الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَدَمُ الضَّمَانِ فِيهِمَا وَيُفَارِقُ تَرْكَ الْعَلَفِ بِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ رُوحٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا.
قَالَ الْقَفَّالُ: وَيَضْمَنُ وَرَقَ الْفِرْصَادِ إذَا تَرَكَهُ حَتَّى فَاتَ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ (وَلَا يَبِيعُ) لَهُ (بِعَرَضٍ وَنَسِيئَةٍ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) يَرَاهَا فِيهِمَا لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] فَمِنْ مَصَالِحِ الْعَرَضِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ رِبْحٌ وَمِنْ مَصَالِحِ النَّسِيئَةِ أَنْ تَكُونَ بِزِيَادَةٍ أَوْ لِخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ نَهْبٍ أَوْ إغَارَةٍ (وَيَشْهَدُ) وُجُوبًا (عَلَى النَّسِيئَةِ وَزِيَادَتِهَا وَيَرْتَهِنُ) كَذَلِكَ بِالثَّمَنِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَرْتَهِنُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً كَمَا فِي إقْرَاضِ مَالِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ ثَمَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ مَتَى شَاءَ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَدْ يُسْرِعُ مَنْ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي ضَيَاعِ مَالِهِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ فَاحْتِيجَ إلَى التَّوَثُّقِ بِالرَّهْنِ أَيْ مُطْلَقًا (رَهْنًا وَافِيًا) بِهِ لِلِاحْتِيَاطِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ (ضَمِنَ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَبَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ وَقَالَ الْإِمَامُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا انْتَهَى، وَكَلَامُ الْأَصْلِ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ (وَلَا يُجْزِئُ الْكَفِيلُ) عَنْ الِارْتِهَانِ (وَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ الِارْتِهَانُ) مِنْ نَفْسِهِمَا (لَهُ وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمَا) كَأَنْ بَاعَا مَالَهُ لِنَفْسِهِمَا نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ فِي حَقِّهِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، وَإِذَا بَاعَ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ نَسِيئَةً لَا يَحْتَاجُ إلَى رَهْنٍ مِنْ نَفْسِهِ (وَيُسَجِّلُ الْقَاضِي بِبَيْعِهِمَا) مَالَ وَلَدِهِمَا أَيْ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ إذَا رَفَعَاهُ إلَيْهِ.
(وَإِنْ لَمْ يُثْبِتَا) أَنَّ بَيْعَهُمَا وَقَعَ (بِالْمَصْلَحَةِ) لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ فِي حَقِّ وَلَدِهِمَا (وَفِي وُجُوبِ إثْبَاتِهِمَا) أَيْ إقَامَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ (بِالْعَدَالَةِ) لِيُسَجَّلَ لَهُمَا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا اكْتِفَاءَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ كَشُهُودِ النِّكَاحِ وَالثَّانِي نَعَمْ كَمَا يَجِبُ إثْبَاتُ عَدَالَةِ الشُّهُودِ لِيَحْكُمَ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَصَحَّ بِخِلَافِ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي جَوَازِ تَرْكِ الْحَاكِمِ لَهُمَا عَلَى الْوِلَايَةِ وَهَذَا فِيمَا إذَا طَلَبَا مِنْهُ أَنْ يُسَجِّلَ لَهُمَا (بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ) فَإِنَّهُ يَجِبُ إقَامَتُهُمَا الْبَيِّنَةَ بِالْمَصْلَحَةِ، وَبِعَدَالَتِهِمَا، وَالتَّصْرِيحُ بِالْحُكْمِ فِي عَدَالَتِهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا بَاعَا) مَالَهُ وَلَوْ غَيْرَ عَقَارٍ (بِلَا مَصْلَحَةٍ) فَتَلْزَمُهُمَا الْبَيِّنَةُ (لَا عَلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ) فَلَا تَلْزَمُهُمَا الْبَيِّنَةُ بَلْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُتَّهَمَانِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، وَقَضِيَّتُهُ قَبُولُ قَوْلِ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً، وَكَذَا مَنْ فِي مَعْنَاهَا كَآبَائِهَا، وَمَا ذُكِرَ فِي الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ أَمَّا فِيهَا فَالظَّاهِرُ قَبُولُ قَوْلِهِمَا لِعُسْرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِمَا (وَدَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَلِيِّ كَدَعْوَاهُ عَلَى الْوَلِيِّ) فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ إنْ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا إنْ اشْتَرَى مِنْهُمَا وَسَكَتَ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى الْقَاضِي وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْإِيصَاءِ.
(فَرْعٌ لَا يُعَامِلُ الطِّفْلَ وَصِيٌّ)
هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ مَالِهِ لِنَفْسِهِ، وَلَا مَالِ نَفْسِهِ لَهُ وَالْقَاضِي وَأَمِينُهُ كَالْوَصِيِّ، وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهِ كَالطِّفْلِ، أَمَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ فَلَهُمَا ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَيَأْتِي فِي الْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً وَمَنْ فِي مَعْنَاهَا مَا تَقَدَّمَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ التَّلْقِيحِ بِأَنَّ التَّرْكَ فِيهِمَا يُفَوِّتُ الْمَنْفَعَةَ، وَالتَّرْكُ فِيهَا يُفَوِّتُ الْأَحْوَرِيَّةَ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الْخُلْعِ: إذَا خَالَعَ السَّفِيهُ وَقَبَضَ الْمَالَ وَتَرَاكَهُ الْوَلِيُّ فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ اهـ أَيْ وَأَصَحُّهُمَا الضَّمَانُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى لُقَطَةِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ: وَيَضْمَنُ وَرَقَ الْفِرْصَادِ إذَا تَرَكَهُ حَتَّى فَاتَ) جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُ بِعَرَضٍ وَنَسِيئَةٍ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) يُشْتَرَطُ لِبَيْعِ مَالِهِ نَسِيئَةً كَوْنُهُ مِنْ مُوسِرٍ ثِقَةٍ وَقَصُرَ الْأَجَلُ عُرْفًا وَزِيَادَةً لَائِقَةً بِهِ، وَكَوْنُ الرَّهْنِ وَفِيًّا، وَالْإِشْهَادُ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَيَرْتَهِنُ بِالثَّمَنِ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَبَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ الِارْتِهَانُ مِنْ نَفْسِهِمَا لَهُ، وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ هَذَا إذَا كَانَ مِلِّيًّا، وَإِلَّا فَهُوَ مُضَيِّعٌ، وَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ يَقْتَضِي تَفَرُّدَ الْبَغَوِيّ بِهِ، وَأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ، وَلِلْمَسْأَلَةِ شُرُوطٌ أُخَرُ ذَكَرَهَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي ثِقَةً مُوسِرًا، وَالْأَجَلُ قَصِيرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ، قَالَ: فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَاعَ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ إلَخْ) وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ أَيْضًا بَيْعَ الْوَلِيِّ لِلْمُضْطَرِّ نَسِيئَةً وَهُوَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي نَعَمْ كَمَا يَجِبُ إثْبَاتُ عَدَالَةِ الشُّهُودِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِيمَا إذَا طَلَبَا مِنْهُ أَنْ يُسَجِّلَ لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ التَّسْجِيلَ يَسْتَدْعِي ثُبُوتَهُ عِنْدَهُ وَالثُّبُوتُ يَحْتَاجُ إلَى التَّزْكِيَةِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَمْنَعُ الشُّرَكَاءَ مِنْ قِسْمَةِ دَارٍ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا يُجِيبُهُمْ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمِلْكِهِمْ لَهَا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَدْعِي الْحُكْمَ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا بَاعَا بِلَا مَصْلَحَةٍ إلَخْ) لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ بَاعُوا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ وَلِأَنَّهُمْ مُدَّعُونَ صِحَّةَ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ لَا عَلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ) سَكَتَ عَنْ الدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ الْعَقَارَ أَيْ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ مِنْ غَيْرِ غِبْطَةٍ وَلَا ضَرُورَةٍ فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ جَدًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا أَيْ بِيَمِينِهِمَا لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةِ التُّهْمَةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: لَمْ أَرَ لِلْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا بِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ كَانَ فِي زَمَنِ حُكْمِهِ وَتَوَقَّفَ فِيمَا إذَا كَانَ مَعْزُولًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَحَكَى عَنْهُ وَلَدُهُ فِي التَّوْشِيحِ أَنَّهُ قَالَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا هَذَا نَصُّهُ هَذَا مَا ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْآنَ أَنَّهُ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِ الْحَاكِمِ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يُعْلَمَ فَسَادُهَا فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا عَلَى وِلَايَتِهِ أَوْ لَا، وَأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَصَرُّفِهِ كَانَ نَائِبَ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ قَبُولُ قَوْلِ الْإِمَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ قَبُولُ قَوْلِهِمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِعُسْرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا يَتَكَرَّرُ وَيَعْسُرُ مَعَهُ الْإِشْهَادُ أَمَّا مَالُ تِجَارَةٍ لَا يَتَكَرَّرُ كَثِيرًا فَهُوَ كَغَيْرِهِ.
[فَرْعٌ لَا يُعَامِلُ الطِّفْلَ وَصِيٌّ]
(قَوْلُهُ: لَا يُعَامِلُ الطِّفْلَ وَصِيٌّ) شَمِلَ مُعَامَلَتَهُ لِنَفْسِهِ وَلِمَحْجُورِهِ
فِيهِمَا قَبْلَ الْفَرْعِ (وَلَا يَقْتَصُّ لَهُ وَلِيٌّ) وَلَوْ أَبًا (وَلَا يَعْفُو) عَنْ الْقِصَاصِ؛ إذْ قَدْ يَخْتَارُ مَحْجُورُهُ بَعْدَ زَوَالِ حَجْرِهِ غَيْرَ مَا اخْتَارَهُ هُوَ نَعَمْ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى الْأَرْشِ فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ الْفَقِيرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ؛ إذْ لَا غَايَةَ لِلْجُنُونِ بِخِلَافِ الصِّبَا (وَلَا يُعْتَقُ) عَنْهُ رَقِيقُهُ فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ، وَلَوْ بِعَرَضٍ (وَلَا يُكَاتِبُ) هـ (وَلَا يَهَبُ) مَالَهُ (بِثَوَابٍ وَلَا غَيْرِهِ) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَلِأَنَّ الْهِبَةَ وَالْعِتْقَ لَا يَقْصِدُ بِهِمَا الْعِوَضَ نَعَمْ إنْ شَرَطَ ثَوَابًا مَعْلُومًا فِي الْهِبَةِ بِغِبْطَةٍ جَازَتْ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهَا إذَا قُيِّدَتْ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ كَانَتْ بَيْعًا، وَلَا يُدَبِّرُ رَقِيقَهُ، وَلَا يُعَلِّقُ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَنْعِهِ مِنْ كِتَابَتِهِ (وَلَا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ وَلَا يُخَالِعُهَا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ، وَلَا بِصَرْفِ مَالِهِ لِلْمُسَابَقَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا.
وَلَا يُشْتَرَى لَهُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مُرْبِحًا، وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ لَهُ (وَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ) فَقَدْ يَخْرُجُ الْمَبِيعُ مُسْتَحِقًّا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَظْهَرُ جَوَازُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ لَهُ لِلتِّجَارَةِ لِغَرَرِ الْهَلَاكِ (وَيَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ) فِي الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِعْلِهَا، وَيَتْرُكُ الْأَخْذَ عِنْدَ عَدَمِهَا فِيهِ، وَإِنْ عُدِمَتْ فِي التَّرْكِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالنَّصُّ يُفْهِمُهُ وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لَهُ يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152](فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ) وُجُودِ (الْغِبْطَةِ) فِي الْأَخْذِ (لَا) مَعَ (عَدَمِهَا وَبَلَغَ) أَيْ الطِّفْلُ (أَخَذَهَا) ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْوَلِيِّ حِينَئِذٍ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ فَلَا يَفُوتُ بِتَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَهَا لِعَدَمِ الْغِبْطَةِ وَلَوْ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ مَعًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ فَعِبَارَتُهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ، وَلَمْ يُعَبِّرْ أَصْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ بِالْغِبْطَةِ بَلْ بِالْمَصْلَحَةِ وَهِيَ أَعَمُّ وَلَوْ أَخَذَ الْوَلِيُّ مَعَ الْغِبْطَةِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَرَادَ الرَّدَّ لَمْ يُمْكِنْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ بَعْدَ زَوَالِ حَجْرِهِ فِي أَنَّ الْوَلِيَّ تَرَكَ الْأَخْذَ مَعَ الْغِبْطَةِ فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ الْبَيِّنَةُ (إلَّا عَلَى أَبٍ أَوْ جَدٍّ قَالَ: إنَّهَا تُرِكَتْ لِغَيْرِ غِبْطَةٍ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ (وَلَا أُجْرَةَ لِلْوَلِيِّ) وَلَا نَفَقَةَ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ
(فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا، وَشُغِلَ) بِسَبَبِهِ (عَنْ الِاكْتِسَابِ أَخَذَ الْأَقَلَّ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ) قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] وَكَالْأَكْلِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُؤَنِ، وَإِنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ أَمَّا الْحَاكِمُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ وِلَايَتِهِ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ حَتَّى أَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا نَقَصَ أَجْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْأُمِّ - إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً - عَنْ نَفَقَتِهِمْ وَكَانُوا فُقَرَاءَ يُتَمِّمُونَهَا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِمْ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِلَا عَمَلٍ فَمَعَ الْعَمَلِ أَوْلَى (وَلَا يَضْمَنُهُ) أَيْ مَا أَخَذَهُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِأَنَّهُ بَدَلُ عَمَلِهِ كَالْإِمَامِ إذَا أَخَذَ الرِّزْقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَعَلَيْهِ اسْتِمْنَاءُ مَالِهِ قَدْرَ الْمُؤَنِ إنْ أَمْكَنَ بِلَا مُبَالَغَةٍ) فِي ذَلِكَ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ إلَّا بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ) فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهُ قَدَّمَ نَفْسَهُ (وَإِنْ تَضَجَّرَ الْأَبُ) وَإِنْ عَلَا (فَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِيُنَصِّبَ قَيِّمًا بِأُجْرَةٍ) مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ (وَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ أَنْ يُنَصِّبَ غَيْرَهُ بِهَا (بِنَفْسِهِ) وَسَتَأْتِي زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا ذَكَرَ قَوْلَهُ وَعَلَيْهِ اسْتِمْنَاءُ مَالِهِ إلَى آخِرِهِ ثَمَّ
(فَصْلٌ وَلِلْوَلِيِّ خَلْطُ مَالِهِ بِمَالُ الصَّبِيِّ) كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِيصَاءِ أَيْضًا (وَمُؤَاكَلَتُهُ) لِلْإِرْفَاقِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220] هَذَا إنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ فِيهِ حَظٌّ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] (وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِينَ خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ وَإِنْ تَفَاوَتُوا فِي الْأَكْلِ) لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَرَدَتْ فِيهِ (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ وَيَكْسُوهُ) وُجُوبًا (بِالْمَعْرُوفِ وَيُخْرِجُ) وُجُوبًا (الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ وَأَرْشَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ) ذَلِكَ مِنْهُ (وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ إنْ طُلِبَتْ) مِنْهُ لِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْقَرِيبُ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْإِرْسَالِ كَزَمِنٍ أَخْرَجَهَا بِلَا طَلَبٍ لَكِنْ إنْ كَانَ لَهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَا يَقْتَصُّ لَهُ وَلِيٌّ، وَلَوْ أَبًا) شَمِلَ مَا لَوْ وَرِثَهُ، وَمَا لَوْ جَنَى عَلَى طَرَفِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى الْأَرْشِ فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ الْغَيْرِ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْوَصِيُّ كَمَا نَقَلَاهُ، وَأَقَرَّاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعِوَضٍ عَلَى الرَّقِيقِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَنْهُ فِي الْمَرْتَبَةِ أَيْضًا إلَّا فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ بِغِبْطَةٍ) أَيْ بِمَصْلَحَةٍ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَظْهَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِغَرَرِ الْهَلَاكِ) قَالَ شَيْخُنَا: يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَأَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حَيَوَانًا مَذْبُوحًا، وَيُمْكِنُ بَيْعُهُ بِسُرْعَةٍ جَازَ شِرَاؤُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُدِمَتْ فِي التَّرِكَةِ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَطَعُوا هُنَا بِوُجُوبِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَحَكَوْا وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بِيعَ شَيْءٌ بِغِبْطَةٍ هَلْ يَجِبُ شِرَاؤُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ، وَفِي الْإِهْمَالِ تَفْوِيتٌ، وَالتَّفْوِيتُ مُمْتَنَعٌ بِخِلَافِ الِاكْتِسَابِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ اخْتَلَفَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ وَأَنَّ وَلِيَّهُ تَرَكَ الْأَحَظَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ تَرَكَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَظِّ
(تَنْبِيهٌ) زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ الْمُعَجَّلَ مِنْ صَدَاقِهَا بِإِذْنِهَا لَهُ فِي ذَلِكَ فَأَفْتَى الْبُرْهَانُ الْمَرَاغِيَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَبْسٌ فَكَالْحَجْرِ عَنْهَا، وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا تَحْتَ حَجْرِهِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ فِيمَنْ لَهُ بِنْتٌ بَالِغَةٌ تَحْتَ حَجْرِهِ فَاسْتَدَانَ شَيْئًا وَضَمِنَتْهُ الْبِنْتُ بِإِذْنِ أَبِيهَا فَقَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ مُتَضَمِّنًا لِفَكِّ الْحَجْرِ عَنْهَا، وَلَوْ سَعَى شَخْصٌ فِي فِكَاكِ أَسِيرٍ وَكَانَ يَجْمَعُ لَهُ الْمَالَ مِنْ الصَّدَقَاتِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ فَقِيرٌ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ (قَوْلُهُ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: 6] الْآيَةَ، وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ مَنْ لَا تُمْكِنُ مُوَافَقَتُهُ فَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَعَامِلِ الصَّدَقَاتِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِيُنَصَّبَ قَيِّمًا بِأُجْرَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا فَلَوْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ أُجْرَةً لَمْ يُجِبْهُ لَا يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِأَخْذِ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّرَ لَهُ أُجْرَةً لَصَارَتْ لَازِمَةً لَا تَسْقُطُ بِخِلَافِ أَخْذِهِ فَإِنَّ كُلَّ مُدَّةٍ مَضَتْ