الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِيفَاءِ تَكْرَارٌ مَحْضٌ.
(فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى ثَلَاثِينَ فَشَهِدَ) لَهُ (وَاحِدٌ بِهَا وَآخَرُ بِعِشْرِينَ ثَبَتَتْ الْعِشْرُونَ وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ) الشَّاهِدِ (الْأَوَّلِ فَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِعِشْرِينَ فَشَهِدَ) لَهُ وَاحِدٌ بِهَا وَآخَرُ (بِثَلَاثِينَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي الْعَشَرَةِ) ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ (فَلَوْ أَعَادَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ (بِعَشَرَةٍ) بَعْدَ الدَّعْوَى بِهَا وَالِاسْتِشْهَادِ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (وَإِنْ ادَّعَاهَا) الْمُدَّعِي (فِي الْمَجْلِسِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا.
[فَرْعٌ لَهُ مَسْطُورٌ بِإِقْرَارٍ بِأَلْفَيْنِ اسْتَوْفَى أَلْفًا وَادَّعَى الْآخَرَ فَكَيْفَ يَشْهَدُ الشُّهُودُ]
(فَرْعٌ) لَهُ مَسْطُورٌ بِإِقْرَارٍ بِأَلْفَيْنِ اسْتَوْفَى أَلْفًا وَادَّعَى الْآخَرَ فَكَيْفَ يَشْهَدُ الشُّهُودُ، وَهُمْ شَهِدُوا بِالْإِقْرَارِ بِالْجَمْعِ فَقِيلَ يَشْهَدُونَ بِأَلْفٍ مِنْ أَلْفَيْنِ وَقِيلَ بِإِقْرَارِهِ بِأَلْفٍ مِنْ أَلْفَيْنِ لَا بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ شَهِدُوا بِهِمَا بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا كُلُّهُ خَبْطٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ عَيْنَ الْحَقِّ بَلْ طَرِيقٌ إلَيْهِ وَتُسْمَعُ الشَّهَادَةُ بِهِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا إنْ أَفْرَدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَشْهُورِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَشْهَدُونَ بِمَا سَمِعُوهُ وَالْحَاكِمُ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ؛ لِأَنَّهَا تَنْفَعُ فِي الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ وَيُرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَلَيْسَ الشَّهَادَةُ بِالْأَلْفَيْنِ شَهَادَةً قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَسْأَلُهُمْ الشَّهَادَةَ بِمَا جَرَى لِكَوْنِهِ طَرِيقًا فِي إثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَلَا يَسْأَلُهُمْ الشَّهَادَةَ بِمَا ادَّعَاهُ وَلَوْ سَأَلَهُمْ ذَلِكَ لَمْ يَلْتَفِتُوا إلَيْهِ بَلْ يُعْرِضُونَ عَنْهُ إلَى أَنْ يَسْأَلَهُمْ سُؤَالًا صَحِيحًا وَلَقَدْ كُنْت أَسْمَعُ بَعْضَ الْحُكَّامِ يَقُولُ لِلشَّاهِدِ اشْهَدْ بِمَا ادَّعَاهُ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ صَادِرَةٌ عَنْ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ دُونَ أَسْرَارِهِ.
(مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) لَوْ (قَالَ: مَا يُنْسَبُ إلَيَّ أَوْ مَا فِي يَدِي لِزَيْدٍ ثُمَّ قَالَ) ، وَقَدْ نَازَعَهُ زَيْدٌ فِي عَيْنٍ هَلْ كَانَتْ فِي يَدِهِ حِينَئِذٍ (لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْعَيْنُ فِي يَدِي صُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ) وَعَلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْبَيِّنَةُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَيْسَ لِي مِمَّا فِي يَدِي إلَّا أَلْفُ وَبَاقِيهِ لِزَيْدٍ وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ فِيمَا يَظْهَرُ نَعَمْ لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ وَمَا فِيهَا لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ وَتَنَازَعَ وَارِثُهُ وَالْمُقَرُّ لَهُ فِي بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ فَقَالَ الْوَارِثُ لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي الدَّارِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ وَعَاكَسَهُ الْمُقَرُّ لَهُ صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا وَبِمَا فِيهَا وَوَجَدْنَا الْمَتَاعَ فِيهَا فَالظَّاهِرُ وُجُودُهُ فِيهَا يَوْمَ الْإِقْرَارِ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ وَكَالْوَارِثِ فِي هَذَا الْمُقِرُّ (وَإِنْ قَالَ زَيْدٌ لَا حَقَّ لِي فِيمَا فِي يَدِ عَمْرٍو ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ) ، وَقَدْ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ عَمْرٍو (لَمْ أَعْلَمْ كَوْنَ هَذِهِ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ حِينَ الْإِقْرَارِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ (وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا وَطُولِبَ بِالتَّعْيِينِ) ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِالْإِقْرَارِ، وَأَبْهَمَ الْمُقَرَّ بِهِ فَيَلْزَمُهُ تَعْيِينُهُ (وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ عَلَى زَيْدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِلشَّكِّ فِي الْإِخْبَارِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ لَا) بِإِسْكَانِ الْوَاوِ (عَلَى سَبِيلِ الْإِقْرَارِ لَمْ تَطْلُقْ) لِذَلِكَ (أَوْ) عَلَى سَبِيلِ (الْإِنْشَاءِ طَلُقَتْ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِق طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْهَرَوِيُّ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْإِخْبَارِ حَتَّى لَا يَقَعَ لِلشَّكِّ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ، قَالَ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ مُنْقَاسٌ (أَوْ) قَالَ (لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو) عَلَيَّ (أَلْفُ دِينَارٍ لَزِمَتْهُ الدَّرَاهِمُ فَقَطْ) وَكَلَامُهُ الْآخَرُ لِلتَّأْكِيدِ أَيْ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ إنَّمَا يُذْكَرُ فِي مَعْرِضِ النَّذْرِ غَالِبًا (وَإِنْ أَقَرَّ لِابْنِهِ) ، وَإِنْ نَزَلَ (بِعَيْنٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ) فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُ الْهِبَةَ فَنَزَلَ الْإِقْرَارُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ الْمِلْكَيْنِ كَمَا يَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الْمِقْدَارَيْنِ، وَتَرْجِيحُ مَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَدْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَفِيهَا أَنَّ الْأُمَّ وَالْجَدَّةَ فِي ذَلِكَ كَالْأَبِ.
(وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَى
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
فَالْحُكْمُ بِالْكِتَابِ الْمُجَرَّدِ مُسْتَبْعَدٌ، وَكَذِبٌ أَيْضًا أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِ زَيْدٍ لَهُ بِدَيْنٍ فَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا وَتَارِيخُهُمَا وَاحِدٌ بِأَنَّا نَحْكُمُ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِهَا الشَّغْلُ وَشَكَّكْنَا فِي رَفْعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ثُمَّ اسْتَدَلَّ لَهُ، وَقَوْلُهُ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ ادَّعَى ثَلَاثِينَ فَشَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِهَا وَآخَرُ بِعِشْرِينَ]
(قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا كُلُّهُ خَبْطٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ صَادِرَةٌ عَنْ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ دُونَ أَسْرَارِهِ) قَالَ فِي الْمَيْدَانِ وَيَخْرُجُ مِمَّا تَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْأَلْفِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِأَلْفَيْنِ فَقَدْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ كَمَا أَنَّ مَنْ أَقْرَضَ أَلْفَيْنِ فَقَدْ أَقْرَضَ أَلْفًا سِيَّمَا إذَا جَوَّزْنَا لِمَنْ سَمِعَ الْإِقْرَارَ أَنْ يَشْهَدَ بِالِاسْتِحْقَاقِ كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ.
[مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْإِقْرَار]
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ زَيْدٌ لَا حَقَّ لِي فِيمَا فِي يَدِ عَمْرٍو إلَخْ) لَوْ اسْتَأْجَرَ عَيْنًا وَسَلَّمَ الْأُجْرَةَ، وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ فَلَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ، وَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ أَشْهَدَ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ، وَإِقْدَامُهُ عَلَى الْإِجَارَةِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى اعْتِقَادِهِ صِحَّتَهَا فَيَكُونُ بِحَقٍّ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِبُطْلَانِهَا أَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا) بِإِسْكَانِ الْوَاوِ عَلَى سَبِيلِ الْإِقْرَارِ لَمْ تَطْلُقْ لِكَوْنِهِ شَاكًّا فِي ثُبُوتِ الْإِقْرَارِ وَسُقُوطِهِ وَالْإِقْرَارُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ بِالْيَقِينِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْهَرَوِيُّ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ مُنْقَاسٌ) هَذَا بَنَاهُ الْهَرَوِيُّ عَلَى اعْتِقَادِهِ السَّابِقِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ مُعْسِرٌ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ مَالًا، وَقُلْنَا يُسْتَفْسَرُ فَإِنْ فَسَّرَ بِالتَّأْجِيلِ صَحَّ أَوْ بِالتَّعْلِيقِ لَغَا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَفْسِرَهُ فَلَا يُحْكَمُ بِالْوُجُوبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ صَاحِبَ الْعُدَّةِ قَالَ إنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ يَكُونُ إقْرَارًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُنْقَاسُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْإِنْشَاءِ حَمْلٌ عَلَى التَّأْسِيسِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْإِلْغَاءِ وَالْإِبْطَالِ ت (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِابْنِهِ، وَإِنْ نَزَلَ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ رَشِيدًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الْمِقْدَارَيْنِ) ، وَأَصْلُ بَقَاءِ مِلْكِ الِابْنِ عَارَضَهُ أَصْلُ بَقَاءِ تَصَرُّفِ الْمُقِرِّ وَعَدَمُ انْقِطَاعِ سَلْطَنَتِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ) وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْهَرَوِيُّ رَجَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَأَفْتَى بِهِ وَعِبَارَتُهُ إنْ كَانَ قَدْ أَسْنَدَ الْمِلْكَ فِي إقْرَارِهِ إلَى الْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ مَعَهَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ كَانَ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ فِيهَا فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ فَإِذَا حَلَفَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ تَنَازَعَا فِي الْجِهَةِ صُدِّقَ الْأَصْلُ بِيَمِينِهِ
زَيْدٍ ثُمَّ خَصَّصَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ) كَانَ لَهُ إنَّمَا أَرَدْت فِي عِمَامَتِهِ، وَقَمِيصِهِ لَا فِي دَارِهِ وَبُسْتَانِهِ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ (وَ) لَكِنْ (لَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ (مَا عَلِمَهُ قَصَدَ ذَلِكَ) وَيُفَارِقُ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ لَا حَقَّ لِي السَّابِقَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ فَدَعْوَاهُ لَهُ ثَمَّ مُوَافَقَةٌ لِلْأَصْلِ وَبِأَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ غَالِبٌ عَلَى الْإِنْسَانِ كَالنِّسْيَانِ، وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى نِسْيَانِ عَيْنٍ بِقَبُولِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالْإِرَادَةِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ بِلَا قَرِينَةٍ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ قَالَ أَرَدْت بَعْضَهُنَّ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا بِلَا قَرِينَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ إنَّمَا لَمْ يَجْرِ ذَلِكَ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ الْعَامَّ فِيهَا نَصٌّ فِي إفْرَادِهِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ لَا النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ بِخِلَافِهِ فِي تَيْنِكَ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ؛ وَلِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِمَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِخِلَافِهِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى قَوْلِ الْهَرَوِيِّ الْقِيَاسُ قَبُولُ قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ لَا حَقَّ لِي وَنَحْوِهَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِإِقَامَتِهَا، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ بَلْ هُوَ مُقْتَضَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِمَا قَدَّمْته آنِفًا، وَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لِتَكْذِيبِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّعِي تَأْوِيلًا ظَاهِرًا كَإِرَادَةِ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَالْإِشْهَادِ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ وَالْجَهْلِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ وَلَوْ مَعَ دَعْوَى ظُهُورِ مُسْتَنَدٍ يَشْهَدُ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا لِلتَّحْلِيفِ هَكَذَا فُهِمَ. (وَإِنْ أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَوَزْنِ هَذِهِ الصَّنْجَةِ دَرَاهِمَ، وَقَدْرِ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ صَحَّ) وَيُرْجَعُ إلَى مَا أَحَالَ عَلَيْهِ (وَكَقَوْلِهِ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا نِصْفَ مَا لِعَمْرٍو) عَلَيَّ (وَلِعَمْرٍو عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا ثُلُثَ مَا لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (فَلِزَيْدٍ سِتُّمِائَةٍ وَلِعَمْرٍو ثَمَانِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ إلَّا نِصْفَ ثَمَانِمِائَةٍ وَثَمَانِمِائَةِ أَلْفٍ إلَّا ثُلُثَ سِتُّمِائَةٍ) وَذَكَرَ الْأَصْلُ لِذَلِكَ ثَلَاثَةَ طُرُقٍ أَوَّلُهَا أَنْ تَفْرِضَ لِزَيْدٍ شَيْئًا وَتَقُولَ لِعَمْرٍو أَلْفٌ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ فَتُسْقِطُ نِصْفَهُ مِنْ أَلْفِ زَيْدٍ يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ وَسُدُسُ شَيْءٍ يَعْدِلُ الشَّيْءَ تُسْقِطُ سُدُسَ شَيْءٍ بِمِثْلِهِ تَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تَعْدِلُ خَمْسَمِائَةٍ فَالشَّيْءُ سِتُّمِائَةٍ، وَهُوَ مَا لِزَيْدٍ وَلِعَمْرٍو ثَمَانِمِائَةٍ ثَانِيهَا: أَنْ تَفْرِضَ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ لِاسْتِثْنَائِهِ الثُّلُثَ مِمَّا لَهُ وَتُسْقِطَ ثُلُثَهَا مِنْ أَلْفِ عَمْرٍو يَصِيرُ أَلْفًا إلَّا شَيْئًا ثُمَّ تُزِيدُ نِصْفَهُ عَلَى مَا فُرِضَ لِزَيْدٍ يَصِيرُ مَعَهُ خَمْسُمِائَةٍ وَشَيْئَانِ وَنِصْفُ شَيْءٍ يَعْدِلُ أَلْفًا فَتَسْقُطُ خَمْسُمِائَةٍ بِمِثْلِهَا تَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ مِائَتَانِ فَلِزَيْدٍ سِتُّمِائَةٍ.
وَلَك أَنْ تَقُولَ أَخْذًا مِنْ الطَّرِيقِ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِهِمْ يَصِيرُ أَلْفًا إلَّا شَيْئًا ثُمَّ تُسْقِطُ نِصْفَهَا خَمْسَمِائَةٍ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ مِنْ أَلْفِ زَيْدٍ يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ وَنِصْفُ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ الْمَفْرُوضَ فَتُسْقِطُ نِصْفَ شَيْءٍ بِمِثْلِهِ يَبْقَى شَيْئَانِ وَنِصْفُ شَيْءٍ يَعْدِلُ خَمْسَمِائَةٍ فَالشَّيْءُ مِائَتَانِ فَلِزَيْدٍ سِتُّمِائَةٍ. ثَالِثُهَا: أَنْ تَضْرِبَ مَخْرَجَ النِّصْفِ فِي مَخْرَجِ الثُّلُثِ يَكُونُ سِتَّةً فَتُنْقِصُ مِنْهَا الْحَاصِلَ مِنْ ضَرْبِ أَحَدِ الْجُزْأَيْنِ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ وَاحِدٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ تُسَمِّيهَا الْمَقْسُومَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَضْرِبُ مَا يَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ كُلٍّ بَعْدَ إسْقَاطِ جُزْئِهِ فِي مَخْرَجِ الْآخَرِ فَيَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ النِّصْفِ وَاحِدٌ تَضْرِبُهُ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْأَلْفِ تَحْصُلُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ تَقْسِمُهَا عَلَى الْخَمْسَةِ يَخْرُجُ سِتُّمِائَةٍ، وَهِيَ مَا لِزَيْدٍ وَيَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ الثُّلُثِ اثْنَانِ تَضْرِبُهُمَا فِي مَخْرَجِ النِّصْفِ بِأَرْبَعَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْأَلْفِ تَحْصُلُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ تَقْسِمُهَا عَلَى الْخَمْسَةِ تَخْرُجُ ثَمَانِمِائَةٍ، وَهِيَ مَا لِعَمْرٍو (وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثُلُثَيْ مَا لِعَمْرٍو) عَلَيَّ (وَلِعَمْرٍو) عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مَا لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (فَلِزَيْدٍ سِتَّةٌ وَثُلُثَا وَاحِدٍ وَلِعَمْرٍو خَمْسَةٌ) .
وَطَرِيقُهُ بِالثَّالِثِ أَنْ تَضْرِبَ الْمَخْرَجَ فِي الْمَخْرَجِ يَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ تَضْرِبَ أَحَدَ الْجُزْأَيْنِ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ تُسْقِطُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ تَبْقَى سِتَّةٌ ثُمَّ تَضْرِبَ الْبَاقِيَ مِنْ مَخْرَجِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ إسْقَاطِ بَسْطِهِ مِنْهُ فِي مَخْرَجِ الْآخَرِ فَيَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ الثُّلُثِ وَاحِدٌ تَضْرِبُهُ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْعَشَرَةِ بِأَرْبَعِينَ تَقْسِمُهَا عَلَى السِّتَّةِ يَخْرُجُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَهِيَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ تَضْرِبُ وَاحِدًا، وَهُوَ الْبَاقِي مِنْ مَخْرَجِ الرُّبْعِ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْعَشَرَةِ بِثَلَاثِينَ تَقْسِمُهَا عَلَى السِّتَّةِ يَخْرُجُ خَمْسَةٌ، وَهِيَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو، وَهَذَا الطَّرِيقُ لَا يَطَّرِدُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمَبْلَغُ فِي الْإِقْرَارَيْنِ كَالْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا نِصْفَ مَا لِعَمْرٍو) عَلَيَّ (وَلِعَمْرٍو) عَلَيَّ (سِتَّةٌ إلَّا رُبْعَ مَا لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (فَلِزَيْدٍ ثَمَانِيَةٌ وَلِعَمْرٍو أَرْبَعَةٌ) .
وَطَرِيقُهُ بِالْأَوَّلِ أَنْ تَفْرِضَ لِزَيْدٍ شَيْئًا وَتَقُولَ لِعَمْرٍو سِتَّةٌ إلَّا رُبْعَ شَيْءٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهَبْت لَك كَذَا وَخَرَّجْت مِنْهُ إلَيْك فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْإِقْبَاضِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْخُرُوجَ مِنْهُ بِالْهِبَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ فَإِنْ وُجِدَ فِي يَدِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْإِقْبَاضِ عَلَى النَّصِّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاصِّ فِي تَلْخِيصِهِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي الْهِبَةِ عَنْ النَّصِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِفَرْعٍ فِي الرَّهْنِ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى نِسْيَانِ عَيْنٍ بِقَبُولِ قَوْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فِي تَيْنِكَ) هُمَا نِسَائِي طَوَالِقُ وَكُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةٍ لَاحِقٌ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.