الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلاصة ما قاله المتقدمون في أسوار مدينة حلب وأبوابها وقلعتها
أسوار حلب
قالوا: كان يضرب المثل بحصانة سور حلب ومنعته، وكان قديما مؤلفا من ثلاثة أسوار مبنية بالحجارة من بناء الروم. ولما تشعثت بمحاصرة كسرى بعد استيلائه عليها رم ما تشعث من أسوارها وبني ما انهدم منها بالآجر الفارسي وذلك فيما بين باب الجنان وباب أنطاكية وبقيت هكذا إلى أن ملكها المسلمون. فجدد فيها بنو أمية ثم بنو صالح عدة أبراج حينما كان بنو صالح ولاة عليها من قبل الخلفاء العباسيين وهم بنو صالح بن عبد الملك، ثم لما خربت بمحاصرة نيقفور ملك الروم سنة 351 هـ «1» وعاد إليها سيف الدولة، جدد أسوارها سنة 353 هـ وكان اسمه مكتوبا على بعض أبراجها ثم جدد فيها أبراجا أخرى ولده سعد الدولة وأتقن سورها سنة 367 هـ، ثم جاءت دولة بني مرداس «2» بنى فيها معز الدولة أبو علوان ثمال بن صالح بن مرداس أبراجا بعد سنة 420 هـ وكذلك بنى فيها غيره من الملوك الذين جاؤوا بعده مثل آق سنقر وولده عماد الدين زنكي.
وفي سنة 553 هـ شرع نور الدين محمود زنكي الأتابك بعمارة فصيل لأسوارها وهو حائط دون الحصن أو حائط قصير دون سور المدينة. وكان هذا الفصيل ممتدا من الباب
الصغير «1» إلى باب العراق «2» ، ومن قلعة الشريف «3» إلى قنسرين ثم إلى باب أنطاكية، ومن باب الجنان إلى باب النصر ثم إلى باب الأربعين «4» . وعمر أيضا أسوار باب العراق.
ولما ملك الظاهر غياث الدين غازي حلب أمر بإنشاء سور من باب الجنان إلى برج الثعابين وفتح الباب المستجد وأمر بحفر الخنادق وذلك في سنة 592 هـ. وفيها أمر برفع الفصيل الذي بناه نور الدين وجدد السور القديم والأبراج وجعلها على علو السور الأول وكتب على البرج اسم كل أمير أو كله بعمارته. وبنى أبراجا من باب الجنان إلى باب النصر. وبنى سورا من شرقي البلدة على دار العدل. وفتح له بابا من جهة القبلة وبابا من جهة الشرق والشمال على حافة الخندق سمي الباب الصغير، وكان يخرج منه إذا ركب وبنى دار العدل لجلوسه العام فيما بين السورين الجديد الذي بناه إلى جانب الميدان والعتيق الذي فيه الباب الصغير وفيه الفصيل الذي كان بناه نور الدين. وكان الشروع في بناء الدار المذكورة سنة 585 اه واهتم بتحرير خندق الروم وعرف بهم لأنهم حفروه لما نازلوا حلب أيام سيف الدولة وهو محيط بالمدينة من قلعة الشريف وينعطف إلى باب القناة، ثم ينعطف غربا من شمالي الجبيلة حتى يتصل بخندق المدينة القديمة. فأمر الملك الظاهر برفع ترابه وإلقائه على شفيره مما يلي المدينة فعلا ذلك المكان وارتفع وسفح إلى الخندق عمق واتسع وقويت به المدينة وبني عليه سور من اللبن في أيام الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر.
ثم بعد سنة 620 هـ بنى شهاب الدين طغرلبك الأتابك برجا عظيما فيما بين باب النصر وبرج الثعابين مقابل أتانين الكلس ومقابر اليهود شمالي حلب. وأمر الأتابك طغرلبك بقطع الحوار من خندق الروم، فاتسع وعمق وزادت البلدة به حصانة.
وفي سنة 642 هـ جدد الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز أبراجا في السور الممتد
من باب الجنان إلى باب قنسرين وذلك من شمالي حلب إلى جنوبها وكانت هذه الأبراج عظيمة كل واحد منها يضاهي قلعة وعدتها نيف وعشرون برجا ارتفاع كل برج منها فوق أربعين ذراعا وسعته ما بين الأربعين إلى الخمسين. وكل برج له رواقات تستر المقاتل من حجارة المنجنيق والنشاب، وسفح من السور والأبراج في الميل إلى الخندق فصار كله كالقلعة العظيمة والذي دعاه إلى ذلك الخوف من رجوع التتار إلى حلب بعد أن نازلوها ورجعوا عنها خائبين ولما فرغ من تحصينها على ما ذكرناه بلغت أبراج السور وبدناته مائة وثمانية وعشرين برجا وبدنة ومحيطه خارجا عن دور القلعة ستة آلاف وستمائة وخمسة وعشرين ذراعا.
فاستمرت حلب على هذه المنعة والحصانة إلى أن عاودها التتار ودخلت تحت قبضة هولاكو سنة 658 هـ فخرب أسوارها وأبراجها تخريبا فاحشا ودامت خرابا إلى سنة 693 هـ وفيها اهتم الأمير سيف الدين كمشبغا الحموي بعمارتها وعمل لها أبوابا تغلق عليها وكان بين باب الجنان وباب النصر باب يقال له باب العبارة «1» فجدد بناءه وسماه باب الفرج. وكان بحلب قديما باب يقال له باب الفرج بالقرب من باب العافية لصيق قصر كان ينسب إليه فيما مضى خانقاه القصر، فخربه الملك الظاهر غازي.
ثم إن السور بقي مرمما إلى أن جاء تمرلنك «2» فأخذ حلب وخربها وأحرقها وهدم أسوارها ونزح عنها فكان بعد ذلك كل من يجيء إليها من النواب يأمر ببناء شيء من السور على غير إحكام إلى أن تسلطن الملك المؤيد شيخ وجاء حلب في المرة الثالثة من قدماته إليها سنة 820 هـ وفحص عن أمر السور القديم وركب بنفسه ودار على الأسوار وأمر ببنائها على ما كانت عليه قديما من باب العراق إلى باب الأربعين بناء محكما، وأن يرمم السور البراني من جهة خندق الروم، فشرع في ذلك وأمر بجمع المال من حلب وغيرها فانهدمت مساجد ومدارس وأخذت أملاك كثيرة بغير حق وكانت مبنية على أماكن من السور القديم. وكان ابتداء العمارة من رأس قلعة الشريف من جهة الشرق آخذة إلى جهة الغرب. ووصل البناء إلى القرب من باب الجنان غربا وإلى تجاه حمام الجرن الأسود المعروف بحمام الذهب شرقا. وأسس الباب الذي كان أمر بعمله مكان باب العراق وبابا عن باب