الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمُسَاوِي لِمَالِهِ وَالنَّاقِصِ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ مَالُهُ الْعَيْنِيُّ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْهُ أَمَّا الْمَنَافِعُ وَمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْهُ كَمَغْصُوبٍ وَغَائِبٍ فَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِمَا زِيَادَةُ الدَّيْنِ عَلَيْهِمَا وَأَمَّا الدَّيْنُ فَيَظْهَرُ اعْتِبَارُهَا فِيهِ إنْ كَانَ حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ بِهِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَالْإِقْرَارِ الْبَيِّنَةُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَرْهُونًا فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا.
وَالْفِقْهُ مَنَعَ الْحَجْرَ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ لَهُ فَوَائِدَ بِمِثْلِ مَا مَرَّ فَيَقَعُ الْحَجْرُ فِيهِ كَغَيْرِهِ (إنْ الْتَمَسَهُ الْغُرَمَاءُ) لِأَنَّهُ لَحِقَهُمْ وَهُمْ أَهْلُ رُشْدٍ (أَوْ) لَمْ يَلْتَمِسُوهُ لَكِنْ (كَانَ) الدَّيْنُ (لِغَيْرِ رَشِيدٍ) مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لِمَصْلَحَتِهِمْ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِمَسْجِدٍ أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ (وَكَذَا لَوْ الْتَمَسَهُ الْمُفْلِسُ أَوْ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ إذَا لَمْ يَفِ مَالُهُ.) أَيْ الْمُفْلِسُ (بِدَيْنِ الْجَمِيعِ) وَإِنْ وَفَّى بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ غَرَضًا ظَاهِرًا قَالَ الرَّافِعِيُّ رُوِيَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مُعَاذٍ كَانَ بِطَلَبِهِ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ كَانَ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ اعْتِبَارِ دَيْنِ الْجَمِيعِ هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَوَّاهُ وَاَلَّذِي فِيهَا كَأَصْلِهَا قَبْلَ ذَلِكَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ اعْتِبَارُ دَيْنِهِ فَقَطْ فَقَالَ: فَلَوْ الْتَمَسَهُ بَعْضُهُمْ وَدَيْنُهُ قَدْرٌ يُحْجَرُ بِهِ حَجَرَ، وَإِلَّا فَلَا. ثُمَّ لَا يَخْتَصُّ أَثَرُ الْحَجْرِ بِالْمُلْتَمِسِ بَلْ يَعُمُّهُمْ وَلَا يُحْجَرُ لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي مَالَهُمْ فِي الذِّمَمِ. قَالَ الْفَارِقِيُّ: وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ ثِقَةً مَلِيًّا، وَإِلَّا لَزِمَ الْحَاكِمَ قَبْضُهُ قَطْعًا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ: وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ بِهِ رَهْنٌ يَقْبِضُهُ الْحَاكِمُ، وَلَوْ كَانَ الْمُفْلِسُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالشَّرْعِ كَصَبِيٍّ فَالْمُتَّجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يُحْجَرُ فِي مَالِهِ عَلَى وَلِيِّهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ: قَدْ يُقَالُ يَجُوزُ مَنْعًا لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا عَسَاهُ يَحْدُثُ بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْقِيَاسِ إذْ مَا يَحْدُثُ لَهُ إنَّمَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ وَمَا جَازَ تَبَعًا لَا يَجُوزُ قَصْدًا (وَالْمُؤَجَّلُ لَا يُحْجَرُ بِهِ) إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْحَالِ وَقَدْ يَجِدُ مَا يَفِي بِهِ عِنْدَ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ وَكَذَا لَوْ حَلَّ بَعْضُهُ، وَكَانَ الْحَالُّ قَدْرًا لَا يُحْجَرُ بِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلَا يَحِلُّ) الْمُؤَجَّلُ (بِالْحَجْرِ وَالْجُنُونِ) لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ مَقْصُودٌ لِلْمَدْيُونِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَمْنَعَا ابْتِدَاءَ الْأَجَلِ فَدَوَامُهُ أَوْلَى وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحٌ أَنَّهُ يَحِلُّ بِالْجُنُونِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ سَهْوٌ فَقَدْ صَحَّحَ فِي تَنْقِيحِهِ عَدَمَ الْحُلُولِ بِهِ، وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمَوْتِ أَوْ بِالرِّدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ (وَيُبَاعُ مَالُ الْمُفْلِسِ) أَيْ يَبِيعُهُ الْقَاضِي بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ (وَلَوْ مَا اشْتَرَاهُ بِمُؤَجَّلٍ) لِخَبَرِ مُعَاذٍ السَّابِقِ (وَيُقَسَّمُ) ثَمَنُهُ (عَلَى أَصْحَابِ الْحَالِّ) بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمْ (وَلَمْ) الْأَوْلَى وَلَا (يُدَّخَرْ) مِنْهُ (شَيْءٌ لِلْمُؤَجَّلِ وَلَا يُسْتَدَامُ لَهُ الْحَجْرُ) كَمَا لَا يُحْجَرُ بِهِ (فَلَوْ لَمْ يُقَسَّمْ حَتَّى حَلَّ) الْمُؤَجَّلُ (اُلْتُحِقَ بِالْحَالِّ، وَرَجَعَ) الْمَالِكُ (فِي الْعَيْنِ) إنْ لَمْ تُبَعْ (وَمَنْ سَاوَى دَيْنُهُ مَالَهُ) أَوْ نَقَصَ عَنْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَلَوْ بِالْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَاةِ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا) بَلْ كَانَ يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الطَّلَبِ وَالْوَفَاءِ.
(فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى حَجْرِ الْمُفْلِسِ)
وَأَنْ يُشَهِّرَ النِّدَاءَ عَلَيْهِ (لِتُحْذَرَ مُعَامَلَتُهُ، وَيُمْتَنَعُ) عَلَيْهِ (بِالْحَجْرِ كُلُّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ مُفَوِّتٍ فِي الْحَيَاةِ بِالْإِنْشَاءِ مُبْتَدَأٍ) كَمَا سَيَتَّضِحُ (فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ وَاسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ وَنَحْوَهُ) كَقَوَدٍ وَعَفْوٍ عَنْهُ (وَيَصِحُّ احْتِطَابُهُ وَاتِّهَابُهُ وَالشِّرَاءُ) وَالْبَيْعُ (فِي ذِمَّتِهِ) إذْ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بَلْ فِيهِ نَفْعُهُمْ قَالَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ: وَيَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ أَيْ كَالْمَرِيضِ وَالسَّفِيهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَالِيِّ وَشَمِلَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ مَالُهُ الْعَيْنِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْمَنَافِعُ إلَخْ) بَلْ كَلَامُهُمْ فِي وُجُوبِ إجَارَةِ وَقْفَةٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ الْمَنَافِعِ نَعَمْ لَا تُعْتَبَرْ مَنْفَعَةُ نَفْسِهِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَرْهُونًا إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ مَوْرُوثًا، وَعَلَى مُورَثِهِ دَيْنٌ، أَوْ جَانِيًا تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ لِغَيْرِ رَشِيدٍ إلَخْ) هَذَا إنْ كَانَ يَلِي أَمْرَهُمْ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ وَلِيٌّ خَاصٌّ فَبِسُؤَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ حَجَرَ الْحَاكِمُ، وَقَدْ ذَكَرُوا مِثْلَ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِمُفْلِسٍ، وَلَمْ يَطْلُبْهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ الْتَمَسَهُ الْمُفْلِسُ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَصُورَتُهُ أَنْ يَثْبُتَ الدَّيْنُ بِدَعْوَى الْغُرَمَاءِ وَالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي فَيَطْلُبُ الْمَدْيُونُ الْحَجْرَ دُونَ الْغُرَمَاءِ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ طَلَبُهُ، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ الْغُرَمَاءُ فَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَخْرِيجُ الْحَجْرِ عَلَى الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ اهـ (قَوْلُهُ، وَفِي النِّهَايَةِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ (قَوْلُهُ اعْتِبَارُ دَيْنِهِ فَقَطْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأُمِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَجْهَهُ أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ بَابِ مَصْلَحَةِ الْحَاضِرِ بِفَكِّ الْحَجْرِ عَنْ مِلْكِهِ بِلَا سَبَبٍ لَا مِنْ حَيْثُ قَبْضُ دَيْنِ الْغَائِبِ كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْقِيَاسِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ رَأَيْته مَجْزُومًا بِهِ فِي شَرَائِطِ الْأَحْكَامِ لِابْنِ عَبْدَانَ فَقَالَ: الَّذِي يُوجِبُ الْحَجْرَ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ فَذَكَرَهَا إلَى أَنْ قَالَ: الْخَامِسُ: أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ وَلَا مَالَ لَهُ، وَيُخَافُ عَلَيْهِ إذَا اكْتَسَبَ مَالًا أَنْ يُتْلِفَهُ فَيَحْجُرُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ حَتَّى إذَا صَارَ فِي يَدِهِ مَالٌ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ وَكَانَ هُوَ مَمْنُوعًا مِنْ إتْلَافِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَمَا جَازَ تَبَعًا لَا يَجُوزُ قَصْدًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ وَيَنْبَغِي بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْحَجْرَ هَلْ هُوَ عَلَى مَالِهِ أَوْ نَفْسِهِ وَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ قُلْنَا عَلَى نَفْسِهِ اُتُّجِهَ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ، وَإِلَّا فَلَا لَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مَالِهِ فَحَيْثُ لَا مَالَ لَا حَجْرَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ صَحَّحَ فِي تَنْقِيحِهِ عَدَمَ الْحُلُولِ بِهِ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ (قَوْلُهُ أَوْ بِالرِّدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ) أَوْ الِاسْتِرْقَاقِ.
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى حَجْرِ الْمُفْلِسِ]
(قَوْلُهُ كَمَا يَتَّضِحُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ: وَيَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ إلَخْ) لَعَلَّهُمَا فَرَّعَاهُ عَلَى النُّفُوذِ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ عَدَمَ نُفُوذِهِ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) كَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِ مَا اسْتَظْهَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ
كَلَامُهُمْ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ حَتَّى لَا يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَصِحُّ إجَازَتُهُ لِمَا فَعَلَ مُورِثُهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَنْفِيذٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ) وَنَحْوُهَا كَشِرَائِهِ بِالْعَيْنِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِالْأَعْيَانِ كَالرَّهْنِ وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عَلَى مُرَاغَمَةِ مَقْصُودِ الْحَجْرِ كَالسَّفِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ مَا لَوْ دَفَعَ لَهُ الْحَاكِمُ كُلَّ يَوْمٍ نَفَقَةً لَهُ وَلِعِيَالِهِ فَاشْتَرَى بِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَزْمًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ (وَيَصِحُّ تَدْبِيرُهُ وَوَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ) لِتَعَلُّقِ التَّفْوِيتِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ (وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ) مِنْ مُعَامَلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَكَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ يَزْحَمُ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ وَلِعَدَمِ التُّهْمَةِ الظَّاهِرَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ أَنَّ مَقْصُودَ الْحَجْرِ مَنَعَ التَّصَرُّفَ فَأُلْغِيَ إنْشَاؤُهُ، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ وَالْحَجْرُ لَا يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ عَنْهُ (وَيَثْبُتُ) عَلَيْهِ الدَّيْنُ (بِنُكُولِهِ) عَنْ الْحَلِفِ (مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعِي) كَإِقْرَارِهِ (فَإِذَا عَزَاهُ) أَيْ الدَّيْنَ الْمَقَرَّ بِهِ أَيْ أَسْنَدَهُ (إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ) وَلَوْ مُعَامَلَةً (أَوْ إلَى إتْلَافٍ) وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ (زُوحِمَ بِهِ الْغُرَمَاءُ) لَا إنْ أَسْنَدَهُ إلَى مُعَامَلَةٍ بَعْدَ الْحَجْرِ لِتَقْصِيرٍ مِنْ مُعَامَلَةٍ وَ (لَا إنْ أَطْلَقَ) الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ بِأَنْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى مُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ أَوْ أَسْنَدَهُ إلَى مُعَامَلَةٍ وَلَمْ يُسْنِدْهُ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ، وَلَا إلَى مَا بَعْدَهُ (وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ) فَلَا يُزَاحِمُ بِهِ الْغُرَمَاءُ بَلْ يَنْزِلُ الْإِقْرَارُ بِهِ عَلَى أَقَلِّ الْمَرَاتِبِ وَهُوَ مَا بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ فَيَبْطُلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ عَنْ مُعَامَلَةٍ بَعْدِ الْحَجْرِ أَمَّا إذَا لَمْ تَتَعَذَّرْ مُرَاجَعَتُهُ فَيُرَاجَعُ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ إلَى آخِرِهِ أَيْ فَيُزَاحِمُ بِهِ الْغُرَمَاءُ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِتَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ، وَصَوَابُهُ مَا بَعْدَ الْحَجْرِ كَمَا تَقَرَّرَ.
(وَإِذَا أَقَرَّ بِعَيْنٍ) كَقَوْلِهِ غَصَبْتهَا أَوْ اسْتَعَرْتهَا أَوْ اسْتَوْدَعْتهَا (سُلِّمَتْ لِصَاحِبِهَا) لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ إتْلَافٍ أَوْ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ، وَأَسْنَدَهُ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ فَلَوْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ يَمِينَ الْمُقِرِّ لَهُ حَلَفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ فِيمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَذَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقَرَّهُ (وَلَوْ اتَّهَبَ مَالًا أَوْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ دَخَلَ فِي الْحَجْرِ وَقُسِّمَ فِي الْغُرَمَاءِ) أَيْ بَيْنَهُمْ فَيَتَعَدَّى الْحَجْرُ إلَى أَمْوَالِهِ الْحَادِثَةِ بَعْدَهُ لِعُمُومِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ الْوَفَاءُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ تَعَدِّيهِ إذَا كَانَ مِلْكُهُ مُسْتَقِرًّا أَمَّا لَوْ وَهَبَ لَهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَقَبِلَ وَقَبَضَ الْمَوْهُوبُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ تَعَلُّقٌ بِهِ وَكَذَا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ فِيمَا لَوْ أَصَدَقَتْ الْمَحْجُورَةُ إيَّاهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَدِّي الْحَجْرِ إلَى الْحَادِثِ، وَلَوْ زَادَ مَالُهُ بِهِ عَلَى الدُّيُونِ فَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى النَّقْصِ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.
(وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ الْبَيْعِ (إنْ جَهِلَ) الْإِفْلَاسَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ لِتَقْصِيرِهِ (وَإِنْ جَنَى) جِنَايَةً تُوجِبُ وَلَوْ بِالْعَفْوِ مَالًا (وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ضُورِبَ) أَيْ ضَارَبَ مُسْتَحِقُّ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (بِالْأَرْشِ) إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فَيَبْعُدُ تَكْلِيفُهُ الِانْتِظَارَ (كَدَيْنٍ حَادِثٍ تَقَدَّمَ مُوجِبُهُ) عَلَى الْحَجْرِ كَانْهِدَامِ مَا آجَرَهُ الْمُفْلِسُ وَقَبَضَ أُجْرَتَهُ وَأَتْلَفَهَا سَوَاءٌ أَحْدَثَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمْ بَعْدَهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ زِيَادَةُ إيضَاحٍ (وَمُؤْنَةُ الْمَالِ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ وَالْحَمَّالِ) وَكَذَا الْبَيْتُ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ (مُقَدِّمَةٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِأَنَّهَا لِمَصْلَحَةِ الْحَجْرِ هَذَا (إنْ عَدِمَ مُتَبَرِّعٌ) بِهَا (وَلَمْ يَتَّسِعْ بَيْتُ الْمَالِ) وَإِلَّا فَلَا يُصْرَفُ إلَيْهَا مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ شَيْءٌ (وَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ إنْ كَانَ) فِيهِ (غِبْطَةٌ) وَلَيْسَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِهَا لِأَنَّ الْفَسْخَ لَيْسَ تَصَرُّفًا مُبْتَدَأً فَيُمْنَعُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الَّذِي لَمْ يَشْمَلْهُ الْحَجْرُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ رَدِّهِ حِينَئِذٍ دُونَ لُزُومِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالدَّارِمِيُّ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتٌ لِحَاصِلٍ وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ مِنْ الِاكْتِسَابِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فِي صِحَّتِهِ شَيْئًا ثُمَّ مَرِضَ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ، وَالْغِبْطَةُ فِي رَدِّهِ، وَلَمْ يَرُدَّ حَسَبَ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ الثُّلُثِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ تَفْوِيتٌ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَاشْتَرَى بِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَزْمًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ بَاعَهُمْ مُتَّهَمٌ بِدَيْنِهِمْ (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّتُهُ) وَتَصَرُّفُهُ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ التَّفْوِيتِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ) ثُمَّ إنْ فَضَلَ الْمَالُ بَعْدَ دُيُونِهِ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا يَنْفُذُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُعَامَلَةً) أَيْ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ وَإِنْ تَأَخَّرَ لُزُومُهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: زُوحِمَ بِهِ الْغُرَمَاءُ) كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَكَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ يُزَاحَمُ بِهِ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ وَلِضَعْفِ التُّهْمَةِ؛ إذْ الضَّرَرُ فِي حَقِّهِ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا بَعْدَ الْحَجْرِ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ، وَدَيْنُ الْمُعَامَلَةِ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِتَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ فِيمَا قَبْلَ الْحَجْرِ) عِبَارَتُهَا بِخَطِّهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ، وَلَمْ يَنْسُبْهُ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ التَّنْزِيلُ عَلَى الْأَقَلِّ وَجَعْلُهُ كَإِسْنَادِهِ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ.
(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ غَصَبْتهَا إلَخْ) أَوْ سَرَقْتهَا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ إتْلَافٍ أَوْ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ إلَخْ) مَتَى قَبِلَ إقْرَارَهُ فَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الْأَصَحِّ؛ إذْ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقَرَّهُ) الْأَصَحُّ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ تَحْلِيفُهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُمْ فِيمَا إذَا أَقَرَّ لَهُ الْمُفْلِسُ بِعَيْنٍ، وَقُلْنَا بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهَا (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ) أَيْ أَوْ وَرِثَهُ (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ أَصَدَقَتْ الْمَحْجُورَةُ أَبَاهَا) أَوْ أَوْصَى لَهَا بِهِ أَوْ وَرِثَتْهُ (قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اُشْتُهِرَ إلَخْ) الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ.
(قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ الْإِفْلَاسَ) فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ لَمْ يُزَاحِمْ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ فَقَدْ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ فَإِنْ قُلْنَا لَا خِيَارَ لَهُ أَوْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَمْ يَفْسَخْ فَفِي مُضَارَبَتِهِ بِالثَّمَنِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا اهـ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلِبَائِعِهِ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ فَإِنْ عَلِمَ أَوْ أَجَازَ لَمْ يُزَاحِمْ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ لِحُدُوثِهِ بِرِضَاهُ اهـ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُضَارِبْ بِحَالٍ بَلْ يَرْجِعُ فِي الْعَيْنِ إنْ جَهِلَ قَالَ شَيْخُنَا: وَوَقَعَ لِلشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ رَدِّهِ حِينَئِذٍ دُونَ لُزُومِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي إلَخْ)