الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل نذكر فيه خلاصة ما فهمناه من كلام المتقدمين ودلنا عليه الاستقصاء في أسوار حلب وأبوابها
الذي ظهر لنا من كلام المتقدمين والفحص والتدقيق اللذين تكبدنا في إجرائهما مشقة عظيمة ونفقات طائلة، أن سور حلب كان في أيام سيف الدولة قبل استيلاء الروم عليها مبتدئا من باب قنسرين منعطفا من جانبه جنوبا راكبا على محل قلعة الشريف قدر غلوة.
ثم ينقطع ويبقى جبل القلعة المذكورة بلا سور لاستغنائه عنه. ثم في جهة شرقية على نحو النصف منه يرجع السور ويأخذ شمالا ويخرج من تجاه ساحة بزي ويمشي شمالا إلى الشرق قليلا حتى يصل إلى شمالي جامع الطواشي قرب حمام الذهب في غربي القصيلة على غلوة منها. وهناك يكون في السور باب العراق. ثم يأخذ منه مستقيما قليلا ثم ينحني حتى يأتي إلى قرب حمام الناصري المعروف في زماننا بحمام اللبابيدية في جنوبي القلعة على حافة خندقها وهناك يكون الباب الصغير ثم ينعطف السور شرقا ويقتطع جانبا من محلة ألتون بغا المعروفة الآن بالمزوق. ثم ينعطف شمالا ويقتطع جانبا من محلة الحموي وجانبا من محلة البياضة. ثم ينعطف ويسير غربا حتى يصل إلى تكية القرقلر «1» في شمالي القلعة وغربي دار الحكومة الحاجز بينهما زقاق يأخذ إلى العوينة. وهناك أي عند تكية القرقلر يكون باب الأربعين ومن هناك ينعطف السور ويسير شمالا حتى يصل إلى أواخر خندق الروم من وراء عمارة عثمان باشا تقريبا فينعطف غربا قليلا ويكون فيه باب اليهود ومنه يمشي قدر غلوة ثم يكون فيه باب العبارة ومنه يمشي محدودبا حتى يكون غربي القلعة بميلة إلى الشمال فيكون فيه باب أنطاكية ثم يمشي منه محدودبا حتى يصل إلى باب قنسرين وعند باب أنطاكية يخرج منه
سوران جنوبي وشمالي، يتكوّن بينهما زقاق يتصلان بجسر الدباغة «1» في ظاهر باب أنطاكية الحالي فيكون باب السلامة الذي بناه سيما الطويل وخربه الروم أيام استيلائهم على حلب. وهاك رسم السور وأسماء الأبواب على ما ذكرناه تقريبا:
ثم لما استولى الروم على حلب هدموا باب السلامة وأسواره. وبعد أن رجع سيف الدولة إلى حلب لم يعده بل رمم باب أنطاكية فقط. ثم لما عمر الشريف قلعته على الصفة المتقدم ذكرها فصلها عن المدينة فصارت هي وسور المدينة على هذه الصفة.
ثم إن ايلغازي بن أرتق خرب سور قلعة الشريف وجعلها داخل سور البلد فعادت كما كانت في أيام سيف الدولة. ولما كانت دولة نور الدين زنكي أمر بعمارة الفصيل من رأس قلعة الشريف إلى باب أنطاكية ومن باب الجنان إلى باب الأربعين ومن الباب الصغير إلى باب العراق (انظر الرسم الآتي) .
والمفهوم من كلام المتقدمين أنه كان يوجد في أيام نور الدين باب يقال له باب الفرج لصيق القلعة ولا أعلم أي بقعة من السور تلاصق القلعة فيكون فيها الباب المذكور ولعل السور كان دائرا على القلعة أيضا من الباب الصغير إلى باب الأربعين والباب المذكور في الوصل. ولما جاءت دولة الملك الظاهر غازي أمر برفع الفصيل المذكور وشرع ببناء سور
وأبواب من رأس قلعة الشريف مما يلي الشرق ليحيط به السور الداخلي القديم إلى قرب باب النصر وفتح في حضرة باب العراق ميدانا وعمر دار العدل أي دار الحكومة بين السور القديم والجديد الذي صار الشروع به. فلم يتم السور ولا الأبواب المذكورة في أيامه وأتمها ابن ابنه الملك الناصر كما تقدم (انظر الرسم الآتي) .
وكان لدار العدل بابان أحدهما من جهتها الجنوبية ويعرف بالباب الصغير والآخر من شرقيها مغلق على الخندق الرومي ولما خربت أسوار حلب في أيام تمرلنك ثم عمرها الملك الأشرف برسباي أمر بتعمير السور البراني وأبطل منه باب الفراديس وباب السعادة والميدان
لأنه صار معمورا وتغير موقع دار العدل وكانت في محلة الطونبغا «1» على ما هو مرسوم في المصور السابق وقد ترك الملك الأشرف السور الداخلي القديم متهدّما على ما كان عليه حفظا لما بني عليه من الدور والمساجد وغير هما. وكان قد دثر ولم يبق منه سوى رسوم خفية فصار السور البراني على هذه الصفة وهي الصفة الحاضرة تقريبا (ص 18) .