الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آثارها
تكية بابا بيرام
خارج المحلة في شماليها تجاه المقبرة وهي تكية قديمة مشروطة لأهل الطريقة القلندرية عمرت سنة 764 وبابا بيرام هو أحد مشاهير مشايخ هذه الطريقة توفي في السنة المذكورة ودفن في شمالي هذه التكية وعمل على قبره حجرة وكتب على بابها هذا مشهد قطب العارفين بيرام بابا ابن الخواجه أحمد اليسوي ابن يوسف الهمداني انتقل في سنة 764 ورأيت في جانب قبره شمعدانا من النحاس الأصفر منقوشا بعض كلمات بقلم فضى منها (اللهم أبد وخلد دولة السلطان الأعظم والخاقان الأعدل أبو النصر سلطان بهادر) ورأيت أيضا فرمانا من أحد سلاطين العراق الحيدرية مذيلا بتوقيع السلطان حسن الطويل محررا باللغة الفارسية فآثرت تعريبه وإثباته وهو «المقر الحكم ميرزا أبو النصر بهادر» وبعد هذه العبارة (حالا شيخ تكية بابا بيرام) وبعدها. قد أمرنا الدرويش محمد بالرجوع إلى ما عيناه به من طعام الفقراء القلندرية ورفقناه بالدرويش عيسى ليكونا يدا واحدة في حسن القيام ويمن التوجه والسعي كي تدوم الخانقاه معمورة كما كانت ويبقى الفقراء والدراويش محفوظين في الأمان ويكونا كالأخوين في خدمتها فاسعوا باكتساب مرضاتنا ولا تخرجوا عن حدود إشارتنا واعتمدوا على آثار تحريرنا الواصل إليكم المؤرخ في غرة محرم الحرام سنة 877 الختم «الواثق بالملك الرحمن حسن بن علي بن عثمان» ومكتوب على باب التكية «هذه تكية باب بيرام اليسوى أنشأها على ضريحه ملك العراقين وخرسان وفارس جنتمكان السلطان حسن بن علي شاه ابن عثمان خان عليهما رحمة الرحمن في محرم سنة 871» أقول هذه التكية الآن معمورة وهي عبارة عن صحن واسع يبلغ خمسين ذراعا في مثلها تقريبا حجرتان في جنوبيه قبلية يسمونها الميدان وهي محل إقامة الذكر جددت سنة 1046 وفي غربيها حجرتان للدراويش وفي شرقيها بيت لجلوس الشيخ وفي شماليها صفة فيها بعض القبور في غربيها عرصة فيها أشجار وشرب التكية من دولاب في هذه العرصة ماؤه من قناة حلب يأتي في سرداب رأسه من قناة بردبك وللتكية من الأوقاف مزرعة قرية عندان وقليل من الحوانيت في حلب وتبلغ غلة وقفها زهاء خمسة عشر ألف قرش وكان الذي يتولى هذه التكية ووقفها ومشيختها دروايش الطريقة القلندرية فكان أمرها مهملا عند الحلبيين لا يتردد إليها سوى قليل منهم ثم في سنة 1220 اتصل ببعض شيوخها (هاشم ابن الحاج يوسف الكلاسي) وصار بينهما
مصاهرة ثم تولى هاشم أمر التكية وبعد وفاته آلت مشيختها لأولاده الذين منهم المرحوم (الشيخ عبد الحميد دده) ففرغ المشيخة على ابن بنته الذي هو شيخها المتوفي هذه السنة وهي سنة 1341.
واعلم أن طائفة القلندرية تنسب إلى الشيخ جمال الدين محمد الساوجي الزاهد قدم دمشق وقرأ القرآن والعلم وسكن بجبل قاسيون بزاوية الشيخ عثمان الرومي وصلى بالشيخ عثمان مدة ثم حصل له زهد وفراغ من الدنيا فترك الزاوية والمجلس وأقام بمقبرة باب الصغير قرب موضع القبة التي بنيت لأصحابه وبقي مدة مديدة في قبة زينب بنت زين العابدين فاجتمع فيها بالجلال الدر كزيني والشيخ عثمان كوهي الفارسي الذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية ثم أن الساوجي حلق وجهه ورأسه فانطلى على أولئك حاله فوافقوه وحلقوا ثم فتش أصحاب الشيخ عثمان الرومي على الساوجي فوجدوه فسبوه وقبحوا فعله فلم ينطق بشيء ولا رد عليهم ثم اشتهر وتبعه جماعة وحلقوا وذلك في حدود سنة 620 ثم ليس دلق الشعر وسافر إلى دمياط فأنكروا حاله وزيه المنافي للشرع فبقى بينهم ساعة مطرقا ثم رفع رأسه وإذا هو بشيبة كبيرة بيضاء فاعتقدوه وافتتنوا به حتى قيل إن قاضي دمياط وأولاده وجماعة حلقوا لحاهم وصحبوه ثم توفي في دمياط ودفن بها وقبره مشهور وذكر ابن إسرائيل الشاعر أن هذه الطائفة ظهرت بدمشق بعد سنة 610 والله أعلم.
ومن آثار هذه المحلة: مدفن يقال له مشهد الصوفية في جنوبي التكية المتقدم ذكرها باتصاله جدد بابه الشيخ عبد الحميد المذكور آنفا سنة 1297 وفيه عدة قبور منها قبر الشيخ محمد بن قاسم بن أوس الصوفي الأربلي ورأيت فرمانا مذيلا بتوقيع صورته (الواثق بالملك الظاهر عبده إسماعيل الملك الظاهر) تاريخه سنة 808 وهو يتضمن أن ثلاثة أرباع قرية تل حبش وقف على هذه التربة. ومن آثار هذه المحلة جامعها الشهير وهو جامع الأجه بك أنشأه المذكور في حدود سنة 966 وأنشأ تحته قسطلا عمل له مجرى وحول إليه ماء القسطل الأسود الآتي ذكره ثم أعاد فائضه إلى القسطل الأسود في مجرى وحول إليه ماء القسطل الأسود الآتي ذكره ثم أعاد فائضه إلى القسطل الأسود في مجرى جدده وهو جامع فسيح عال يصعد إليه بدرجات وله منارة ومحله قرب السوق الجنوبي من المحلة في شرقي الجادة وله من الأوقاف ما يقوم بكفايته وفي زلزال سنة 1237 انهدم معظمه وجدد من أوقافه بمعونة من أهل الخير وهو جامع المحلة.
ومن آثارها أيضا مسجد التينة وهو من أقدم مساجد هذه المحلة وله من الأوقاف كفايته
وهو في غربي المحلة ويقال أن بانيه هو خالد ابن أبي بكر ابن محمد ابن العالم المشهور بالولاية الشيخ عبس الريحاوي السرجي الصوفي الخرقة نزيل حلب وبيت الطباخ الآن ينتسبون إليه وإن قدوم خالد من سرجه إلى حلب كان في أواخر القرن التاسع وقد توطن هذه المحلة وهو أول من عمر بها وكانت قبل ذلك برية. ومن آثارها أيضا القسطل الأسود لحجرة سوداء مبنية فيه وهو قسطل قديم جدا كان موجودا قبل عمران المحلة حتى قيل أنه كان يسمى قسطل المرجه لما كان يوجد حوله من المرج المنبسط أيام كان موضع هذه المحلة برية وكان مجرى هذا القسطل مختصا به ثم حوله ألاجه بك إلى قسطله كما تقدمت الإشارة إليه.
وفي جانب هذا القسطل مسجد كان قبلا مصلى مكشوفا ثم عمره أهل الخير. وفي السوق الجنوبي من هذه المحلة زاوية يفتح بابها إلى الغرب تعرف بزاوية المصريين لها قبلية تعلم فيها الأطفال ولا يعلم لها وقف. وفي هذا السوق أيضا سبيل ينسب لبيت الوتار له من الأوقاف كفايته. ومما يلحق بهذه المحلة مسجد البختي وهو خارج بابها في البرية شرقي تكية بابا بيرم إلى الشمال بينهما قدر غلوة والمشهور أنه من آثار المرحوم السلطان الملك الظاهر البندقداري وكان أشرف على الخراب وكادت تنطمس معالمه إلى أن أمر بعمارته السلطان عبد الحميد خان الثاني وعمل له منبرا ومنارة وصارت تقام فيه الجمعة إلا أنه ليس له من الريع شيء معلوم وقد كتب على بابه بعد انتهاء عمارته تاريخ من نظم أخي الشيخ بشير رحمه الله:
انظر إلى آثار رحمة ربنا
…
أحيا الموات وعاد بالإحسان
وإلى صنيع مليكنا الغازي الذي
…
سعد الزمان به وكل مكان
فلأمة المختار جدد جامعا
…
حتى تقام عبادة الرحمن
فلتغتبط إذ أرخوه بعيدها
…
قد شاده الملك الحميد الثاني
والجهة التي يوجد فيها مسجد البختي كانت تسمى الرمادة وكانت محلة كبيرة كالمدينة متصلة بها وقد ذكر فيها عن ابن شداد أنها كانت تشتمل على 34 مسجدا ومن آثار هذه المحلة مسجد قديم داثر في جنوبي جامع ألاجه بك يعرف بمسجد بلنكو وقيل هو مسجد بكتوت سعى بتعميره أهل الخير. وفي هذه المحلة أربعة بيوت قهاوي ومداران وثلاثة أفران وخمسة خانات وحمام جار بأوقاف ابن عيد. وذكر ابن الحنبلي في تاريخه در الحبب في ترجمة (عز الدين بن يوسف الكردي) أن داخل محلة آق يول حوض كبير من آثار عز الدين المذكور ومحله هو القسطل الأسود الذي تكلمنا عليه.