الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الربع الأخير من الحزب التاسع والخمسين
في المصحف الكريم (ت)
عباد الله
في حديث هذا اليوم نتناول تفسير الربع الأخير من الحزب التاسع والخمسين في المصحف الكريم، ابتداء من قوله تعالى في سورة "الانشقاق" المكية:{فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} ، إلى قوله تعالى في ختام سورة "الطارق" المكية أيضا:{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} .
ــ
أول ما يواجهنا في هذا الربع من كتاب الله هو التلويح بالقسم على أنه لا مفر للإنسان من التقلب في عدة أطوار، خلال حياته الأولى وعند مماته، ثم في حياته الثانية، طبقا لمشيئة الله وحكمته، وقد استعرض كتاب الله أمام الإنسان عدة مشاهد كونية تدفعه إلى مزيد من التأمل والتدبر والاعتبار، واختار الوحي الإلهي هذه المشاهد هنا من بين مشاهد الليل، لا من بين مشاهد النهار، إذ الليل أجمع للفكر، وظواهره أدعى إلى التأمل العميق، والاعتبار الدقيق، فأشار كتاب الله في هذا السياق إلى " الشفق الأحمر " الذي يلاحق غروب الشمس في أول الليل، ويمتد إلى
وقت العشاء، ولمنظره روعة وأية روعة، وإيحاء وأي إيحاء.
وأشار كتاب الله في نفس السياق إلى " الليل المظلم " وما يرافق قدومه من مظاهر وظواهر تختلف كل الاختلاف عن مظاهر النهار وظواهره، ولظلام الليل رهبة وأية رهبة، وجلال وأي جلال.
وأشار كتاب الله في نفس السياق إلى " القمر المنير "، ولتكامل نوره إذا استدار تأثير وأي تأثير، وجمال وأي جمال.
وإذا كانت قوات الكون كلها مسخرة لله تتحرك بأمره كما يشاء، وتؤدي وظيفتها كما يريد على أحسن الوجوه، إلى ميقات يوم معلوم، فهل يستطيع الإنسان، وهو جزء صغير من هذا الكون الذي لا يتجزأ، أن يفلت من قبضة الله، أو أن يتحرك على خلاف مشيئته وبعكس إرادته؟ إنه لن يستطيع ذلك، ولا بد من أن يندمج في ناموس الكون العام، مصداقا لقوله تعالى:{فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} .
ومعنى قوله تعالى {وَمَا وَسَقَ} ، أي: وما جمع، ومن جملة ما يجمعه الليل الظلام والنجوم والحيوان والإنسان، عندما يأوي كل منهما إلى مأواه، ومعنى قوله تعالى {إِذَا اتَّسَقَ} ، أي: إذا استدار وتكامل نوره، ومعنى قوله تعالى:{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} ، أي: لتتقلبون في حياتكم من حال إلى حال، منذ بدايتها إلى نهايتها، ومن ذلك أن يصبح أحدكم رضيعا ثم فطيما، بعد ما كان جنينا، وكهلا ثم شيخا، بعد ما كان شابا، وأن ينتقل من شدة إلى رخاء، ومن رخاء إلى شدة، ومن فقر إلى غنى، ومن
غنى إلى فقر، ومن سقم إلى صحة، ومن صحة إلى سقم، كما يتضمن قوله تعالى:{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} ، معنى ثانيا: وهو ما سيلقاه الإنسان بعد موته وحين بعثه من الشدائد والأهوال، أثناء الحشر والحساب والجزاء في عرصات القيامة نفسها. فمعاناة الإنسان لهذه الأطوار والأحوال كلها في حياته الأولى وحياته الثانية هي التي عبر عنها الذكر الحكيم هنا " بالركوب ":{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} ، جريا على المعهود في اللسان العربي من التعبير " بركوب الأخطار "، إشارة إلى معاناتها وتحملها، والتقلب فيها عند الاضطرار، على حد قول الشاعر العربي:
إذا لم تكن إلا الأسنة مركبا
…
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
ومن هنا انتقل كتاب الله إلى التساؤل، باستغراب وتعجب، لماذا يصر الكافرون على عنادهم، ويتمسك الجاحدون بجحودهم، ضاربين صفحا عن الاستجابة لما يحييهم، وكتاب الله يتلى أمامهم، ويقرع أسماعهم، فقال تعالى:{فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} ، أي: أن كل ما تعرضه الدعوة الإسلامية على خصومها والمكذبين بها من آيات كونية وآيات قرآنية، إنما يدفع إلى الإيمان لا إلى الكفر، وإنما يعين على إيقاظ الضمير وإثارة الشعور، لا على الغفلة والغرور، ومن هنا جاء التساؤل والاستغراب في هذا الباب.
ثم عقب كتاب الله بما يؤكد أنه عليم بذات الصدور، مطلع على ما يضمره الكافرون من إصرار على التكذيب وإمعان في الغرور، داعيا نبيه إلى إنذارهم بالعذاب الأليم، وتبشير المؤمنين
بالنعيم المقيم، فقال تعالى:{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} ، أي أعلم بما تنطوي عليه صدورهم، {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ، واستعمال " البشارة " هنا فيه نوع من المفاجأة والتبكيت، إذ لو رغبوا في " البشرى " على وجهها الصحيح لسلكوا إليها طريقها الوحيد، وهو طريق الإيمان والإذعان، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} ، أي: لكن المؤمنين المتقين لهم أجر غير منقوص ولا مقطوع، على حد قوله تعالى في آية أخرى:{عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (هود: 108)، وانتقد ابن كثير قول بعضهم في تفسير آية {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} ، أن معناها لهم أجر غير ممنون عليهم، فإن الله عز وجل له المنة على أهل الجنة في كل حال، وإنما دخلوها بفضله ورحمته، لا بأعمالهم، فله عليهم المنة دائما سرمدا.
ولننتقل الآن إلى سورة " البروج " المكية أيضا، معتمدين على الله.
وهذه السورة الكريمة تتحدث عن قصة " أصحاب الأخدود " وهم فئة من المؤمنين الأولين كانوا قد آمنوا قبل ظهور الإسلام، وتعرضوا للعذاب بالنار على يد الكفار من إخوانهم، عقابا لهم على إيمانهم.
وقد ابتدأت السورة الكريمة باستعراض جملة من الأشياء التي ينبغي الوقوف عندها وقفة خاصة، والتأمل فيها وفيما وراءها، بقصد الذكرى والاعتبار، ففي مطلعها إشارة إلى السماء مع
وصفها " بذات البروج " ومعنى " البروج " في هذا السياق حسبما اختاره ابن جرير: منازل الشمس والقمر، التي يسير فيها كل واحد منهما بنظام مطرد.
وفي مطلع هذه السورة إشارة إلى " اليوم الموعود " وهو يوم القيامة، وإشارة إلى " الشاهد والمشهود "، و " المشهود " هو ما يبرز يوم القيامة من ظواهر كونية غريبة، وما يجري من أحوال وأهوال في عرصاتها، و " الشاهد " هو الخلق، الذي يجمعه الله بعد شتات وافتراق في صعيد واحد، ليشاهد فناء العالم، والنشر والحشر، والثواب والعقاب، وذلك قوله تعالى:{بسم الله الرحمن الرحيم وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} .
ثم استعرضت الآيات الكريمة قصة " أصحاب الأخدود "، والمراد " بالأخدود " هنا الحفرة التي حفرها الكفار في الأرض وأوقدوا فيها النار، ثم ألقوا فيها المؤمنين الذين آمنوا بالله، وكفروا بمعتقداتهم الباطلة، من الرجال والنساء، وأحرقوهم بالنار، عقابا لهم، وتنفيرا من عقيدتهم، وذلك قوله تعالى:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} .
ولعل السر في الإتيان بهذه القصة هو مواساة المؤمنين المستضعفين الذين كان سفهاء المشركين يعذبونهم أشد العذاب بمكة في فجر الإسلام، وتعريفهم بما سبق للمؤمنين قبلهم في
عصور قديمة، من التعرض لأنواع الإذاية والتنكيل، وبما آل إليه أمر الكافرين الذين عذبوهم، من سوء العاقبة والعذاب الوبيل، ولذلك جاء التعقيب هنا مباشرة بقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} ، وقوله تعالى:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} ، أي: سيعذبون عذابا أليما من جنس ما عذبوا به المؤمنين: حريقا بحريق، وبطشا ببطش.
وهذه الآية كما يندرج تحتها قدماء الكفار الذين حفروا الأخدود لإحراق المؤمنين قبل الإسلام، تشمل أيضا مشركي قريش الذين يعذبون المستضعفين من المؤمنين في فجر الإسلام.
ثم تولى كتاب الله التنويه بالمؤمنين الذين تحملوا الشدائد والتضحيات في سبيل إيمانهم، دون أن يتنازلوا عن عقيدتهم، وذكر ما نالوه عند الله من الفوز الكبير، جزاء تضحيتهم الكبرى، وما أعده الله لهم من النعيم المقيم، فقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} .
وعرج كتاب الله على جملة من صفات الله وأسماءه الحسنى، التي تبرز فيها وتنعكس من خلالها آثار جماله وجلاله، فقال تعالى:{وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} ، فهو سبحانه " غفور " لمن تاب من ذنبه، وأناب إلى ربه.
وهو سبحانه " ودود " لمن آثر طاعته على طاعة غيره، وكرس حياته لاجتناب نهيه وامتثال أمره، وهو " ذو العرش " الذي وسع كرسيه السماوات والأرض، وهو " المجيد " الذي يتضاءل كل شيء أمام عظمته وجلاله، وهو " الفعال لما يريد " ذو الملك والملكوت، الذي لا يقف شيء في وجه إرادته وقدرته، ولا يحول مخلوق دون تنفيذ مشيئته وفق حكمته.
وأشار كتاب الله إشارة موجزة إلى بطش الله الشديد، بفرعون وثمود، فقال تعالى:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ} .
وخُتمت سورة " البروج " بتسفيه ما عليه الكفار من تكذيب وعناد، وتأكيد أنهم مهما كفروا وعاندوا فلن يستطيعوا الإفلات من قبضة الله، الذي هو لهم بالمرصاد، وذلك قوله تعالى:{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} ، وما دام الله سبحانه (محيطا بهم) فهو الذي ينطق بالقول الفصل في شؤونهم جميعا.
وقوله تعالى في نهاية السورة: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} ، إشارة إلى ما لكتاب الله من منزلة عظيمة ومقام كريم، وإلى ما تولاه به الحق سبحانه من " الحفظ الخاص "، بحيث لا يلحقه تحريف ولا تبديل، ولا زيادة ولا نقص، على حد قوله تعالى في آية أخرى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9).
ومن هنا ننتقل إلى سورة " الطارق " المكية أيضا، مستعينين بالله.
ويتصدر في بدايتها قسم من الله عظيم، بالسماء التي رفع سمكها، وبالنجم الثاقب الذي أعده ليخرق حجب الظلام الكثيفة، بشعاعه النافذ المضيء، وذلك قوله تعالى:{بسم الله الرحمن الرحيم وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ} .
ثم بين كتاب الله الحقيقة التي أقسم عليها تنويها بها، وتركيزا للأنظار من حولها، ولا سيما أنظار الغافلين المستهترين، ألا وهي حقيقة " الرقابة الإلهية الدائمة " الموضوعة على الإنسان، حتى يسلك سبيل الرشاد، ويتفادى الوقوع في أشراك الفساد، وذلك قوله تعالى:{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} ، أي: كل نفس عليها من الله حافظ يراقبها ويحرسها ويرعاها، على حد قوله تعالى في آية أخرى:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} (الرعد: 11).
وأخذ كتاب الله يذكر الإنسان بأطوار نشأته الأولى منذ كان نطفة من مني تمنى، ويعرفه بأن القدرة الإلهية التي أبدعته من لا شيء، وأخرجته من العدم إلى الوجود في الحياة الأولى قادرة كذلك على أن تخرجه من عدم الموت إلى الوجود في الحياة الثانية، وأنه إن لم يمدده الله بقوته ونصره في الدنيا والآخرة، وتركه موكولا إلى نفسه أصبح مضرب المثل في العجز والخذلان التام، وذلك قوله تعالى:
{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} ، و " الصلب " في جسم الرجل، و " الترائب " في جسم المرأة، والمراد " بيوم تبلى السرائر " يوم القيامة، الذي يظهر فيه مكنونات الصدور وخفاياها، فلا تبقى سرا من الأسرار.
وخُتمت سورة " الطارق " بقسم آخر من الله عظيم: " بالسماء " التي ينزل منها الغيث، و " بالأرض " التي ينبت فيها النبات، والمقسم عليه هنا الذي هو محل العبرة: هو أن ما جاء به كتاب الله في شأن البعث والنشأة الآخرة هو " القول الفصل " الذي لا مرد له، فهو قول حاسم لا يقبل جدلا ولا ترددا ولا معارضة، وأن كل محاولة للغض من هذه الحقيقة، أو التشكيك فيها، أو الكيد لمن آمنوا بها ستبوء بالخيبة والفشل، وسيكون النصر المبين حليف الإيمان والمؤمنين، والفشل الذريع حليف الكفر والكافرين، وذلك قوله تعالى:{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ * إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} .