الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِأَوْ أَنَّ ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ، وَلَا حَرَجَ، وَيُحْتَمَلُ جَعْلُهَا لِلتَّخْيِيرِ فَيَكُونُ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً فَيُوَافِقُ قَوْلَ الْأَصْلِ، وَلَوْ قَالَ فَرِّقْ ثُلُثِي عَلَى الْفُقَرَاءِ وَإِنْ شِئْت أَنْ تَضَعَهُ فِي نَفْسِك فَافْعَلْ فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ الْمَنْعِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا أَمَّا النَّقْلُ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ وَرَجَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَأَمَّا التَّوْجِيهُ فَالرَّافِعِيُّ وَجَّهَ الْحُكْمَ ثَمَّ بِتَوْجِيهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَضَادُّ الْغَرَضَيْنِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا بَلْ فِيهِ وَفَاءٌ بِمَقْصُودِ الْآذِنِ، وَالثَّانِي: اتِّحَادُ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَوْكِيلٌ فِي صِيغَةِ عَقْدٍ فَيُؤَدِّي إلَى الِاتِّحَادِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا
(وَإِنْ قَالَ: بِعْ هَذَا ثُمَّ هَذَا لَزِمَهُ التَّرْتِيبُ) امْتِثَالًا لِأَمْرِ مُوَكِّلِهِ فَلَوْ عَكَسَ فَسَدَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَكَانَ كَالْعَدَمِ، وَصَحَّ الثَّانِي كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوَّلًا، وَهَلْ لَهُ بَيْعُ الْآخَرِ بَعْدُ، فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ (وَيَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ جُعْلَهُ) إنْ شَرَطَ لَهُ مُوَكِّلُهُ جُعْلًا (وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ) أَيْ الثَّمَنُ (مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْعَمَلِ وَقَدْ عَمِلَ
(وَإِنْ بَلَغَهُ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ وَصَدَّقَ) الْمُخْبِرَ (تَصَرَّفَ) بِالْوَكَالَةِ جَوَازًا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْحَاكِمُ قَوْلَ الْمُخْبِرِ (لَا إنْ كَذَّبَ) الْمُخْبِرَ فَلَا يَتَصَرَّفُ بِالْوَكَالَةِ (وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ وَكَذَا إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ بَلْ تَرَدَّدَ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ (وَإِنْ سَأَلَ) الْوَكِيلُ (مِنْ الْمُوَكِّلِ الْإِشْهَادَ) عَلَى نَفْسِهِ بِتَوْكِيلِهِ فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ (حَيْثُ يُضْمَنُ) يَعْنِي فِيمَا يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ (بِجُحُودِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبْضِ الْمَالِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ (لَزِمَهُ) بَعْدَ التَّصَرُّفِ أَوْ إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الْوَكَالَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ بِجُحُودِ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ كَإِثْبَاتِ الْحَقِّ وَطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَمُقَاسَمَةِ الشَّرِيكِ (فَلَا) يَلْزَمُهُ
(وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ لِيَطَأَهَا لَمْ يَشْتَرِ لَهُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ) كَأُخْتِهِ وَأُخْتِ مَوْطُوءَتِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَحُذِفَ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ أَنْ يُعَيِّنَهَا لِذِكْرِهِ لَهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الْأَنْسَبِ بِهِ
[الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ وَصِفَتِهَا]
(الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ وَصِفَتِهَا)(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي) أَصْلِ (الْوَكَالَةِ) كَأَنْ قَالَ وَكَّلْتنِي فِي كَذَا فَأَنْكَرَ (أَوْ فِي صِفَتِهَا) كَأَنْ قَالَ وَكَّلْتنِي فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ الشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ فَقَالَ بَلْ نَقْدًا أَوْ بِعَشَرَةٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْوَكِيلُ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَعْرَفُ بِحَالِ الْإِذْنِ الصَّادِرِ مِنْهُ.
(فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ إنَّمَا أَذِنْت بِعَشَرَةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِمَا مَرَّ (وَبَطَلَ الشِّرَاءُ إنْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ، وَ) كَانَ (الشِّرَاءُ لَهُ بِعَيْنِ مَالِهِ وَسَمَّاهُ) الْوَكِيلُ (فِي الْعَقْدِ، وَقَالَ) فِيهِ (الْمَالُ لَهُ وَكَذَا) يَبْطُلُ الشِّرَاءُ (إنْ نَوَاهُ) الْأَوْفَقُ بِكَلَامٍ أَصْلُهُ إنْ لَمْ يُسَمِّهِ فِي الْعَقْدِ، وَقَالَ بَعْدَهُ اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ (وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الْأُولَى وَبِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْعَقْدَ لِلْمُوَكِّلِ وَثَبَتَ بِيَمِينِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَبْقَى الْجَارِيَةُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ إنْ أَخَذَهُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ مُلْحَقَةٌ بِمَا ذُكِرَ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ بَطَلَ أَيْضًا، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ إذَا لَمْ يُوَافِقْ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى وَكَالَتِهِ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا فَالْجَارِيَةُ بِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ التَّلَطُّفُ الْآتِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ.
(وَإِنْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ) فِيمَا قَالَ بِأَنْ قَالَ لَسْت وَكِيلًا فِي الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ (وَحَلَفَ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ (فَيُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ) لِلشِّرَاءِ (ظَاهِرًا لِلْوَكِيلِ وَيُسَلِّمُ لَهُ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ) هُوَ وَاضِحٌ
(قَوْلُهُ لَا إنْ كَذَبَ الْمُخْبِرُ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَسْبِقَ دَعْوَاهُ الْوَكَالَةُ وَطَلَبَ الشَّهَادَةَ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لَوْ تَعَلَّقَ بِشَخْصٍ وَقَالَ: أَنْت وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَكَالَتِهِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقٌّ لَهُ فَكَيْفَ تُقَامُ بِهَا بَيِّنَةٌ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَشْهُورُ لَهُ قَدْ ادَّعَى غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى الْوَكَالَةَ لَا يُمْكِنُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ بِصِدْقِ الشَّاهِدَيْنِ وَكَذِبِهِمَا وَبِأَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا عِنْدَ زَيْدٍ خَبَرٌ، وَعِنْدَ الْحَاكِمِ شَهَادَةٌ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ حِسْبَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ عَمْرًا الْغَائِبَ وَكَّلَ زَيْدًا فَإِذَا رَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُمَا لِلْمُبَادَرَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى زَيْدٍ الْعَمَلُ بِالْوَكَالَةِ بِخَبَرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ خُصُوصِ الشَّهَادَةِ بُطْلَانُ عُمُومِ كَوْنِ ذَلِكَ خَبَرًا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ لِزَيْدٍ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَى الْوَكَالَةِ وَيَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ فَرْعٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَادَرَ عَدْلٌ وَاحِدٌ، وَشَهِدَ فَرَدَّهُ الْحَاكِمُ وَوَقَعَ فِي قَلْبِ زَيْدٍ صِدْقُهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي التَّوْكِيلِ يَجُوزُ كَمَا قَالُوهُ فِي نَقْلِ الْإِذْنِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا مَثَّلَ الرَّافِعِيُّ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ لِكَوْنِهَا وِلَايَةً
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الِاخْتِلَافِ)(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ) صُورَةٌ لِمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْإِخْلَافُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ فَيُخَاصِمُهُ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْوَكَالَةَ فَأَنْكَرَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ انْعَزَلَ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْفَارِقِيِّ، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَعْرَفُ بِحَالِ الْإِذْنِ الصَّادِرِ) ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي شَيْءٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهَا بِجُعْلٍ أَمْ لَا فَفِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ.
[فَرْعٌ اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ إنَّمَا أَذِنْت بِعَشَرَةٍ]
(قَوْلُهُ: فَرْعٌ اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ) أَيْ، وَهِيَ تُسَاوِي عِشْرِينَ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الشِّرَاءُ لَهُ بِعَيْنِ مَالِهِ) مِثْلَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَالِهِ مَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْته لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ)، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ وَحَلَفَ إلَخْ)
أَيْ لِلْبَائِعِ (الْوَكِيلُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ وَيَرُدُّ لِلْمُوَكِّلِ مِثْلَ مَالِهِ) الَّذِي سَلَّمَهُ لِلْبَائِعِ وَحُذِفَ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ مَا قَدَّرْته بَعْدُ وَحَلَفَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَالْحَلِفُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى حَسْبِ الْجَوَابِ، وَهُوَ إنَّمَا أَجَابَ بِالْبَتِّ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَيْضًا الِاقْتِصَارُ عَلَى تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ الْوَكَالَةِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَهَا وَاعْتَرَفَ بِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ كَانَ كَافِيًا فِي إبْطَالِ الْبَيْعِ فَيَنْبَغِي الْحَلِفُ عَلَيْهِمَا كَمَا يُجِيبُ بِهِمَا بَلْ يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى الْمَالِ وَحْدَهُ لِمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْإِثْبَاتَ إذَا اسْتَلْزَمَ النَّفْيَ جَازَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تَحْلِيفَهُ عَلَى الْبَتِّ يَسْتَلْزِمُ مَحْذُورًا، وَهُوَ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَسْت وَكِيلًا فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ غَيْرَك لَمْ يُوَكِّلْك وَأُجِيبَ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْمَالُ لِلْوَكِيلِ بِمُقْتَضَى الْأَصْلِ، وَهُوَ ثُبُوتُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ لِلْغَيْرِ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ (وَإِنْ كَانَ) الشِّرَاءُ لَهُ (فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّهِ) الْوَكِيلُ فِي الْعَقْدِ (بَلْ نَوَاهُ، وَقَعَ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (ظَاهِرًا) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ بَطَلَ الشِّرَاءُ كَنَظِيرِهِ الْآتِي وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلُ فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ ذَلِكَ (وَإِنْ سَمَّاهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ) فِي تَسْمِيَتِهِ (بَطَلَ) الشِّرَاءُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لِلْغَيْرِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِيَمِينِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ.
(وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ بَلْ كَذَّبَهُ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ مُبْطِلٌ فِي تَسْمِيَتِهِ أَوْ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ (وَقَعَ) الشِّرَاءُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (ظَاهِرًا ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ صَادِقًا فَالْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ بَاطِنًا) وَلِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ الثَّمَنُ (أَوْ) كَانَ (كَاذِبًا وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ فَالْمِلْكُ لَهُ أَوْ بِالْعَيْنِ فَلِلْبَائِعِ) الْمِلْكُ (وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ) حَيْثُ حَكَمَ بِالشِّرَاءِ لِلْوَكِيلِ (أَنْ يَرْفُقَ بِالْمُوَكِّلِ) أَيْ يَتَلَطَّفَ بِهِ (فَيَبِيعَهَا) أَيْ الْجَارِيَةَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَكِيلِ (بِالْعِشْرِينِ) فَإِذَا قَبِلَ الْبَيْعَ مَلَكَهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَذَا فِي الْأَصْلِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا قِيلَ إنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهَا ظَاهِرًا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ كَذِبِ الْوَكِيلِ فَالْجَارِيَةُ لَيْسَتْ لَهُ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا بَلْ لِلْبَائِعِ فَيَحْتَاجُ فِيهِ الْحَاكِمُ إلَى تَلَطُّفِهِ بِالْبَائِعِ أَيْضًا، وَكَذَا فِيمَا لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِعِشْرِينَ فَالْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ (وَلَا يَكُونُ) بَيْعُ الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورُ (إقْرَارًا) بِمَا قَالَهُ الْوَكِيلُ وَلَوْ أُخِّرَ هَذَا عَمَّا بَعْدَهُ كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ لَشَمَلَهُ أَيْضًا لَكِنَّ حُكْمُهُ مَفْهُومٌ مِنْ الْأَوَّلِ بِالْأَوْلَى (وَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ إنْ كُنْت أَذِنْت لَك) فِي شِرَائِهَا (بِعِشْرِينَ فَقَدْ بِعْتُكهَا بِعِشْرِينَ) فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبِلْت (صَحَّ) الشِّرَاءُ (وَاحْتُمِلَ) هَذَا التَّعْلِيقُ فِي الْمَبِيعِ (لِلضَّرُورَةِ) ؛ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ بِعْتُك إنْ كَانَ مِلْكِي وَيُفَارِقُ عَدَمَ صِحَّةِ النِّكَاحِ فِيمَا لَوْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ فَقَالَ إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا بِاخْتِصَاصِ النِّكَاحِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَبِأَنَّهُ نَزَعَ عِرْقًا مِنْ الْعِبَادَةِ. (فَلَوْ امْتَنَعَ) الْمُوَكِّلُ مِنْ الْإِجَابَةِ أَوْ لَمْ يَرْفُقْ بِهِ الْحَاكِمُ فَقَدْ ظَفِرَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَهُوَ الْجَارِيَةُ (فَلَهُ بَيْعُهَا) بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَاكِمِ (وَأَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهَا وَكَذَا إنْ اشْتَرَى جَارِيَةً، وَقَالَ الْمُوَكِّلُ) إنَّمَا (أَمَرْت بِغَيْرِهَا) فَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَرَّرَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ) الْوَكِيلُ (مُؤَجَّلًا) وَزَعَمَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَذِنَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَلِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ اجْتَمَعَا عَلَى الدَّعْوَى حَلَفَ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً وَإِنْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِالدَّعْوَى سُمِعَتْ فَإِنْ نَكَلَ فِي الصُّورَتَيْنِ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ لَا الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ وَحُذِفَ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ مَا قَدَّرْته بَعْدُ وَحَلَفَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ إلَخْ) أَجَابَ الْغَزِّيِّ عَنْهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّزَاعَ وَقَعَ فِي دَعْوَى الْوَكِيلِ عَمَلَهُ بِالْوَكَالَةِ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ حِينَئِذٍ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا أَمَّا إذَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَا فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَلِفَ مُطَابِقٌ لِلْجَوَابِ فَإِنَّهُ أَجَابَ بِنَفْيِ التَّوْكِيلِ، وَالْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَلِهَذَا لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ فَقَالَ أَبْرَأَنِي حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا ادَّعَى ثُبُوتَ الْوَكَالَةِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَى لِزَيْدٍ بِعَيْنِ مَالِهِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْت لِنَفْسِك وَالْمَالُ لَك كَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا لِنَفْيِ الْأَمْرَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يُوَكِّلْك زَيْدٌ وَلَمْ يُعْطِك مَالًا، وَإِذَا كَانَ الْإِثْبَاتُ مُسْتَلْزِمَ النَّفْيِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مَشْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَكِيلٌ وَادَّعَى الْبَائِعُ إنَّك شَرَيْت لِنَفْسِك، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ إذْ النِّيَّةُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ فَلِذَلِكَ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ لَا عَلَى نَفْيِ الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ) جَزَمَ الْقَمُولِيُّ بِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْته لَهُ وَالْمَالُ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْمُوَكِّلِ وَثُبُوتِ كَوْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِيَمِينِهِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّ وَكِيلَهُ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَنَازَعَهُ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَمَّاهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ بَطَلَ) مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْوُقُوعِ عَنْ الْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ الْمُخَالِفِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَسُمِّيَ الْمُوَكِّلُ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الشِّرَاءِ فَإِذَا سَمَّاهُ وَلَمْ يُمْكِنْ صَرْفُهُ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْهَبَ هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ فَإِنَّهَا مَفْرُوضَةٌ هُنَا فِي تَصْدِيقِهِ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لِلْغَيْرِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بَلْ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَاحْتُمِلَ هَذَا التَّعْلِيقُ فِي الْبَيْعِ لِلضَّرُورَةِ) هَذِهِ الصُّورَةُ كَمَا خَرَجَتْ عَنْ قَاعِدَةِ الْبَيْعِ بِالتَّعْلِيقِ كَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ مَجْلِسٍ وَلَا شَرْطٍ لِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِأَنَّهَا لِلْوَكِيلِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ لِغَيْرِ الْوَكِيلِ وَلِذَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ بَيْعُهَا، وَأَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهَا) ، وَأَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيَأْخُذَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ ثُمَّ يَرُدَّهَا لِلْمُوَكِّلِ ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ