوة على طريق الفكاهة قال بعض العلماء: القهوة مشتقة من الإقهاء وهو الاجتواء أي الكراهة أو من الإقهاء بمعنى الإقعاد وبعضهم يكسر قافها فرقا بينها وبين قهوة الخمر.
واختلف العلماء في حلها وحرمتها والأطباء في نفعها وضرها. والصحيح أنها حلال ما لم تجرّ إلى محرّم كشربها بالدور أو بيوت القهاوي المشتملة على الأمور المحرمة شرعا وإنها معينة على السهر مساعدة على الهضم منعشة للقوى مذهبة للصداع إذا شربت قليلا مضرة إذا شربت كثيرا وأول ظهورها في بلاد الحبشة وما والاها غير معلوم وأما في اليمن فكان ظهورها في أوائل القرن التاسع عن يد الشيخ جمال الدين بن عبد الله العالم الولي ولكن التواتر على أنها ظهرت هناك على يد الشيخ علي بن عمر الشاذلي وأنها كانت قبلا من الكفتة وهي الورق المسمى بالقات لا من البن ولا من قشره ثم أن شجرة البن تنبت باليمن في كورتين منها فوق الجبال التي تعلو زبيدا في مقابلة بيت الفقيه وشجرها مغروس على خطوط مستقيمة وتستمر آخذة بالكبر إلى ثلاثين سنة وغاية ما تبلغ في الارتفاع إلى ثمانية أذرع وزهرها أبيض ويخرج ورق الزهر مثنى وثلاث وهو أكبر ورقا من زهر الكريز وثمرها شبيه بثمره وفي وقت خضرته يكون عفصا بمرارة فإذا احمر يكون في طعم اللبن الحامض وعند