الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التدريب: «هذا لا يضعه مسلم، والمتهم به محمد بن شجاع. كان زائغا في دينه» .
أسباب الوضع
قال أحمد شاكر تعليقا على الباعث:
والأسباب التي دعت الكذابين الوضّاعين إلى الافتراء، ووضع الحديث كثيرة.
فمنهم الزنادقة، الذين أرادوا أن يفسدوا على الناس دينهم، لما وقر في نفوسهم من الحقد على الإسلام وأهله، يظهرون بين الناس بمظهر المسلمين، وهم المنافقون حقّا.
قال حماد بن زيد: «وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر ألف حديث» . مثل عبد الكريم بن أبي العوجاء. قتله محمد بن سليمان العباسي الأمير بالبصرة، على الزندقة بعد سنة (160 هـ)، في خلافة المهدي ولما أخذ لتضرب عنقه قال: لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث، أحرّم فيها الحلال، وأحلّل الحرام.
وكيان بن سمعان النهدي، من بني تميم ظهر بالعراق بعد المائة، وادعى- لعنه الله- إلهية عليّ- كرم الله وجهه- وزعم مزاعم فاسدة. ثم قتله خالد بن عبد الله القسري، وأحرقه بالنار.
وكمحمد بن سعيد بن حسان الأزدي الشامي المصلوب. قال أحمد بن حنبل:
«قتله أبو جعفر المنصور في الزندقة، حديثه حديث موضوع» .
وقال أحمد بن صالح المصري: زنديق ضربت عنقه، وضع أربعة آلاف حديث عند هؤلاء الحمقى فاحذروها.
وقال الحاكم أبو أحمد: «كان يضع الحديث، صلب على الزندقة» .
وحكى عنه الحاكم أبو عبد الله: أنه روى عن حميد عن أنس مرفوعا: أنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي، إلا أن يشاء الله. وقال:«وضع هذا الاستثناء لما كان يدعو إليه من الإلحاد والزندقة والدعوة إلى التنبي (ادعاء النبوة)» .
ومنهم أصحاب الأهواء والبدع والآراء التي لا دليل لها من الكتاب والسنة، وضعوا أحاديث نصرة لأهوائهم، كالخطابية، والرافضة (الشيعة) وغيرهم.
قال عبد الله بن يزيد المقرئ: «إن رجلا من أهل البدع رجع عن بدعته، فجعل يقول: انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه: فإنا كنا إذا رأينا رأيا جعلنا له حديثا!» .
وقال حماد بن سلمة: «أخبرني شيخ من الرافضة أنهم كانوا يجتمعون على وضع
الأحاديث».
وقال أبو العباس القرطبي صاحب كتاب «المفهم شرح صحيح مسلم» : «استجاز بعض فقهاء أهل الرأي نسبة الحكم الذي دلّ عليه القياس الجلي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبة قوليه، فيقولون في ذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا!! ولهذا ترى كتبهم مشحونه بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة تشبه فتاوى الفقهاء، ولأنهم لا يقيمون لها سندا» .
نقله السخاوي في شرح ألفية العراقي «1» ، والمتبولي في مقدمة شرحه الجامع الصغير.
ومنهم القصّاص: يضعون الأحاديث في قصصهم قصدا للتكسب والارتزاق، وتقربا للعامة بغرائب الروايات. ولهم في هذا غرائب وعجائب، وصفاقة وجه لا توصف.
كما حكى أبو حاتم البستي: أنه دخل مسجدا، فقام بعد الصلاة شاب فقال:
حدثنا أبو خليفة: حدثنا أبو الوليد عن شعبة عن قتادة عن أنس وذكر حديثا، قال أبو حاتم: فلما فرغ دعوته، قلت: رأيت أبا خليفة؟ قال: لا، قلت: كيف تروي عنه ولم تره؟ فقال: إن المناقشة معنا من قلة المروءة! أنا أحفظ هذا الإسناد، فكلما سمعت حديثا ضممته إلى هذا الإسناد!!.
وأكثر هؤلاء القصاص جهال، تشبهوا بأهل العلم، واندسوا بينهم، فأفسدوا كثيرا من عقول العامة.
ويشبههم بعض علماء السوء، الذين اشتروا الدنيا بالآخرة، وتقربوا إلى الملوك والأمراء والخلفاء، بالفتاوى الكاذبة، والأقوال المخترعة، التي نسبوها إلى الشريعة البريئة، واجترأوا على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إرضاء للأهواء الشخصية، ونصرا للأغراض السياسية، فاستحبوا العمى على الهدى، كما فعل غياث بن إبراهيم النخعي الكوفي الكذاب الخبيث، كما وصفه إمام أهل الجرح والتعديل، يحيى بن معين! فإنه دخل على أمير المؤمنين المهدي، وكان المهدي يحب الحمام، ويلعب به، فإذا قدامه حمام، فقيل له: حدّث أمير المؤمنين، قال: حدثنا فلان عن فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح، فأمر له المهدي ببدرة (صرة فيها دنانير)، فلما قام قال: أشهد على قفاك أنه قفا كذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم! ثم قال المهدي: أنا حملته على ذلك، ثم أمر بذبح الحمام، ورفض ما كان فيه.
وشر أصناف الوضاعين وأعظمهم ضررا: قوم ينسبون أنفسهم إلى الزهد والتصوف، لم يتحرجوا من وضع الأحاديث في الترغيب والترهيب، احتسابا للأجر
(1) شرح ألفية العراقي ص: 111.