الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: (فاخرج إنك من الصاغرين)، يقول: فاخرج من الجنة، إنك من الذين قد نالهم من الله الصَّغَار والذلّ والمَهانة.
* * *
يقال منه:"صَغِرَ يَصْغَرُ صَغَرًا وصَغارًا وصُغْرَانًا"، وقد قيل:"صغُرَ يَصْغُرُ صَغارًا وصَغارَة". (1)
* * *
وبنحو ذلك قال السدي. (2)
14
359- حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي:(فاخرج إنك من الصاغرين) ، و"الصغار"، هو الذل.
* * *
القول في تأويل قوله: {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) }
قال أبو جعفر: وهذه أيضًا جَهْلة أخرى من جَهَلاته الخبيثة. سأل ربه ما قد علم أنه لا سبيل لأحد من خلق الله إليه. وذلك أنه سأل النَّظِرة إلى قيام الساعة، وذلك هو يوم يبعث فيه الخلق. ولو أعطي ما سأل من النَّظِرة، كان قد أعطي الخلودَ وبقاءً لا فناء معه، وذلك أنه لا موت بعد البعث. فقال جل ثناؤه له:(إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)[سورة الحجر: 37-38 / سورة ص: 80، 81] ، وذلك إلى اليوم الذي قد كتب الله عليه فيه الهلاك والموت والفناء، لأنه لا شيء يبقى فلا يفنى، غير ربِّنا الحيِّ الذي لا يموت. يقول الله تعالى
(1) انظر تفسير ((الصغار)) فيما سلف ص: 96.
(2)
في المطبوعة: ((وبنحو الذي قلنا قال السدي)) ، وأثبت ما في المخطوطة.
ذكره: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، [سورة آل عمران: 185 / سورة الأنبياء: 35 / سورة العنكبوت: 57] .
* * *
و"الإنظار" في كلام العرب، التأخير. يقال منه:"أنظرته بحقي عليه أنظره به إنظارًا. (1)
* * *
فإن قال قائل: فإن الله قد قال له إذ سأله الإنظار إلى يوم يبعثون: (إنك من المنظرين) في هذا الموضع، فقد أجابه إلى ما سأل؟
قيل له: ليس الأمر كذلك، وإنما كان مجيبًا له إلى ما سأل لو كان قال له:"إنك من المنظرين إلى الوقت الذي سألت = أو: إلى يوم البعث = أو إلى يوم يبعثون"، أو ما أشبه ذلك، مما يدل على إجابته إلى ما سأل من النظرة. وأما قوله:(إنك من المنظرين) ، فلا دليل فيه لولا الآية الأخرى التي قد بيَّن فيها مدة إنظاره إياه إليها، وذلك قوله:(فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)، [سورة الحجر: 37، 38 / سورة ص: 80، 81] ، كم المدة التي أنظره إليها، (2) لأنه إذا أنظره يومًا واحدًا أو أقل منه أو أكثر، فقد دخل في عداد المنظرين، وتمَّ فيه وعد الله الصادق، ولكنه قد بيَّن قدر مدة ذلك بالذي ذكرناه، فعلم بذلك الوقت الذي أُنظِر إليه.
* * *
وبنحو ذلك كان السدي يقول.
14360-
حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي:(قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)[سورة الحجر: 36-38 / سورة ص: 80، 81] ، فلم ينظره إلى يوم البعث، ولكن أنظره إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم ينفخ
(1) انظر تفسير ((الإنظار)) فيما سلف 2: 467، 468 /3: 264 / 6: 577 /11: 267.
(2)
في المطبوعة: ((على المدة)) ، وأثبت ما في المخطوطة.