الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإشاعة / 191 ب / بوقوع فتنة وثوران الجلبان، بل أرجف في يوم الجمعة ثالثه بأنهم يفتكون بالسلطان حين خروجه للصلاة، ثم أشيع بأنهم إنما أحجموا عن ذلك لعدم حضور قايتباي (1).
[خلع تمربغا من السلطنة]
وفيه، في خامسه، ليلة إقامة الموكب بالقلعة حضر قايتباي من مربع جماله، وظنّ الجلبان الذين اتفقوا على الفتك به وبالسلطان أنه يصعد إلى القلعة في آخر النهار ويبات بالقصر في ليلة الموكب (بالقلعة)(2)، وأحسّ هو بذلك فلم يصعد إلى القلعة، وما أمكن الذين أبرموا الأمر تأخيره، فإنهم كانوا تواصوا عليه وأبرموا سلطنة خير بك، فحضر السلطان القصر على عادته في ليلة الإثنين سادسه، وتأخّر صعود جماعة من الأمراء، وما صعد سوى جانبك قلقسيز أمير سلاح وابن العيني أمير مجلس وبعض المقدّمين، فما صلّى السلطان المغرب بالقصر، ودخل إلى الخرجة إلاّ وقد زادت الحركة والاضطراب بالقلعة خارج القصر، فقلق السلطان من ذلك، وتعارض جلبان السلطان خشقدم الذين حزب خير بك وكانوا جميعهم بالقلعة مع حزب كسباي، ولم يكن منهم بالقلعة إلاّ القليل، وأخذوا في القال والقيل، وغلب حزب خير بك، بل ضربوا كسباي ومن هو على مقولته.
ثم آل الأمر في ذلك بالإعلان بالخروج على السلطان بعد العشاء الأخيرة ولبسوا آلة الحرب (وتدرّعوا)(3). وآل أمرهم أن هجموا على السلطان بعد أمور يطول الشرح في ذكرها.
وكان السلطان لما أحسّ بذلك أغلق باب الخرجة عليه فعالجوا فيه حتى كسروه، ودخلوا هجما فأخرجوا من كان عنده من الأمراء الظاهرية، ثم عادوا له فأنزلوه إلى المخبّأة ومعه بعض مماليكه فسجنوه بها، / 192 أ / وأعطوا نمجاة الملك وترسه لخير بك، إشارة إلى سلطنته، بل صرّحوا بذلك وأجلسوه مكان السلطان. ويقال إنهم قبّلوا الأرض، وأنه لقّب بالملك العادل.
ويقال إنّما لقّبه بالعادل لمؤذّن بجامع القلعة، فإنّ من عادته الدعاء للسلطان. فلما حضر وقت الدعاء قريب الأذان تحيّر في أمره وما الذي يدعوا (4) به ويقوله في
(1) خبر إشاعة الثورة في: النجوم الزاهرة 16/ 385، 386، والروض الباسم 3 / ورقة 165 ب، وبدائع الزهور 2/ 472، 473.
(2)
كتبت فوق السطر.
(3)
كتبت فوق السطر.
(4)
الصواب: «يدعو» .
دعائه، فأجرى الله تعالى على لسانه بأن قال: اللهم انصر عبدك السلطان الملك العادل.
ويقال إنّ جانبك قلقسيز عيّن في هذه الليلة للأتابكية، وابن العيني لإمرة سلاح، وأنهما قبّلا الأرض لخير بك.
وكان برد بك هجين الأمير اخور كبير في هذه الليلة بالإسطبل وأحسّ بالكائنة، فنقل جميع تعلّقاته وأسبابه، ونزل بعد العشاء بعد أن بعث إلى الأتابك قايتباي من يعلمه بالحال، فركب الأتابك ليلا مع جموع وافرة من خشداشيّته ومع من انضمّ إليه من طائفتي الأشرفية البرسبائية والإينالية، وكانوا قد تهيّئوا (1) لذلك من النهار بعد أن قرّروا مع قايتباي أمر سلطنته وهو يمتنع من ذلك. وقام جماعة من الإينالية بهذا الأمر، منهم: قانصوه الخسيف، وتنبك قرا، وقان بردي، وعدّة من البرسبائية، منهم: تمراز الشمسي قريب السلطان. وكان أيضا في صحبة يشبك من مهدي كاشف الوجه القبلي وقد قدم القاهرة، فمنع من دخولها وفي قلبه شيء من تمربغا، فكان هو أيضا من أكبر القائمين مع قايتباي والمحسّنين له السلطنة، وحضر هذا الجمع في هذه الليلة بدار قوصون. وزادت الحركة في هذه الليلة والاضطراب.
/ 192 / وكان بالرملة والشوارع فيها هرجة هائلة انزعج فيها الكثير من الناس، وأخذ أمر قايتباي في الازدياد والنموّ.
وأمّا خير بك فبات مع طائفته، وأصبح في غلس يوم الإثنين في شروعه في عمل مصالحه، فركب مركوبا من مراكيب السلطنة، وحضر ركاب دارية السلطان، وعومل معاملة السلاطين، ونزل إلى باب السلسلة كالمنتظر لمن يوافيه من طوائف يقال إنه اتفق معهم، فإن صحّ ذلك فإنما فعلوه حيلة منهم لاستداركه. فلما رأى أنّ أحدا ما جاءه وآيس وقنط ظهر عليه الندم، لكنه لم يبده، بل أخذ يحرّض أصحابه على القتال وعلى تحصين القلعة وتحصين الإسطبل والصعود على أسواره والاستعداد، وهو في بحر افتكار (2).
(1) الصواب: «تهيّأوا» .
(2)
خبر خلع تمربغا في: النجوم الزاهرة 16/ 387 - 390، وتاريخ البصروي 30، وحوادث الزمان 1/ 181، ومنتخبات من حوادث الدهور 3/ 615 - 617، والدليل الشافي 1/ 223 رقم 782، والضوء اللامع 3/ 40، 41 رقم 167، ووجيز الكلام 2/ 860، 861 رقم 1870، ونظم العقيان 102 رقم 61، وتاريخ الخلفاء 514، وحسن المحاضرة 2/ 80، وتاريخ ابن سباط 2/ 811، وبدائع الزهور 2/ 467 - 476 و 3/ 105، وشذرات الذهب 7/ 366، والتاريخ الغياثي 360 - 362، وأخبار الدول 2/ 317، 318، وتاريخ الأمير حيدر 546 ووفاته فيه سنة 879 هـ، وتحفة الناظرين 2/ 41، 42، والروض الباسم 3 / ورقة 166 ب - 168 ب.