المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة التاسعة والتسعون: خطر الدش - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ٣

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة الحادية والسبعون: وقفة مع قوله تعالى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}

- ‌الكلمة الثانية والسبعون: نصائح عامة

- ‌الكلمة الثالثة والسبعون: مفاسد العنوسة

- ‌الكلمة الرابعة والسبعون: النكت

- ‌الكلمة الخامسة والسبعون: وصايا لطلبة العلم

- ‌الكلمة السادسة والسبعون: مخالفات يقع فيها بعض الحجاج

- ‌الكلمة السابعة والسبعون: التوبة

- ‌الكلمة الثامنة والسبعون: شرح حديث (يتبع الميت ثلاثة)

- ‌الكلمة التاسعة والسبعون: فضل التبكير إلى الصلاة

- ‌الكلمة الثمانون: أسباب انشراح الصدر

- ‌الكلمة الحادية والثمانون: كفارات الذنوب

- ‌الكلمة الثانية والثمانون: الحسد

- ‌الكلمة الثالثة والثمانون: المعاصي وعقوباتها

- ‌الكلمة الرابعة والثمانون: التقوى

- ‌الكلمة الخامسة والثمانون: تحريم الغناء

- ‌الكلمة السادسة والثمانون: تحريم الزنا وأسبابه

- ‌الكلمة السابعة والثمانون: الاستخارة

- ‌الكلمة الثامنة والثمانون: وقفة مع آيات من كتاب الله

- ‌الكلمة التاسعة والثمانون: تأملات في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ}

- ‌الكلمة التسعون: الاستغفار

- ‌الكلمة الحادية والتسعون: شرح اسم من أسماء الله الحسنى (العزيز)

- ‌الكلمة الثانية والتسعون: شكر النعم

- ‌الكلمة الثالثة والتسعون: الورع

- ‌الكلمة الرابعة والتسعون: علاج الهموم والغموم

- ‌الكلمة الخامسة والتسعون: قصة نبي الله أيوب عليه السلام

- ‌الكلمة السادسة والتسعون: الأسباب الجالبة لمحبة الله

- ‌الكلمة السابعة والتسعون: حوض النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الكلمة الثامنة والتسعون: شرح اسم من أسماء الله الحسنى (الشافي)

- ‌الكلمة التاسعة والتسعون: خطر الدش

- ‌الكلمة المئة: «فضل صلاة الفجر»

- ‌الكلمة المئة وواحد: السعادة

- ‌الكلمة المئة واثنان: فتنة الدجال

- ‌الكلمة المئة وثلاثة: شرح اسم الله (الحكيم)

- ‌الكلمة المئة وأربعة: نعمة الهداية

- ‌الكلمة المئة وخمسة: الزكاة

- ‌الكلمة المئة وستة: صلاة الجماعة

- ‌الكلمة المئة وسبعة: مخالفات شرعية تتعلق بالنكاح

- ‌الكلمة المئة وثمان: شرح حديث (مَن أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ)

- ‌الكلمة المئة وتسع: تفسير آية الكرسي

- ‌الكلمة المئة وعشرة: حفظ اللسان

- ‌الكلمة المئة وإحدى عشرة: الحور العين

- ‌الكلمة المئة واثنتا عشرة: الابتلاء

- ‌الكلمة المئة وثلاث عشرة: الزهد في الدنيا

- ‌الكلمة المئة وأربع عشرة: العافية

- ‌الكلمة المئة وخمس عشرة: مكانة المرأة في الإسلام

- ‌الكلمة المئة وست عشرة: التحذير من الربا

- ‌الكلمة المئة وسبع عشرة: وقفة مع قوله تعالى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا

- ‌الكلمة المئة وثماني عشرة: تحريم الدخان

- ‌الكلمة المئة وتسع عشرة: فضل يوم الجمعة

- ‌الكلمة المئة وعشرون: الأمانة

- ‌الكلمة المئة وإحدى وعشرون: صلة الأرحام

- ‌الكلمة المئة واثنتان وعشرون: وقفة مع سورة الماعون

- ‌الكلمة المئة وثلاث وعشرون: كلمة توجيهية للمدرسين

- ‌الكلمة المئة وأربع وعشرون: غض البصر

- ‌الكلمة المئة وخمس وعشرون: تحريم حلق اللحية

- ‌الكلمة المئة وست وعشرون: كلمة توجيهية للمرأة

- ‌الكلمة المئة وسبع وعشرون: خطر التلفاز

- ‌الكلمة المئة وثمان وعشرون: ذم الترف

- ‌الكلمة المئة وتسع وعشرون: أخطاء في الطهارة

- ‌الكلمة المئة وثلاثون: أخطاء في الصلاة

- ‌الكلمة المئة وإحدى وثلاثون: خطر النفاق

- ‌الكلمة المئة واثنتان وثلاثون: الظلم وعواقبه الوخيمة

- ‌الكلمة المئة وثلاث وثلاثون: تحريم الإسبال

- ‌الكلمة المئة وأربع وثلاثون: فوائد من حديث خبيب بن عدي

- ‌الكلمة المئة وخمس وثلاثون: تحريم التصوير

- ‌الكلمة المئة وست وثلاثون: الموت وعظاته

- ‌الكلمة المئة وسبع وثلاثون: مقتطفات من سيرة أبي بكر الصديق

- ‌الكلمة المئة وثمان وثلاثون: مقتطفات من سيرة عمر بن الخطاب

- ‌الكلمة المئة وتسع وثلاثون: النهي عن البدع

- ‌الكلمة المئة وأربعون: قدرة الله

- ‌الكلمة المئة وإحدى وأربعون: علامات حسن الخاتمة

- ‌الكلمة المئة واثنتان وأربعون: وفاته عليه الصلاة والسلام

- ‌الكلمة المئة وثلاث وأربعون: أسباب النصر على الأعداء

- ‌الكلمة المئة وأربع وأربعون: فضل أيام عشر ذي الحجة

- ‌الكلمة المئة وخمس وأربعون: طلب العلم الشرعي

- ‌الكلمة المئة وست وأربعون: معنى لا إله إلا الله

- ‌الكلمة المئة وسبع وأربعون: سورة الفلق

- ‌الكلمة المئة وثمان وأربعون: آداب الطعام

- ‌الكلمة المئة وتسع وأربعون: وقفة مع قوله تعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}

- ‌الكلمة المئة وخمسون: سورة الفاتحة

الفصل: ‌الكلمة التاسعة والتسعون: خطر الدش

‌الكلمة التاسعة والتسعون: خطر الدش

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فحديثنا اليوم عن فتنة دخلت بيوت كثير من المسلمين، وحصل منها الكثير من الشرور والمفاسد، إنه الدش؛ والكلام عنها يكون في العناصر التالية:

أولاً: المخالفات الشرعية، ثانيًا: أقوال العلماء، ثالثًا: شبهات والجواب عنها، برنامج ستار أكاديمي وخطورته.

فمن تلك المخالفات ما يتعلق بأمور العقيدة، وهو أخطر ما يكون، فهو يعرض صور الكفار وحضارتهم بطريقة تدعو إلى الإعجاب والميل لهم، وبالتالي يضعف جانب البراءة من المشركين والكفار المأمور به في الآيات الكريمات، والأحاديث الشريفة، قال تعالى:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22].

روى الإمام أحمد في مسنده من حديث البراء بن عازب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضُ فِي اللهِ»

(1)

.

ومنها: إظهار بعض الشعائر الإسلامية بصورة كريهة، كوضع

(1)

(30/ 488) برقم (18524) وقال محققوه: حديث حسن بشواهده.

ص: 553

اللحية على رجل ناقص العقل، وتمثيل تعدد الزوجات على أنه خيانة زوجية، ولمز الصالحين، وأهل الخير، ونحو ذلك مما هو استهزاء صريح بشعائر الإسلام، قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66].

ومنها: تصوير الاختلاط بين الرجال والنساء على أنه لا حرمة فيه، عن طريق المسلسلات، وقصص الحب والغرام، وهذا يؤدي إلى نشر الفاحشة والرذيلة، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19].

والمؤمن مأمور بغض البصر عن النساء الأجنبيات، قال تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30]. روى مسلم في صحيحه من حديث جرير بن عبد الله قال: «سَأَلْتُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ؟ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي»

(1)

، فكيف بمن يتعمد النظر في النساء الكاسيات العاريات، وهن بكامل زينتهن على شاشات القنوات الفضائية، وكذلك رؤية النساء للرجال الأجانب وهم بكامل زينتهم، قال تعالى:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31].

ومنها: الغناء المصحوب بالمعازف، قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6]، وأكثر المفسرين كابن عباس، وابن مسعود فسروه بالغناء، وكان ابن مسعود يحلف على ذلك، روى البخاري في

(1)

برقم (2159).

ص: 554

صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ، وَالْحَرِيرَ، وَالْخَمْرَ، وَالْمَعَازِفَ»

(1)

، فإخبار النبي صلى الله عليه وسلم على أنهم يستحلونها معنى ذلك أنها في الأصل حرام.

ومنها: قتل الغيرة عند المسلمين، وكيف يرضى المسلم الغيور أن تجلس زوجته وبناته أمام شاشات القنوات الفضائية ينظرن إلى الشباب والشابات، وهم في أوضاع جنسية سيئة يندى لها الجبين، ويتفطر لها القلب، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ ! لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»

(2)

، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:«شاع في هذه الأيام بين الناس ما يسمى بالدش، أو بأسماء أخرى، وأنه ينقل جميع ما يبث في العالم من أنواع الفتن والفساد، والعقائد الباطلة، والدعوة إلى أنواع الكفر والإلحاد، مع ما يبثه من الصور النسائية، ومجالس الخمر والفساد، وسائر أنواع الشر الموجود في الخارج، وثبت لدي أنه قد استعمله كثير من الناس، وأن آلاته تباع وتصنع في البلاد، فلهذا وجب علي التنبيه إلى خطورته، ووجوب محاربته والحذر منه، وتحريم استعماله، في البيوت وغيرها، وتحريم بيعه وشرائه، وصنعه أيضًا، لما في ذلك من الضرر العظيم، والفساد الكبير، والتعاون على الإثم والعدوان، ونشر الكفر والفساد بين المسلمين، والدعوة إلى ذلك بالقول والعمل ...... إلى آخر ما قال»

(3)

.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: «قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ

(1)

برقم (5590).

(2)

البخاري برقم (7416)، ومسلم برقم (1499).

(3)

مجموع مقالات وفتاوى الشيخ ابن باز (7/ 399).

ص: 555

يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَاّ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»

(1)

. وهذه الرعاية تشمل الرعاية الكبرى، والرعاية الصغرى، وتشمل رعاية الرجل في أهله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهلِهِ، وَهُوَ مَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ»

(2)

، وعلى هذا فمن مات وقد خلف في بيته شيئًا من صحون الاستقبال، فإنه قد مات وهو غاش لرعيته، وسوف يحرم من الجنة كما جاء في الحديث، ولهذا نقول: إن أي معصية تترتب على هذا الدش الذي ركبه الإنسان قبل موته فإن عليه وزرها بعد موته، وإن طال الزمن، وكثرت المعاصي.

فاحذر أخي المسلم أن تخلف بعدك ما يكون إثمًا عليك في قبرك، وما كان عندك من هذه الدشوش فإن الواجب عليك أن تكسره؛ لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا على وجه محرم غالبًا، ولا يمكن بيعه؛ لأنك إذا بعته مكنت المشتري من استعماله في معصية الله، وحينئذ تكون ممن أعان على الإثم والعدوان، وكذلك إذا وهبته، فإنك معين على الإثم والعدوان، ولا طريق للتوبة من ذلك قبل الموت، إلا بتكسير هذه الآلة «الدش» التي حصل فيها من الشر والبلاء ما هو معلوم اليوم للعام والخاص، فاحذر يا أخي أن يأتيك الموت فجأة، وفي بيتك هذه الآلة الخبيثة، فإن إثمها ستبوء به، وسوف يجري عليك بعد موتك»

(3)

.

ومن الشبهات قول بعضهم: «إنه يشاهد في هذا الدش البرامج الدينية، وأخبار العالم، فيقال: إن هذا موجود في إذاعة القرآن الكريم وأفضل منه، وقد نصح الشيخ ابن باز رحمه الله بالاستماع إليها، وغيرها من البدائل الأخرى» .

(1)

صحيح البخاري برقم (7150)، وصحيح مسلم برقم (142) واللفظ له.

(2)

صحيح البخاري برقم (893)، وصحيح مسلم برقم (1829).

(3)

خطبة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله بتاريخ 25/ 3 / 1417 هـ.

ص: 556

سئلت اللجنة الدائمة عن برنامج تعرضه إحدى القنوات الفضائية المسمى باستار أكاديمي، وما يشابهه من البرامج، وبعد دراسة الموضوع رأت اللجنة تحريم بث هذه البرامج، ومشاهدتها، وتمويلها، والمشاركة فيها، والاتصال عليها للتصويت، أو إظهار الإعجاب بها، وذلك لما اشتملت عليه تلك البرامج من استباحة للمحرمات المجمع على تحريمها والمجاهرة بها، ففي الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ، وَالْحَرِيرَ، وَالْخَمْرَ، وَالْمَعَازِفَ»

(1)

.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَاّ الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ»

(2)

.

وأي مجاهرة بالمحرمات والفواحش تفوق ما تبثه هذه البرامج، التي اشتملت على جملة من المنكرات العظيمة؟ ! من أهمها:

أولاً: الاختلاط بين الجنسين من الذكور والإناث، قال تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَاّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»

(3)

.

فكيف بهذه البرامج التي تقوم فكرتها الرئيسية على خلط الجنسين من

(1)

برقم (5590).

(2)

البخاري برقم (6069)، ومسلم برقم (2990).

(3)

البخاري برقم (1862)، ومسلم برقم (1341).

ص: 557

الذكور والإناث، وإزالة الحواجز فيما بينهم مع ما عليه الإناث من التبرج والسفور، وإظهار المفاتن مما يسبب الشر والبلاء، قال تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ} الآية [النور: 31].

ثانيًا: الدعوة الصريحة للفاحشة، ووسائلها، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19].

ثالثًا: الدعوة إلى إماتة الحياء، وقتل الغيرة في قلوب المسلمين بألفة مشاهدة هذه المناظر التي تهيج الغرائز، وتبعد عن الأخلاق والفضائل، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي مسعود البدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى، إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»

(1)

، وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ ! لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي»

(2)

.

ولا يكفي في ذلك أيها المسلم أن تترك المشاركة في هذه البرامج والنظر إليها، بل يجب عليك النصح والتذكير لمن تعلم أنه يشارك فيها بأي وجه من الوجوه، لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى، والتناهي عن الإثم والعدوان

(3)

. اهـ.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1)

برقم (6120).

(2)

برقم (6846)، وصحيح مسلم برقم (1499).

(3)

رقم (22895)، وتاريخ 8/ 2 / 1425 هـ.

ص: 558