المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأبصارهم، والسبب الذي له تعذر عليها إدراكه، فلطف بقدرته فهيأ - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ١٢

[ابن جرير الطبري]

الفصل: وأبصارهم، والسبب الذي له تعذر عليها إدراكه، فلطف بقدرته فهيأ

وأبصارهم، والسبب الذي له تعذر عليها إدراكه، فلطف بقدرته فهيأ أبصار خلقه هيئة لا تدركه، وخبرَ بعلمه كيف تدبيرها وشؤونها وما هو أصلح بخلقه، (1) كالذي:

13702-

حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله:"اللطيف الخبير"، قال:"اللطيف" باستخراجها="الخبير"، بمكانها.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ‌

(104) }

قال أبو جعفر: وهذا أمرٌ من الله جل ثناؤه نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء الذين نبَّههم بهذه الآيات من قوله: (2)"إن الله فالق الحب والنوى" إلى قوله:"وهو اللطيف الخبير" على حججه عليهم، وعلى سائر خلقه معهم، (3) العادلين به الأوثان والأنداد، والمكذبين بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم من عند الله= قل لهم يا محمد:"قد جاءكم"، أيها العادلون بالله،

(1) انظر تفسير ((الخبير)) فيما سلف من فهارس اللغة (خبر) .

(2)

في المطبوعة والمخطوطة: ((لهذه الآيات)) باللام، وصواب السياق يقتضي ما أثبت.

(3)

في المطبوعة ((وعلى تبيين خلقه معهم)) ، وهو كلام لا معنى له، وهو في المخطوطة سيئ الكتابة، وصواب قراءته ما أثبت. قوله:((وعلى سائر خلقه معهم)) ، معطوف على قوله:((عليهم)) قبله.

وقوله: ((على حججه)) ، السياق: ((أن يقول لهؤلاء الذين نبههم بهذه الآيات

على حججه عليهم)) .

وقوله بعد: ((العادلين به الأوثان)) ، صفة لقوله آنفًا ((أن يقول لهؤلاء الذين نبههم بهذه الآيات.. .))

ص: 23

والمكذبون رسوله="بصائر من ربكم"، أي: ما تبصرون به الهدى من الضلال، والإيمان من الكفر.

* * *

= وهي جمع"بصيرة"، ومنه قول الشاعر:(1)

حَمَلُوا بَصَائِرَهُمْ عَلَى أَكْتَافِهِمْ

وَبَصِيرَتِي يَعْدُو بِهَا عَتَدٌ وَأَى (2)

يعني بالبصيرة: الحجة البينة الظاهرة، (3) كما:-

13703-

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله:"قد جاءكم بصائر من ربكم" قال:"البصائر" الهدى، بصائر في قلوبهم لدينهم، وليست ببصائر الرؤوس. وقرأ:(فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)[سورة الحج: 46] وقال: إنما الدين بصره وسمعه في هذا القلب. (4)

13704-

حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"قد جاءكم بصائر من ربكم"، أي بينة.

(1) هو الأسعر الجعفي.

(2)

الأصمعيات: 23 (وطبعة المعارف: 157)، والوحشيات رقم: 58، المخصص 1: 160، اللسان (بصر)(عتد)(وأي) . وغيرها كثير. وهي من قصيدة عير فيها إخوته لأبيه، وذلك أن أباه قتل وهو غلام، فأخذ إخوته لأبيه الدية فأكلوها، فلما شب الأسعر، أدرك بثأر أبيه، وقال قبله:

ولقد عَلِمْتُ، عَلَى تَجَشُّمِيَ الرَّدَى

أَنَّ الحُصُونَ الخَيْلُ لا مَدَرُ القُرَى

وفسر أصحاب اللغة ((البصيرة)) هنا بأنها الدم ما لم يسل، يعني: دماءهم في أبدانهم، يعير أخوته. وقال غيرهم:((البصائر)) دم أبيهم، يقول: تركوا دم أبيهم خلفهم ولم يثأروا به، وطلبته أنا. و ((عتد)) (بفتح العين، وفتح التاء أو كسرها) : الفرس الشديد التام الخلق، السريع الوثبة، المعد للجري، ليس فيه اضطراب ولا رخاوة. و ((الوأي)) ، الفرس السريع الطويل المقتدر الخلق.

(3)

انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 203

(4)

((الدين)) (بتشديد الياء وكسرها) : المتدين، صاحب الدين.

ص: 24