الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما نزل من القرآن على لسان بعض الصحابة
قال السيوطي في الإتقان: هو في الحقيقة نوع من أسباب النزول والأصل فيه موافقات عمر وقد أفردها بالتصنيف جماعة.
أخرج الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه. قال ابن عمر: وما نزل بالناس أمر قط فقالوا وقال إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر.
وأخرج ابن مردويه عن مجاهد قال: كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن.
وأخرج البخاري وغيره عن أنس قال: قال عمر: وافقت ربي في ثلاث قلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى [سورة البقرة آية: 125]، وقلت: يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب، واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة فقلت لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن، فنزلت كذلك.
وأخرج مسلم عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنهما قال: وافقت ربي في ثلاث: في الحجاب، وفي أسرى بدر، وفي مقام إبراهيم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه قال: قال عمر: وافقت ربي أو وافقني ربي في أربع نزلت هذه الآية: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ
…
الآية. فلما نزلت قلت أنا: فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [سورة المؤمنون آية: 12 - 14].
وأخرج عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أن يهوديّا لقي عمر بن الخطاب فقال: إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا فقال عمر: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ [سورة البقرة آية: 98] قال: فنزلت على لسان عمر.
وأخرج سنيد في تفسيره، عن سعيد بن جبير، أن سعيد بن معاذ لما سمع ما قيل في أمر عائشة قال: سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ [سورة النور آية: 16] فنزلت كذلك، وأخرج ابن أخي ميمي في فوائده عن سعيد بن المسيب قال: كان رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعا شيئا من ذلك قالا: سبحانك هذا بهتان عظيم. زيد بن حارثة، وأبو أيوب فنزلت كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة، قال: لما أبطأ على النساء الخبر في أحد خرجن
يستخبرن، فإذا رجلان مقبلان على بعير، فقالت امرأة: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: حي. قالت: فلا أبالي يتخذ الله من عباده الشهداء، فنزل القرآن على ما قالت وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ [سورة آل عمران آية: 140].
وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا الواقدي، حدثني إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري، عن أبيه، قال: حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد، فقطعت يده اليمنى، فأخذ اللواء بيده اليسرى، وهو يقول: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ [سورة آل عمران آية: 144]. ثم قطعت يده اليسرى، فحني على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره، وهو يقول: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ الآية ثم قتل، فسقط اللواء. قال محمد بن شرحبيل: وما نزلت هذه الآية وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ يومئذ حتى نزلت بعد ذلك.
«تذنيب» يقرب من هذا ما ورد في القرآن على لسان غير الصحابة كالنبي عليه الصلاة والسلام وجبريل والملائكة غير مصرح بإضافته إليهم ولا محكي بالقول كقوله: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ [سورة الأنعام آية: 104] الآية. فإن هذا وارد على لسانه صلى الله عليه وسلم لقوله آخرها: وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ. وقوله: أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً [سورة مريم آية: 114] فإنه وارد أيضا على لسانه. وقوله: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ [سورة مريم آية: 64]. وارد على لسان جبريل، وقوله: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ [سورة الصافات آية: 164 - 166] وارد على لسان الملائكة، وكذا إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [سورة الفاتحة آية: 5] وارد على ألسنة العباد. إلا أنه يمكن هنا تقدير القول: أي قولوا، وكذا الآيتان الأوليان يصح أن يقدر فيهما «قل» بخلاف الثالثة والرابعة. اه. من الإتقان.