الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ فَتَاوَى صَاحِبِ الشَّامِلِ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ، وَعَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ الرَّأْيَ فِيهِ لِلْقَاضِي لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ جَزَمَ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ بِأَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْ ذَلِكَ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ الْقَوْلَ بِالثَّانِي، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ فَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْبَابَيْنِ عَلَى الْحَالَيْنِ (لَا) مِنْ (دُخُولِهَا لِحَاجَةٍ) كَحَمْلِ طَعَامٍ (وَ) لَهُ مَنْعُهُ (مِنْ شَمِّ الرَّيَاحِينِ لِلتَّرَفُّهِ) فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةِ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ (لَا) مَنْعُهُ (مِنْ عَمَلِ صَنْعَةٍ) فِي الْحَبْسِ وَإِنْ كَانَ مُمَاطِلًا (وَنَفَقَتُهُ) وَاجِبَةٌ (عَلَى نَفْسِهِ) وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْحَبْسِ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمَكَانِ.
(وَإِنْ حُبِسَتْ امْرَأَةٌ فِي دَيْنٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الزَّوْجُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) مُدَّةَ الْحَبْسِ (وَلَوْ ثَبَتَ) الدَّيْنُ (بِالْبَيِّنَةِ) كَمَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَاعْتَدَّتْ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ وَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاسْتِدَانَةِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهَا انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَيُفَارِقُ عَدَمَ سُقُوطِهَا فِيمَا لَوْ صَامَتْ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً نَذَرَتْ صَوْمَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ بِإِذْنِ الزَّوْجِ بِأَنَّ صَوْمَهَا وَجَبَ عَلَيْهَا عَيْنًا مَضِيقًا بِإِذْنِهِ مَعَ النَّذْرِ الَّذِي يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ حَبْسِهَا (وَيَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى) عَلَيْهِ مِنْ آخَرَ ثُمَّ يُرَدُّ إلَى الْحَبْسِ (فَإِنْ لَزِمَهُ حَقٌّ آخَرُ حُبِسَ بِهِمَا وَلَمْ يُطْلَقْ بِقَضَاءِ أَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (وَيَخْرُجُ الْمَجْنُونُ) مِنْ الْحَبْسِ مُطْلَقًا (وَالْمَرِيضُ) إنْ لَمْ يَجِدْ مُمَرِّضًا (فَإِنْ وَجَدَ مُمَرِّضًا فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ (وَمَنْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ أَخْرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَرِيمِ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضَى.
(فَصْلٌ وَيُبَادِرُ) الْحَاكِمُ (نَدْبًا) فِي مَسْأَلَةِ الْمَدِينِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مُمْتَنِعًا مِنْ الْأَدَاءِ (بِبَيْعِ مَالِهِ وَقِسْمَتِهِ) أَيْ قِسْمَةِ ثَمَنِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ (لِئَلَّا يُطَالَ حَبْسُهُ) إنْ حُبِسَ وَمُبَادَرَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَإِيصَالِ الْحَقِّ لِذَوِيهِ وَذَكَرَ حُكْمَ الْمُمْتَنِعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَسْتَعْجِلُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ: وَلَا يُفَرِّطُ فِي الِاسْتِعْجَالِ (فَيُبَاعُ بِبَخْسٍ وَيُسْتَحَبُّ الْبَيْعُ بِحُضُورِ الْمُفْلِسِ وَالرَّاهِنِ) فِيمَا إذَا بِيعَ الْمَرْهُونُ (وَالْغُرَمَاءُ أَوْ وَكِيلُهُمْ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْفَى لِلتُّهْمَةِ وَأَطْيَبُ لِلْقُلُوبِ وَلِيُخْبَرَ الْمُفْلِسَ بِمَا فِي مَالِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَا يَرُدُّ، وَمِنْ الصِّفَاتِ الْمَطْلُوبَةِ فَتَكْثُرُ فِيهِ الرَّغَبَاتُ، وَلِأَنَّ الْغُرَمَاءَ قَدْ يَزِيدُونَ فِي السِّلْعَةِ، وَذَكَرَ وَكِيلُ الْغُرَمَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْأَوْلَى: أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ الْمَالِكُ أَوْ وَكِيلُهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْتَاجَ إلَى بَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ لَا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ مِلْكُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي وَبَيْعُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ بِأَنَّهُ لَهُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الْفَرَائِضِ: قَسْمُ الْحَاكِمِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ، وَحَكَى السُّبْكِيُّ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ وَرَجَّحَ الِاكْتِفَاءَ بِالْيَدِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ الْعَبَّادِيِّ وَكَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ كَالْأَذْرَعِيِّ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِمَا يُوَافِقُهُ، وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
فِي عَمَلِ الْقَاضِي لَزِمَهُ إحْضَارُهُ وَحَبْسُهُ إنْ سَأَلَهُ خَصْمُهُ وَعَزَّرَهُ إنْ لَمْ يُبْدِ عُذْرًا فِي هَرَبِهِ كَإِعْسَارِهِ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ جَازَ) قَالَ بَعْضُ أَكَابِرِ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَبْسُ لِلتَّأْدِيبِ وَيَقْتَضِي نَظَرَ الْحَاكِمِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ التَّأْدِيبِ وَهَذَا حَسَنٌ ع.
(قَوْلُهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الزَّوْجُ إلَخْ) وَإِنْ مَكَّنَاهُ مِنْ دُخُولِ الْحَبْسِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ حِرْزِهِ، وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ السَّفَرَ بِهَا فَأَقَرَّتْ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ فَلَهُ حَبْسُهَا وَمَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ زَوْجِهَا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إنَّ قَصْدَهَا بِالْإِقْرَارِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْمُسَافِرَةِ، وَلَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً لَمْ تُقْبَلْ؛ إذْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُمْنَعُ مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا) وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهَا اهـ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا تَمْتَنِعُ الْمُتَزَوِّجَةُ مِنْهُ إذَا حُبِسَتْ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ وَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْعِ الْحَاكِمِ لَهُ مِنْهُ إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجُهُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا فِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمُقْتَضَى) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا أُشْهِدَ اثْنَانِ وَلَمْ يُعَدَّلَا فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ قَبْلَ تَعْدِيلِهِمَا، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ خِلَافُهُ.
[فَصْلٌ يُبَادِرُ الْحَاكِمُ نَدْبًا فِي مَسْأَلَةِ الْمَدِينِ بِبَيْعِ مَالِهِ وَقِسْمَتِهِ]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ: يُبَادِرُ نَدْبًا) لَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ إلَى بَيْعِ مَا يُخْشَى فَسَادُهُ أَوْ نَهْبٍ أَوْ اسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ أَوْ نَحْوِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِبَيْعِ مَالِهِ) شَمِلَ مُدَبَّرَهُ (قَوْلُهُ وَقِسْمَتِهِ) أَيْ بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمْ (قَوْلُهُ وَلْيُخْتَبَرْ الْمُفْلِسُ بِمَا فِي مَالِهِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِثَمَنِ مَالِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ غَبْنٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْغُرَمَاءَ قَدْ يَزِيدُونَ إلَخْ) أَوْ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ عَيْنَ مَالِهِ فَيَأْخُذُهُ (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ بِأَنَّهُ لَهُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي، أَوْ تَزْوِيجَهُ لَيْسَ حُكْمًا بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالتَّزْوِيجِ، وَمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ فَقَدْ غَلِطَ بَلْ لِغَيْرِهِ إذَا رُفِعَ ذَلِكَ إلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِمَذْهَبِهِ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِلْكَمَالِ التَّفْلِيسِيِّ حِينَ كَانَ نَائِبَ الْحُكْمِ بِدِمَشْقَ وَقَصَدَ إبْطَالَ نِكَاحٍ تَعَاطَاهُ مَنْ يَعْتَقِدُهُ وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِحُكْمٍ وَاسْتَفْتَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَأَظْهَرَ هُوَ نُقُولًا مِنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ تَشْهَدُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَأَوْدَعَهَا تَصْنِيفًا لَطِيفًا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ مُدَّةٍ وَذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مُتَأَخِّرَةٌ فِي الرُّتْبَةِ عَنْ الْعَقْدِ، وَالْحُكْمُ بِهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا فَكَيْفَ يَكُونُ هُوَ الْعَقْدَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَيْهِ بِمَرْتَبَتَيْنِ وَأَيْضًا كَيْفَ يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ عَارِضًا وَمَعْرُوضًا وَالْحُكْمُ عَارِضٌ وَالْعَقْدُ مَعْرُوضٌ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ الصَّغِيرَةَ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ بَلْ عَقَدَهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَحَكَى السُّبْكِيُّ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ وَرَجَّحَ) أَيْ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَقَوْلُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْيَدِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ عَلَيْهِ) وَهُوَ مَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْعَبَّادِيِّ وَنُقِلَ فِي الْأَشْرَافِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ مَا يَدُلُّ لَهُ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَالْأَوْلَى لِلْقَاضِي أَنْ لَا يُبَاشِرَ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ وَلَا بِنَائِبِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ صِيَانَةً لِفِعْلِهِ عَنْ النَّقْضِ فَإِنْ قِيلَ قَالَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي أَيْدِي جَمَاعَةِ دَارٍ، وَطَلَبُوا مِنْ الْحَاكِمِ قِسْمَتَهَا لَمْ يُجِبْهُمْ إنْ لَمْ يُقِيمُوا
(وَيُبَاعُ أَوَّلًا مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) وَلَوْ غَيْرَ مَرْهُونٍ لِئَلَّا يَضِيعَ (ثُمَّ الْمَرْهُونُ وَالْجَانِي) لِيَتَعَجَّلَ حَقَّ مُسْتَحَقِّيهِمَا (فَإِنْ بَقِيَ لِلْمُرْتَهِنِ) مِنْ دَيْنِهِ (شَيْءٌ ضَارَبَ بِهِ) سَائِرَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ ضُمَّ إلَى الْمَالِ (وَيُقَدَّمُ) أَيْضًا بَعْدَمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ (مَالُ الْقِرَاضِ لِيُؤْخَذَ) مِنْهُ (الرِّبْحُ الْمَشْرُوطُ) وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِمَا ذَكَرَ بَلْ سَائِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ (ثُمَّ الْحَيَوَانُ) لِحَاجَتِهِ إلَى النَّفَقَةِ وَلِكَوْنِهِ عُرْضَةً لِلْهَلَاكِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُدَبَّرُ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَتَعَذَّرَ الْأَدَاءُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْ الْكُلِّ صِيَانَةً لِلتَّدْبِيرِ عَنْ الْإِبْطَالِ انْتَهَى (ثُمَّ الْمَنْقُولَاتُ) أَيْ سَائِرُهَا لِخَوْفِ ضَيَاعِهَا (ثُمَّ الْعَقَارُ) وَإِنَّمَا أُخِّرَ لِأَنَّهُ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ التَّلَفِ وَالسَّرِقَةِ وَلِيُشَهِّرَ بَيْعُهُ فَيَظْهَرَ الرَّاغِبُونَ، وَيُبْدَأُ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ فَيُقَدَّمُ فِي الْمَنْقُولَاتِ الْمَلْبُوسُ عَلَى النُّحَاسِ وَنَحْوِهِ وَفِي الْعَقَارِ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي غَيْرِ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَغَيْرِ الْحَيَوَانِ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَقَدْ تَقْتَضِي الْمَصْلَحَةُ تَقْدِيمَ بَيْعِ الْعَقَارِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَالْأَحْسَنُ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا: وَالْمَرْهُونُ يُبَاعُ قَبْلَ الْجَانِي قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا فَاتَ لَمْ يُبْطِلْ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ الْجَانِي فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ بَيْعَهُ لِذَلِكَ، وَيُبَاعُ نَدْبًا (كُلُّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ) لِأَنَّ طَالِبَهُ فِيهِ أَكْثَرُ، وَالتُّهْمَةُ فِيهِ أَبْعَدُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِي نَقْلِهِ مُؤْنَةٌ كَبِيرَةٌ فَإِنْ كَانَتْ وَرَأَى الْحَاكِمُ الْمَصْلَحَةَ فِي اسْتِدْعَاءِ أَهْلِ السُّوقِ إلَيْهِ فَعَلَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الزِّيَادَةِ فِي غَيْرِ سُوقِهِ (فَإِنْ بَاعَهُ فِي غَيْرِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّ) الْبَيْعُ مُطْلَقًا (وَإِنَّمَا يَبِيعُ) بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ (حَالًّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ) كَالْوَكِيلِ نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: جَازَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ السُّبْكِيُّ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ يَطْلُبُ دَيْنَهُ فِي الْحَالِ، وَلَوْ رَأَى الْحَاكِمُ الْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ بِمِثْلِ حُقُوقِهِمْ جَازَ، وَلَوْ بَاعَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ وُجُوبُ الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ، وَفَسْخُ الْبَيْعِ، وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ (فَإِنْ كَانَ) نَقْدُ الْبَلَدِ (غَيْرَ) جِنْسِ (دَيْنِهِمْ) وَلَمْ يَرْضُوا إلَّا بِجِنْسِ دَيْنِهِمْ (اشْتَرَاهُ) لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبُهُمْ (أَوْ عَاوَضَهُمْ بِهِ إنْ رَضَوْا إلَّا إنْ كَانَ سَلَمًا) فَلَا يُعَاوِضُهُمْ وَإِنْ رَضَوْا لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ (وَلَا يُسَلِّمُ) الْحَاكِمُ أَوْ مَأْذُونُهُ (مَا بِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) كَالْوَكِيلِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِمُؤَجَّلٍ، وَإِنْ حَلَّ قَبْلَ أَوَانِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بِمُؤَجَّلٍ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ.
(فَصْلٌ وَالْأَوْلَى) لِلْحَاكِمِ (أَنْ يُقَسِّمُ مَا نَضَّ) يَعْنِي مَا قَبَضَهُ مِنْ أَثْمَانِ أَمْوَالِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ لِتَبْرَأَ مِنْهُ ذِمَّتُهُ وَيَصِلَ إلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ بَلْ إنْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ الْقِسْمَةَ وَجَبَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ الْآتِي (فَإِنْ تَعَسَّرَتْ قِسْمَتُهُ لِقِلَّتِهِ) وَكَثْرَةِ الدُّيُونِ (فَلَهُ التَّأْخِيرُ) لَهَا لِتَجْتَمِعَ (وَلَوْ طَالَبُوا) بِهَا وَتَبِعَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُطَالَبَةِ بَحْثُ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّهُمَا قَالَا: فَإِنْ أَبَوْا التَّأْخِيرَ فَفِي النِّهَايَةِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُمْ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: بَلْ الظَّاهِرُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
بَيِّنَةً بِمِلْكِهِمْ لَهَا قِيلَ أَيْنَ أَحَدُ الْبَابَيْنِ مِنْ الْآخَرِ فَإِنَّهُ هُنَا لَوْ لَمْ يَبِعْ الْحَاكِمُ لَتَعَطَّلَتْ الْحُقُوقُ وَضَاعَتْ التَّرِكَاتُ وَهُنَاكَ لَوْ لَمْ تُقَسَّمُ لَبَقِيَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْهِمَا عَلَى حَالِهَا وَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ وَيُبَاعُ أَوَّلًا مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) ثُمَّ مَا يُخْشَى فَسَادُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ) لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَحَجٌّ فَوْرِيٌّ فَيَظْهَرُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَنْ مَاتَ وَلَمْ يَفِ مَالُهُ بِالْحَقَّيْنِ فس (قَوْلُهُ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّرْتِيبَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ بَيْعَهُ لِذَلِكَ) يُجَابُ بِأَنَّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ إنَّمَا قُدِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ.
(قَوْلُهُ وَيُبَاعُ نَدْبًا إلَخْ) نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِالسُّوقِ غَرَضٌ مُعْتَبَرٌ لِلْمُفْلِسِ أَوْ الْغُرَمَاءِ فَيَجِبُ فس (قَوْلُهُ كُلُّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ) فِي حَالِ قِيَامِ ذَلِكَ السُّوقِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُقِيمُ الْحَاكِمُ دَلَّالًا ثِقَةً يُنَادِي عَلَى الْمَالِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَرْضَاهُ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ وَلَوْ رَضُوا بِغَيْرِ ثِقَةٍ لَمْ يُقِمْهُ فَإِنْ تَطَوَّعَ الدَّلَّالُ فَذَاكَ وَإِلَّا اُسْتُؤْجِرَ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَوْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ جَعْلًا مَشْرُوطًا، أَوْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ جَازَ ثُمَّ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَضْلٌ صُرِفَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَإِلَّا فَمِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ، وَالْأَوْلَى حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ تَقْرِيرُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ أَبَوْا فَعَلَهُ الْحَاكِمُ، وَكَذَا أُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَلَوْ اخْتَارَ الْمُفْلِسُ دَلَّالًا وَالْغُرَمَاءُ دَلَّالًا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ثِقَةً دُونَ الْآخَرِ أَقَرَّ الْحَاكِمُ الثِّقَةَ وَإِنْ كَانَا ثِقَتَيْنِ وَأَحَدُهُمَا مُتَطَوِّعٌ دُونَ الْآخَرِ أَقَرَّ الْمُتَطَوِّعَ، وَإِنْ كَانَا مُتَطَوِّعَيْنِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَإِلَّا اخْتَارَ أَوْثَقَهُمَا وَأَعْرَفَهُمَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَبِيعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) فَأَكْثَرَ حَالًّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ لِغَيْرِهِ فَوَجَبَ فِيهِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ مَا ذَكَرَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ مَا لَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُمْلَةً وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ (قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) قَالَ شَيْخُنَا أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي جَازَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ إلَخْ) قَدْ ذَكَرُوا فِي عَدْلِ الرَّهْنِ وَالْوَكَالَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْسَخْ انْفَسَخَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ سَائِرَ مَا يُمْتَنَعُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَالسَّلَمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْلَمُ مَا بِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ) اسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ عِنْدَ الْمُقَاسَمَةِ مِثْلُ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ فَأَكْثَرُ قَالَ فَالْأَحْوَطُ بَقَاءُ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ لَا أَخْذُهُ وَإِعَادَتُهُ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ مَعَ ظُهُورِهِ اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يُسْتَثْنَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ حَبْسِ دَيْنِهِ جَاءَ التَّقَاصُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ وَرَضِيَ بِهِ حَصَلَ الِاعْتِيَاضُ فَلَمْ يَحْصُلْ تَسْلِيمُ قَبْضِ الثَّمَنِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.