الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله بمعاصيه، وما كنتم تعملونه قبل أن يبعث الله إليكم نبيه، من عبادة غير الله، والإشراك به، وبخس الناس في الكيل والوزن (1) = (بعد إصلاحها)، يقول: بعد أن قد أصلح الله الأرض بابتعاث النبي عليه السلام فيكم، ينهاكم عما لا يحل لكم، وما يكرهه الله لكم (2) = (ذلكم خير لكم)، يقول: هذا الذي ذكرت لكم وأمرتكم به، من إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وإيفاء الناس حقوقهم من الكيل والوزن، وترك الفساد في الأرض، خيرٌ لكم في عاجل دنياكم وآجل آخرتكم عند الله يوم القيامة= (إن كنتم مؤمنين)، يقول: إن كنتم مصدقيَّ فيما أقول لكم، وأؤدِّي إليكم عن الله من أمره ونهيه.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ
(86) }
قال أبو جعفر: يعني بقوله: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) ، ولا تجلسوا بكل طريق = وهو"الصراط" = توعدون المؤمنين بالقتل. (3)
* * *
وكانوا، فيما ذكر، يقعدون على طريق من قصد شعيبًا وأراده ليؤمن به، فيتوعَّدونه ويخوِّفونه، ويقولون: إنه كذاب!
* ذكر من قال ذلك:
14843-
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد،
(1) انظر تفسير"الإفساد في الأرض" فيما سلف ص542، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(2)
انظر تفسير"الإصلاح" فيما سلف من فهارس اللغة (صلح) .
(3)
انظر تفسير"الصراط" فيما سلف 1: 170- 177، ثم فهارس اللغة (سرط) .
عن قتادة: (بكل صراط توعدون)، قال: كانوا يوعدون مَنْ أتى شعيبًا وغشِيَه فأراد الإسلام.
14844-
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:(ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) ، و"الصراط"، الطريق، يخوِّفون الناس أن يأتوا شعيبًا.
14845-
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله:(ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله)، قال: كانوا يجلسون في الطريق، فيخبرون مَنْ أتى عليهم: أن شعيبًا عليه السلام كذاب، فلا يفتنكم عن دينكم.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى:(بكل صراط)، قال: طريق= (توعدون) ، بكل سبيل حق. (1)
14846-
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.
14847-
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:(ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) ، كانوا يقعدون على كل طريق يوعدون المؤمنين.
14848-
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن قيس، عن السدي:(ولا تقعدوا بكل صراط توعدون)، قال: العشَّارُون.
حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي هريرة أو غيره= شك
(1) في المطبوعة: حذف"قال: طريق"، وغير سائر العبارة فكتب:"توعدون كل سبيل حق"، فأفسد الكلام إفسادًا!! والصواب من المخطوطة.
أبو جعفر الرازي = قال: أتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليلة أُسْرِي به على خشبة على الطريق، لا يمرُّ بها ثوبٌ إلا شقته، ولا شيء إلا خرقته، قال: ما هذا يا جبريل؟ ، قال: هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه! ثم تلا (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون) . (1)
* * *
وهذا الخبر الذي ذكرناه عن أبي هريرة، يدلّ على أن معناه كان عند أبي هريرة: أن نبي الله شعيبًا إنما نهى قومه بقوله: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) ، عن قطع الطريق، وأنهم كانوا قُطَّاع الطريق.
* * *
وقيل: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون)، ولو قيل في غير القرآن:"لا تقعدوا في كلّ صراط"، كان جائزًا فصيحًا في الكلام، وإنما جاز ذلك لأن الطريق ليس بالمكان المعلوم، فجاز ذلك كما جاز أن يقال:"قعد له بمكان كذا، وعلى مكان كذا، وفي مكان كذا".
* * *
وقال: (توعدون)، ولم يقل:"تَعِدُون"، لأن العرب كذلك تفعل فيما أبهمت ولم تفصح به من الوعيد. تقول:"أوعدته" بالألف،"وتقدَّم مني إليه
(1) الأثر: 14853- هذا مختصر من أثر طويل، سيرويه أبو جعفر بهذا الإسناد في تفسير"سورة الإسراء" 15: 6 (بولاق) ، وسيأتي تخريجه هناك.
و"أبو جعفر الرازي" و"الربيع بن أنس"، و"أبو العالية"، ثقات جميعًا، ومضوا في مواضع مختلفة.
وهذا الخبر ذكره الهيثمي مطولا في مجمع الزوائد 1: 67- 72 وقال: "رواه البزار ورجاله موثقون، إلا أن الربيع بن أنس قال: عن أبي العالية أو غيره، فتابعيه مجهول".
ولكن نص أبي جعفر هنا وهناك، يدل على أن أبا جعفر الرازي شك في أنه عن أبي هريرة أو غيره من الصحابة، فلعل ما في رواية البزار مخالف لما في رواية أبي جعفر الطبري.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 144 مطولا، ونسبه إلى البزار، وأبي يعلي، وابن جرير، ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن أبي حاتم، وابن عدي، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل.
وعيد"، فإذا بينت عما أوعدت وأفصحت به، (1) قالت:"وعدته خيرًا"، و"وعدته شرًّا"، بغير ألف، كما قال جل ثناؤه:(النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا)، [سورة الحج: 72] .
* * *
وأما قوله: (وتصدون عن سبيل الله من آمن به)، فإنه يقول: وتردُّون عن طريق الله، وهو الردُّ عن الإيمان بالله والعمل بطاعته (2) = (من آمن به)، يقول: تردُّون عن طريق الله مَنْ صدق بالله ووحّده= (وتبغونها عوجًا)، يقول: وتلتمسون لمن سلك سبيل الله وآمن به وعمل بطاعته (3) = (عوجًا) ، عن القصد والحق، إلى الزيغ والضلال، (4) كما:-
14849-
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(وتصدون عن سبيل الله)، قال: أهلها= (وتبغونها عوجًا) ، تلتمسون لها الزيغ.
14850-
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
14851-
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:(وتبغونها عوجًا)، قال: تبغون السبيل عن الحق عوجًا.
14852-
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:(وتصدون عن سبيل الله) ، عن الإسلام= تبغون السبيل= (عوجًا) ، هلاكًا.
* * *
(1) في المخطوطة: ((فإذا نصب عما أوعدت" غير منقوطة، ولم أحسن توجيه قراءتها، فتركت ما في المطبوعة على حاله، إذ كان صوابًا واضحًا. 1، وانظر معاني القرآن للفراء 1:385.
(2)
انظر تفسير"الصد" فيما سلف ص: 448، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(3)
انظر تفسير"بغى" فيما سلف ص: 448، تعليق: 3، والمراجع هناك.
(4)
انظر تفسير"العوج" فيما سلف 7: 54/ 12: 448.