الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة المئة: «فضل صلاة الفجر»
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن نعم الله علينا كثيرة لا تعد ولا تحصى، قال تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]، وقال تعالى:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} [النحل: 53]، ومن بين هذه النعم العظيمة: نعمة النوم التي امتن الله بها على عباده، قال تعالى:{وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص: 73]، وقال تعالى:{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ: 9]، فسكون العبد ساعات بالليل بعد حركة النهار المتواصلة مما يساعد على حياة المسلم وبقاء نمائه ونشاطه؛ ليؤدي وظائفه التي خلقه الله من أجلها، ومن بين هذه الوظائف: صلاة الفجر جماعة في المسجد، وهي صلاة فاضلة عظيمة.
وإليك أخي المسلم البشائر والفضائل العظيمة لمن أدى صلاة الفجر مع الجماعة:
أولاً: أنه في ذمة الله، أي في ضمان الله، وحفظه ورعايته في الدنيا والآخرة، روى مسلم في صحيحه من حديث جندب بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ
فِي نَارِ جَهَنَّمَ»
(1)
.
ثانيًا: أنها نجاة للعبد من النار، روى مسلم في صحيحه من حديث عمارة بن رويبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» يَعْنِي: الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ
(2)
.
ثالثًا: أنها سبب لدخول الجنة، روى البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ»
(3)
.
رابعًا: شهادة الملائكة لهذه الصلاة، قال تعالى:{وَقُرْآَنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ»
(4)
.
خامسًا: النور التام يوم القيامة، روى ابن ماجة في سننه من حديث سهل بن سعد الساعدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
(5)
.
سادسًا: أنه يكتب له قيام ليلة، روى مسلم من حديث عثمان بن عفان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ
(1)
برقم (657).
(2)
برقم (634).
(3)
البخاري برقم (574)، ومسلم برقم (635).
(4)
البخاري برقم (555)، ومسلم برقم (632).
(5)
برقم (781) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/ 130) برقم (633).
اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ»
(1)
.
سابعًا: الأمن من النفاق، روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ، إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ»
(2)
، وروى مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال:«وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَاّ مْنَافِقٌ، مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يَتَهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ»
(3)
، وقال ابن عمر:«كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الإنْسَانَ فِي العِشَاءِ، وَفِي الفَجْرِ، أَسَانَا بِهِ الظَّنَّ»
(4)
.
ثامنًا: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها، روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»
(5)
، فإذا كانت سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها من أموال وقصور، وأنهار، وزوجات، وغير ذلك من الشهوات والملذات، فكيف إذن بصلاة الفجر؟ !
تاسعًا: رؤية الله عز وجل وهي الغاية التي شمر إليها المشمرون، وتسابق إليها المتسابقون، روى البخاري ومسلم من حديث جرير البجلي رضي الله عنه قال: «كُنَّا عِندَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيلَةً - يَعنِي البَدرَ - فَقَالَ: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ رَبَّكُم، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لَا تُضَامُوْنَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُم
(1)
برقم (656).
(2)
البخاري برقم (657)، ومسلم برقم (651).
(3)
جزء من حديث برقم (654).
(4)
صحيح ابن حبان برقم (2096).
(5)
برقم (725).
أَلَاّ تُغْلَبُوْا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوْعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوْبِهَا فَافْعَلُوْا، ثُمَّ قَرَأَ:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ} [ق: 39]»
(1)
.
عاشرًا: أن المحافظ على صلاة الفجر من أطيب الناس عيشًا، وأنشطهم بدنًا، وأنعمهم قلبًا، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَاسِ أَحَدِكُم إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيْلٌ فَارْقُدْ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيْطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَاّ أَصْبَحَ خَبِيْثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ»
(2)
.
وقد وردت نصوص كثيرة فيها التحذير الشديد لمن تهاون في صلاة الفجر؛ فمن ذلك: ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ، إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ»
(3)
.
قال بعض أهل العلم: «إن النبي صلى الله عليه وسلم ما همَّ بذلك إلا أن هؤلاء المتخلفين عن صلاة الجماعة قد ارتكبوا ذنبًا عظيمًا، وجرمًا كبيرًا» .
ومنها ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود قال: ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيلَهُ حَتَّى أَصبَحَ. قَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ، أَوْ قَالَ: فِي أُذُنِهِ»
(4)
، وحسب من كان كذلك خيبةً وخسارةً وشرًّا.
(1)
البخاري برقم (554)، ومسلم برقم (633).
(2)
البخاري برقم (1142)، ومسلم برقم (776).
(3)
البخاري برقم (657)، ومسلم برقم (651).
(4)
البخاري برقم (1144)، ومسلم برقم (774).
ومنها أن المتخلف عن صلاة الفجر يعرض نفسه لعقوبة الله في قبره، ويوم القيامة، قال تعالى:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]، وفي صحيح البخاري قصة رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم الطويل، وجاء فيه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يُثْلَغُ رَاسُهُ بِالحَجَرِ، فَسَأَلَ عَنهُ، فَقِيلَ لَهُ:«إِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي يَاخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوْبَةِ»
(1)
.
وسئلت اللجنة الدائمة برقم (5130) عن شخص لا يصلي الفجر إلا بعد طلوع الشمس فما حكم صلاته؟ وهل يؤثر على الصيام؟ فكان الجواب: تركه لصلاة الصبح من غير نوم ولا نسيان بل تكاسلاً عنها حتى تطلع الشمس كفر أكبر على الصحيح من أقوال العلماء، وعلى هذا القول صيامه غير صحيح. اهـ.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1)
برقم (7047).