الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُسْلَمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَقْبُوضِ (وَلَوْ بَانَ) فِي صُورَةِ ضَمَانِ عُهْدَةِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي (فَسَادُ الْعَقْدِ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) غَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ (أَوْ فُسِخَ) الْعَقْدُ (بِعَيْبٍ أَوْ وَجَبَ بِهِ أَرْشٌ) لِحُدُوثِ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِهِ كَحُدُوثِ عَيْبٍ عِنْدَهُ (أَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) بِتَلَفِ الْمَبِيعِ أَوْ نَحْوِهِ (لَمْ يُطَالَبْ) بِالثَّمَنِ أَوْ الْأَرْشِ (ضَامِنُ الْعُهْدَةِ) بَلْ الْبَائِعُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ ضَمَانِهَا إنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا مَرَّ، وَقَيَّدَ الْأَخِيرَةَ بِقَبْلِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَبَعْدَ الْقَبْضِ كَذَلِكَ كَالْفَسْخِ بِخِيَارِ شَرْطٍ، أَوْ مَجْلِسٍ أَوْ تَقَايُلٍ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا يُطَالَبُ الضَّامِنُ كَالْبَائِعِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ هُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَهُ مَرْهُونًا أَوْ نَحْوَهُ دَاخِلٌ فِي خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا (وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا طُولِبَ الضَّامِنُ بِقِسْطِ الْمُسْتَحِقِّ) مِنْ الثَّمَنِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ سَوَاءٌ أَفَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ أَمْ أَجَازَهُ
(الْفَرْعُ الرَّابِعُ) لَوْ (ضَمِنَ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (عُهْدَةَ) ثَمَنِ (الْأَرْضِ وَأَرْشَ نَقْصِ مَا يُغْرَسُ وَيُبْنَى فِيهَا إنْ قُلِعَ بِاسْتِحْقَاقِهَا) فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا شَخْصٌ وَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى ثُمَّ ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً (لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُ الْأَرْشِ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عِنْدَ ضَمَانِهِ (وَفِي الْعُهْدَةِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ) وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ وَقَوْلُهُ: إنْ قَلَعَ بِاسْتِحْقَاقِهَا تَصْوِيرٌ لِوُجُوبٍ الْأَرْشِ وَلَوْ ضَمِنَ الْأَرْشَ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَلْعِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُمَا صَحَّ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ وَمِمَّا يَأْتِي (وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ بِهِمَا) أَيْ بِعُهْدَةِ الْأَرْضِ وَالْأَرْشِ فِيمَا ذُكِرَ (كَفِيلًا فِي الْبَيْعِ فَكَشَرْطِ رَهْنٍ فَاسِدٍ فِي الْبَيْعِ) فَيَبْطُلُ، وَقَوْلُهُ: بِهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِ كَفِيلًا، وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى
[فَصْلٌ ضَمَانُ الدَّيْنِ غَيْرِ اللَّازِمِ]
(فَصْلٌ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ) الدَّيْنِ (غَيْرِ اللَّازِمِ) إذَا لَمْ يَؤُلْ إلَى اللُّزُومِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (كَنُجُومِ الْمُكَاتَبِ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا كَمَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِلتَّوَثُّقِ (وَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (عَنْهُ بِغَيْرِهَا) لِأَجْنَبِيٍّ (لَا لِلسَّيِّدِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَيْرَهَا يَسْقُطُ أَيْضًا عَنْ الْمُكَاتَبِ بِعَجْزِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِأَنَّهُ بَعْدَهَا لَازِمٌ وَقَبْلَهَا آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ عَنْ قُرْبٍ فَاحْتِيجَ فِيهِ إلَى التَّوَثُّقِ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ أَمَّا إذَا مَنَعَهُ فَهُوَ ضَمَانٌ مَا لَمْ يَجِبْ، وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ الْمُتَّجَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ (وَ) يَصِحُّ (بِالصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) لِلُزُومِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا، وَلَا نَظَرَ فِيهِ، وَفِيمَا ضَمِنَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إلَى احْتِمَالِ سُقُوطِهِمَا كَمَا لَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ سُقُوطِ اللَّازِمِ وَالْمُسْتَقِرِّ بِالْإِبْرَاءِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِمَا (لَا) ضَمَانُ (مَالِ الْجَعَالَةِ) فَلَا يَصِحُّ (وَلَوْ شَرَعَ) فِي الْعَمَلِ كَالرَّهْنِ بِهِ (، وَضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ) الثَّابِتَةِ (فِي الذِّمَّةِ كَالْمَالِ) فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا
(فَصْلٌ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ) وَلَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ، وَلَا مَا لَا يُتَبَرَّعُ بِهِ كَقِصَاصٍ وَشُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ كَالْبَيْعِ، وَبِهِ مَعَ مَا مَرَّ أَيْضًا يُعْلَمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ (وَلَا) يَصِحُّ (الْإِبْرَاءُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَجْهُولِ (لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ) لِلْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ (لَا إسْقَاطٌ) كَالْإِعْتَاقِ (فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا) أَيْ الْمُبْرِئِ وَالْمُبْرَأِ (بِالدَّيْنِ) كَمَا فِي عَاقِدَيْ الْهِبَةِ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ هُنَا لَكِنَّهُ تَبِعَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ أَوْ أَخَّرَ الصَّدَاقَ، وَتَصْحِيحُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُبْرَأِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ، وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا، الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقٍ اُعْتُبِرَ عِلْمُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى مُعَاوَضَةٍ فَيَخُصُّ كَلَامَهُمْ بِمَا لَا عِوَضَ فِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّجْعَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ قَالَ الْمُخْتَارُ: إنَّ كَوْنَ الْإِبْرَاءِ تَمْلِيكًا أَوْ إسْقَاطًا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُطْلَقُ فِيهَا تَرْجِيحٌ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي الْمُخَالِفُ لَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ مِلْكَ الْمَبِيعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ
[فَصْلٌ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ]
(قَوْلُهُ: وَبِهِ مَعَ مَا مَرَّ أَيْضًا يُعْلَمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ) لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ فَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ وَيَلْزَمُهُ عَلَى صِفَتَيْهِ مِنْ الْحُلُولِ أَوْ التَّأْجِيلِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ حَكَاهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا (فَرْعٌ) هَلْ قَوْلُهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ كَذَا صَرِيحٌ فِي الْإِبْرَاءِ أَوْ كِنَايَةٌ فِيهِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَخُصُّ كَلَامُهُمْ بِمَا لَا عِوَضَ فِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ هُنَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ كَصُلْحِ الْحَطِيطَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمُبْرَأِ مِنْهُ كَمَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ، وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ اللَّفْظَ بِوَضْعِهِ يَقْتَضِيهِ أَيْ لِقِيَامِ صُورَةِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْدَفِعُ التَّنَاقُضُ (قَوْلُهُ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ) أَيْ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا تَعْلِيقَهُ بِالشَّرْطِ وَأَبْطَلُوهُ مِنْ الْمَجْهُولِ، وَمَنَعُوا إبْهَامَ الْمَحَلِّ فِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا دَيْنٌ فَقَالَ: أَبْرَأْت أَحَدَكُمَا، وَلَوْ كَانَ إسْقَاطًا لَصَحَّ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَرَجَّحُوا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمَدْيُونِ بِهِ، وَلَا قَبُولُهُ وَأَنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَشُرِطَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلِهَذَا تَوَسَّطَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فَقَالَ: إنَّهُ تَمْلِيكٌ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ إسْقَاطٌ فِي حَقِّ الْمَدْيُونِ وَذَلِكَ
وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُبْرِئَ مِنْ مَجْهُولٍ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَذْكُرَ عَدَدًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا فَيَقُولُ: أَبْرَأْتُك مِنْ مِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك مِنْ الدَّعْوَى، وَلَمْ يَبْرَأْ، وَلَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا وَيَكْفِي فِي الْإِبْرَاءِ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْوَكِيلِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ (وَإِنْ مَلَّكَهُ) أَيْ مَدِينُهُ (مَا فِي ذِمَّتِهِ بَرِئَ) مِنْهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ (وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ كَالْإِبْرَاءِ) وَاحْتَجَّ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْإِبْرَاءِ تَمْلِيكًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَمْلِيكًا لَافْتَقَرَ إلَى نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: مَلَّكْتُك رَقَبَتَك أَوْ لِزَوْجَتِهِ مَلَّكْتُك نَفْسَكَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَبُولُ فِي الْإِبْرَاءِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ أَبْرَأَ أَحَدَ خَصْمَيْهِ) مُبْهَمًا (لَمْ يَصِحَّ أَوْ) أَبْرَأَ وَارِثٌ (عَنْ دَيْنِ مُوَرِّثٍ) لَهُ (لَمْ يَعْلَمْ مَوْتَهُ صَحَّ) كَمَا فِي الْبَيْعِ فِيهِمَا
(فَرْعٌ) لَوْ (اسْتَحَلَّ مِنْهُ مِنْ غِيبَةٍ) اغْتَابَهَا لَهُ وَ (لَمْ يُبَيِّنْهَا) لَهُ (فَأَحَلَّهُ) مِنْهَا (فَهَلْ يَبْرَأُ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ كَمَنْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْ عَبْدٍ ثُمَّ عَفَا سَيِّدُهُ عَنْ الْقِصَاصِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ الْمَقْطُوعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رِضَاهُ، وَلَا يُمْكِنُ الرِّضَا بِالْمَجْهُولِ، وَيُفَارِقُ الْقِصَاصَ بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ بِخِلَافِ إسْقَاطِ الْمَظَالِمِ (وَجْهَانِ) جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِالثَّانِي، قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ يُسَامَحُ بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، وَزَعَمَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ وَغَيْرِهِ الْجَزْمُ بِهِ (وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْأَرْشِ) بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (كَالْإِبْرَاءِ عَنْهُ وَلَوْ) كَانَ الْمَضْمُونُ أَوْ الْمُبْرَأُ عَنْهُ (إبِلًا) حَتَّى إبِلَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةُ السِّنِّ وَالْعَدَدِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ اُغْتُفِرَ جَهْلُ صِفَتِهَا فِي إثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَيُغْتَفَرُ فِي ضَمَانِهَا وَالْإِبْرَاءِ عَنْهَا تَبَعًا لَهُ، وَيَرْجِعُ فِي صِفَتِهَا إلَى غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَبِإِبِلِ الدِّيَةِ (وَيَرْجِعُ) ضَامِنُهَا إنْ ضَمِنَهَا بِالْإِذْنِ، وَغَرِمَهَا (بِمِثْلِهَا لَا الْقِيمَةِ) كَمَا فِي الْقَرْضِ، وَقِيلَ: الْعَكْسُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدِّيَةِ عَنْ الْعَاقِلَةِ قَبْلَ الْحُلُولِ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ ثَابِتَةٍ بَعْدُ وَلَوْ سُلِّمَ ثُبُوتُهَا فَلَيْسَتْ لَازِمَةً وَلَا آيِلَةً إلَى اللُّزُومِ عَنْ قُرْبٍ بِخِلَافِ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ (وَلَوْ ضَمِنَ أَوْ أَبْرَأَ) مِنْ الدَّيْنِ (مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ، أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ صَحَّ) كُلٌّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْإِبْرَاءِ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ (وَتَعَيَّنَ) لِلضَّمَانِ أَوْ لِلْإِبْرَاءِ (مَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ) بِقَوْلِهِ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ، أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ، فَيَتَعَيَّنُ فِي الْأُولَى تِسْعَةٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَمَانِيَةٌ كَمَا يَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الْإِقْرَارِ لَكِنَّهُ ذُكِرَ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ وَقَعَ ثَلَاثٌ، وَقِيَاسُهُ تَعَيُّنُ الْعَشَرَةِ فِي الْأُولَى هُنَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا، وَعَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلنَّوَوِيِّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الَّذِي يُضْمَنُ وَيُبْرَأُ مِنْهُ (وَإِنْ قَالَ جَاهِلًا) بِقَدْرِ الدَّيْنِ (ضَمِنْت) لَك (دَرَاهِمَك) الَّتِي (عَلَيْهِ فَهَلْ يَصِحُّ) ضَمَانُهُ (فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا) لِدُخُولِهَا فِي اللَّفْظِ بِكُلِّ حَالٍ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَجَّرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ هَلْ يَصِحُّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ قَالَ: وَمِثْلُهُ الْإِبْرَاءُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِي التَّفْوِيضِ فِي الصَّدَاقِ يَقْتَضِي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ أَبْطَلَ الْإِبْرَاءَ فِي غَيْرِ الْمُتَيَقَّنِ، وَجَعَلَ الْمُتَيَقَّنَ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنْ تَفْرِيق الصَّفْقَةِ، هَذَا وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ: أَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ يَقُولُ: الْمُتَيَقَّنُ دِرْهَمَانِ فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الضَّامِنُ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْإِبْرَاءِ
(فَرْعٌ لَوْ ضَمِنَ عَنْهُ زَكَاتَهُ صَحَّ) كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ (وَيُعْتَبَرُ الْإِذْنُ عِنْدَ الْأَدَاءِ) كَمَا لَوْ أَخْرَجَ عَنْهُ غَيْرُهُ زَكَاتَهُ بِلَا ضَمَانٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الضَّمَانِ عَنْ الْحَيِّ أَمَّا الْمَيِّتُ فَيَجُوزُ أَدَاءُ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَإِنْ انْتَفَى الْإِذْنُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَهُ ضَمَانٌ أَمْ لَا قَالَ: ثُمَّ إنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ فِي الذِّمَّةِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعَيْنِ فَيَظْهَرُ صِحَّتُهَا أَيْضًا كَمَا أَطْلَقُوهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إنَّمَا يَكُونُ تَمْلِيكًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مَالًا فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ فَإِنَّ أَحْكَامَ الْمَالِيَّةِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي حَقِّهِ اهـ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: اشْتِرَاطُ عِلْمِ الْمَدْيُونِ مُفَرَّعٌ عَلَى اعْتِبَارِ قَبُولِهِ أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَبُولُ فِي الْإِبْرَاءِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا صَحَّحَهُ يُشْكَلُ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَقْفِ وَهُوَ أَنَّا إذَا شَرَطْنَا الْقَبُولَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ لَمْ نَشْرِطْهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا هُنَاكَ: إذَا رَدَّ يَبْطُلُ حَقُّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ يَمْلِكُ الدَّيْنَ فِي ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ، وَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ وَقَدْ نَفَذَ الْإِبْرَاءُ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِحُصُولِهِ فِي مِلْكِ الْمَدْيُونِ قَهْرًا مِمَّنْ كَانَ يَمْلِكُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فِيمَا وَقَفَهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَارْتَدَّ بِرَدِّهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَبُولُهُمْ لَبَعُدَ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ، وَالْوَقْفُ تَمْلِيكٌ لِلرِّيعِ
(قَوْلُهُ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِالثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: وَلَوْ أَنَّهُ حَلَّلَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَجَبَ لَهُ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يُبَيِّنَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ حَلَّلَهُ مِنْ كَذَا إلَى كَذَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَمِنَ أَوْ أَبْرَأَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: أُعْطُوهُ مِنْهُ وَاحِدًا إلَى عَشَرَةٍ، وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْحِسَابَ فَلِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّهُ الْحَاصِلُ مِنْ جَمْعِ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ عَلَى تَوَالِي الْعَدَدِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ: لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُطَّرِدٌ فِي الْإِقْرَارِ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَلَا يَكُونُ وَجْهًا ثَالِثًا فَمَتَى ثَبَتَ أَنَّهُ أَرَادَهُ لَزِمَهُ الْجُمْلَةُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَهُ فِي التَّفْوِيضِ فِي الصَّدَاقِ يَقْتَضِي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ) هُوَ الرَّاجِحُ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ