الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهَوَاءِ مِلْكِهِ قَدْ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْأَغْصَانِ أَيْ إبْقَائِهَا بِمَالٍ إنْ لَمْ تَسْتَنِدُ إلَى جِدَارٍ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ مُجَرَّدِ الْهَوَاءِ (وَكَذَا لَوْ اسْتَنَدَتْ إلَى جِدَارٍ) وَهِيَ رَطْبَةٌ (لِزِيَادَتِهَا) فَلَا يُعْرَفُ قَدْرُهَا وَثِقَلُهَا (بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ) وَالْمُرَادُ بِاسْتِنَادِهَا إلَيْهِ اعْتِمَادُهَا عَلَيْهِ بِثِقَلِهَا لَا مُجَرَّدُ اسْتِنَادِهَا إلَيْهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَانْتِشَارُ الْعُرُوقِ) فِي أَرْضِهِ (كَانْتِشَارِ الْأَغْصَانِ) فِي هَوَاءِ مِلْكِهِ (وَكَذَا مَيْلُ الْجِدَارِ إلَى هَوَاءِ الْجَارِ) فَيَأْتِي فِيهِمَا مَا تَقَرَّرَ فِي الْأَغْصَانِ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَيْسَ لَهُ إذَا تَوَلَّى الْقَطْعَ وَالْهَدْمَ بِنَفْسِهِ طَلَبُ أُجْرَةٍ عَلَى ذَلِكَ قَالَ: وَلَوْ دَخَلَ الْغُصْنُ الْمَائِلُ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فِي بَرْنِيَّةِ، وَنَبَتَ فِيهَا أُتْرُجَّةٌ، وَكَبِرَتْ قَطَعَ الْغُصْنَ وَالْأُتْرُجَّةَ لِتَسْلَمَ الْبَرْنِيَّةُ لِاسْتِحْقَاقِ قَطْعِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ثُمَّ قَالَا: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَلَعَ حَيَوَانُ غَيْرِهِ جَوْهَرَةً لَهُ لَا يُذْبَحُ؛ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّنَازُعِ)
(مَتَى ادَّعَى) شَخْصٌ (عَلَى اثْنَيْنِ دَارًا) فِي يَدِهِمَا (فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) فِي أَنَّ نَصِيبَهُ لَهُ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ (وَصَالَحَهُ) الْمُصَدِّقُ (بِمَالٍ فَلِلْمُكَذِّبِ الشُّفْعَةُ) فِيهَا، وَإِنْ مَلَكَاهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كَإِرْثٍ وَشِرَاءٍ مَعًا؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا فِي الظَّاهِرِ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ، وَلَا يَبْعُدُ انْتِقَالُ مِلْكِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَإِنْ مَلَكَا بِسَبَبٍ (إلَّا أَنْ صَدَرَ مِنْهُ) أَيْ الْمُكَذِّبِ (مَا يَقْتَضِي أَنَّ الشَّرِيكَ) الْمُصَدِّقَ (مَالِكٌ) لِنَصِيبِهِ (فِي الْحَالِ) فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِاعْتِرَافِهِ بِبُطْلَانِ الصُّلْحِ وَاسْتُشْكِلَ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ فِي دَارٍ بِيَدِ اثْنَيْنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا، وَالْآخَرُ نِصْفَهَا فَصَدَّقْنَا الثَّانِيَ بِيَمِينِهِ لِلْيَدِ ثُمَّ بَاعَ الْأَوَّلُ نَصِيبَهُ الثَّالِثَ، فَأَرَادَ الْآخَرُ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي مِلْكَهُ مِنْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ وَيَمِينُهُ أَفَادَتْ نَفْيَ مَا يَدَّعِيهِ شَرِيكُهُ لَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ لَهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا لَمْ يُنْكِرْ مِلْكَ الْمُكَذِّبِ، وَهُنَاكَ أَنْكَرَهُ لَكَ مُدَّعِي النِّصْفِ فَلَيْسَ لِمُدَّعِيهِ الْأَخْذُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ أَجَابَ بِذَلِكَ.
(وَإِنْ ادَّعَيَا عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ عَلَى ثَالِثٍ (مِلْكَ دَارٍ فِي يَدِهِ بِالْإِرْثِ أَوْ الشِّرَاءِ) مَثَلًا (مَعًا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا اشْتَرَكَا) أَيْ الْمُدَّعِيَانِ (فِيهِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَوْرُوثِ وَالْمُشْتَرِي مُشْتَرِكٌ فَالْخَالِصُ مِنْهُ مُشْتَرَكٌ كَمَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ، وَبَقِيَ بَعْضُهُ (لَا إنْ كَانَا ادَّعَيَا) مَعَ ذَلِكَ (الْقَبْضَ) لَهُ بِأَنْ قَالَا: وَرِثْنَاهُ أَوْ اشْتَرَيْنَاهُ مَعًا، وَقَبَضْنَاهُ ثُمَّ غَصَبْنَاهُ فَلَا مُشَارَكَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ فِي يَدِهِمَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَابِضًا لِحَقِّهِ، وَانْقَطَعَ حَقُّهُ عَمَّا فِي يَدِ الْآخَرِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَيَاهُ وَتَعَرَّضَا لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ أَوْ أَطْلَقَا نَعَمْ إنْ رُوجِعَ الْمُقِرُّ لَهُ فِي الْأَخِيرَةِ فَادَّعَى اتِّحَادَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ مَعَ صَاحِبِهِ أَوَّلًا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ دَفْعَتَيْنِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فَإِنَّ الشِّرَاءَ يَتَمَيَّزُ عَنْ الشِّرَاءِ تَمْيِيزَ الشِّرَاءِ عَنْ الْهِبَةِ، وَالتَّمْيِيزُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَيُقَاسُ بِمَا قَالَهُ الْإِرْثُ فَلَفْظَةُ مَعًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعَةٌ إلَى الْإِرْثِ وَالشِّرَاءِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَا فِي الْإِرْثِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْعِبْرَةُ فِي اتِّحَادِ الْإِرْثِ بِاتِّحَادِ الْمُورَثِ وَفِي اتِّحَادِ الشِّرَاءِ بِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِنْ قَالَا: اتَّهَبْنَا مَعًا وَقَبَضْنَا مَعًا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَالْإِرْثِ.
وَالثَّانِي لَا مُشَارَكَةَ (وَحَيْثُ شَرِكْنَا) بَيْنَ الِاثْنَيْنِ (فَصَالَحَهُ) أَيْ الثَّالِثُ (الْمُصَدَّقُ بِإِذْنِ الْمُكَذَّبِ) بِفَتْحِ ثَالِثِهِمَا بِمَالٍ (صَحَّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ (بَطَلَ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ) الْمُكَذَّبِ (وَتَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ، وَإِنْ أَقَرَّ) الثَّالِثُ (لِأَحَدِهِمَا بِالْكُلِّ وَقَدْ اعْتَرَفَ الْمُقِرُّ لَهُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا) كَمَا قَالَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّنَازُعِ]
ِ) (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُنْكِرَ هَاهُنَا مُعْتَرِفٌ لِلْمُقِرِّ بِالنِّصْفِ، وَمِنْ لَازِمِ اعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ بِلَازِمِ قَوْلِهِ
الثَّانِي: أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ هَا هُنَا قَدْ حَصَلَ ضِمْنًا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلصُّلْحِ وَحُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهِ بِخِلَافِ مَنْ فِي يَدِهِ الدَّارُ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ اعْتِرَافٌ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ هُنَاكَ إلَى تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ فِي الصُّلْحِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِيَ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُكَذِّبِ لِثَالِثٍ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَبَطَلَ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ أَنْ يَكُونَ لِثَالِثٍ انْحَصَرَ الْمِلْكُ فِي الْمُكَذِّبِ بِلَازِمِ قَوْلِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمِلْكِ لِيَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِانْحِصَارِ الْمِلْكِ لِلْآخَرِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِثَالِثٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ أَجَابَ بِذَلِكَ) هَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا يَتَمَشَّى فِي صُورَةِ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي بِصِدْقِ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ دُونَ تَعَرُّضٍ فِي إقْرَارِهِ لِنَصِيبِ شَرِيكِهِ أَمَّا فِي صُورَةِ إقْرَارِهِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ بِكَمَالِهِ فَقَدْ أَجَابَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ بِالْفَرْقِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ إنَّمَا ثَبَتَ لِلْبَائِعِ الْمِلْكُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي وَبِشِرَائِهِ تَعَلَّقَ حَقُّ الشَّرِيكِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يُصْلَحُ إقْرَارُهُ الْمُثْبِتُ لِمِلْكِ الْبَائِعِ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ الشِّرَاءُ أَنْ يَكُونَ مُثْبِتًا حَقًّا لَهُ فِي دَفْعِ الشُّفْعَةِ لِتَنَافِيهِمَا وَإِنَّمَا يَسْتَوِي الْمَعْنَيَانِ لَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ
(قَوْلُهُ أَوْ الشِّرَاءِ مَثَلًا) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ فِي آخِرِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَا فِي الْإِرْثِ مِنْ زِيَادَتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ قَالَا اشْتَرَيْنَا مَعًا (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَالْإِرْثِ) أَيْ فَلَا يُشَارِكُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ: لِأَنَّ أَصْلَهُ إنَّمَا ذَكَرَهَا لِبَيَانِ الْخِلَافِ وَكَتَبَ أَيْضًا إلْحَاقَ الْهِبَةِ بِالشِّرَاءِ وَالْإِرْثِ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: أَمَّا الْهِبَةُ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى فِيهَا إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ، فَإِنْ صَحَّ إجْرَاءُ الْخِلَافِ فِي الْمُشَارَكَةِ فِيهَا كَانَ بِلَا شَكٍّ مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْإِرْثِ وَالْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فَلَا يَظْهَرُ إلْحَاقُ الْهِبَةِ بِهِمَا بَلْ يَجْزِمُ عِنْدَ نِسْبَتِهِمَا الْمِلْكَ إلَى هِبَةٍ وَاحِدَةٍ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ لَا جَرَمَ كَانَتْ طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَاضِي تَخْصِيصَ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْمُشَارَكَةِ بِحَالَةِ عَدَمِ اعْتِرَافِهِمَا بِالْقَبْضِ وَالْجَزْمِ فِي حَالَةِ الِاعْتِرَافِ بِالْقَبْضِ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذِكْرِ الْهِبَةِ لِوُضُوحِ حُكْمِهَا مِمَّا ذَكَرُوهُ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا سَبَبُ حَذْفِ الْمُصَنِّفُ لَهَا
الْكُلُّ بَيْنَنَا (شَارَكَهُ) فِيهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ الْمُقِرُّ لَهُ بِذَلِكَ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى دَعْوَى النِّصْفِ (أَخَذَ الْجَمِيعَ إنْ صَدَقَ الْمُقِرُّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ) بِالْكُلِّ (وَلَا يَضُرُّ اقْتِصَارُهُ عَلَى دَعْوَى النِّصْفِ أَوَّلًا) فَلَعَلَّهُ إنَّمَا ادَّعَاهُ لِكَوْنِ الْبَيِّنَةِ لَا تُسَاعِدُهُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ يَخَافُ الْجُحُودَ الْكُلِّيَّ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ تَصْدِيقُ الْمُقِرِّ لَهُ الْمُقِرَّ هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إلَّا عَدَمُ تَكْذِيبِهِ لَهُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ مَعَ الْآخَرِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا النِّصْفَ فَاعْتُبِرَ تَصْدِيقُهُ لِرَفْعِ ذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي النِّصْفِ) الْآخَرِ (بَلْ أَقَرَّ بِهِ لِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ) صَاحِبَهُ لِتَعَيُّنِهِ لَهُ بِإِسْقَاطِ الْآخَرِينَ حَقَّهُمَا مَعَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمْ (وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِهِ أَيْضًا (بِهِ وَقَفَ النِّصْفُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْإِقْرَارِ.
(وَإِنْ تَدَاعَيَا جِدَارًا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا (وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِجِدَارِ أَحَدِهِمَا) اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَاءِ جِدَارِهِ بِأَنْ اتَّصَلَ بِهِ (اتِّصَالَ تَدَاخُلٍ) لِنِصْفِ لَبِنَاتٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ (فِي جَمِيعِ السَّمْكِ) الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا (أَوْ) كَانَ لَهُ عَلَيْهِ (أَزَجٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالزَّايِ وَبِالْجِيمِ أَيْ عَقْدٌ (قَدْ أُمِيلَ مِنْ أَصْلِهِ) قَلِيلًا قَلِيلًا (أَوْ بَنَى) الْجِدَارَ الَّذِي بَيْنَهُمَا (عَلَى خَشَبَةٍ طَرَفُهَا فِي مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكِ أَحَدِهِمَا (فَالْيَدُ لَهُ) عَلَيْهِ وَعَلَى الْخَشَبَةِ الْمَذْكُورَةِ لِظُهُورِ أَمَارَةِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِالْمِلْكِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ كَانَ الْجِدَارُ مَبْنِيًّا عَلَى تَرْبِيعِ أَحَدِ الْمِلْكَيْنِ زَائِدًا، أَوْ نَاقِصًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مِلْكِ الْآخَرِ فَهُوَ كَالْمُتَّصِلِ بِجِدَارِ أَحَدِهِمَا اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْ جِدَارَيْهِمَا، أَوْ مُتَّصِلًا بِهِمَا اتِّصَالًا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ أَوْ لَا يُمْكِنُ أَوْ مُتَّصِلًا بِأَحَدِهِمَا اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بِأَنْ وُجِدَ الِاتِّصَالُ فِي بَعْضِهِ، أَوْ أُمِيلَ الْأَزَجُ الَّذِي عَلَيْهِ بَعْدَ ارْتِفَاعِهِ أَوْ بَنَى الْجِدَارَ عَلَى خَشَبَةٍ طَرَفَاهَا فِي مِلْكَيْهِمَا (فَلَهُمَا) الْيَدُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ فَقَوْلُهُ.
(وَلَوْ اتَّصَلَ بِجِدَارَيْهِمَا فَهُوَ فِي يَدِهِمَا، وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَّصِلْ) تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ، وَلَعَلَّهُمَا نُسْخَتَانِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ بِهِ، وَإِلَّا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يَسْلَمُ لَهُ، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا جُعِلَ الْجِدَارُ بَيْنَهُمَا بِظَاهِرِ الْيَدِ، وَإِنْ حَلَفَ مَنْ اُبْتُدِئَ بِيَمِينِهِ، وَنَكَلَ الْآخَرُ حَلَفَ الْأَوَّلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، وَقُضِيَ لَهُ بِالْكُلِّ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ وَرَغِبَ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ فَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ، وَيَمِينُ الْإِثْبَاتِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ فَيَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ فِي الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ (وَلَا تَرْجِيحَ بِالنَّقْشِ) بِظَاهِرِ الْجِدَارِ كَالصُّورَةِ وَالْكِتَابَاتِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ جِصٍّ أَوْ آجُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ (وَالطَّاقَاتِ) وَالْمَحَارِيبِ الَّتِي بِبَاطِنِهِ (وَالْجُذُوعِ وَتَوْجِيهِ الْبِنَاءِ) أَيْ جَعْلِ أَحَدِ جَانِبَيْهِ وَجْهًا كَأَنْ يُبْنَى بِلَبِنَاتٍ مُقَطَّعَةٍ وَتُجْعَلُ الْأَطْرَافُ الصِّحَاحُ إلَى جَانِبٍ وَمَوْضِعُ الْكَسْرِ إلَى جَانِبٍ (وَمَعَاقِدُ الْقِمْطِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ، وَبِضَمِّهِمَا لَكِنَّهُ بِضَمِّهِمَا جَمْعُ قِمَاطٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَعْنَى الْقِمْطِ، وَهُوَ حَبْلٌ رَقِيقٌ يُشَدُّ بِهِ الْجَرِيدُ وَنَحْوُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَجَّحْ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْجِدَارِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ عَلَامَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الِاشْتِرَاكِ فَلَا يُغَيَّرُ بِأَسْبَابٍ ضَعِيفَةٍ مُعْظَمُ الْقَصْدِ بِهَا الزِّينَةُ كَالتَّحْصِيصِ وَالتَّزْوِيقِ وَلِأَنَّ الْجُذُوعَ تُشْبِهُ الْأَمْتِعَةَ فِيمَا لَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ دَارًا بِيَدِهِمَا، وَلِأَحَدِهِمَا فِيهَا أَمْتِعَةٌ، فَإِذَا حَلَفَا بَقِيَتْ الْجُذُوعُ بِحَالِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ مِنْ إعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَضَاءِ قَاضٍ يَرَى الْإِجْبَارَ عَلَى الْوَضْعِ، وَاَلَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنْهَا الْإِعَارَةُ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ الْأَسْبَابِ فَلِمَالِكِ الْجِدَارِ قَلْعُ الْجُذُوعِ بِالْأَرْشِ أَوْ الْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ
(وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ فِي سَقْفٍ لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ) بَعْدَ بِنَاءِ الْعُلُوِّ (كَالْأَزَجِ) الَّذِي لَا يُمْكِنُ عَقْدُهُ عَلَى وَسَطِ الْجِدَارِ بَعْدَ امْتِدَادِهِ فِي الْعُلُوِّ (فَالْيَدُ لِلْأَسْفَلِ) عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُهُ بِأَنْ يَكُونَ السَّقْفُ عَالِيًا فَيَنْقُبُ وَسَطَ الْجِدَارِ، وَتُوضَعُ رَأْسُ الْجُذُوعِ فِي النَّقْبِ (فَلَهُمَا) الْيَدُ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي الْجِدَارِ (أَوْ) تَنَازَعَا (فِي الدِّهْلِيزِ أَوْ الْعَرْصَةِ فَمِنْ الْبَابِ إلَى الْمَرْقَى) مُشْتَرَكٌ (بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَدًا وَتَصَرُّفًا بِالِاسْتِطْرَاقِ، وَوَضْعُ الْأَمْتِعَةِ وَغَيْرِهَا (وَالْبَاقِي لِلْأَسْفَلِ) لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ يَدًا وَتَصَرُّفًا (وَالسُّلَّمُ) الْكَائِنُ (فِي الْمَرْقَى) أَيْ مَوْضِعِ الرُّقِيِّ (لِلْأَعْلَى وَلَوْ لَمْ يُسَمَّرْ) لِعَوْدِ مَنْفَعَتِهِ إلَيْهِ، وَمَا قَالَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمَّرْ هُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قَضَى لَهُ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْيَدِ، وَتَكُونُ الْعَرْصَةُ لَهُ تَبَعًا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يُسَلِّمُ لَهُ) أَيْ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِإِثْبَاتِهِ لَهُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ النَّصِّ وَقَالَا: إنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: وَنَكَلَ الْآخَرُ) أَيْ عَنْ يَمِينِ الْإِثْبَاتِ أَوْ النَّفْيِ أَوْ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ فَيَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ إلَخْ) فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ، وَلَا حَقَّ لِصَاحِبِهِ فِيهِ، أَوْ يَقُولُ: لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرِ لِي (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْجُذُوعَ تُشْبِهُ الْأَمْتِعَةَ إلَخْ) يُخَالِفُ التَّرْجِيحَ بِالْجِدَارِ عَلَى الْأُسِّ فِي الْأَظْهَرِ بِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْمِلْكِ وَالْيَدِ، وَتَرْجِيحُ رَاكِبِ الدَّابَّةِ عَلَى الْآخِذِ بِلِجَامِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ بِاقْتِضَاءِ الرُّكُوبِ الْيَدَ بِخِلَافِ وَضْعِ الْجُذُوعِ فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يُجَوِّزُهُ قَهْرًا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ فِي سَقْفٍ إلَخْ) لَوْ انْهَدَمَ السَّقْفُ الْحَامِلُ وَلَمْ يَبِنْ مَوْضِعُهُ مِنْ الْبِنَاءِ، وَكَانَ ارْتِفَاعُ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا مَثَلًا فَقَالَ صَاحِبُ السُّفْلِ: ارْتِفَاعُهُ مِنْ جِهَةِ السُّفْلِ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَارْتِفَاعُ الْعُلُوِّ خَمْسٌ وَادَّعَى عَكْسَهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ السُّفْلِ مِنْ أَسْفَلِ الْجِدَارِ خَمْسًا وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ مِنْ أَعْلَاهُ خَمْسًا وَاخْتَلَفَا فِي الْعَشَرَةِ الْوُسْطَى فَيَحْلِفَانِ وَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، وَيُجْعَلُ السَّقْفُ فِي وَسَطِ الْبِنَاءِ عَلَى السَّوَاءِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي بِنَاءِ السَّقْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا فَيَخْتَصَّ بِبِنَائِهِ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي حِيطَانِ السُّفْلِ الَّتِي عَلَيْهَا الْغُرْفَةُ فَالْمُصَدَّقُ صَاحِبُ السُّفْلِ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِيطَانِ الْغُرْفَةِ فَالْمُصَدَّقُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي الْجِدَارِ) وَلِشَرِكَةِ الِانْتِفَاعِ فَإِنَّهُ أَرْضُ الْأَعْلَى وَسَمَاءُ الْأَسْفَلِ