الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة المئة وثمان وأربعون: آداب الطعام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن من أسرار عظمة هذا الدين أنه ما ترك جانبًا من جوانب الحياة إلا وتناوله بالبيان والإيضاح، ومن هذه الجوانب التي تناولها هذا الدين آداب الطعام، ومن تلك الآداب:
أولاً: التسمية قبل البدء بالطعام أو الشراب، روى البخاري ومسلم من حديث عمرو بن سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»
(1)
.
وإذا نسي أن يسمي عند أول الطعام فليسم إذا ذكر، روى الترمذي في سننه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً فَلْيَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ، فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ»
(2)
.
ثانيًا: الأكل والشرب باليمين، فلا يجوز للمسلم أن يأكل أو يشرب بشماله، روى مسلم في صحيحه من حديث سلمة بن الأكوع، أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشِمَالِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كُلْ بِيَمِينِكَ» ، فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ:«لَا اسْتَطَعْتَ» ، مَا مَنَعَهُ إِلَاّ الْكِبْرُ، قَالَ: فَمَا
(1)
البخاري برقم (5376)، ومسلم برقم (2022).
(2)
برقم (1858) وقال: حديث حسن صحيح.
رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ
(1)
.
وروى مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَاكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَاكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ»
(2)
.
ثالثًا: الأكل بثلاثة أصابع، روى مسلم في صحيحه من حديث كعب بن مالك أنه حدثهم:«أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَاكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، فَإِذَا فَرَغَ لَعِقَهَا»
(3)
.
رابعًا: لعق الأصابع وصحفة الطعام، فإذا أكل الإنسان الطعام، وبقي شيء يسير منه، لا يضره تناوله، أو بقي أثر للطعام في الصحفة، فالسنة أن يلعقها، لأن الإنسان لا يدري أين البركة، وكذلك السنة لعق الأصابع، روى مسلم في صحيحه من حديث كعب بن مالك قال:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَاكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، فَإِذَا فَرَغَ لَعِقَهَا»
(4)
، وروى مسلم في صحيحه من حديث جابر: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلَعْقِ الأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ، وَقَالَ:«إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّهِ الْبَرَكَةُ؟ »
(5)
.
خامسًا: أكل ما تناثر من الطعام: روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَاخُذْهَا، فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، وَلْيَاكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، وَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ»
(6)
.
(1)
برقم (2021).
(2)
برقم (2020).
(3)
برقم (2032).
(4)
برقم (2032).
(5)
برقم (2033).
(6)
برقم (2033).
سادسًا: الأكل مع الغير مِنْ زوجة، أو أولاد أو ضيف غيرهم: روى أبو داود في سننه من حديث وحشي بن حرب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: «يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَاكُلُ وَلَا نَشْبَعُ، قَالَ: «فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟ » قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ»
(1)
.
سابعًا: النهي عن التنفس في الإناء: روى البخاري في صحيحه من حديث أبي قتادة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ»
(2)
.
ومثله النفخ في الطعام والشراب، روى أبو داود في سننه من حديث أبي سعيد الخدري قال: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الإِنَاءِ، أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ
(3)
.
ثامنًا: النهي عن الأكل من أعلى الصحفة، أو أوسطها: وينقسم إلى قسمين:
الأول: أن يكون الطعام واحد بمعنى أن الذي في الصحفة طعام من نوع واحد، فالسنة أن يأكل مما يليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق:«وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»
(4)
، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما:«الْبَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطَّعَامِ، فَكُلُوا مِنْ حَافَتَيْهِ، وَلَا تَاكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ»
(5)
.
الثاني: أن يكون الطعام أنواعًا، فلا بأس بالأكل من أعلى الصحفة،
(1)
سبق تخريجه.
(2)
برقم (153).
(3)
برقم (3728) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/ 710) برقم (3171).
(4)
صحيح البخاري برقم (5376)، وصحيح مسلم برقم (2022).
(5)
برقم (1805) وقال: حديث حسن صحيح.
وجوانبها، ويدل لذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك قال:«رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَىِ الصَّحْفَةِ»
(1)
.
تاسعًا: النهي عن الشرب قائمًا: لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ»
(2)
.
عاشرًا: الاقتصاد في أكل الطعام: روى الترمذي من حديث المقدام بن معدي كرب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ، فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ»
(3)
.
فائدة: روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَافَهُ ضَيْفٌ وَهُوَ كَافِرٌ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ، فَشَرِبَ حِلَابَهَا، ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَهُ، ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَهُ، حَتَّى شَرِبَ حِلَابَ سَبْعَ شِيَاةٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ فَشَرِبَ حِلَابَهَا ثُمَّ أَمَرَ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«المُؤْمِنُ يَشْرَبُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالكَافِرُ يَشْرَبُ فِي سَبْعَةٍ أَمْعَاءٍ»
(4)
.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1)
البخاري برقم (2092)، ومسلم برقم (2041).
(2)
برقم (2026).
(3)
برقم (2380)، وقال حديث حسن صحيح.
(4)
برقم (2063) ومختصراً برقم (2062).