المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

من عذاب الله ونقمته، استعجالا منهم للعذاب= (إن كنت من - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ١٢

[ابن جرير الطبري]

الفصل: من عذاب الله ونقمته، استعجالا منهم للعذاب= (إن كنت من

من عذاب الله ونقمته، استعجالا منهم للعذاب= (إن كنت من المرسلين)، يقول: إن كنت لله رسولا إلينا، فإن الله ينصر رسله على أعدائه، فعجَّل ذلك لهم كما استعجلوه، يقول جل ثناؤه:(فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين) .

* * *

القول في تأويل قوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ‌

(78) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فأخذت الذين عقروا الناقةَ من ثمود = (الرجفة) ، وهي الصيحة.

* * *

و"الرجفة"،"الفعلة"، من قول القائل:"رجَف بفلان كذا يرجُفُ رجْفًا"، وذلك إذا حرَّكه وزعزعه، كما قال الأخطل:

إِمَّا تَرَيْنِي حَنَانِي الشَّيْبُ مِنْ كِبَرٍ

كَالنَّسْرِ أَرْجُفُ، وَالإنْسَانُ مَهْدُودُ (1)

(1) ديوانه: 146 من قصيدة له جيدة، قالها في يزيد بن معاوية، وذكر فيها الشباب ذكرًا عجبًا، وقد رأى إعراض الغواني عنه من أجله، يقول بعده: وَقَدْ يَكُونُ الصِّبَى مِنِّي بِمَنْزِلَةٍ

يَوْمًا، وتَقْتَادُنِي الهِيفُ الرَّعَادِيدُ

يَا قَلَّ خَيْرُ الغَوَانِي، كيف رُغْنَ بِهِ

فَشُرْبُهُ وَشَلٌ فِيهِنَّ تَصْرِيدُ

أَعْرَضْنَ مِنْ شَمَطٍ في الرَّأْسِ لاحَ بِهِ

فَهُنّ مِنْهُ، إِذَا أَبْصَرْنَهُ، حِيدُ

قَدْ كُنَّ يَعْهَدْنَ مِنِّي مَضْحَكًا حَسَنًا

وَمَفْرِقًا حَسَرَتْ عَنْهُ العَنَاقِيدُ

فَهُنَّ يَشْدُونَ مِنِّي بَعْضَ مَعْرِفَةٍ،

وَهُنَّ بالوُدِّ، لا بُخْلٌ ولا جُودُ

قَدْ كَانَ عَهْدِي جَدِيدًا، فَاسْتُبِدَّ بِهِ،

وَالعَهْدُ مُتَّبَعٌ مَا فِيهِ، مَنشُودُ

يَقُلْنَ: لا أَنْتَ بَعْلٌ يُسْتَقَادُ لَهُ،

وَلا الشَّبَابُ الَّذِي قَدْ فَاتَ مَرْدُودُ

هَلْ لِلشَّبَابِ الذي قَدْ فَاتَ مرْدُودُ ?

أَمْ هَلْ دَوَاءٌ يَرُدُّ الشِّيبَ مَوْجُودُ ?

لَنْ يَرْجِعَ الشِّيبُ شُبَّانًا، وَلَنْ يَجِدُوا

عِدْلَ الشَّبَابِ، مَا أَوْرَقَ العُودُ

إِنَّ الشَّبَابَ لَمَحْمُودٌ بَشَاشَتُهُ

والشَّيْبُ مُنْصَرفٌ عَنْهُ وَمَصْدُودُ

وهي أبيات ملئت عاطفة وحزنًا وحسرة، فاحفظها.

ص: 544

وإنما عنى بـ"الرجفة"، ها هنا الصيحة التي زعزعتهم وحركتهم للهلاك، لأن ثمود هلكت بالصيحة، فيما ذكر أهل العلم.

* * *

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

14828-

حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله:"الرجفة"، قال: الصيحة.

14829-

حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

14830-

حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:(فأخذتهم الرجفة) ، وهي الصيحة.

14831-

حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد، عن مجاهد:(فأخذتهم الرجفة)، قال: الصيحة.

* * *

وقوله: (فأصبحوا في دارهم جاثمين)، يقول: فأصبح الذين أهلك الله من ثمود= (في دارهم) ، يعني في أرضهم التي هلكوا فيها وبلدتهم.

* * *

ولذلك وحَّد"الدار" ولم يجمعها فيقول" في دورهم"= وقد يجوز أن يكون أريد بها الدور، ولكن وجَّه بالواحدة إلى الجميع، كما قيل:(وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ)[العصر: 1-2] .

* * *

ص: 545