الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُوَكِّلِ عَزْلٌ، وَحَمَلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ عَلَى مَا هُنَا وَالرَّافِعِيُّ لَمَّا ذَكَرَ التَّفْصِيلَ فِي جَحْدِ الْوَكِيلِ قَالَ: وَأَوْرَدَ فِي النِّهَايَةِ قَرِيبًا مِنْهُ فِي جَحْدِ الْمُوَكِّلِ انْتَهَى، وَاَلَّذِي فِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ جَحْدَ الْمُوَكِّلِ عَزْلٌ أَوْ لَا أَصَحُّهُمَا: لَا، وَأَشْهَرُهُمَا: نَعَمْ.
ثُمَّ أَبْدَى التَّفْصِيلَ احْتِمَالًا وَبِالْأَشْهَرِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ انْتَهَى، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَقْوَى عَلَى رَفْعِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ غَالِبًا وَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْحَظِّ فِيهَا لَهُ وَبِأَنَّ جَحْدَ الْوَكِيلِ قَدْ يَجِبُ حِفْظًا لِمَالِ مُوَكِّلِهِ فَجُعِلَ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ جَحْدِ الْمُوَكِّلِ الْمَالِكِ، وَأُلْحِقَ بِهِ جَحْدُ الْمُوَكِّلِ النَّائِبِ عَنْ غَيْرِهِ (وَإِنْ عَزَلَ) الْمُوَكِّلُ (أَحَدَ وَكِيلَيْهِ) مُبْهَمًا (لَمْ يَتَصَرَّفَا) أَيْ لَمْ يَتَصَرَّفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَوْ تَصَرَّفَ لَمْ يَنْفُذْ (حَتَّى يُبَيِّنَ) يَعْنِي يُعَيِّنَ لِلشَّكِّ فِي أَهْلِيَّتِهِ
(مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ إنْ وَكَّلَهُ بِبَيْعٍ فَبَاعَ ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ) بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يَبِعْ ثَانِيًا) كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قَبْلَ بَابِ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَعَ زِيَادَةِ تَقْيِيدٍ فَلَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى مَا هُنَاكَ كَانَ أَوْلَى مَعَ سَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ
(وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِمُبَايَعَةٍ) أَيْ مُعَاقَدَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ (وَلَهُ شَرْطُهُ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُوَكِّلَهُ
(وَإِنْ أَمَرَهُ بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْخِيَارِ (لَمْ يَنْعَقِدْ) بِعَقْدِهِ (مُطْلَقًا) لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ
(فَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ أَوْ شِرَائِهِ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى بَعْضِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ فِي بَعْضِهِ لِضَرَرِ التَّبْعِيضِ، وَإِنْ فُرِضَتْ فِيهِ غِبْطَةٌ نَعَمْ إنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَبَاعَ الْبَعْضَ بِمَا قَدَّرَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِيَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا فَلِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِبَيْعِ الْجَمِيعِ بِمِائَةٍ رَضِيَ بِبَيْعِ الْبَعْضِ بِمِائَةٍ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي وَذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِيمَةِ فَقَالَ: يُسْتَثْنَى مَا إذَا بَاعَ الْبَعْضَ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ انْتَهَى، وَهُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجَمِيعِ أَلْفًا، وَقَالَ: بِعْهُ بِأَلْفَيْنِ فَبَاعَ بَعْضَهُ بِأَلْفٍ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا الصِّحَّةَ
(أَوْ) أَمَرَهُ (أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ (ثَوْبًا فَاشْتَرَا) هـ (بِبَعْضِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِشِرَاءِ الثَّوْبِ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ فَبِبَعْضِهِ أَشَدُّ رِضًا نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْبَائِعَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِقَصْدِهِ مُحَابَاتَهُ
(فَإِنْ قَالَ بِعْ) هَذِهِ (الْأَعْبُدَ) أَوْ اشْتَرِهِمْ (فَرَّقَ) هُمْ فِي عُقُودٍ (وَجَمَعَ) هُمْ فِي عَقْدٍ أَيْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ؛ إذْ لَا ضَرَرَ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَحَظُّ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ وَلِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ: عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ الْأَحَظَّ مِنْهُمَا فَإِنْ عَدَلَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ (فَإِنْ قَالَ) : بِعْهُمْ أَوْ اشْتَرِهِمْ (صَفْقَةً لَمْ يُفَرِّقْهَا) لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ (أَوْ) قَالَ: بِعْهُمْ (بِأَلْفٍ لَمْ يَبِعْ وَاحِدًا بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ) لِجَوَازِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ أَحَدٌ الْبَاقِينَ بِبَاقِي الْأَلْفِ فَلَوْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ صَحَّ، وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ مَا قَدَّمْتُهُ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي (ثُمَّ لَهُ بَيْعُ الْبَاقِينَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) وَالتَّصْرِيحُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَإِنْ قَالَ) لَهُ (اُطْلُبْ حَقِّي مِنْ زَيْدٍ فَمَاتَ) زَيْدٌ (لَمْ يُطَالِبْ وَارِثَهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ (أَوْ) اُطْلُبْ حَقِّي (الَّذِي عَلَى زَيْدٍ طَالَبَهُمْ) أَيْ وَرَثَتَهُ وَلَوْ قَالَ طَالَبَهُ كَانَ أَنْسَبَ بِمَا قَبْلَهُ (فَإِنْ لَمْ يَمُتْ جَازَ) لَهُ (الْقَبْضُ مِنْ وَكِيلِهِ) كَيْفَ كَانَ؛ لِأَنَّ دَفْعَ وَكِيلِهِ كَدَفْعِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجُوزُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ
(وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ مُؤَجَّلًا) فَبَاعَ (فَعَلَيْهِ بَيَانُ الْغُرْمِ) لِئَلَّا يَكُونَ مُضَيِّعًا لِحَقِّهِ (لَا مُطَالَبَتَهُ) فَلَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْأَجَلِ بَلْ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِذْنٍ
(وَإِنْ قَالَ: أَعْطِ هَذَا الذَّهَبَ صَائِغًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ تَنْبِيهٍ) بَعْدَ مُطَالَبَةِ الْمُوَكِّلِ لَهُ بِتَبْيِينِهِ (صَارَ ضَامِنًا لَهُ) حَتَّى لَوْ بَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِ الصَّائِغِ ضَمِنَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ تَلِفَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ وَالِامْتِنَاعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَمْ يَضْمَنْ
(وَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ عَلَيَّ لَمْ يَصِحَّ الْتِزَامُهُ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ وَلَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ فَلَوْ بَاعَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ مَالِكِ الْمَبِيعِ نَعَمْ إنْ تَوَلَّى الْآمِرُ الْعَقْدَ صَحَّ لَكِنْ إنْ تَوَلَّاهُ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُشْتَرِي لَهُ، وَإِلَّا وَقَعَ لَهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ فِيهِمَا، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ فِي الْأُولَى نَقَلَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إلَّا اسْتِحْقَاقَ الرُّجُوعِ فَسَكَتَ عَنْهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ (أَوْ) قَالَ: بِعْهُ مِنْهُ (بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ) لَك (فَهَذَا وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ) فَلَوْ بَاعَ صَحَّ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ
(أَوْ) قَالَ (اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا) مَثَلًا (فَفَعَلَ مَلَكَهُ الْآمِرُ) وَيُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ إلَيْهِ فِي الثَّوْبِ قَرْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا يَكْفِي هُنَا نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ كَمَا فِي الْأَصْلِ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيع، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا ثَمَّ لَكِنْ شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ فِيهِ مَا لَيْسَ مُرَادًا كَمَا بَيَّنْتُهُ ثَمَّ (وَرَجَعَ الْمَأْمُورُ) عَلَى الْآمِرِ (بِقِيمَةِ الثَّوْبِ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَيْ أَوْ جَهِلَهَا (قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا عَزَلَ أَحَدَ وَكِيلَيْهِ لَمْ يَتَصَرَّفَا حَتَّى يُبَيِّنَ) أَوْ أَكْثَرَ الْوُكَلَاءِ الْعَشَرَةِ أَيْ عَلَى الِاجْتِمَاعِ انْعَزَلَ سِتَّةٌ وَإِذَا عَيَّنَهُمْ فَفِي تَصَرُّفِ الْبَاقِينَ وَجْهَانِ وَإِذَا وَكَّلَ زَيْدًا بِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ قَالَ وَكَّلْت عَمْرًا بِمَا وَكَّلْت بِهِ زَيْدًا فَقِيلَ هُوَ عَزْلٌ لِلْأَوَّلِ وَالْأَصَحُّ لَا
[مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْوَكَالَة]
(قَوْلُهُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَخِيَارِ شَرْطٍ مَأْذُونٍ فِيهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَبِعْ ثَانِيًا) أَيْ لِزَوَالِ مِلْكِ مُوَكِّلِهِ عَنْ الْمَبِيعِ بِبَيْعِهِ الْمَذْكُورِ
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صَحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ بِمِائَةٍ فَبَاعَ بَعْضَهُ مِنْهُ بِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَصَدَ تَخْصِيصَ الشِّرَاءِ فِي الْمُعَيَّنِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُقَدَّرِ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا الصِّحَّةَ) كَلَامُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا مَعَ تَقْدِيرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَظُّ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ إنْ قَالَ أَعْطِ هَذَا الذَّهَبَ صَائِغًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ امْتَنَعَ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ امْتِنَاعُهُ بِسَبَبِ نِسْيَانِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ إلَخْ) مَا تَفَقُّهُهُ وَاضِحٌ وَلَكِنَّ كَلَامَهُمْ غَيْرُ شَامِلٍ لَهُ
(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا مَثَلًا إلَخْ) أَيْ أَوْ بِدَرَاهِمِك وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَكَالَةٌ فِيهِ قَرْضٌ فَيَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الثَّمَنِ وَيُغْتَفَرُ الْجَهَالَةُ بِالْمُقْرِضِ
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، وَإِنَّمَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ مَعَ أَنَّهُ قَرْضٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَرْضًا حَقِيقِيًّا بَلْ تَقْدِيرِيٌّ (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ غَرِمَ الثَّمَنَ) مِنْ مَالِهِ (حَبْسُ الْمَبِيعِ) لِيَغْرَمَ لَهُ مُوَكِّلُهُ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ) عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ
(وَإِنْ قَالَ) الْمَدْيُونُ (لِوَكِيلِ غَرِيمِهِ خُذْ) هَذَا (وَاقْضِهِ) بِهِ (صَارَ وَكِيلًا لِلْمَدْيُونِ) فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مَا دَامَ بِيَدِ الْوَكِيلِ، وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ بَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَدْيُونِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (خُذْ) هـ (عَمَّا تُطَالِبُنِي بِهِ لِغَرِيمِي) فَأَخَذَهُ (بَرِئَ) الْمَدْيُونُ وَلَا اسْتِرْدَادَ لَهُ (وَكَذَا) يَبْرَأُ (لَوْ قَالَ) لَهُ (خُذْهُ قَضَاءً) لِدَيْنِ غَرِيمِي وَفِي نُسْخَةٍ خُذْهُ قَضَاءً أَيْ الْغَرِيمَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ غَرِيمُهُ فِي إرَادَةِ التَّوْكِيلِ صُدِّقَ وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَدْ صَرَّحَ أَصْلُهُ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ فِيهِ الْمَدْيُونُ بِيَمِينِهِ
(وَإِنْ أَعْطَى) شَخْصٌ (وَكِيلَهُ) شَيْئًا (لِيَتَصَدَّقَ) بِهِ (فَنَوَى) التَّصَدُّقَ (عَنْ نَفْسِهِ وَقَعَ لِلْآمِرِ) وَلَغَتْ النِّيَّةُ
(وَلَوْ وَكَّلْت) أَنْت (عَبْدًا يَشْتَرِي لَك نَفْسَهُ) أَوْ مَالًا آخَرَ مِنْ سَيِّدِهِ (صَحَّ) كَمَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ، (وَلَزِمَهُ التَّصْرِيحُ بِاسْمِك) بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْت نَفْسِي أَوْ كَذَا مِنْك لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ (كَمَا يَلْزَمُك التَّصْرِيحُ بِاسْمِهِ إنْ وَكَّلَك فِي شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ) بِأَنْ تَقُولَ: اشْتَرَيْت عَبْدَك مِنْك لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالِاسْمِ فِيهِمَا (وَقَعَ عَقْدُهُ لَهُ) لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ الْعِتْقَ فَلَا يَنْدَفِعُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ (وَ) وَقَعَ (عَقْدُك لَك) ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ لَا يَرْضَى بِعَقْدٍ يَتَضَمَّنُ الْإِعْتَاقَ قَبْلَ تَوْفِيرِ الثَّمَنِ وَصَوَّرَ الْقَفَّالُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى بِأَنْ يُوَكِّلَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ إذْنٌ لَهُ فِي الشِّرَاءِ
(وَلَوْ قَالَ أَسْلِمْ لِي فِي كَذَا) وَأَدِّ رَأْسَ الْمَالِ (مِنْ مَالِك وَارْجِعْ عَلَيَّ) بِهِ فَفَعَلَ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْإِقْبَاضِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ قَبْضٌ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ كَدَيْنِهِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ وَبِأَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الْآمِرِ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ التَّقْدِيرِيَّةَ لَا تُعْطَى حُكْمَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَقَّقَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُضَيَّقِ فِيهَا، وَهَذَا كَمَا أَنَّا فِي بَابِ الرِّبَا لَا نَكْتَفِي بِالْمُمَاثَلَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ فَكَذَا هُنَا لَا نَكْتَفِي بِالْقَبْضِ التَّقْدِيرِيِّ وَلِهَذَا لَوْ أَحَالَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَكْفِ كَمَا مَرَّ وَفِي النَّفْسِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ
(وَإِذَا أَبْرَأَ وَكِيلُ الْمُسْلِمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَبْرَ وَوَجْهُهُ أَنْ يُقَدَّرَ دُخُولُ الْجَازِمِ بَعْدَ إبْدَالِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: لَسْت وَكِيلًا، وَالسَّلَمُ لَك) وَأَبْرَأْتنِي مِنْهُ (نَفَذَ الْإِبْرَاءُ ظَاهِرًا أَوْ تَعَطَّلَ) بِذَلِكَ (حَقُّ الْمُسْلِمِ وَغَرِمَ) لَهُ (الْوَكِيلُ بِرَأْسِ الْمَالِ) أَيْ قِيمَتَهُ (لِلْحَيْلُولَةِ) فَلَا يَغْرَمُ بَدَلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَيْ لَا يَكُونَ اعْتِيَاضًا عَنْهُ
(وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي طَعَامًا حُمِلَ) فِي كُلِّ مَكَان (عَلَى الْعُرْفِ) فِيهِ (إنْ كَانَ) فِيهِ عُرْفٌ كَالْحِنْطَةِ بِمَكَّةَ، أَوْ مِصْرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ كَمَا فِي طَبَرِسْتَانَ لَمْ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي مَجْهُولٍ
(وَإِنْ قَالَ أَبْرِي غُرَمَائِي) وَكَانَ مِنْ غُرَمَائِهِ (لَمْ يُبْرِ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ أَمْرِ الْمُخَاطِبِ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ شِئْت فَأَبْرِ نَفْسَك فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وُكِّلَ الْمَدْيُونُ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ (أُعْطِ ثُلُثِي لِلْفُقَرَاءِ أَوْ) أَعْطِهِ (نَفْسَك إنْ شِئْت لَمْ يُعْطِ نَفْسَهُ) لِمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) ، قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ مَعَ أَنَّهُ قَرْضٌ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ. اهـ. وَأَشَارَ بِهِ إلَى الْخِلَافِ فِي الْقَرْضِ الْمُتَقَوِّمِ هَلْ الْوَاجِبُ الْمِثْلُ الصُّورِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الْقِيمَةُ فَالْوَاجِبُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الْمِثْلُ لَا الْقِيمَةُ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ وَالْحِجَازِيِّ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِبَدَلِهِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِوَكِيلِ غَرِيمِهِ: خُذْ هَذَا وَاقْضِهِ بِهِ) أَيْ أَوْ ادْفَعْهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ غَرِيمُهُ إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْت نَفْسِي إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ تَقَدُّمِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ قَبْلَ الشِّرَاءِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَسْلِمْ كَذَا مِنْ مَالِك إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَكِنْ لَوْ قَالَ اسْتَلِفْ لِي كَذَا فِي الذِّمَّةِ وَأَسْلِمْهُ لِي فِي كُرٍّ مِنْ طَعَامٍ فَلَمَّا تَمَّ قَالَ: اقْضِ هَذَا الثَّمَنَ عَنِّي مِنْ مَالِك فَفَعَلَ صَحَّ (فَرْعٌ) وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا فِي بَيْعٍ وَقَالَا: لَا تَبِعْ إلَّا بِحَضْرَةِ فُلَانٍ أَوْ بِعْ بِحَضْرَتِهِ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْبَتِهِ بَطَلَ وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا فِي ذِمَّتِك فَاشْتَرَى صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ عُيِّنَ الْعَبْدُ، أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ وَبَرِئَ مِنْ دَيْنِهِ وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ تَلِفَ مِنْ ضَمَانِ الْآمِرِ، وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا فَأَخَذَ الْوَكِيلُ فَرَسًا، وَبَعَثَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ عَلَى يَدِ ثَالِثٍ وَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالِاسْتِيَامِ فَاسْتَامَ وَبَعَثَهُ ضَمِنَهُ الْمُوَكِّلُ فَقَطْ وَلَوْ رَكِبَهُ الثَّالِثُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْمُوَكِّلُ وَاسْتَامَ بِنَفْسِهِ وَبَعَثَ ضِمْنَ وَلَوْ رَكِبَهُ الثَّالِثُ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْبَعْثِ بِلَا اسْتِيَامٍ، وَلَمْ يَرْكَبْ الثَّالِثُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ رَكِبَ الثَّالِثُ ضَمِنَ.
وَلَوْ قَالَ: رَكِبْت بِالْإِذْنِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ دَفَعَ شَيْئًا إلَى آخَرَ لِيَحْمِلَهُ إلَى بَلَدٍ وَيَبِيعَهُ، وَرَدَّهُ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ ثَانِيًا بِلَا رَدٍّ إلَى الْمَالِكِ، وَلَا إذْنٍ جَدِيدٍ صَارَ ضَامِنًا وَلَوْ بَاعَ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ دَفَعَ دِينَارًا إلَى آخَرَ لِيَدْفَعَهُ لِغَرِيمِهِ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ احْفَظْهُ لِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الدَّافِعِ لَا مِنْ ضَمَانِ الْغَرِيمِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَقَالَ لِلْمَدْيُونِ: اشْتَرِ كُلَّ يَوْمٍ شَعِيرًا بِدِرْهَمٍ، وَأَطْعِمْهُ حِمَارِي فَقَالَ الْمَأْمُورُ: اشْتَرَيْت وَأَطْعَمْت، وَأَنْكَرَ الْآمِرُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَوْ دَفَعَ دَابَّةً إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهَا فَرَكِبَهَا لِلِانْتِفَاعِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَلَبِسَهُ أَوْ ارْتَدَى بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ يَخَافُ الضَّيَاعَ لَوْ لَمْ يَلْبَسْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى بَزَّازٍ لِيَبِيعَهُ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ إلَى الدَّلَّالِ لِيَعْرِضَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا فِي ذِمَّتِك فَاشْتَرَى صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ كَتَبَ عَلَيْهِ الْأَصَحُّ عَدَمُ وُقُوعِهِ لِلْمُوَكِّلِ
(قَوْلُهُ لِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) أَيْ الْإِقْبَاضَ وَالْقَبْضَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ الْآتِي