الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَغَرِقَتْ بِحَلِّهِ ضَمِنَ أَوْ بِحَادِثِ رِيحٍ) أَوْ غَيْرِهِ (فَلَا) يَضْمَنُ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَادِثٌ فَوَجْهَانِ) فِي الضَّمَانِ أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ كَالزِّقِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِلشَّكِّ فِي الْمُوجِبِ وَالثَّانِي يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ أَحَدُ الْمُتْلِفَاتِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ) الْأَوْلَى طَيَّرَ (فَطَارَ فِي الْحَالِ) ، وَإِنْ لَمْ يُهَيِّجْهُ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّ طَيَرَانَهُ فِي الْحَالِ يُشْعِرُ بِتَنْفِيرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَقَفَ ثُمَّ طَارَ (فَلَا) يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ طَيَرَانَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ (وَإِنْ أَخَذَتْهُ هِرَّةٌ بِمُجَرَّدِ الْفَتْحِ) ، وَقَتَلَتْهُ، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ الْقَفَصَ أَوْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ طَارَ فَصَدَمَهُ جِدَارٌ) فَمَاتَ (أَوْ كَسَرَ) فِي خُرُوجِهِ (قَارُورَةً أَوْ الْقَفَصَ ضَمِنَ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ مِنْ فِعْلِهِ؛ وَلِأَنَّ فِعْلَهُ فِي الْأُولَى فِي مَعْنَى إغْرَاءِ الْهِرَّةِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً، وَإِلَّا فَهُوَ كَعُرُوضِ رِيحٍ بَعْدَ فَتْحِ الزِّقِّ فَلَا يَضْمَنُ وَبِهِ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا أَخَذَتْهُ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي عَنْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحِمَارِ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا يَأْتِي عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَمَسْأَلَةُ صَدْمِ الطَّائِرِ جِدَارًا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ فَطَارَ فِي الْحَالِ ضَمِنَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَوْ أَمَرَ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا بِإِرْسَالِ طَائِرٍ فِي يَدِهِ فَأَرْسَلَهُ فَهُوَ كَفَتْحِهِ الْقَفَصَ عَنْهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ حَلَّ رِبَاطَ سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ بِحَلِّهِ]
قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ أَحَدُ الْمُتْلِفَاتِ) هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ حَلَّ رِبَاطِ السَّفِينَةِ وَلَا رِيحَ فِي اللُّجَّةِ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي إحَالَةِ الْغَرَقِ عَلَى الْفِعْلِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ وَطَارَ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الزِّقِّ فَلَيْسَ فَتْحُهُ سَبَبًا ظَاهِرًا لِسُقُوطِهِ.
[فَرْعٌ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ فَطَارَ فِي الْحَالِ]
(قَوْلُهُ: فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ إلَخْ) إطْلَاقُهُ الْفَتْحَ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ مَفْتُوحًا فَسَدَّهُ ثُمَّ جَاءَ وَفَتَحَهُ وَخَرَجَ الطَّائِرُ عَقِبَهُ وَبِهِ أَجَابَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ: فَطَارَ فِي الْحَالِ) لَوْ كَانَ الطَّائِرُ فِي أَقْصَى الْقَفَصِ فَأَخَذَ يَمْشِي قَلِيلًا قَلِيلًا ثُمَّ طَارَ فَحُكْمُهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ حُكْمُ مَا لَوْ طَارَ عَقِبَ الْفَتْحِ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ نَحْوَهُ أَيْضًا وَقَالَ أَيْضًا الْقَاضِي لَوْ كَانَ الْقَفَصُ مَفْتُوحًا فَمَشَى إنْسَانٌ عَلَى بَابِهِ فَفَزِعَ الطَّائِرُ وَخَرَجَ ضَمِنَهُ.
(قَوْلُهُ: يُشْعِرُ بِتَنْفِيرِهِ) إذْ مِنْ طَبْعِهِ النُّفُورُ مِمَّنْ قَرُبَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ طَيَرَانَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ) إذْ لَهُ اخْتِيَارٌ بِدَلِيلِ تَوَقِّيهِ الْمَكَارِهِ وَطَلَبِهِ الْمَرْعَى وَقَدْ وُجِدَ مِنْ الْفَاتِحِ سَبَبٌ غَيْرُ مُلْجِئٍ؛ لِأَنَّ الطَّائِرَ قَدْ يَأْلَفُ الْقَفَصَ فَلَا يَخْرُجُ عَقِبَ الْفَتْحِ، وَمِنْ الطَّائِرِ مُبَاشَرَةٌ فَقُدِّمَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً) أَيْ حِينَ الْفَتْحِ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا (قَوْلُهُ: هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَفَتْحِهِ الْقَفَصَ عَنْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَفْتَاهُ الْمُفْتِي بِإِتْلَافٍ فَأَتْلَفَ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ ضَمِنَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُفْتِي وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْعُلَمَاءِ ضَيْعَةً تُصْرَفُ إلَيْهِمْ غَلَّتُهَا ثُمَّ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً رَجَعَ مُسْتَحِقُّهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا عَلَى وَاضِعِ يَدِهِ عَلَيْهَا، وَرَجَعَ هُوَ بِمَا دَفَعَهُ مِنْهَا عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ.
وَلَوْ بَعَثَ عَبْدَهُ فِي شُغْلٍ فَضَرَبَهُ ظَالِمٌ فَأَبَقَ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ الْمُجَرَّدَ لَيْسَ بِاسْتِيلَاءٍ وَلَوْ هَرَبَ مِنْ الظَّالِمِ وَلَمْ يَهْتَدِ إلَى دَارِ سَيِّدِهِ ضَمِنَ وَلَوْ دَعَا عَبْدًا لِتَنْقِيَةِ السَّطْحِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَسَقَطَ مِنْ السُّلَّمِ، وَهَلَكَ ضَمِنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأُجْرَةٍ وَلَوْ سَقَطَ عَلَى مَتَاعٍ لِصَاحِبِ الدَّارِ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ وَلَوْ كَانَ السُّلَّمُ مُخْتَلًّا بِحَيْثُ لَا يُطِيقُ الْعَبْدَ، وَالْعَبْدُ جَاهِلٌ وَجَبَ ضَمَانُ الْعَبْدِ لَا الْمَتَاعِ وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ دَنٍّ لِلْآخَرِ بِإِذْنِهِ وَرَفَعَ الْحِنْطَةَ وَتَرَكَ رَأْسَهُ مَفْتُوحًا فَدَخَلَ حِمَارُ صَاحِبِ الْبَيْتِ، وَأَكَلَهَا، وَهَلَكَ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ الدَّابَّةَ وَلَا الْحِنْطَةَ، وَلَوْ أَدْخَلَ الْحِمَارَ فِيهَا ضَمِنَهَا وَلَوْ آجَرَ دَارًا إلَّا بَيْتًا مُعَيَّنًا فَأَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِيهِ وَتَرَكَ بَابَهُ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتْ، وَأَتْلَفَتْ مَالًا لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ وَتَرَكَ الْمَتَاعَ بِلَا حَافِظٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْبَابَ مَفْتُوحٌ فَهُوَ مُضَيِّعٌ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ضَمِنَهُ الْمُؤَجِّرُ، وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْ جُحْرِ فَارَّةٍ أَوْ شَقٍّ، وَأَفْسَدَ زَرْعَ غَيْرِهِ أَوْ أَرْضَهُ أَوْ دَارِهِ فَلَا ضَمَانَ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ فِي قَدْرِ الْمَاءِ، وَإِنْ جَاوَزَ أَوْ كَانَ عَالِمًا بِالْجُحْرِ أَوْ الشَّقِّ وَلَمْ يَحْفَظْ وَلَمْ يُتَعَهَّدْ أَوْ كَانَتْ أَرْضُهُ عَالِيَةً، وَأَرْضُ جَارِهِ مُسْتَقِلَّةً وَلَمْ يَسُدَّ النَّهْرَ ضَمِنَ وَالنَّائِمُ مُقَصِّرٌ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ الِاحْتِيَاطُ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِصَلَابَةِ الْأَرْضِ وَرَخَاوَتِهَا، وَعُلُوِّهَا وَسُفْلِهَا.
وَلَوْ سَاقَ بَهِيمَةً فِي بَيْتِ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ، وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا ضَمِنَ وَلَوْ سَاقَ ثَوْرًا فِي مَسْرَحِ آخَرَ فَسَاقَهُ السَّارِحُ مَعَ الْبَقَرِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ لَمْ يَسُقْهُ وَلَكِنْ انْسَاقَ مَعَ الْبَقَرِ وَوَقَفَ فِي مَوْضِعٍ فَتَرَكَهُ الْبَقَّارُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ خَرَجَ الْحَمَامُ مِنْ الْبُرْجِ وَالْتَقَطَ حَبَّ الْغَيْرِ أَوْ النَّحْلَ مِنْ الْكِوَارَةِ، وَأَهْلَكَتْ بَهِيمَةً فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ انْفَلَتَتْ الْخُيُولُ فَتَفَرَّقَتْ حَتَّى تَعَسَّرَ جَمْعُهَا فَلَا ضَمَانَ لِمَا أَتْلَفَتْ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَلَوْ رَأَى بَقَرَةً وَاقِفَةً فَسَاقَهَا ثُمَّ تَرَكَهَا دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ عَرَفَ مَالِكَهَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ وَلَوْ دَخَلَتْ بَقَرَةٌ دَارَ إنْسَانٍ وَخَرَجَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ وَتَرَكَهَا حَتَّى ذَهَبَتْ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ سَتَرَهَا بَعْدَ إخْرَاجِهَا ضَمِنَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ أَخْرَجَهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا إلَى الْمَالِكِ أَوْ الْحَاكِمِ ضَمِنَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الْفَتَاوَى لَوْ أَنَّ عَبْدًا هَرَبَ مِنْ مَوْلَاهُ وَدَخَلَ دَارَ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا، وَأَقَامَ لَيْلًا وَخَرَجَ بِلَا إذْنِهِ وَهَرَبَ، وَعَلِمَ صَاحِبُ الدَّارِ سَيِّدَهُ وَلَمْ يُخْبِرْهُ ضَمِنَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا أَوْرَدَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ وُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى حَلِّ قَيْدِ الْعَبْدِ بَلْ لَا يُسَاوِيهِ وَقَدْ مَضَى. الثَّانِي: أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ إذَا وَقَعَ فِي دَارِ غَيْرِهِ حَيْثُ حُكِمَ بِوُجُوبِ الْحِفْظِ وَالرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ فِي الثَّوْبِ وَفِي الطُّيُورِ وَالْبَقَرِ فَلَا. الثَّالِثُ: جَوَازُ الْإِخْرَاجِ عَنْ مِلْكِهِ كَيْفَ وَلَمْ يَخْرُجْ.
الرَّابِعُ: قَالَ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّك غَصَبْت امْرَأَتِي لَمْ تُسْمَعْ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ عَبْدِي هَرَبَ مِنِّي وَدَخَلَ دَارَك. الْخَامِسُ: عَدَمُ وُجُوبِ إخْبَارِ الْمَالِكِ، وَإِعْلَامِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي الْفَتَاوَى: وَلَوْ أَوْدَعَ عَبْدًا عِنْدَ إنْسَانٍ فَأَبَقَ، وَلَمْ يُخْبِرْ الْمُودَعُ مَالِكَهُ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا بِهِ كَمَا لَوْ مَرِضَ وَلَمْ يُخْبِرْ السَّيِّدَ لِيُدَاوِيَهُ حَتَّى مَاتَ وَفِي الْمُذَهَّبِ وَالْحَاوِي وَتَذْكَارِ الْمُنْتَهَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ طَيْرٌ فِي دَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ حِفْظُهُ وَلَا إعْلَامُ مَالِكِهِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ.
قَالُوا: وَلَوْ دَخَلَ فِي بُرْجَهُ، وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ وَنَوَى إمْسَاكَهُ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَلَا وَيُقَاسُ بِهِ إغْلَاقُ الْبَابِ عَلَى الدَّوَابِّ وَفِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا لَوْ فُرِضَ إخْرَاجُ صَاحِبِ الدَّارِ إيَّاهُ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ إخْرَاجِ الْبَهِيمَةِ وَحَلِّ قَيْدِ الْعَبْدِ، وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ أَغْلَبُ لِجَوَازِ إخْرَاجِ الدَّاخِلِ دَارَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ حَيْثُ جُوِّزَ
فَيُنْظَرُ هَلْ يَطِيرُ عَقِبَ الْإِرْسَالِ أَوْ لَا.
(وَحَلُّ رِبَاطِ الْبَهِيمَةِ وَالْعَبْدِ الْمَجْنُونِ) ، وَفَتْحُ بَابِ مَكَانِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (كَفَتْحِ الْقَفَصِ) فِيمَا ذُكِرَ، وَفِي مَعْنَى الْمَجْنُونِ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ (لَا) الْعَبْدُ (الْعَاقِلُ، وَلَوْ) كَانَ (آبِقًا) ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحُ الِاخْتِيَارِ فَخُرُوجُهُ عَقِبَ مَا ذُكِرَ مُحَالٌ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ حَلَّ رِبَاطًا عَنْ شَعِيرٍ) فِي جِرَابٍ (فَأَكَلَهُ فِي الْحَالِ حِمَارٌ بِجَنْبِهِ ضَمِنَ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَجَزَمَ الرُّويَانِيُّ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ ثُمَّ قَالَ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَعَدَمُ الضَّمَانِ مَنْسُوبٌ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ، وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ كَالْمَاوَرْدِيِّ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ فَأَكَلَتْ عَلَفًا، وَكَسَرَتْ إنَاءً لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِأَكْلٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا الْمُتْلِفَةُ قَالَ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ نَصٌّ فِي الْأُمِّ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ لَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي تِلْكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي التَّالِفِ بَلْ فِي الْمُتْلِفِ عَكْسُ مَسْأَلَتِنَا. (فَلَوْ خَرَجَتْ الْبَهِيمَةُ) عَقِبَ فَتْحِ الْبَابِ وَلَوْ (لَيْلًا فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا) أَوْ غَيْرَهُ (لَمْ يَضْمَنْهُ) الْفَاتِحُ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ حِفْظُ بَهِيمَةِ الْغَيْرِ عَنْ ذَلِكَ وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ لَيْلًا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ أَقْرَبُ إلَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ.
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ قَالَ الْقَفَّالُ: إنْ كَانَ نَهَارًا لَمْ يَضْمَنْ أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ كَدَابَّةِ نَفْسِهِ، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَا يَضْمَنُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ بِمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الرَّوْضِ بَدَلُ لَمْ يَضْمَنْهُ ضَمِنَهُ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلِمَنْ خَالَفَ الْعِرَاقِيِّينَ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ تَضْمِينُهُ لِتَرْكِ الْحِفْظِ بَلْ لِلتَّسْلِيطِ عَلَى الْإِتْلَافِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِإِخْرَاجِهَا بِخِلَافِ الْإِنْسَانِ فِي دَابَّةِ نَفْسِهِ. قَالَ وَسُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْمَرْعَى ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا فَجَاءَتْ إلَى الْجُرْنِ فَرَدَّهَا الْحَارِسُ فَرَفَصَتْهُ فَكَسَرَتْ أَسْنَانَهُ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مَعَهَا وَذَلِكَ بِالنَّهَارِ فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَا عَلَى الَّذِي رَكِبَهَا بِخِلَافِ مَا صَوَّبْته هُنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعَدِّيَ تَمَّ بِالْإِخْرَاجِ بِخِلَافِ مَنْ وَجَدَهَا خَارِجَةً، وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ.
(وَإِنْ رَمَى طَائِرًا) وَلَوْ فِي هَوَاءِ دَارِهِ فَقَتَلَهُ (ضَمِنَهُ) إذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ هَوَاءِ دَارِهِ (لَا إنْ نَفَّرَهُ عَنْ جِدَارِهِ) فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ جِدَارِهِ (وَإِنْ فَتَحَ الْحِرْزَ، وَأَخَذَ غَيْرُهُ) مَا فِيهِ (أَوْ حَبَسَ رَجُلًا) وَلَوْ ظُلْمًا (عَنْ مَاشِيَتِهِ فَهَلَكَتْ) جُوعًا أَوْ عَطَشًا بِسَبَبِ حَبْسِهِ، وَإِنْ قَصَدَ مَنْعَهُ عَنْهَا (أَوْ دَلَّ عَلَيْهَا) أَيْ الْعَيْنَ (اللُّصُوصَ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إذْ لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَى الْمَالِ وَتَسَبُّبُهُ بِالْفَتْحِ فِي الْأُولَى قَدْ انْقَطَعَ بِالْمُبَاشَرَةِ نَعَمْ لَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ، وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ أَوْ مِمَّنْ يَرَى طَاعَةَ آمِرِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ لَا عَلَى الْآخِذِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَلَوْ بَنَى دَارًا فَأَلْقَتْ الرِّيحُ فِيهَا ثَوْبًا وَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ. (وَكَذَا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ سَوْقِ الْمَاءِ إلَى زَرْعِهِ فَتَلِفَ) لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي حَبْسِ غَيْرِهِ عَنْ مَاشِيَتِهِ (وَلَوْ غَصَبَ بَقَرَةً أَوْ هَادِيًا) لِلْقَطِيعِ، وَهُوَ الْمَاشِي أَمَامَهُ (فَتَبِعَهُ الْعِجْلُ) فِي الْأُولَى (أَوْ الْقَطِيعُ) فِي الثَّانِيَةِ (لَمْ يَضْمَنْ التَّابِعَ) مَا لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَأَعَادَ الْمَسْأَلَةَ فِي السَّرِقَةِ وَحَكَى فِيهَا، وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَالرَّاجِحُ الضَّمَانُ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِيَدِهِ دَابَّةٌ، وَخَلْفَهَا وَلَدُهَا فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ كَمَا يَضْمَنُ مَا تُتْلِفُهُ أُمُّهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا إذَا غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ فَتَبِعَهَا النَّحْلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَجْهًا وَاحِدًا لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا. انْتَهَى. وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ لَا شَاهِدَ فِيهِ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْوَلَدِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ بِقَرِينَةٍ مَا نَظَرَ بِهِ.
(فَرْعٌ: لَوْ نَقَلَ صَبِيًّا حُرًّا إلَى مَسْبَعَةٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ وَلَوْ أَبَقَ عَبْدٌ وَظَفِرَ بِهِ صِدِّيقٌ لِمَالِكِهِ فَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَهَرَبَ مِنْ عِنْدِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ وَالْمُرَافَعَةِ إلَى الْحَاكِمِ وَبِلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَلَا ضَمَانَ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي تِلْكَ) أَيْ فِيمَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ الْبَهِيمَةِ فَأَكَلَتْ عَلَفًا (قَوْلُهُ: وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ لَيْلًا مِنْ زِيَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَأَفْتَيْت أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَبَسَ رَجُلًا وَلَوْ ظُلْمًا إلَخْ) مَنْ سَعَى بِغَيْرِهِ إلَى ظَالِمٍ فَصَادَرَهُ فَفِي لُزُومِهِ بَاطِنًا تَرَدُّدٌ، الرَّاجِحُ عَدَمُ لُزُومِهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ عَبْدًا فَأَقَرَّهُ السَّيِّدُ مَعَهُ حَتَّى تَلِفَ فَفِي تَضْمِينِهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا تَضْمِينُهُ لِتَعَدِّيهِ. وَلَوْ أَخَذَ عَبْدَ إنْسَانٍ ظَنَّهُ عَبْدَ نَفْسِهِ فَقَالَ أَنَا حُرٌّ فَتَرَاكَهُ، وَأَبَقَ وَجَبَ الضَّمَانُ وَلَوْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ مَتَاعًا لِيَحْمِلَهُ إلَى بَيْتِهِ فَأَبَقَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِهِ فَأَبَقَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ.
وَلَوْ بَعَثَ الزَّوْجُ عَبْدَ زَوْجَتِهِ فِي شُغْلٍ بِلَا إذْنِهَا أَوْ بِالْعَكْسِ فَأَبَقَ ضَمِنَ مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ اسْتَامَ عَبْدٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثَوْبًا وَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ السَّيِّدُ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ بَالِغٍ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ كَانَ يَشْتَرِي مَتَاعًا مِنْ آخَرَ وَيَبِيعُ وَيُؤَدِّي الثَّمَنَ إلَيْهِ فَبَانَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا أَبَقَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ. وَلَوْ أَرْسَلَ الدَّابَّةَ الْمُؤْذِيَةَ فِي الطَّرِيقِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُؤْذِيَةً وَاتَّفَقَ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ أُدْخِلَتْ الدَّابَّةُ حَائِطًا مُشْتَرَكًا فَعَضَّتْ دَابَّةً لِلشَّرِيكِ فَإِنْ أَدْخَلَ دُونَ إذْنِ الشَّرِيكِ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ بِالْعَضِّ وَلَوْ أَلْقَى أَحَدُهُمَا فِيهِ حَشِيشًا مُضِرًّا فَأَكَلَتْ دَابَّةُ الْآخَرِ، وَهَلَكَتْ ضَمِنَ وَلَوْ دَفَعَ غُلَامَهُ إلَى آخَرَ لِيُعَلِّمَهُ الْحِرْفَةَ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ مِنْ مَصَالِحِ الْحِرْفَةِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهِ ضَمِنَهُ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً لِيُرَوِّضَهَا فَرَكِبَهَا لِغَيْرِ الرِّيَاضَةِ وَلَوْ أَدْخَلَهُ الصِّرْعَ فَسَقَطَ عَلَى مَالِ آخَرَ وَتَلِفَ ضَمِنَ.
وَلَوْ وَقَعَتْ بَهِيمَةٌ فِي الْوَحْلِ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَأَخْرَجَهَا حِسْبَةً فَمَاتَتْ مِنْ جَرِّهِ ضَمِنَهَا فَإِنْ شَكَّ أَنَّهَا مَاتَتْ مِنْ الْجَرِّ أَوْ مِنْ الْوَحْلِ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا إذَا غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ حَمْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.