الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا فَتَتَّجِهُ الصِّحَّةُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا مُسْتَأْجَرَةً لَمْ يَمْنَعْهَا الْإِيفَاءَ) لِمَا الْتَزَمَتْهُ كَمَا لَوْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِهِ (وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الْمُرْضِعَةِ) أَوْ غَيْرِهَا الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (مَنْعُ الزَّوْجِ وَطْأَهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا) أَيْ فِي أَوْقَاتِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَوَقُّعِ حَبَلِهَا الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ اللَّبَنُ أَوْ يَقِلُّ لِأَنَّ حَبَلَهَا مُتَوَهَّمٌ فَلَا يُمْنَعُ بِهِ الْوَطْءُ الْمُسْتَحَقُّ.
(وَلَهُ تَأْجِيرُ) أَيْ إيجَارُ (أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْمُكْتَرِي لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ السَّيِّدِ فِي الِانْتِفَاعِ، وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ الْمُكَاتَبَةَ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالْحُرَّةِ إذْ لَا سَلْطَنَةَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا.
(وَ) لَهُ (اسْتِئْجَارُ زَوْجَتِهِ) وَقَوْلُهُ (مُطْلَقًا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ سَوَاءٌ أَذِنَ قَبْلَ اسْتِئْجَارِهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ حُرَّةً أَمْ أَمَةً (حَتَّى لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَلَوْ) كَانَ (مِنْهَا) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ.
(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ) وَلَوْ لِلْخِدْمَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ (وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْوَالِدِ وَلَدَهُ كَغَيْرِهِ.
(الشَّرْطُ الرَّابِعُ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ) أَوْ نَائِبِهِ (فَالْقُرْبَةُ الْمُحْتَاجَةُ لِلنِّيَّةِ) كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (لَا يُسْتَأْجَرُ لَهَا) إذْ الْقَصْدُ مِنْهَا امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ بِكَسْرِ نَفْسِهِ بِفِعْلِهَا وَلَا يَقُومُ الْأَجِيرُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ (إلَّا إنْ دَخَلَهَا النِّيَابَةُ كَالْحَجِّ) وَالْعُمْرَةِ (وَتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ) فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا لِمَا مَرَّ فِي بَابَيْ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا (وَمَا لَا نِيَّةَ فِيهِ) مِنْ الْقُرَبِ (إنْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ شَائِعًا فِي الْأَصْلِ كَالْجِهَادِ فَلَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ عَبْدًا أَيْ لَا يَسْتَأْجِرُهُ الْإِمَامُ وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ - وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ الصَّفَّ - تَعَيَّنَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا قَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ وُقُوعَ الْجِهَادِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ قَصَدَ إقَامَةَ هَذَا الشِّعَارِ وَصَرْفَ عَائِدَتِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَوَجْهَانِ بَنَاهُمَا الْإِمَامُ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْآحَادِ لِلْأَذَانِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي السِّيَرِ (أَوْ) كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ (غَيْرَ شَائِعٍ) فِي الْأَصْلِ (كَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ) بِتَكْفِينِهِ وَغُسْلِهِ وَغَيْرِهِمَا (وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَازَ) الِاسْتِئْجَارُ لَهُ (وَلَوْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ، وَلَا يَضُرُّ عُرُوضُ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ كَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ خَبَرَ «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» وَمَعْنَى عَدَمِ شُيُوعِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فِي الْأَصْلِ فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ أَنَّ تَجْهِيزَهُ بِالْمُؤَنِ يَخْتَصُّ بِالتَّرِكَةِ ثُمَّ بِمَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا وَفِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَنَّ التَّعْلِيمَ بِالْمُؤَنِ يَخْتَصُّ بِمَالِ الْمُتَعَلِّمِ ثُمَّ بِمَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا.
(وَيَصِحُّ) الِاسْتِئْجَارُ (لِشِعَارٍ) غَيْرِ فَرْضٍ (كَالْأَذَانِ) كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِهِ (وَالْأُجْرَةُ) تُؤْخَذُ (عَلَيْهِ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ) وَلَا يَبْعُدُ اسْتِحْقَاقُهَا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ (لَا عَلَى) رَفْعِ (الصَّوْتِ وَلَا) عَلَى (رِعَايَةِ الْوَقْتِ) وَلَا عَلَى الْحَيْعَلَتَيْنِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهَا.
(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ) شَخْصٌ آخَرَ (لِلْإِمَامَةِ وَلَوْ لِنَافِلَةٍ كَالتَّرَاوِيحِ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ فَائِدَتَهَا مِنْ تَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لَا تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَلْ لِلْأَجِيرِ.
(فَرْعٌ الِاسْتِئْجَارُ لِلْقَضَاءِ
لَا يَجُوزُ) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ وَلِأَنَّهُ كَالْجِهَادِ فِي فَرْضِيَّتِهِ عَلَى الشُّيُوعِ (وَكَذَا) الِاسْتِئْجَارُ (لِلتَّدْرِيسِ) لِذَلِكَ (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (عَيَّنَ أَشْخَاصًا وَمَسَائِلَ) .
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: فَيُتَّجَهُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلزَّوْجِ ع قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَنَافِعَ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ أَنْ يَنْتَفِعَ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ) هَذَا فِيمَنْ تَمْلِكُ مَنَافِعَ نَفْسِهَا لَا الْعَتِيقَةِ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا أَبَدًا وَكَتَبَ أَيْضًا نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لِلزَّوْجِ بِخِدْمَةِ زَوْجَتِهِ وَمَنَافِعِهَا أَبَدًا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْوَرَثَةُ فَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَوْلُهُ: فَيَجِبُ الْجَزْمُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْنَعْهَا الْإِيفَاءَ) وَلَا خِيَارَ لَهُ.
(تَنْبِيهٌ)
شَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُرْضِعَةُ تِسْعَ سِنِينَ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ وَجَوَازَ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ ذِمِّيَّةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ تَأْجِيرُ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إيجَارِهَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ بِالنَّهَارِ فَإِنْ أَجَّرَهَا لَيْلًا فَكَإِيجَارِ الْحُرَّةِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بِالنَّهَارِ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَالِانْتِصَارِ وَقَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ يَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مِنْهَا) أَوْ كَانَ لِإِرْضَاعِهِ اللَّبَأَ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(قَوْلُهُ: الشَّرْطُ الرَّابِعُ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ) بِأَنْ تَحْصُلَ لَهُ، أَوْ يَحْصُلَ لَهُ بِهَا ثَوَابٌ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْأَذَانِ وَلِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: فَالْقُرْبَةُ الْمُحْتَاجَةُ لِلنِّيَّةِ لَا يُسْتَأْجَرُ لَهَا) فَلَوْ فَعَلَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً؟ قَالَ الْغَزِّيِّ الْأَقْرَبُ لَا وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الْمُزَوَّجَةِ لِلرَّضَاعِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ عَمِلَ طَمَعًا فِي الْأُجْرَةِ خِلَافًا لِابْنِ خَيْرَانَ وَقَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَالْجِهَادِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ سُئِلْت عَنْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْمُرَابِطَةِ عِوَضَ الْجُنْدِيِّ فَأَفْتَيْت بِفَسَادِ الْإِجَارَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْجِهَادِ وَقَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا) أَوْ صَبِيًّا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ) لِرَاجِحِ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ هَذَا الْقَصْدِ أَيْضًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَاضِحٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْإِمَامَةِ إلَخْ) ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْجَامِكِيَّةَ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالطَّلَبِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا إذَا أَخَلَّ بِبَعْضِ الْأَيَّامِ، أَوْ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْأَرْصَادِ وَالْأَرْزَاقِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْإِحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَجُوزُ إرْزَاقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ.
[فَرْعٌ الِاسْتِئْجَارُ لِلْقَضَاءِ]
(قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ لِلتَّدْرِيسِ، أَوْ الْإِقْرَاءِ) وَفِي الِاسْتِئْجَارِ لِإِعَادَةِ التَّدْرِيسِ تَرَدُّدٌ لِلشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الطُّوسِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِي تَعْلِيمِ أَحَادِيثَ وَآيَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ آثَارِ السَّلَفِ الصَّالِحِ. اهـ. مَا اسْتَظْهَرَهُ وَاضِحٌ.
مَضْبُوطَةً يُعَلِّمُهَا لَهُمْ (جَازَ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقَضَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَشْمَلُهُ وَكَالتَّدْرِيسِ الْإِقْرَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ كَالِاصْطِيَادِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَاقْتَضَاهُ بِنَاءُ غَيْرِهِ لَهُ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِيهَا.
(الشَّرْطُ الْخَامِسُ مَعْرِفَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَيْنًا) فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (وَصِفَةً) فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ (وَ) مَعْرِفَةُ (قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ) فِيهِمَا وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَإِنَّ الْمُعَيَّنَ إذَا بِيعَ تُغْنِي مُشَاهَدَتُهُ عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَ لَهَا حُضُورٌ مُحَقَّقٌ وَإِنَّمَا هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالِاسْتِقْبَالِ فَالْمُشَاهَدَةُ لَا يُطَّلَعُ بِهَا عَلَى الْغَرَضِ (فَإِجَارَةُ أَحَدِ هَذَيْنِ لَا تَصِحُّ وَكَذَا) إجَارَةُ (مَا لَمْ يَرَهُ) كَالْبَيْعِ (فَإِنْ كَانَ لِلْغَيْرِ مَنَافِعُ) كَالْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ (وَجَبَ التَّبْيِينُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا مَنْفَعَةٌ كَالْبِسَاطِ فَالْإِجَارَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا (ثُمَّ التَّقْدِيرُ) لِلْمَنْفَعَةِ (إمَّا بِالزَّمَانِ كَسُكْنَى سَنَةً) كَأَنْ يَقُولَ أَجَّرْتُكَهَا لِتَسْكُنَهَا فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا لَمْ يَجُزْ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك، ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَتُسْتَثْنَى الْإِجَارَةُ لِلْأَذَانِ إذَا اسْتَأْجَرَ لَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (أَوْ بِالْعَمَلِ) مَعَ بَيَانِ مَحَلِّهِ كَمَا سَيَأْتِي (كَخِيَاطَةِ) هَذَا (الثَّوْبِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَمْ ذِمَّةٍ بِخِلَافِ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ لَا يَأْتِي فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَلَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَانِ كَمَا فِي الْعَقَارِ وَالْإِرْضَاعِ إذْ مَنَافِعُ الْعَقَارِ وَتَقْدِيرُ اللَّبَنِ إنَّمَا تُضْبَطُ بِالزَّمَانِ وَكَمَا فِي الِاكْتِحَالِ فَإِنَّ قَدْرَ الدَّوَاءِ لَا يَنْضَبِطُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَكَمَا فِي التَّبْطِينِ وَالتَّجْصِيصِ فَإِنَّ سُمْكَهُمَا لَا يَنْضَبِطُ رِقَّةً وَثِخَنًا.
(وَقَدْ يَسُوغَانِ) أَيْ التَّقْدِيرَانِ أَيْ يَتَأَتَّيَانِ (مَعًا كَاسْتِئْجَارِ شَخْصٍ وَدَابَّةٍ فَلْتُقَدَّرْ) أَيْ الْمَنْفَعَةُ (بِأَحَدِهِمَا) كَأَنْ يَكْتَرِيَ الشَّخْصَ لِيَخِيطَ لَهُ شَهْرًا خِيَاطَةً مَوْصُوفَةً أَوْ لِيَخِيطَ لَهُ هَذَا الثَّوْبَ وَكَأَنْ يَكْتَرِيَ الدَّابَّةَ لِيَتَرَدَّدَ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِهِ الْيَوْمَ أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا (فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا) كَأَنْ اكْتَرَى شَخْصًا لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ بَيَاضَ النَّهَارِ أَوْ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا الْيَوْمَ (لَمْ يَصِحَّ) لِلْغَرَرِ فَقَدْ يَتَقَدَّمُ الْعَمَلُ أَوْ يَتَأَخَّرُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ بُرٍّ بِشَرْطِ أَنَّ وَزْنَهُ كَذَا لَمْ يَصِحَّ فَقَدْ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ وَذَكَرَ الْيَوْمَ لِلتَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا مِمَّا يَفْرُغُ عَادَةً فِي دُونِ الْيَوْمِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَلَوْ اكْتَرَى عَقَارًا وَجَبَ تَحْدِيدُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَلَوْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ لِلرُّكُوبِ شَهْرًا وَجَبَ بَيَانُ النَّاحِيَةِ.
(وَمَا يُسْتَأْجَرُ غَيْرُ مَحْصُورٍ فَلْنَذْكُرْ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ) تَكْثُرُ إجَارَتُهَا لِيُعْرَفَ طَرِيقُ الضَّبْطِ بِهَا ثُمَّ (يُقَاسُ عَلَيْهَا) غَيْرُهَا. النَّوْعُ (الْأَوَّلُ: الْآدَمِيُّ) يُسْتَأْجَرُ لِعَمَلٍ أَوْ صَنْعَةٍ كَخِيَاطَةٍ (فَإِلْزَامُ ذِمَّتِهِ الْخِيَاطَةَ شَهْرًا لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا وَلَا مَحَلًّا لِلْعَمَلِ نَعَمْ إنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ وَنَوْعَ مَحَلِّهِ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ وَوَصْفِهِ (بِخِلَافِ) مَا لَوْ قَالَ (اسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا أَوْ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَةَ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَشْمَلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الْبَحْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا) وَيُؤَيِّدُهُ مَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ أَقْوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَجَّرْتُك الْأَرْضَ لِتَزْرَعَ الْحِنْطَةَ دُونَ غَيْرِهَا لَمْ يَصِحَّ.
(تَنْبِيهٌ) وَالسُّفُنُ هَلْ تُلْحَقُ بِالدَّوَابِّ فَتُؤَجَّرُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ أَوْ بِالْعَقَارِ فَلَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ إلْحَاقُهَا بِالدَّوَابِّ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ذَلِكَ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا إجَارَةَ ذِمَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِيهَا لِجَهَالَتِهَا وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا فَيَتَعَيَّنُ فِيهَا إجَارَةُ الْعَيْنِ كَالْعَقَارِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَانِ) قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَقِسْمٌ لَا تُقَدَّرُ النَّفَقَةُ إلَّا بِالْعَمَلِ كَبَيْعِ الثَّوْبِ وَالْحَجِّ وَقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ فُلَانٍ (قَوْلُهُ: بَيَاضَ النَّهَارِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَعْبِيرُهُ بِبَيَاضِ النَّهَارِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ بِالْيَوْمِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي هَذَا الْيَوْمِ كُلِّهِ وَإِلَّا فَاسْتِئْجَارُهُ صَحِيحٌ وَلَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَالْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَالتَّعْلِيلِ الْقَائِلِ بِالصِّحَّةِ بِأَنَّ الْمُدَّةَ مَذْكُورَةٌ لِلتَّعْجِيلِ فَلَا تُورِثُ الْفَسَادَ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ حَيْثُ قَصَدَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ لِانْتِفَاءِ تَعْلِيلِ الْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ إنْ فَرَغَ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْعَمَلِ فِي بَقِيَّتِهِ أَخَلَّ بِشَرْطِ الْعَمَلِ وَإِلَّا أَخَلَّ بِشَرْطِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ لِلرُّكُوبِ شَهْرًا إلَخْ) لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ شَهْرًا مِنْ الْآنَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّاحِيَةِ الَّتِي يَرْكَبُ إلَيْهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَذِكْرِ الْمَكَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهَا فِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْكَبُهَا شَهْرًا مُسَافِرًا إلَى بَلَدٍ مَسَافَتُهُ شَهْرٌ فَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَقَدْ يَرْكَبُهَا ذَاهِبًا وَعَائِدًا مُدَّةً فَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ فِي بَلَدِهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا مَعَ إطْلَاقِ الشَّهْرِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ فَإِذَا أَغْفَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْعَقْدُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ اسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا) إذَا قَدَّرَ بِمُدَّةٍ فَهَلْ تَقَعُ أَيَّامُ الْجُمَعِ مُسْتَثْنَاةً فِيهِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا الْغَزَالِيُّ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ ظَهْرًا لِيَرْكَبَهُ فِي طَرِيقٍ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَنْزِلَ الرَّاكِبُ فِي بَعْضِهِ لِيُرِيحَ الدَّابَّةَ هَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ: أَيَّامُ السُّبُوتِ مُسْتَثْنَاةٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِيِّ شَهْرًا لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ فَالرَّاجِحُ أَنَّ أَيَّامَ الْجُمَعِ لَا تَدْخُلُ فِي اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ كَمَا لَا تَدْخُلُ السُّبُوتُ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْأَحَدُ فِي اسْتِئْجَارِ النَّصْرَانِيِّ وَلَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ بِاللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً كَالشَّهْرِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ صَحَّ وَلَوْ شَرَطَ اسْتِيعَابَ النَّهَارِ بِالْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ يَقْطَعُ الْعَمَلَ، أَوْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ.