الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذاعت، ولم يصعد إلى القلعة في هذا اليوم من الأمراء والأعيان إلاّ اليسير، وأعلن الخروج عن طاعة السلطان.
[محاربة السلطان المؤيّد]
هذا وجمع الأمراء بالمقعد من دار الأتابك خشقدم، وتراضى الأشرفية والظاهرية، وكأنهم اتفقوا، ثم أخذوا في التشاور فيمن يولّوه الأمر.
وكانوا كاتبوا قبل ذلك جانم نائب الشام وهو بعيد عنهم الآن، فآل أمرهم بعد التشاور، وبعد أمور يطول شرحها على التفصيل إلى سلطنة الأتابك خشقدم، وكان أبعد ما في الأذهان ذلك، بل كان المترشح يومئذ للسلطنة جرباش كرد بل وغيره، ولم يذكر خشقدم، وإنما دبّر جانبك نائب جدّة حيلة استمال فيها الأشرفية لخشقدم بشيء قدّره في أوهامهم مظهرا بأنه معهم.
وآل الأمر أن بايعوا خشقدم بيعة خاصة، ثم أخذوا في أسباب قتال المؤيّد ومحاربته بالقلعة ووقعت حروب كثيرة.
وأخذ جانبك نائب جدّة في استمالة قدماء مماليك الأشرف إينال أيضا حتى قاتلوا ولد أستاذيّهم أشدّ مقاتلة.
ولما عظم الأمر نزل المؤيّد إلى حرّاقة الإسطبل، ونصب المكاحل على باب السلسلة ومعه طائفة من جلبان أبيه وبعض أمرائه. وآل الأمر أن أخذ التحتاني سبيل المؤمني في آخر هذا النهار، وأشرفوا على أخذ القلعة (1).
[بيعة خشقدم بالسلطنة]
/ 139 ب / وفيه، في يوم الأحد تاسع (2) عشره كانت مبايعة الأتابك خشقدم بالسلطنة، وعقد الملك له، وكانت قد ظهرت فترة عزم المؤيّد في غلس هذا اليوم، وكان قصده أن يسلّم نفسه، لكن أنف من ذلك.
وأصبح التحتاني (3) في هذا اليوم وقد قويت شوكتهم، لكن لا علم عندهم بحال المؤيّد
(1) خبر المحاربة في: النجوم الزاهرة 16/ 237 - 241، ووجيز الكلام 2/ 738، والروض الباسم، ورقة 14 ب و 16 ب - 17 أ، وبدائع الزهور 2/ 376 (باختصار)، وأخبار الدول 2/ 316.
(2)
في الروض الباسم، ورقة 17 أ «سابع» .
(3)
يراد بالتحتاني: العسكر الذين كانوا أسفل القلعة، وليس هم العامّة من الناس، وهذا ما قال به المؤلّف رحمه الله في كتابه «الروض الباسم» ورقة 16 ب، وهو يرد على ابن تغري بردي فيما قاله في «النجوم الزاهرة» (16/ 246) من أن العامّة صارت تسمع الملك المؤيد المكروه من تحت القلعة حين أخذ أمره في الانحطاط، فقال «المؤلّف عبد الباسط»: ولقد كنت أنا حاضرا هذه الوقعة من أولها إلى آخرها في هذا النهار ولم أغب فيها لحظة، وكنت =
وفتور عزمه، بل كان في ظنّهم أنّ الحرب يستمرّ أياما كما وقع في حرب المنصور، فلما تحقّقوا ما فيه المؤيّد قويت عزائمهم وتحزّبوا، وطلبوا وزحفوا على باب السلسلة فملكوه، وأخذوا القلعة. وفرّ المؤيّد إلى الحريم عند والدته، وتركه حزبه ومن كان عنده (1).
= أتردد إلى الأتابكي خشقدم تارة عند المقعد، وتارة بباب المدرسة القانبائية بسويقة عبد المنعم، وتارة بالرميلة. . . فلا صحة لقوله، وصارت العامة تسمعه المكروه. . . لأن العامة كانت تتأسف عليه مع بعدهم عنهم وقرب الثائرين به وساعده الزعر في هذا اليوم أتم مساعدة حتى منعت الخيل من الدخول إليه. . . فقوله: صارت العامة تسمعه كذب محض. . .
(1)
خبر البيعة في: الروض الباسم، ورقة 17 ب، 18 أ.