الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الصَّيْفِ أَوْ مَاءً فِي مَفَازَةٍ) وَتَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ هُنَاكَ بِلَا غَصْبٍ (فَاجْتَمَعَا) أَيْ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ أَوْ الْمُتْلِفُ (فِي الشِّتَاءِ) فِي الْأُولَى (أَوْ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ) فِي الثَّانِيَةِ (لَزِمَهُ قِيمَةُ الْمِثْلِ فِي الصَّيْفِ) فِي الْأُولَى (أَوْ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَفَازَةِ) فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ إذَا اجْتَمَعَا فِي الصَّيْفِ أَوْ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَفَازَةِ فَلَا تَرَادَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ هُنَا.
(فَصْلٌ: لَوْ غَصَبَ حُلِيًّا) مِنْ ذَهَبٍ (وَزْنُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَتَلِفَ ضَمِنَ التِّبْرَ بِمِثْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ كَمَا مَرَّ (وَالصَّنْعَةَ) بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ (مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْحُلِيِّ وَلَا رِبًا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْعُقُودِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَنُقِلَ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، وَصَحَّحَهُ لَكِنَّهُ قَالَ إنَّ قَوْلَ الْبَغَوِيّ أَحْسَنُ مِنْهُ تَرْتِيبًا، وَمِنْ هُنَا جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ، وَيُوَافِقُهُ مَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى (فَإِنْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ مُحَرَّمَةً كَالْإِنَاءِ ضَمِنَهُ بِوَزْنِهِ) أَيْ بِمِثْلِهِ وَزِنًا (كَالسَّبِيكَةِ) وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا صَنْعَةَ فِيهِ كَالتِّبْرِ.
[فَصْلٌ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا وَكَذَا عَكْسُهُ ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَهُ أَيْ الْمَغْصُوبُ]
(فَصْلٌ: لَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا، وَ) كَذَا (عَكْسُهُ) بِأَنْ صَارَ الْمُتَقَوِّمُ مِثْلِيًّا (أَوْ) صَارَ الْمِثْلِيُّ (مِثْلِيًّا آخَرَ كَجَعْلِهِ الشَّاةَ لَحْمًا) مِثَالٌ لِلثَّانِي (وَالدَّقِيقَ خُبْزًا) مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ (وَالسِّمْسِمَ شَيْرَجًا) مِثَالٌ لِلثَّالِثِ (ثُمَّ تَلِفَ) عِنْدَهُ (أَخَذَ) الْمَالِكُ (الْمِثْلَ) فِي الثَّلَاثَةِ مُخَيَّرًا فِي الثَّالِثِ مِنْهَا بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَغْبَطَ) أَيْ أَكْثَرَ قِيمَةً فَيُؤْخَذُ هُوَ فِي الثَّالِثِ، وَقِيمَتُهُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَمَّا إذَا صَارَ الْمُتَقَوِّمُ مُتَقَوِّمًا كَحُلِيٍّ صِيغَ مِنْ إنَاءٍ غَيْرِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ فَيَجِبُ فِيهِ أَقْصَى الْقِيَمِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ.
(فَصْلٌ) لَوْ (جَنَى عَلَى غَيْرِ مِثْلِيٍّ ضَمِنَهُ الْمُتْلِفُ غَيْرُ الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ مَعْدُومٌ وَضَمَانُ الزَّائِدِ قَبْلَهُ فِي الْمَغْصُوبِ إنَّمَا كَانَ بِالْيَدِ الْعَادِيَةِ وَلَمْ تُوجَدْ هُنَا، وَأَمَّا «رَدُّهُ صلى الله عليه وسلم الْإِنَاءَ بَدَلَ الْإِنَاءِ الَّذِي كَسَرَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْإِنَاءَيْنِ كَانَا لَهُ صلى الله عليه وسلم وَأَرَادَ بِهَذَا الْإِصْلَاحَ وَالْمَعُونَةَ لَا حَقِيقَةَ التَّضْمِينِ هَذَا (إنْ لَمْ يَنْقُصْ بِالْجِنَايَةِ، وَإِلَّا) كَأَنْ جَنَى عَلَى حَيَوَانٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ ثُمَّ مَاتَ، وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ (فَيَوْمَ) أَيْ فَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ (الْجِنَايَةِ) ؛ لِأَنَّا إذَا اعْتَبَرْنَا الْأَقْصَى فِي الْيَدِ الْعَادِيَةِ فَفِي نَفْسِ الْإِتْلَافِ أَوْلَى (وَيَضْمَنُ بَعْضَهُ بِمَا نَقَصَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ قِيمَتِهِ كَأَنْ قَطَعَ يَدَ حَيَوَانٍ فَيَلْزَمُهُ أَرْشُ مَا نَقَصَ بِالْقَطْعِ، وَهَذَا قَدَّمَهُ الْأَصْلُ فِي أَوَائِلِ الطَّرَفِ الثَّانِي (وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَيَضْمَنُ التَّالِفَ) غَيْرَ الْمِثْلِيِّ (بِأَكْثَرِ قِيَمِهِ مِنْ) حِينِ (الْغَصْبِ إلَى) حِينِ (التَّلَفِ) لِتَوَجُّهِ الرَّدِّ عَلَيْهِ حَالَ الزِّيَادَةِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ التَّلَفِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِالنَّقْصِ بِالْكَسَادِ وَتَكُونُ قِيمَتُهُ (مِنْ نَقْدِ بَلَدِ التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحِلُّ وُجُوبِ الضَّمَانِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ، وَإِلَّا فَيَتَّجِهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ اعْتِبَارُ نَقْدِ الْبَلَدِ أَيْ الَّذِي تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ مَا يُقَارِبُهُ عَمَلًا بِمَحِلِّ وُجُوبِ الضَّمَانِ الْحَقِيقِيِّ (فَلَوْ غَصَبَهُ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ فَصَارَتْ بِالْغَلَاءِ مِائَتَيْنِ ثُمَّ) صَارَتْ بِالرُّخْصِ (مِائَةً ثُمَّ) صَارَتْ بِالْغَلَاءِ (مِائَتَيْنِ ثُمَّ تَلِفَ ثُمَّ صَارَتْ) بِالْغَلَاءِ (ثَلَثَمِائَةٍ لَزِمَهُ مِائَتَانِ) ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ غَصْبِهِ إلَى تَلَفِهِ (وَلَا أَثَرَ لِلتَّكَرُّرِ) أَيْ تَكَرُّرِ غُلُوِّ السِّعْرِ وَرُخْصِهِ حَتَّى لَا يَضْمَنَ كُلَّ زِيَادَةٍ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ (وَلَا لِلزِّيَادَةِ) فِي السِّعْرِ (بَعْدَ التَّلَفِ) لِلْمَغْصُوبِ إذْ لَا وُجُودَ لَهُ وَلَوْ قَدَّمَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى الْمِثَالِ السَّابِقِ كَانَ أَنْسَبَ، وَمَحَلُّ الضَّمَانِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى التَّكَرُّرِ فِي الْأَعْيَانِ دُونَ الْمَنَافِعِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيَضْمَنُ) أَيْ الْمَنْفَعَةَ (كُلَّ) أَيْ فِي كُلِّ (مُدَّةٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا) فِيهَا.
(فَصْلٌ) لَوْ (أَبَقَ الْمَغْصُوبُ أَوْ سُرِقَ الْمِثْلِيُّ) بَلْ أَوْ الْمُتَقَوِّمُ أَوْ غَيَّبَهُ الْغَاصِبُ أَوْ ضَاعَ (فَلِلْمَالِكِ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
زَمَانٍ أَوْ مَكَان فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بِاعْتِبَارِ مَكَانِ الْإِتْلَافِ يَعْنِي أَوْ زَمَانِهِ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْبَلَدِ وَالشِّتَاءِ قِيمَةٌ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ كَانَتْ وَلَوْ يَسِيرَةً وَجَبَ الْمِثْلُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمِثْلُ، وَإِنَّمَا يُعْدَلُ عَنْهُ إذَا لَمْ يَصِرْ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مَالِيَّةٌ وَلَا نَظَرَ إلَى زِيَادَةِ قِيمَةِ الْمِثْلِ وَنَقْصِهَا كَمَا لَا نَظَرَ إلَى تَفَاوُتِ الْأَسْعَارِ عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ سَقَى أَرْضَهُ بِمَاءٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ فَفِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ مَعَ جَزْمِهِ بِأَنَّ الْمَاءَ مِثْلِيٌّ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ مُحَصَّلًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ مِنْ قَنَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَدْ يُقَالُ عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ إذَا غَصَبَ مَاءً فِي الصَّيْفِ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ إلَى السَّقْيِ وَاجْتَمَعَا فِي الشِّتَاءِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ السَّقْيِ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ.
وَفِي الْكَافِي لَوْ غَصَبَ جَمْدًا فَذَابَ رَدَّ الْمَاءَ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ أَوْ مَاءً مُسَخَّنًا فَبَرَدَ فَسَخَّنَهُ الْغَاصِبُ لَمْ يَنْجَبِرْ مَا ذَهَبَ مِنْ الْحَرَارَةِ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ غَصَبَ دَارًا فَانْهَدَمَتْ فَبَنَاهَا بِتِلْكَ الْآلَةِ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ ضَمِنَ الْهَدْمَ.
[فَصْلٌ غَصَبَ حُلِيًّا مِنْ ذَهَبٍ وَزْنُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَتَلِفَ]
(قَوْلُهُ: كَحُلِيٍّ صِيغَ مِنْ إنَاءٍ غَيْرِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْإِنَاءَ الَّذِي لَمْ يُصَبَّ فِي قَالِبٍ وَلَيْسَ مِنْ الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ فَهُوَ مُتَقَوِّمٌ، وَالصَّنْعَةُ فِي الْحُلِيِّ مُتَقَوِّمَةٌ
[فَصْلٌ جَنَى عَلَى غَيْرِ مِثْلِيٍّ الْمَغْصُوبَ]
(قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) هَلْ الْقِيمَةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْمُتَقَوِّمِ أَوْ هِيَ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ رَغَبَاتُ الرَّاغِبِينَ فِي ابْتِيَاعِهِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَالْأَظْهَرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَيَضْمَنُ التَّالِفَ بِأَكْثَرِ قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ) لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ التَّالِفُ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ أَوْ كَانَ الْغَاصِبُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ فَلَا ضَمَانَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِمَّنْ يَجِبُ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ فَعَلَى مُتْلِفِهِ الْقِيمَةُ إلَّا فِي الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ قَالَ الْقَفَّالُ وَكَذَا الْقَاتِلُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَزَادَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَيْهِ تَارِكَ الصَّلَاةِ وَالزَّانِيَ الْمُحْصَنَ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتُرِقَّ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا الصَّائِلُ فِي حَالِ صِيَالِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَقْدِ بَلَدِ التَّلَفِ) إلَّا إذَا كَانَ لَا يَصْلُحُ كَالْمَفَازَةِ فَيُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَتَّجِهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ أَبَقَ الْمَغْصُوبُ أَوْ سُرِقَ الْمِثْلِيُّ أَوْ الْمُتَقَوِّمُ أَوْ غَيَّبَهُ الْغَاصِبُ أَوْ ضَاعَ]
(قَوْلُهُ: فَلِلْمَالِكِ
تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ) فِي الْحَالِ (لِلْحَيْلُولَةِ) ، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا (أَقْصَى مَا كَانَتْ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ) ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بَعْدَ هَذَا أَنْ يُطَالِبَ بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ (وَيَمْلِكُهَا) الْمَالِكُ كَمَا يَمْلِكُهَا عِنْدَ التَّلَفِ فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ كَمَا لَا يَمْلِكُ نِصْفَ الْعَبْدِ إذَا قَطَعَ إحْدَى يَدَيْهِ وَغَرِمَ وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يَمْلِكُهَا مِلْكَ قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا عَلَى حُكْمِ رَدِّهَا أَوْ رَدِّ بَدَلِهَا عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَلْزَمَهُ قَبُولُهُ (وَ) لِهَذَا (لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْهَا فَلَوْ ظَفِرَ الْغَاصِبُ بِالْآبِقِ أَوْ الْمَسْرُوقِ فَلَمْ يَحْبِسْهُ لِلْقِيمَةِ) أَيْ لِاسْتِرْدَادِهَا كَمَا لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ (بَلْ يَرُدُّهُ) لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ حَقِّهِ، وَيَسْتَرِدُّ قِيمَتَهُ كَمَا أَنَّ الْمَالِكَ يَرُدُّهَا، وَيَسْتَرِدُّهُ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى تَرْكِ التَّرَادِّ هُنَا، وَفِيمَا مَرَّ مِنْ نَظِيرِهِ فِي فَرْعِ غَصْبِ مِثْلِيًّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ لِيَصِيرَ الْمَغْصُوبُ لِلْغَاصِبِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا أَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ رَدِّهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَجَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا حَاجَةَ إلَى عَقْدٍ قُلْت، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَكَفَى فِيمَا ذُكِرَ ذَلِكَ بِخِلَافِهَا بَعْدَ رَدِّهِ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَاقِيَةً) بِيَدِ الْمَالِكِ وَلَوْ بِزِيَادَةٍ (رَدَّهَا بِزَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ) .
وَتُتَصَوَّرُ زِيَادَتُهَا بِأَنْ يَدْفَعَ عَنْهَا حَيَوَانًا فَيُنْتِجَ أَوْ شَجَرًا فَيُثْمِرَ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ أَوْ بِأَنْ يَكُونَا بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُ أَهْلُهُ بِالْحَيَوَانِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ (وَلَمْ يَجُزْ إبْدَالُهَا) بِغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ كَنَظَائِرِهِ مِنْ الْقَرْضِ وَاللُّقَطَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَاقِيَةً (وَجَبَ) إبْدَالُهَا بِمِثْلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ عَنْهَا مُتَقَوِّمًا، وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ (فَإِنْ أَفْلَسَ الْمَالِكُ) ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ (فَالْغَاصِبُ أَحَقُّ) مِنْ غَيْرِهِ (بِالْقِيمَةِ) الَّتِي دَفَعَهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارٍ، وَهُنَا بِمُجَرَّدِ عَوْدِ الْمَغْصُوبِ يَنْتَقِضُ الْمِلْكُ فِي الْقِيمَةِ فِيمَا يَظْهَرُ قُلْت وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْقِيمَةُ بَاقِيَةً قَدَّمَ الْغَاصِبُ بِبَدَلِهَا مِنْ ثَمَنِ الْمَغْصُوبِ نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ النَّصِّ.
(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ وَلَوْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ لَوْ (اخْتَلَفَا فِي تَلَفِ الْمَغْصُوبِ أَوْ) فِي (كَوْنِهِ كَاتِبًا أَوْ مُحْتَرِفًا أَوْ فِي مَالِكِ ثِيَابِ الْعَبْدِ) أَهُوَ مَالِكُهُ أَوْ غَاصِبُهُ (أَوْ فِي تَخَلُّلِ الْخَمْرِ الْمُحْتَرَمَةِ قَبْلَ تَلَفِهَا) بِأَنْ قَالَ صَاحِبُهَا تَلِفَتْ بَعْدَ تَخَلُّلِهَا، وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ قَبْلَهُ (صُدِّقَ الْغَاصِبُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى قَدْ يَكُونُ صَادِقًا، وَيَعْجِزُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَلَوْ لَمْ يُصَدَّقْ لَأَدَّى إلَى تَخْلِيدِ حَبْسِهِ، وَيَدُهُ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَثِيَابُهُ وَالْأَصْلُ فِيمَا عَدَاهُمَا بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَعَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْمَالِكُ، وَإِذَا حَلَفَ الْغَاصِبُ فِي الْأُولَى فَلِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ الْبَدَلَ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا حَاجَةَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى تَقْيِيدِ الْخَمْرِ بِالْمُحْتَرَمَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَمْرَيْنِ، وَخَرَجَ بِالْعَبْدِ مَا لَوْ غَصَبَ حُرًّا صَغِيرًا مَثَلًا وَاخْتَلَفَ هُوَ وَالْوَلِيُّ فِي ثِيَابِهِ فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ وَلِيُّهُ فَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ لِيَحْلِفَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَدَ غَاصِبِهِ لَا تَثْبُتُ عَلَى ثِيَابِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَكَذَا) يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ (لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ) الْمُسْتَحَقَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ.
وَعَلَى مَالِكِهِ الْبَيِّنَةُ (وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ) بِقِيمَتِهِ (إلَّا إنْ قُدِّرَتْ الْقِيمَةُ وَلَا تُقْبَلُ) بَيِّنَتُهُ (عَلَى الْوَصْفِ) أَيْ وَصْفِ الْمَغْصُوبِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ) إنَّمَا لَمْ يَغْرَمْ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّرَادِّ فَقَدْ يُرْفَعُ السِّعْرُ وَيَنْخَفِضُ فَيَلْزَمُ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَلْ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْمَالِكَ لِيُحْضِرَ الْآبِقَ الْمَعْرُوفَ مَكَانَهُ بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ إنَّهُ إذَا عَرَفَ مَوْضِعَهُ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ يُمْكِنُ رَدُّهُ فِي زَمَانٍ يَسِيرٍ وَقَالَ الْغَاصِبُ أَرُدُّهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَذْلِ الْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَعُدَ (قَوْلُهُ: وَتُتَصَوَّرُ زِيَادَتُهَا إلَخْ) صُورَةُ زِيَادَةِ النَّقْدِ الْمُتَّصِلَةِ أَنْ يَكُونَ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً فَيَضْرِبُهَا صِحَاحًا فَهَذِهِ قَدْ زَادَتْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا تَزِيدُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مِنْ نَقْدٍ نَاقِصِ الْقِيمَةِ كَالدَّرَاهِمِ الْمَسْعُودِيَّةِ فَضَرَبَهَا عَلَى سِكَّةٍ تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ السِّكَّةِ الْأُولَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فَصُورَتُهَا إذَا ضَرَبَ الْقِيمَةَ الْمَأْخُوذَةَ حُلِيًّا وَاسْتُعْمِلَ بِالْإِجَارَةِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَفُوزُ بِالْأُجْرَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَنَّ الظَّاهِرَ جَوَازُ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا إنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ فِي الْغَصْبِ كَاسْتِحْقَاقِ بَدَلِ الْمُتْلَفِ وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ بَدَلِ الْمُتْلَفِ قَالَ فِي الْخَادِمِ، وَمَا عَزَاهُ لِلْأَصْحَابِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى قَدْ يَكُونُ صَادِقًا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا فَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِالسَّبَبِ كَالْمُودَعِ وَقَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا فَإِنْ ذَكَرَهُ فَكَالْمُودَعِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ يَدُهُ يَدُ ضَمَانٍ (قَوْلُهُ: وَيَدُهُ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَثِيَابُهُ) هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ إنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِالْعِمَامَةِ مَنْ قَالَ عِنْدِي عَبْدٌ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ بَلْ صُورَةُ هَذَا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَرَدَّهُ لِمَالِكِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْعِمَامَةَ لَهُ وَقَالَ مَالِكُهُ: هُوَ وَهِيَ لِي فَمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيهَا وَيُحْمَلُ الْمَذْكُورُ هُنَا عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ اسْتَثْنَى الثِّيَابَ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ وَيُحْمَلُ مَا فِي الْإِقْرَارِ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَسْتَثْنِ الثِّيَابَ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ كَذَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عُجَيْلٌ وَلَا مُخَالَفَةَ إذَنْ (قَوْلُهُ: فَلِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ الْبَدَلَ عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَ الْفَارِقِيُّ وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الْمَالِكِ عَلَى أَخْذِ الْبَدَلِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى تَقْيِيدِ الْخَمْرِ بِالْمُحْتَرَمَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَيَّدُوهَا بِالْمُحْتَرَمَةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَيْسَتْ مَغْصُوبَةً عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْيَدِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً بِاعْتِبَارِ مُدَّعِيهَا فَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّقْيِيدِ تَصْدِيقُ الْغَاصِبِ فِيهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى