الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِ لِيَجِيءَ رَطْبُهَا أَجْوَدَ مِمَّا لَمْ يُؤَبَّرْ وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ بِتَأْبِيرِ الْبَعْضِ وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ.
وَيَنْبَثُّ رِيحُ الذُّكُورِ إلَيْهِ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْمُؤَبَّرِ اعْتِبَارًا بِظُهُورِ الْمَقْصُودِ وَطَلْعُ الذُّكُورِ يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَلَا يُشَقَّقُ غَالِبًا (وَلَا يُعْتَبَرُ تَشَقُّقُ الْقِشْرِ الْأَعْلَى مِنْ نَحْوِ الْجَوْزِ) بَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا لِاسْتِتَارِهِ بِمَا هُوَ مِنْ صَلَاحِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ بِتَشَقُّقِ الْأَعْلَى عَنْهُ (وَإِنْ أُبِّرَتْ نَخْلَةٌ وَلَوْ ذَكَرًا) أَوْ فِي طَلْعٍ وَاحِدٍ (تَبِعَهَا فِي الْحُكْمِ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ) تَأْبِيرًا وَإِطْلَاعًا إذْ فِي إفْرَادِ كُلٍّ بِحُكْمِ عُسْرٍ أَوْ ضَرَرٍ مُشَارَكَةٌ وَلِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ وَلَمْ يَعْكِسْ لِأَنَّ الْبَاطِنَ سَائِرٌ إلَى الظُّهُورِ وَكَمَا يَتْبَعُ بَاطِنُ الصُّبْرَةِ ظَاهِرَهَا فِي الرُّؤْيَةِ هَذَا (إنْ اتَّحَدَ) فِي الْمُؤَبَّرِ وَغَيْرِهِ (بُسْتَانٌ وَعَقْدٌ وَجِنْسٌ) فَإِنْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْهَا بِأَنْ اشْتَرَى فِي عَقْدِ نَخْلٍ بُسْتَانَيْنِ وَلَوْ مُتَلَاصِقَيْنِ أَوْ نَخْلًا وَعِنَبًا أَوْ فِي عَقْدَيْنِ نَخْلًا الْمُؤَبَّرُ مِنْ ذَلِكَ فِي أَحَدِهِمَا وَغَيْرُهُ فِي الْآخِرَةِ فَلَا تَبَعِيَّةَ لِانْقِطَاعِهَا وَاخْتِلَافِ زَمَنِ التَّأْبِيرِ وَانْتِفَاءِ عُسْرِ الْإِفْرَادِ وَضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ بِخِلَافِ اخْتِلَافِ النَّوْعِ لَا يُؤَثِّرُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ نَخْلَةً وَبَقِيَ ثَمَرُهَا لَهُ ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرُ كَانَ لِلْبَائِعِ.
وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ (وَتَشَقُّقِ جَوْزٍ عُطْبٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ إسْكَانِ ثَانِيهِ وَضَمِّهِ أَيْ قُطْنٍ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (يَبْقَى) أَصْلُهُ (سِنِينَ) أَيْ سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (لَا تَشَقُّقُ وَرْدٍ كَتَأْبِيرِ النَّخْلِ) فَيَتْبَعُ الْمُسْتَتِرُ غَيْرَهُ إنْ اتَّحَدَ فِيهِمَا مَا ذَكَرَ بِخِلَافِ تَشَقُّقِ الْوَرْدِ لِأَنَّ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ يُجْنَى فِي الْحَالِ فَلَا يَخَافُ اخْتِلَاطَهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّهْذِيبِ وَاَلَّذِي فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْبَائِعِ كَالْجَوْزِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُسْخَةٍ فَقَالَ بَدَلَ لَا تَشَقُّقِ وَرْدٍ وَكَذَا تَفَتُّحُ وَرْدٍ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ كَالْوَرْدِ فِي ذَلِكَ الْيَاسَمِينُ وَنَحْوُهُ (وَمَا لَا يَبْقَى) مِنْ أَصْلِ الْعُطْبِ (أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إنْ بِيعَ قَبْلَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) كَالزَّرْعِ سَوَاءٌ أَخْرَجَ الْجَوْزَ أَمْ لَا ثُمَّ إنْ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى خَرَجَ الْجَوْزُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِعُمُومِ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي (أَوْ) بِيعَ (بَعْدَ تَكَامُلِهِ نَظَرْت فَإِنْ تَشَقَّقَ جَوْزُهُ صَحَّ) الْعَقْدُ (لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ وَدَخَلَ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ لَا تَدْخُلُ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ مَقْصُودَةٌ لِثِمَارِ جَمِيعِ الْأَعْوَامِ وَلَا مَقْصُودَ هُنَا سِوَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَهُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ شَيْخَ الْبَغَوِيّ قَدْ جَزَمَ بِعَدَمِ دُخُولِ ذَلِكَ وَبِأَنَّهُ لِلْبَائِعِ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَصْحِيحُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَشَقَّقْ جَوْزُهُ (بَطَلَ الْعَقْدُ لِاسْتِتَارِ قُطْنِهِ) بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْجَوْزِ كَمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا تَتِمَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الْقَاضِي يَصِحُّ وَلَا يَدْخُلُ الْقُطْنُ وَكُلٌّ بَنَى عَلَى أَصْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَالْمُتَوَلِّي مُوَافِقٌ لِلْقَاضِي (وَغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَفِي نُسْخَةٍ وَغَيْرِهِمَا أَيْ غَيْرِ الْقُطْنِ وَمَا قَبْلَهُ وَفِي أُخْرَى وَغَيْرِهَا أَيْ غَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ (كَالْقِثَّاءِ وَنَحْوِهِ) كَالْبِطِّيخِ (لَا يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا) لِأَنَّهَا بُطُونٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُعَدُّ حَمْلًا وَاحِدًا (وَمَا ظَهَرَ مِنْ التِّينِ وَالْعِنَبِ) فَهُوَ (لِلْبَائِعِ وَغَيْرُهُ لِلْمُشْتَرِي) قَالَهُ الْبَغَوِيّ (وَفِيهِ نَظَرٌ) وَمَا تَوَقَّفَ فِيهِ كَالْأَصْلِ صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّخْلِ بِأَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ وَهِيَ لَا تَحْمِلُ فِيهِ إلَّا مَرَّةً وَالتِّينُ يَحْمِلُ حَمْلَيْنِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَكَانَتْ الْأُولَى لِلْبَائِعِ وَالثَّانِيَةُ لِلْمُشْتَرِي وَبِهِ رُبَّمَا فِي نَحْوِ الْقِثَّاءِ يُفَرِّقُ أَيْضًا بَيْنَ النَّخْلِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِيمَا يُجَزُّ مِرَارًا مِنْ أَنَّ الْجِزَّةَ الظَّاهِرَةَ لِلْبَائِعِ دُونَ مَا عَدَاهَا وَكَالتِّينِ فِيمَا ذَكَرَ الْجُمَّيْزُ وَنَحْوُهُ
(فَصْلٌ وَلَا يُكَلَّفُ الْبَائِعُ) فِيمَا إذَا بَاعَ شَجَرَةً وَبَقِيَتْ لَهُ الثَّمَرَةُ (قَطْعَ ثَمَرَتِهِ عَنْ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) لِقَطْعِهَا (قَبْلَ وَقْتِ الْعَادَةِ) عَمَلًا بِهَا بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ النُّضْجِ كُلِّفَ الْقَطْعَ عَلَى الْعَادَةِ (إلَّا إذَا تَعَذَّرَ السَّقْيُ) لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ (وَعِظَمِ الضَّرَرِ) لِلشَّجَرِ (بِبَقَائِهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ وَلَمْ يَبْقَ فِي تَرْكِهَا فَائِدَةٌ) فَيُكَلَّفُ قَطْعَهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا إذَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ) لَوْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ ثَانِيًا فِي الْعَامِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَانَ الطَّلْعُ الثَّانِي لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ كَوْنِ التَّوْأَمِ الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ الطَّالِعُ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَكَمَا يَتْبَعُ بَاطِنَ الصُّبْرَةِ إلَخْ) وَقِيَاسًا عَلَى الْبَهِيمَةِ وَالْجَارِيَةِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ بَاعَ الْقُطْنَ بَعْدَ تَشَقُّقِ الْجَوْزِ حَيْثُ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَيَدْخُلُ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّجَرَةَ مَقْصُودَةٌ لِثِمَارِ سَائِرِ الْأَعْوَامِ وَلَا مَقْصُودَ فِي الْقُطْنِ سِوَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ (قَوْلُهُ وَعَقْدٌ وَجِنْسٌ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَمَالِكٌ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الْعَقْدِ مَعَ تَعَدُّدِ الْمَالِكِ وَذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ عَلَى تَصْحِيحِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوَكِيلُ وَلَوْ شَرَطَ دُخُولَ مَا لَا يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ خُرُوجَ مَا يَدْخُلُ دَخَلَ مَا لَا يَدْخُلُ وَخَرَجَ مَا يَدْخُلُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ وَدَخَلَ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ تَشَقَّقَ جَوْزُهُ) لَوْ تَشَقَّقَ بَعْضُهُ صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَرِ وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ هَذَا إذَا بَاعَ الْجَوْزَ فَقَطْ فَإِنْ بَاعَ الْأَصْلَ وَقَدْ تَشَقَّقَ بَعْضُ الْجَوْزِ كَانَ الْأَصْلُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ مَا تَشَقَّقَ مِنْ الْجَوْزِ وَمَا لَمْ يَتَشَقَّقْ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ إلَخْ) وَبِأَنَّ التِّينَ يُؤْخَذُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَلَا يَحْصُلُ اخْتِلَاطٌ بِخِلَافِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ فَإِنَّهَا تَخْتَلِطُ وَلَا تَتَمَيَّزُ فَاحْتَجْنَا إلَى جَعْلِهِ تَابِعًا
[فَصْلٌ لَا يُكَلَّفُ الْبَائِعُ فِيمَا إذَا بَاعَ شَجَرَةً وَبَقِيَتْ لَهُ الثَّمَرَةُ]
(قَوْلُهُ كُلِّفَ الْقَطْعَ عَلَى الْعَادَةِ) لَوْ اخْتَلَفَ عُرْفُ النَّاسِ فِي الثَّمَرِ بِأَنْ يَتْرُكَهُ قَوْمٌ حَتَّى يَصِيرَ رَطْبًا وَقَوْمٌ تَمْرًا فَفِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارَمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ الْبَائِعِ قَالَ وَعِنْدِي يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ عُرْفُ تِلْكَ الثَّمَرَةِ التَّبْقِيَةَ إلَى آخِرِ الثِّمَارِ فَلَهُ ذَلِكَ
قَلَّ الضَّرَرُ بِبَقَائِهَا وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ ظَاهِرَ نَصِّ الْأُمِّ يُخَالِفُهُ (وَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهَا شَيْئًا شَيْئًا بَعْدَ وَقْتِ الْعَادَةِ) وَلَا التَّأْخِيرُ إلَى نِهَايَةِ النُّضْجِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَمَّا إذَا شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ قَطْعَهَا فَيَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِهَا إلَى بُدُوِّ صَلَاحِهَا
(فَرْعٌ السَّقْيُ لِحَاجَةِ الثِّمَارِ) الْمَذْكُورَةِ (عَلَى الْبَائِعِ) لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ) عَلَى الْقَطْعِ (إنْ تَضَرَّرَ وَالشَّجَرُ) بِبَقَاءِ الثِّمَارِ لِامْتِصَاصِهَا رُطُوبَتَهُ أَوْ نَقْصِهَا لِحَمْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ نَقْصًا كَثِيرًا (وَيُمَكَّنُ) الْبَائِعُ (مِنْ الدُّخُولِ) لِلْبُسْتَانِ لِسَقْيِ ثِمَارِهِ وَتَعَهُّدِهَا (إنْ كَانَ أَمِينًا) وَإِلَّا نَصَبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا لِلسَّقْيِ وَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَسْقِي بِالْمَاءِ الْمُعَدِّ لِسَقْيِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ حَقٌّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيِّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَلَوْ قَالَ أُرِيدُ أَنْ آخُذَ الْمَاءَ الَّذِي كُنْت أَسْتَحِقُّهُ لِسَقْيِ ثَمَرَتِي فَأَسْقِي بِهِ غَيْرَهَا لَمْ يُمَكَّنْ وَكَذَا لَوْ أَخَذَ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ جُذَاذِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّهُ إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْمَاءِ مَا فِيهِ صَلَاحُ تِلْكَ الثَّمَرَةِ دُونَ غَيْرِهَا (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ إنْ نَفَعَهُمَا) لِأَنَّ مَنْعَهُ حِينَئِذٍ سَفَهٌ.
وَعِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْآخَرُ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا عَدَمُ الْمَنْعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَالنَّفْعِ لِأَنَّهُ تَعَنُّتٌ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إذْ لَا غَرَضَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تَمْكِينُهُ (لَا إنْ ضَرَّهُمَا) مَعًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّقْيُ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ عَلَيْهِ ضَرَرًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ يُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ وَإِنْ رَضِيَ الْآخَرُ فَفِي ذَلِكَ إفْسَادُ الْمَالِ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ يَرْتَفِعُ بِالرِّضَا وَيَبْقَى ذَلِكَ كَتَصَرُّفِهِ فِي خَاصِّ مِلْكِهِ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى قُوَّةُ الِاعْتِرَاضِ وَلَا يَكْفِي فِي رَدِّهِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَقْصُودِ لَا جَرَمَ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ الِاعْتِرَاضَ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَهُ حَيْثُ حَذَفَ قَوْلَ الْأَصْلِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّقْيُ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ فَصَارَ الْمَعْنَى فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّقْيُ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ قَدْ يُخَالِفُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ قَالَ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ لِمِلْكِهِ إنْ لَمْ يَضُرَّ مِلْكَ الْآخَرِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِامْتِنَاعُ (وَلَوْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا وَنَفَعَ الْآخَرَ وَتَنَازَعَا) فِي السَّقْيِ (فَسَخَ الْعَقْدُ) أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ (إنْ لَمْ يُسَامِحْ الْآخَرُ) إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ سَامَحَهُ فَلَا فَسْخَ لِزَوَالِ النِّزَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَأْتِي فِيهِ الِاعْتِرَاضُ بِإِفْسَادِ الْمَالِ كَمَا تُوُهِّمَ بَلْ هُوَ إحْسَانٌ وَمُسَامَحَةٌ نَعَمْ الْكَلَامُ فِي مَالِكَيْنِ مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ لَا مَنْ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ أَيْ أَوْ لِنَفْسِهِ لَكِنَّ غَيْرَ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ ضَرَّ السَّقْيُ أَحَدَهُمَا وَمَنَعَ تَرْكَهُ حُصُولُ زِيَادَةٍ لِلْآخَرِ لِاسْتِلْزَامِ مَنْعِ حُصُولِهَا لَهُ انْتِفَاعُهُ بِالسَّقْيِ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ
(اللَّفْظُ السَّادِسُ الثِّمَارُ) وَهُوَ يَتَنَاوَلُ نَوَاهَا وَقَمْعَهَا (فَبَيْعُ مَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ مِنْهَا دُونَ الشَّجَرِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (جَائِزٌ) وَلَوْ (مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ) بِأَنْ يُطْلِقَ أَوْ يَشْرِطَ إبْقَاءَهُ أَوْ قَطْعَهُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأُصُولُ لِأَحَدِهِمَا أَمْ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَمْنُ الْعَاهَةِ بَعْدَهُ غَالِبًا وَقَبْلَهُ تُسْرِعُ إلَيْهِ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» لَا بَيْعَهُ مَعَ مَا يَحْدُثُ فَغَيْرُ جَائِزٍ لِوُرُودِهِ عَلَى مَعْدُومٍ (وَيَسْتَحِقُّ بِهِ) أَيْ بِالْبَيْعِ لِمَا ذُكِرَ (الْإِبْقَاءَ) إلَى وَقْتِ (الْجُذَاذِ إنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ) لِلْعُرْفِ فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْبَائِعُ بِالتَّرْكِ إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْقَطْعُ حَيْثُ لَا مُسَامَحَةَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ طَالَبَهُ بِالْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ.
(وَالشَّجَرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي) لِتَعَذُّرِ تَسَلُّمِ الثَّمَرَةِ بِدُونِهَا (بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى سَمْنًا) أَوْ نَحْوَهُ (فَقَبَضَهُ فِي ظَرْفٍ) لِلْبَائِعِ (فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّسَلُّمِ فِي غَيْرِهِ (وَأَمَّا) بَيْعُهُ (قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا يَجُوزُ) لِمَا مَرَّ (إلَّا فِي مُنْتَفِعٍ بِهِ) كَحِصْرِمٍ وَبَلَحٍ وَلَوْزٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ ظَاهِرٌ إذْ لَا مُقْتَضَى لِإِشْغَالِ شَجَرِ الْغَيْرِ بِلَا فَائِدَةٍ
(قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيِّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ إنْ نَفَعَهُمَا) هَذِهِ عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ) لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الثَّمَرَةِ آخُذُ الْمَاءَ الَّذِي أَسْقِي بِهِ الثَّمَرَةَ لِأَسْقِيَ بِهِ غَيْرَهَا أَوْ آخُذُ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ أَوَانِ جُذَاذِهَا لِيَسْقِيَ بِهِ مَوْضِعًا آخَرَ لَمْ يَجُزْ ع (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ إلَخْ) أَيْ فَيَحْرُمُ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَضُرُّهُمَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ ع قَالَ شَيْخُنَا وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الضَّرَرَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَاغْتُفِرَ عِنْدَ الْإِذْنِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ إلَخْ) وَقِيلَ الْمُتَضَرِّرُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّحَالُفِ حَتَّى يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ تَعَاطِيَهُ انْتَهَى لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ فِي اخْتِلَاطِ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ بِغَيْرِهَا أَنَّهُ لَا يَفْسَخُ إلَّا الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ وَقِيلَ الْمُتَضَرِّرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ) لَوْ لَمْ يُوفِ الْمُشْتَرِي بِالْقَطْعِ فَهَلْ يُجْبَر عَلَيْهِ أَوْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يُجْبَرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْبَائِعُ بِالتَّرْكِ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَأْمَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ بِالْقَطْعِ بَعْدَ الرِّضَا فَلْيَسْتَأْجِرْ الْأَرْضَ لِيَأْمَنَ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بَيْعُهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا خَرَجَ بِبَيْعِهِ هِبَتُهُ فَيَجُوزُ وَحْدَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَبِدُونِ شَرْطِهِ قَطْعُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الْهِبَةِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي مُنْتَفَعٍ بِهِ) لَا يُقَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمَنْفَعَةِ فِي كُلِّ مَبِيعٍ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا اشْتِرَاطٌ زَائِدٌ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْحَالِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِتَرْبِيَتِهِ عَلَى الشَّجَرِ ر