الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأبصارهم، والسبب الذي له تعذر عليها إدراكه، فلطف بقدرته فهيأ أبصار خلقه هيئة لا تدركه، وخبرَ بعلمه كيف تدبيرها وشؤونها وما هو أصلح بخلقه، (1) كالذي:
13702-
حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله:"اللطيف الخبير"، قال:"اللطيف" باستخراجها="الخبير"، بمكانها.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ
(104) }
قال أبو جعفر: وهذا أمرٌ من الله جل ثناؤه نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء الذين نبَّههم بهذه الآيات من قوله: (2)"إن الله فالق الحب والنوى" إلى قوله:"وهو اللطيف الخبير" على حججه عليهم، وعلى سائر خلقه معهم، (3) العادلين به الأوثان والأنداد، والمكذبين بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم من عند الله= قل لهم يا محمد:"قد جاءكم"، أيها العادلون بالله،
(1) انظر تفسير ((الخبير)) فيما سلف من فهارس اللغة (خبر) .
(2)
في المطبوعة والمخطوطة: ((لهذه الآيات)) باللام، وصواب السياق يقتضي ما أثبت.
(3)
في المطبوعة ((وعلى تبيين خلقه معهم)) ، وهو كلام لا معنى له، وهو في المخطوطة سيئ الكتابة، وصواب قراءته ما أثبت. قوله:((وعلى سائر خلقه معهم)) ، معطوف على قوله:((عليهم)) قبله.
وقوله: ((على حججه)) ، السياق: ((أن يقول لهؤلاء الذين نبههم بهذه الآيات
…
على حججه عليهم)) .
وقوله بعد: ((العادلين به الأوثان)) ، صفة لقوله آنفًا ((أن يقول لهؤلاء الذين نبههم بهذه الآيات.. .))
والمكذبون رسوله="بصائر من ربكم"، أي: ما تبصرون به الهدى من الضلال، والإيمان من الكفر.
* * *
= وهي جمع"بصيرة"، ومنه قول الشاعر:(1)
حَمَلُوا بَصَائِرَهُمْ عَلَى أَكْتَافِهِمْ
…
وَبَصِيرَتِي يَعْدُو بِهَا عَتَدٌ وَأَى (2)
يعني بالبصيرة: الحجة البينة الظاهرة، (3) كما:-
13703-
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله:"قد جاءكم بصائر من ربكم" قال:"البصائر" الهدى، بصائر في قلوبهم لدينهم، وليست ببصائر الرؤوس. وقرأ:(فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)[سورة الحج: 46] وقال: إنما الدين بصره وسمعه في هذا القلب. (4)
13704-
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"قد جاءكم بصائر من ربكم"، أي بينة.
(1) هو الأسعر الجعفي.
(2)
الأصمعيات: 23 (وطبعة المعارف: 157)، والوحشيات رقم: 58، المخصص 1: 160، اللسان (بصر)(عتد)(وأي) . وغيرها كثير. وهي من قصيدة عير فيها إخوته لأبيه، وذلك أن أباه قتل وهو غلام، فأخذ إخوته لأبيه الدية فأكلوها، فلما شب الأسعر، أدرك بثأر أبيه، وقال قبله:
ولقد عَلِمْتُ، عَلَى تَجَشُّمِيَ الرَّدَى
…
أَنَّ الحُصُونَ الخَيْلُ لا مَدَرُ القُرَى
وفسر أصحاب اللغة ((البصيرة)) هنا بأنها الدم ما لم يسل، يعني: دماءهم في أبدانهم، يعير أخوته. وقال غيرهم:((البصائر)) دم أبيهم، يقول: تركوا دم أبيهم خلفهم ولم يثأروا به، وطلبته أنا. و ((عتد)) (بفتح العين، وفتح التاء أو كسرها) : الفرس الشديد التام الخلق، السريع الوثبة، المعد للجري، ليس فيه اضطراب ولا رخاوة. و ((الوأي)) ، الفرس السريع الطويل المقتدر الخلق.
(3)
انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 203
(4)
((الدين)) (بتشديد الياء وكسرها) : المتدين، صاحب الدين.