الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة المئة وثلاثون: أخطاء في الصلاة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن الصلاة هي عماد الدين، والركن الثاني من أركانه، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة؛ لذلك وجب على المسلم أن يحرص على أدائها، كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم، وبين صفتها لأمته.
روى البخاري في صحيحه من حديث مالك بن الحويرث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»
(1)
.
وروى الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن قرط: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ الصَّلَاةُ، فَإِن صَلَحَتْ صَلَحَ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ»
(2)
.
وهناك أخطاء يقع فيها بعض المصلين أحببت التذكير بها أداء لحق الله تعالى، وقيامًا بواجب النصيحة، فمن ذلك:
أولاً: عدم إقامة الصلب في الركوع أو السجود، روى النسائي في سننه وأحمد في مسنده من حديث أبي مسعود رضي الله عنه: أن
(1)
برقم (631).
(2)
سبق تخريجه.
النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لأَحَدٍ لَا يُقِيمُ فِيهَا ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ»
(1)
.
وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم لص الصلاة وسارقها شرًّا من لص الأموال، فروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي قتادة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَسْوَأُ النَّاسِ الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ:«لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا» ، أَوْ قَالَ:«لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ»
(2)
.
أما الركوع فإن بعض الناس يخفض ظهره أكثر من اللازم، أو يرفعه، وهذا خطأ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَكَعَ بَسَطَ ظَهرَهُ وَسَوَّاهُ
(3)
، حَتَّى لَو صُبَّ المَاءُ عَلَيهِ لَاستَقَرَّ
(4)
.
وروى النسائي من حديث أبي حميد قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَكَعَ اعْتَدَلَ، فَلَمْ يَنْصِبْ رَاسَهُ، وَلَمْ يُقْنِعْهُ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ
(5)
.
وأما السجود فإن بعض المصلين إذا سجد لا يمكن جبهته من الأرض، وبعضهم يرفع قدميه عن الأرض، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث العباس بن عبد المطلب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُمِرتُ أَن أَسجُدَ عَلَى سَبعَةِ أَعظُمٍ، الجَبهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنفِهِ،
(1)
سنن النسائي برقم (1027) ومسند الإمام أحمد (28/ 329) برقم (17103) وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(2)
(37/ 319) برقم (22642) وقال محققوه: حديث صحيح.
(3)
صحيح البخاري برقم (828).
(4)
سنن ابن ماجه برقم (872) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/ 144) برقم (712).
(5)
برقم (1039) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (1/ 224) برقم (994).
وَاليَدَينِ، وَالرُّكبَتَينِ، وَأَطرَافِ القَدَمَينِ»
(1)
.
وهذا الحديث يدل على أن أعضاء السجود سبعة، وأنه ينبغي للمصلي أن يسجد عليها كلها.
ومنها: عدم الطمأنينة في الصلاة، وهي ركن من أركان الصلاة، لا تصح بدونه، روى البخاري في صحيحه من حديث زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلاً لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، قَالَ: مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَلَيهَا
(2)
.
وفي هذا دليل على وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود، وأن الإخلال بها مبطل للصلاة؛ لأنه قال له: ما صليت، وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد، وقال:«ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، فرجع يصلي كما صلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلِّمني! فقال:«إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَا مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا»
(3)
.
ومنها: مسابقة الإمام، وقد جاء النهي الصريح من النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
البخاري برقم (812)، ومسلم برقم (490).
(2)
برقم (791).
(3)
البخاري برقم (757)، ومسلم برقم (397).
عن ذلك. روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي إِمَامُكُمْ فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ، وَلَا بِالسُّجُودِ، وَلَا بِالْقِيَامِ، وَلَا بِالاِنْصِرَافِ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ أَمَامِي وَمِنْ خَلْفِي» ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» ، قَالُوا: وَمَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ»
(1)
.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَاسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَاسَهُ رَاسَ حِمَارٍ؟ ! »
(2)
.
وروى البخاري في صحيحه من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ
(3)
.
ومنها: أن بعضهم إذا سلم الإمام التسليمة الأولى، وعليه قضاء بعض الركعات لا ينتظر حتى يسلم الإمام التسليمة الثانية، وإنما يقوم مباشرة ليكمل ما تبقى من الركعات، وهذا خطأ. والأولى أن ينتظر حتى يسلم الإمام التسليمة الثانية
(4)
.
ومنها: الصلاة بثياب مسبلة، والإسبال منهي عنه على وجه العموم، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، من
(1)
برقم (426).
(2)
البخاري برقم (691)، ومسلم برقم (427) واللفظ له.
(3)
برقم (690).
(4)
خروجاً من خلاف من يرى ركنيتها، وعليه يحكم ببطلان صلاته.
حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:«الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ»
(1)
.
وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فِي النَّارِ»
(2)
.
وبعض أهل العلم يُشدد في الأمر إذا كان الإسبال في الصلاة؛ لأن من شروط الصلاة ستر العورة، والذي يصلي في الثياب المسبلة قد ستر عورته بثياب محرمة، ولذلك فإن صلاته في خطر.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1)
برقم (106).
(2)
برقم (5787).