الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقْتِ (الرُّخْصِ لِيَبِيعَهُ) بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْحَاجَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بِخِلَافِ إمْسَاكِ مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الرُّخْصِ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا (وَلَا) إمْسَاكَ (غَلَّةِ ضَيْعَتِهِ) وَلَا مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ أَوْ لِيَبِيعَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ (لَكِنْ فِي كَرَاهَةِ إمْسَاكِ مَا فَضَلَ عَنْهُ) أَيْ عَمَّا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ سَنَةً (تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ لَكِنْ الْأَوْلَى بَيْعُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَخْتَصُّ) تَحْرِيمُ الِاحْتِكَارِ (بِالْأَقْوَاتِ وَمِنْهَا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ) وَالذُّرَةُ وَالْأُرْزُ فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ (وَيَحْرُمُ التَّسْعِيرُ) بِأَنْ يَأْمُرَ الْوَالِي السُّوقَةَ أَنْ لَا يَبِيعُوا أَمْتِعَتَهُمْ إلَّا بِسِعْرِ كَذَا (وَلَوْ فِي) وَقْتِ (الْغَلَاءِ) لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلِأَنَّ «السِّعْرَ غَلَا عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا فَقَالَ إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّزَّاقُ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ بِدَمٍ وَلَا مَالٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْأَصْلِ إنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَطْعِمَةِ وَعَلَفِ الدَّوَابِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَلَوْ سَعَّرَ الْإِمَامُ عُزِّرَ مُخَالِفُهُ) الَّذِي بَاعَ بِأَزْيَدَ مِمَّا سَعَّرَ لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَاهَرَةِ الْإِمَامِ بِالْمُخَالَفَةِ (وَصَحَّ الْبَيْعُ) إذْ لَمْ يَعْهَدْ الْحَجْرُ عَلَى الشَّخْصِ فِي مِلْكِهِ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِنَوْعِ مَصْلَحَةٍ كَمَا يُحْجَرُ عَلَى الْمُبَذِّرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ مَا فَهِمَهُ الْمُخْتَصَرُ وَغَيْرُهُ أَنَّ التَّعْزِيرَ مُفَرَّعٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى جَوَازِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ لَمْ يُعَزَّرْ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ انْتَهَى
(فَصْلٌ وَيَحْرُمُ بَيْعُ حَاضِرٍ لِبَادٍ)
لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» زَادَ مُسْلِمٌ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ (وَلَا يَبْطُلُ) وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا لِرُجُوعِ النَّهْيِ فِيهِ إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ (وَهُوَ) أَيْ بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي (أَنْ يَمْنَعَهُ) أَيْ الْحَاضِرُ الْبَادِي (مِنْ بَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ مَتَاعِهِ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِتَرْكِهِ عِنْدَهُ (لِيَبِيعَهُ لَهُ تَدْرِيجًا) بِثَمَنٍ غَالٍ (وَالْمَبِيعُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ) أَيْ حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ (إلَيْهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَتَاعُ قُوتًا أَمْ لَا ظَهَرَ بِبَيْعِهِ سِعَةٌ فِي الْبَلَدِ أَمْ لَمْ تَظْهَرْ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعُمُومِ وُجُودِهِ وَرُخْصِ السِّعْرِ أَوْ لِكِبَرِ الْبَلَدِ (لَا إنْ الْتَمَسَهُ الْبَدَوِيُّ مِنْهُ) بِأَنْ قَالَ لَهُ ابْتِدَاءً أَتْرُكُهُ عِنْدَك لِتَبِيعَهُ بِالتَّدْرِيجِ وَلَا إنْ انْتَفَى عُمُومُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا أَوْ عَمَّتْ وَقَصَدَ الْبَدَوِيُّ بَيْعَهُ بِالتَّدْرِيجِ فَسَأَلَهُ الْحَاضِرُ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ أَتْرُكُهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ (وَإِنْ اسْتَشَارَهُ) الْبَدَوِيُّ فِيمَا فِيهِ حَظُّهُ (فَفِي وُجُوبِ إرْشَادِهِ) إلَى الِادِّخَارِ وَالْبَيْعِ بِالتَّدْرِيجِ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ وَالثَّانِي لَا تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ (وَلَوْ قَدِمَ) الْبَادِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ فَتَعَرَّضَ لَهُ حَاضِرٌ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَخِيصًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسِّمْسَارِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ الْمَنْعَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ وَالْحَاضِرُ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ وَهِيَ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَاضِرِ وَالْبَادِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ أَيُّ شَخْصٍ كَانَ
(وَ) يَحْرُمُ (تَلَقِّي الرُّكْبَانِ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُمْ) قَطْعًا (وَكَذَا الْبَيْعُ) مِنْهُمْ (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ دُخُولِ الْبَلَدِ) قَالَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَجْهَانِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَخْتَصُّ تَحْرِيمُ الِاحْتِكَارِ بِالْأَقْوَاتِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّ الثِّيَابَ إذَا كَانَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا لِشِدَّةِ الْبَرْدِ غَايَةَ الِاحْتِيَاجِ أَوْ لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ يُكْرَهُ لَهُ الْإِمْسَاكُ فَإِنْ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ فَظَاهِرٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْته مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي كُلِّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ غَالِبًا مِنْ الْمَطْعُومِ وَالْمَلْبُوسِ كَمَا قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ وَإِنْ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ فَبَعِيدٌ (قَوْلُهُ لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ) وَلَيْسَ الْمُشْتَرِي بِأَوْلَى مِنْ الْبَائِعِ بِالنَّظَرِ فِي مَصْلَحَتِهِ فَإِذَا تَقَابَلَتْ الْمَصْلَحَتَانِ فَلْيُمَكَّنَا مِنْ الِاجْتِهَادِ لِأَنْفُسِهِمَا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْأَصْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ وَيَحْرُمُ بَيْعُ حَاضِرٍ لِبَادٍ]
(فَصْلٌ قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ بَيْعُ حَاضِرٍ لِبَادٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلِتَحْرِيمِهِ شُرُوطٌ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ فِيهِ وَهَذَا شَرْطٌ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي اهـ فَدَخَلَ فِيهِ النَّجْشُ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَالْإِثْمُ عَلَى الْحَاضِرِ خَاصَّةً كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَفَّالِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ الْإِرْشَادُ فَقَطْ لِأَنَّ التَّضْيِيقَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ دُونَ الْبَيْعِ لَا سِيَّمَا إذَا صَمَّمَ الْمَالِكُ عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ الْمُشِيرُ عَلَيْهِ بَاشَرَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ بَذْلًا لِنَصِيحَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ) وَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْكُتُ لَا أَنَّهُ يَكْذِبُ وَيُخْبِرُ بِخِلَافِ نَصِيحَتِهِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ) أَيْ التَّحْرِيمِ وَقَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ إنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ الْمَنْعَ) جَزَمَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَفَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ النَّهْيَ بِهِ وَتَفْسِيرُ الرَّاوِي يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَنَا وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد (تَنْبِيهٌ) فَاتَ الْإِرْشَادُ وَالْحَاوِي شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْجَالِبُ غَيْرَ قَادِمٍ لِوَطَنِهِ وَعَنْهُ احْتَرَزَ الْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ غَرِيبٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ شَارِحِيهِ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْإِرْشَادِ تَقْيِيدُ الْقَادِمِ بِالْغَرِيبِ أَتّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْقَادِمُ غَيْرَ دَاخِلٍ لِوَطَنِهِ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْغَرِيبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ عَبَّرَ بِهِ عَلَى الْغَالِبِ
(قَوْلُهُ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُمْ) مَتَاعًا (قَوْلُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قِيلَ دُخُولُ الْبَلَدِ) ذِكْرُ الْبَلَدِ مِثَالٌ فَلَوْ كَانَ الْجَالِبُ إلَى مَحَلَّةٍ بِالْبَادِيَةِ أَوْ إلَى رَكْبٍ أَوْ جَيْشٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانُوا قَاصِدِينَ غَيْرَ مَكَانِ الْمُتَلَقِّي هَلْ يَكُونُ
«صلى الله عليه وسلم لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «لَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الْأَسْوَاقِ فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ غَبْنُهُمْ سَوَاءٌ أَخْبَرَ الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى أَوْ الْبَائِعَ فِي الثَّانِيَةِ كَاذِبًا أَمْ لَمْ يُخْبِرْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ مِنْهُمْ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ وَلِخَبَرِ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ التَّحْرِيمَ نَظَرًا لِلْمَعْنَى كَمَا هُوَ الرَّاجِحُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي وَخَرَجَ بِقَبْلِ دُخُولِ الْبَلَدِ التَّلَقِّي بَعْدَ دُخُولِهِ فَلَا يَحْرُمُ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ لَهُمْ غَبْنٌ فَالتَّقْصِيرُ مِنْهُمْ لَا مِنْ الْمُتَلَقِّينَ (وَيَصِحُّ) كُلٌّ مِنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَإِنْ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا لِمَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ (وَلَهُمْ بَعْدَ الدُّخُولِ) لِلْبَلَدِ الْأُولَى بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِالسِّعْرِ (الْخِيَارُ فَوْرًا إنْ غُبِنُوا) لِلْخَبَرِ إلَّا فِي الْفَوْرِ فَقِيَاسًا عَلَى خِيَارِ الْعَيْبِ (وَلَوْ الْتَمَسُوا الْبَيْعَ مِنْهُ) وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِمْ بِالسِّعْرِ (أَوْ لَمْ يُغْبَنُوا) كَأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِدُونِهِ وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ (فَلَا خِيَارَ لَهُمْ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى السَّابِقِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا تَغْرِيرَ وَكَذَا لَا خِيَارَ لَهُمْ إذَا كَانَ التَّلَقِّي بَعْدَ دُخُولِ الْبَلَدِ وَلَوْ خَارِجَ السُّوقِ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِمْ الْأَسْعَارِ مِنْ غَيْرِ الْمُتَلَقِّينَ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَقَدْ يُقَالُ يُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّلَقِّي خَارِجَ السُّوقِ وَيُمْنَعُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّحْرِيمِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا الْغَبْنَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ وَعَادَ إلَى مَا بَاعُوا بِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ مَنْشَؤُهُمَا اعْتِبَارُ الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ وَكَلَامُ الشَّاشِيِّ يَقْتَضِي عَدَمَ ثُبُوتِهِ وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ كَمَا فِي زَوَالِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ وَأَثَرَهُ زَالَا ثُمَّ وَهَنَا وَإِنْ زَالَا أَثَرُهُ لَمْ يُزَلْ هُوَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِمُحَرَّمٍ (وَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي) كَأَنْ خَرَجَ لِصَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَآهُمْ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ لِشُمُولِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى لِذَلِكَ
(وَكَذَا) يَحْرُمُ (السَّوْمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ) لِخَبَرِ «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ وَذِكْرُ الْأَخِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ لِلرِّقَّةِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ فَالْكَافِرُ كَالْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ (وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ) فِي ثَمَنِ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ (بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) بِالتَّرَاضِي صَرِيحًا وَقَبْلَ الْعَقْدِ (أَوْ يَخْرُجُ لِلْمُشْتَرِي أَرْخَصَ) مِمَّا يُرِيدُ شِرَاءَهُ أَوْ يَرْغَبُ مَالِكُهُ فِي اسْتِرْدَادِهِ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ (وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُ) الْمَالِكُ (بِالْإِجَابَةِ) بِأَنْ عَرَّضَ بِهَا أَوْ سَكَتَ أَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ إذْ ذَاكَ يُنَادَى عَلَيْهِ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ (لَمْ يَحْرُمْ) ذَلِكَ (فَإِنْ أَخْرَجَ) آخَرُ لِلْمُشْتَرِي (الْأَرْخَصَ أَوْ زَادَ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ اللُّزُومِ) بِأَنْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ وَوَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَلَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ مُضِرًّا (فَهُوَ) فِي الْأَوَّلِ (بَيْعٌ عَلَى بَيْعِهِ) أَيْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ (وَ) فِي الثَّانِي (شِرَاءٌ عَلَى شِرَائِهِ) وَالضَّابِطُ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرْغَبَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِيَبِيعَهُ خَيْرًا مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ مِثْلِهِ بِأَقَلَّ وَفِي الثَّانِي أَنْ يَرْغَبَ الْبَائِعُ فِي الْفَسْخِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ (وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ وَلَوْ رَآهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي فِي الْأَوَّلِ وَالْبَائِعُ فِي الثَّانِي (مَغْبُونًا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» .
وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ» وَالْمَعْنَى فِيهِمَا الْإِيذَاءُ وَذِكْرُ الْمُؤْمِنِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا وَفِي (مَعْنَى) الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ نَهْيِ الرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ سِلْعَةً مِثْلَ الَّتِي اشْتَرَاهَا خَشْيَةَ أَنْ يَرُدَّ الْأُولَى وَظَاهِرٌ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ فِيمَا قَالَهُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالشِّرَاءِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْحُكْمُ كَتَلَقِّي قَاصِدِيهِ أَمْ لَا الْأَوْفَقُ لَا لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ نَعَمْ وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ لَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا أَوْفَقَ وَذِكْرُ الرُّكْبَانِ مِثَالٌ فَلَوْ تَلَقَّى جَالِبًا وَاحِدًا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانُوا قَاصِدِينَ بَلَدًا آخَرَ غَيْرَ بَلَدِ الْمُتَلَقِّي هَلْ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانُوا قَاصِدِينَ بَلَدَهُ أَمْ لَا قَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِلْحَدِيثِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ الْبَلَدَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَلَدُ الْمُتَلَقِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَوَسُّطِهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ وَلَهُمْ بَعْدَ الدُّخُولِ) التَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ الْخِيَارُ فَوْرًا إلَخْ) يُعْذَرُ فِي دَعْوَى جَهْلِهِ بِالْخِيَارِ وَبِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى الْغَبْنِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ فَكَعِلْمِهِ بِالْغَبْنِ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ بِتَأْخِيرِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا هَذَا وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مَعْرِفَةِ السِّرِّ وَيَظْهَرُ حِينَئِذٍ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُمْ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ حَيْثُ اشْتَرَى مِنْهُمْ بَعْدَ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَهُمْ مَعْرِفَةُ الْحَالِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْغَزِّيِّ وَابْنِ قَاضِي شُهْبَةَ وَابْنِهِ
(قَوْلُهُ بَلْ لِلرِّقَّةِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ) وَلِلْجَرْيِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) أَطْلَقَ الثَّمَنَ فَشَمِلَ ثَمَنَ الْمِثْلِ وَدُونَهُ وَفَوْقَهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مِثْلُهُ بِأَقَلَّ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ مِثْلُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ جَازَ وَبِهِ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ قَالَ لَا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ر وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ) شَمِلَ مَا لَوْ طَلَبَ الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَمَا لَوْ قَالَ لَوْ فَسَخْت الْبَيْعَ لَاشْتَرَيْته بِأَزْيَدَ وَمَا لَوْ قَالَ ثُمَّ رَاغِبٌ فِيهِ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ وَلَوْ رَآهُ مَغْبُونًا) قَالَ السُّبْكِيُّ أَمَّا تَعْرِيفُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِأَنَّهُ نَصِيحَةٌ وَالْحَدِيثُ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ إعْلَامُهُ بِالْحَالِ كَمَا فِي الْعَيْبِ بَلْ مَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالْإِيجَابِ وَقَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالشِّرَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ