الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (وَإِذَا أَسْلَمَ) الْمَالَ (الْمُعَيَّنَ) مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ وَلَوْ مِثْلِيًّا (جُزَافًا أَوْ كَانَ) رَأْسُ الْمَالِ (جَوْهَرَةً) مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ (صَحَّ) وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِي الْجَوْهَرَةِ اكْتِفَاءً بِالْمُعَايَنَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ صِفَتِهِ وَلَا قَدْرِهِ سَوَاءٌ السَّلَمُ الْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْعَاقِدَانِ الْقَدْرَ وَالْقِيمَةَ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا أَمْ لَا وَمَا ذُكِرَ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ أَحَبَّ الْقَوْلَيْنِ إلَيْهِ الِاشْتِرَاطُ (وَالْقَوْلُ) فِيمَا إذَا اتَّفَقَ فُسِخَ وَتَنَازَعَا (فِي قَدْرِهِ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ
(الشَّرْطُ الثَّانِي كَوْنُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا) لِأَنَّهُ الَّذِي وُضِعَ لَهُ لَفْظُ السَّلَمِ (فَإِنْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك أَلْفًا فِي هَذَا) الْعَبْدِ مَثَلًا (أَوْ) أَسْلَمْت إلَيْك (هَذَا) الْعَبْدَ (فِي هَذَا) الثَّوْبِ (فَلَيْسَ بِسَلَمٍ) لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ (وَلَا بَيْعًا) لِاخْتِلَالِ لَفْظِهِ لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ تَرْجِيحٍ اعْتِبَارًا لِلَّفْظِ وَقَدْ يُرَجِّحُونَ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى إذَا قَوِيَ كَتَرْجِيحِهِمْ فِي الْهِبَةِ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ انْعِقَادُهَا بَيْعًا وَالصُّورَةُ الْأُولَى فِي كَلَامِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِذَا قَالَ بِعْتُك بِلَا ثَمَنٍ) أَوْ وَلَا ثَمَنَ لِي عَلَيْك (فَقَبِلَ لَمْ يَكُنْ هِبَةً) اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ وَلَا بَيْعًا لِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ بِرَفْعِ آخِرِهَا أَوَّلَهَا (وَهَلْ يَضْمَنُهُ) الْقَابِلُ (بِالْقَبْضِ وَجْهَانِ) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنْ اعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ ضَمِنَ أَوْ الْمَعْنَى فَلَا (أَوْ) قَالَ (بِعْتُك وَسَكَتَ) عَنْ الثَّمَنِ فَقَبِلَ لَمْ يَكُنْ هِبَةً نَظَرًا لِلَّفْظِ وَلَا بَيْعًا لِعَدَمِ ذِكْرِ الثَّمَنِ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَإِذَا قَبَضَ الْقَابِلُ الْمَبِيعَ (ضَمِنَهُ) فَيَرُدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا (وَالسَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) الْخَالِي عَنْ لَفْظِ السَّلَمِ كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي ذِمَّتِي فَقَالَ بِعْتُك (بِيعَ) نَظَرًا لِلَّفْظِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَقِيلَ سَلَمٌ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْهُ وَعَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالْمُخْتَارُ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَاللَّفْظُ لَا يُعَارِضُهُ إذْ كُلُّ سَلَمٍ بَيْعٌ كَمَا أَنَّ كُلَّ صَرْفٍ بَيْعٌ فَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ عَلَى السَّلَمِ إطْلَاقٌ عَلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْإِجَارَةِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِهِ (لَكِنْ) عَلَى الْأَوَّلِ (يَجِبُ تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ) فِي الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ) فَلَا يَجِبُ وَيَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَعَلَى الثَّانِي يَنْعَكِسُ ذَلِكَ
(فَصْلٌ يَصِحُّ السَّلَمُ حَالًّا)
كَالْمُؤَجَّلِ وَأَوْلَى لِبُعْدِهِ عَنْ الْغَرَرِ وَلَا مَانِعَ وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ «إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» أَيْ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا قَبْلَهُ إذْ الْمَعْنَى فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ مَكِيلًا وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ مَوْزُونًا بِدَلِيلِ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ (وَمُؤَجَّلًا) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَلَوْ أُطْلِقَ) عَنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ (فَهُوَ حَالٌّ) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ فَلَوْ كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَعْدُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَلَوْ أَلْحَقَا بِهِ أَجَلًا فِي الْمَجْلِسِ لِحَقٍّ أَوْ ذَكَرَا أَجَلًا ثُمَّ أَسْقَطَاهُ فِي الْمَجْلِسِ سَقَطَ أَوْ حَذَفَا فِيهِ الْمُفْسِدَ لَمْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ]
قَوْلُهُ اكْتِفَاءً بِالْمُعَايَنَةِ) وَقِيلَ لَا تَكْفِي رُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ فَإِنْ عِلْمَاهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ صَحَّ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْعَاقِدَانِ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مَا وَقَعَ مَجْهُولًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْمَعْرِفَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ حَصَلَ الْعِلْمُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الْعِلْمَ هُنَاكَ لِدَفْعِ الْغَرَرِ فِي الْعَقْدِ وَهُنَا لِأَجْلِ مَا يَرُدُّ عِنْدَ الْفَسْخِ فَكَانَ أَخَفَّ
(قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي) الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَتَنَاوَلُ جُزْءَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ كَوْنُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا) قَالَ شَيْخُنَا لَا تَكْرَارَ فِي هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِهِ وَمِنْ لَازِمِهِ الدَّيْنِيَّةُ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالرَّسْمِ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَالِ لَفْظِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالضَّابِطُ الْجَامِعُ أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّفْظَ إنْ كَانَ مُتَهَافِتًا بِحَيْثُ يُنَاقِضُ آخِرُهُ أَوَّلَهُ كَبِعْتُ بِلَا ثَمَنٍ لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعًا قَطْعًا وَلَا هِبَةً عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَهَافِتًا وَلَكِنْ كَانَ اللَّفْظُ قَدْ اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنًى خَاصٍّ فَإِذَا نُقِلَ إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ فَلَا نَنْظُرُ إلَى الْمَعْنَى عَلَى الْأَصَحِّ كَأَسْلَمْتُ إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ سَلَمًا لِفَقْدِ شَرْطِ الدَّيْنِيَّةِ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَلَا بَيْعًا عَلَى الْأَصَحِّ لِاشْتِهَارِ لَفْظِ السَّلَمِ فِي بُيُوعِ الذِّمَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْمَعْنَى أَرْجَحُ فَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهُ كَوَهَبْتُكَ بِكَذَا فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا عَلَى الْأَصَحِّ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَعْنَى أَرْجَحَ فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الصِّيغَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْمَعْنَى تَابِعٌ كَاشْتَرَيْتُ مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْإِجَارَةِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِهِ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِيمَانِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ يَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ بِالسَّلَمِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ) نَبَّهَ عَلَيْهِ الْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ امْتِنَاعُ تَأْجِيلِهِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ مُثَمَّنٌ وَالِاعْتِيَاضُ عَنْهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَمَّا إنَّهُ مُثَمَّنٌ وَلَيْسَ بِثَمَنٍ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا إنَّ الثَّمَنَ هُوَ النَّقْدُ فَهُوَ الدَّرَاهِمُ هُنَا وَإِنْ قُلْنَا مَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْبَاءُ فَكَذَلِكَ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا سَبَبُ حَذْفِ الْمُصَنِّفِ لَهُ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمَبِيعِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ الثَّوْبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ كَلَامُهُمَا فِي الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَجِبُ تَعْيِينُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَقَدْ عُلِمَ مَا ذَكَرْته مِنْ تَصْوِيرِهِ بِإِيرَادِهِ الشِّرَاءَ عَلَى الْمَوْصُوفِ وَإِدْخَالِهِ الْبَاءَ فِي الدَّرَاهِمِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَوْصُوفَ مَبِيعٌ وَأَنَّ الدَّرَاهِمَ ثَمَنٌ
[فَصْلٌ يَصِحُّ السَّلَمُ حَالًّا]
(قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ) خَرَّجَ بِهِ الْكِتَابَةَ لِعَجْزِ الرَّقِيقِ فِي الْحَالِ عَنْ الْحَالِّ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا اشْتَرَطَ فِيهِ التَّأْجِيلَ كَالْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَجَلُ غَيْرُهُمَا وَفَائِدَةُ الْعُدُولِ مِنْ الْبَيْعِ إلَى السَّلَمِ الْحَالِّ أَنَّ الْمَالَ رُبَّمَا لَا يَكُونُ حَاضِرًا مَرْئِيًّا فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ الْإِحْضَارِ وَالرُّؤْيَةِ يَبْطُلُ بَيْعُهُ وَإِنْ أَخَّرَ فَيَفُوتُهُ الْمُشْتَرَى
يَنْحَذِفْ فَلَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ صَحِيحًا كَمَا قَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَأَعَادَهُ الْأَصْلُ هُنَا (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (فَلَا يُؤَقَّتُ بِالْحَصَادِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ) وَنَحْوِهِمَا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَذَكَرَ مَعَهَا وَقْتَهَا أَمْ لَا إذْ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ وَمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ شَيْئًا إلَى مَيْسَرَتِهِ» فَمَحْمُولٌ إنْ صَحَّ عَلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُمْ (وَلَا بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَالْعُطَاسِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (الْوَقْتَ) أَيْ وَقْتَهَا الْمُعَيَّنَ فَيَصِحُّ (وَيَجُوزُ) التَّأْقِيتُ (بِشُهُورِ الرُّومِ) مَثَلًا كَتَمُّوزَ وَحُزَيْرَانَ (وَأَعْيَادِ كُفَّارٍ) كَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ يُطْلَقَانِ عَلَى الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْتَهِي الشَّمْسُ فِيهِمَا إلَى أَوَائِلِ بُرْجَيْ الْمِيزَانِ وَالْحَمَلِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ كَشُهُورِ الْعَرَبِ هَذَا (إنْ عَرَفَهَا الْمُسْلِمُونَ) وَلَوْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ (أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ) بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ الْكُفَّارُ بِمَعْرِفَتِهَا إذْ لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُمْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَّا أَنْ يَبْلُغُوا عَدَدًا يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ (وَلَوْ وَقَّتَا بِالنَّفْرِ وَرَبِيعٍ وَالْعِيدِ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا وَلَمْ يُقَيِّدَا بِالْأَوَّلِ وَلَا بِالثَّانِي (صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ وَلَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ شَهْرُ رَبِيعٍ كَانَ أَوْلَى لِقَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ لَا يُقَالُ رَبِيعٌ بَلْ شَهْرُ رَبِيعٍ قَالُوا وَلَا يُضَافُ لَفْظُ شَهْرٍ إلَى شَيْءٍ مِنْ الشُّهُورِ إلَّا إلَى رَمَضَانَ وَالرَّبِيعَيْنِ وَيُنَوَّنُ رَبِيعٌ إذَا وُصِفَ بِالْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَلَا يُقَالُ بِالْإِضَافَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ مَالَهُ بِذَلِكَ تَعَلُّقٌ (أَوْ) وَقَّتَا (بِالْقَرِّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (وَهُوَ حَادِي عَشَرَ) ذِي (الْحِجَّةِ صَحَّ) سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يُقِرُّونَ فِيهِ بِمِنًى وَيَنْفِرُونَ بَعْدَهُ النَّفْرَيْنِ فِي الثَّانِي عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ وَالتَّأْجِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ بِأَيَّامِهَا لَا بِهَا نَفْسِهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَتَقَدَّمُ وَقَدْ تَتَأَخَّرُ
(فَرْعٌ وَالسَّنَةُ) الْمُطْلَقَةُ (تُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ) دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا عُرْفُ الشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189](فَلَوْ عَقَدَا فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ) وَفِي مَعْنَاهُ لَيْلَتُهُ (فَكُلُّ السَّنَةِ هِلَالِيَّةٌ) فَيُكْتَفَى بِمُضِيِّهَا بَعْدَهُ فَلَا يَكْمُلُ الْيَوْمُ مِمَّا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةً كَوَامِلَ هَذَا (إنْ نَقَصَ الشَّهْرُ الْأَخِيرُ وَإِنْ كَمُلَ انْكَسَرَ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ) الَّذِي عَقَدَا فِيهِ فَيُكْمَلُ مِنْهُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْهِلَالِ فِيهِ دُونَ الْبَقِيَّةِ (أَوْ) عَقَدَا فِي آخِرِ (أَوَّلِ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ بَعْدَ (لَحْظَةٍ مِنْ الْمُحْرِمِ) وَأُجِّلَ بِسَنَةٍ مَثَلًا (فَهُوَ مُنْكَسِرٌ وَحْدَهُ) فَيُكْمَلُ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَا يُلْغَى الْمُنْكَسِرُ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا عَقَدَا أَوَّلَ الشَّهْرِ فَيُعْتَبَرُ الْجَمِيعُ بِالْأَهِلَّةِ تَامَّةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً (وَإِنْ قَالَ) الْعَاقِدُ (شَمْسِيَّةً) وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمٍ أَوَّلُهَا الْحَمَلُ وَرُبَّمَا جَعَلَ النَّيْرُوزَ (أَوْ رُومِيَّةً) وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ فَارِسِيَّةً وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَيُزَادُ فِي الْآخِرِ خَمْسَةٌ يُسَمُّونَهَا الْمُسْتَرِقَّةَ أَوْ قَمَرِيَّةً وَيُقَالُ لَهَا الْهِلَالِيَّةُ وَالْعَرَبِيَّةُ وَهِيَ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي مُجَلِّي فِي زِيَادَةِ الْكَسْرَيْنِ وَصَحَّحَ الْجِيلِيُّ أَنَّهَا ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَقَرَّرَ الْفَرْغَانِيُّ زِيَادَةَ الْكَسْرَيْنِ بِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا قُسِّطَتْ عَلَى السِّنِينَ خَصَّ كُلَّ سَنَةٍ خُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ قَالَ وَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَمَّا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَا زِيَادَةَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَاضِي مُجَلِّي ثُمَّ قَالَ وَهُوَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) كَعَقِبِ شَهْرِ كَذَا أَوْ عَجْزِهِ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ إنْ صَحَّ إلَخْ) وَلَفْظُ النَّسَائِيّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إلَى يَهُودِيٍّ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِثَوْبَيْنِ إلَى الْمَيْسَرَةِ» فَفِيهِ جَوَابٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ بَلْ اسْتَدْعَى وَلِهَذَا لَمْ يَصِفْ الثَّوْبَيْنِ فَإِذًا عَقْدٌ عُقِدَ بِشُرُوطِهِ (قَوْلُهُ يُطْلَقَانِ عَلَى الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْتَهِي الشَّمْسُ فِيهِمَا إلَخْ) لَكِنْ قَالَ الْقَمُولِيِّ النَّيْرُوزُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ تُوتٍ أَوَّلُ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ وَمَنْزِلُ الشَّمْسِ فِي الْمِيزَانِ وَبَيْنَ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ يَوْمًا (قَوْلُهُ أَوْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي فِي مَعْرِفَةِ الصِّفَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ سِوَاهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ بِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ فَاحْتُمِلَ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْأَوْصَافِ لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا طُمَأْنِينَةَ لِهَذَا الْفَرْقِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الشَّاشِيُّ وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ (قَوْلُهُ وَرَبِيعٌ) وَجُمَادَى (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي الَّذِي يَلِي الْعَقْدَ
(قَوْلُهُ وَالسَّنَةُ الْمُطْلَقَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ ظَاهِرٌ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ وَكَذَا غَيْرُهَا إذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُمْ التَّأْجِيلَ بِهَا أَمَّا لَوْ كَانَ بِبِلَادِ الْفُرْسِ أَوْ الرُّومِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ الْغَالِبُ عِنْدَهُمْ التَّأْقِيتُ بِشُهُورِهِمْ فَيَجِبُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهَا فَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَجَبَ التَّنْصِيصُ ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ شُرَيْحًا الرُّويَانِيَّ قَالَ فِي رَوْضَةِ الْحُكَّامِ إنَّهُ إذَا أَطْلَقَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْهِلَالِيَّ وَلَا الْعَدَدِيَّ إنَّهُ إنْ كَانَ عُرْفُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ الْهِلَالِيَّ انْصَرَفَ إلَيْهِ أَوْ الْعَدَدِيَّ انْصَرَفَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يَجْرِي بِهِمَا انْصَرَفَ إلَى الْأَغْلَبِ فَإِنْ اسْتَوَيَا لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرُ الْحُسْنِ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ لَيْلَتُهُ) ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ الْأَخِيرَةَ يَأْتِي بَعْدَهَا يَوْمٌ كَامِلٌ فَيُحْسَبُ وَيُكْمَلُ قَطْعًا بِخِلَافِ بَعْضِ الْيَوْمِ فِسْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا عَقَدَ أَوَّلَ الشَّهْرِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي رُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ اُعْتُبِرَ الْجَمِيعُ بِالْأَهِلَّةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ أَوْ قَمَرِيَّةً وَيُقَالُ لَهَا الْهِلَالِيَّةُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَشْهُرُ الْعَرَبِيَّةُ وَاضِحَةٌ شَهْرٌ مِنْهَا ثَلَاثُونَ وَشَهْرٌ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ إلَّا ذَا الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ فَالسَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا تَخْبِيطٌ فَاحِشٌ سَبَبُهُ إدْخَالُهُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَخْصِيصِ ذِي الْحِجَّةِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَعْجَبِ الْعُجَابِ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ
مُنَاقِضٌ لِقَوْلِ الْمُهَذَّبِ فِي الْهِلَالِيَّةِ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ عَلَى بُعْدٍ لَا مُنَاقَضَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْهِلَالِيَّةَ تَزِيدُ مِنْ حَيْثُ الِاجْتِمَاعِ الْمَذْكُورِ لَا مِنْ حَيْثُ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ عَدَدِيَّةً وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ (صَحَّ) وَتَقَيَّدَ بِمَا قَالَهُ وَأَسْمَاءُ شُهُورِ الْفُرْسِ وَالرُّومِ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ
(فَرْعٌ وَإِنْ قَالَ إلَى الْجُمُعَةِ أَوْ إلَى رَمَضَانَ) مَثَلًا (حَلَّ) الْأَجَلُ (بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ وَرُبَّمَا يُقَالُ بِانْتِهَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَبِانْتِهَاءِ شَعْبَانَ وَهُمَا بِمَعْنًى ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (فَإِنْ قَالَ يَحُلُّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ فِي رَمَضَانَ) مَثَلًا (أَوْ إلَى أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ آخِرِهِ لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلًّا مِنْ الْأَوَّلَيْنِ ظَرْفًا فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِهِ وَالثَّالِثُ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَالرَّابِعُ عَلَى جَمِيعِ النِّصْفِ الْآخَرِ وَهَذَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِجَوَازِ تَعْلِيقِهِ بِالْمَجَاهِيلِ وَرَدَّ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْفَرْقَ بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي آخِرِهِ لَا فِي أَوَّلِهِ فَلَمَّا وَقَعَ فِي أَوَّلِهِ اقْتَضَى أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِيه وَاسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَجَابَ عَنْهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا قَبِلَ التَّعْلِيقَ بِالْمَجْهُولِ كَقُدُومِ زَيْدٍ قَبْلَهُ بِالْعَامِّ وَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِ وَالسَّلَمُ لَا يُؤَجَّلُ بِمَجْهُولٍ فَلَا يُؤَجَّلُ بِعَامٍّ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ صِحَّةَ التَّأْجِيلِ بِالنَّفْرِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ اسْمَ النَّفْرِ وُضِعَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِعَيْنِهِ وَدَلَالَتِهِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ لَفْظِ الظَّرْفِ عَلَى أَزْمِنَتِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِشَيْءٍ مِنْهَا بَلْ دَلَّ عَلَى زَمَنٍ مِنْهَا مُبْهَمًا وَذَلِكَ أَضْعَفُ مِمَّا وُضِعَ لِعَيْنِهِ فَانْقَطَعَ إلْحَاقُهُ بِهِ انْتَهَى وَالْبَاءُ فِيمَا ذَكَرَ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي إلَى أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ آخِرِهِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَا قَالَ الْإِمَامُ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيُحْمَلَ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ نِصْفٍ كَمَا فِي النَّفْرِ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَقْوَى وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الَّذِي يَدُلُّ لَهُ نَصُّهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ ذَكَرَ وَغَيْرِهِ وَعَنْ نَصِّ الْأُمِّ قَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ نَقْلًا وَأَقْوَى دَلِيلًا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَمَا عَزَاهُ الشَّيْخَانِ لِلْأَصْحَابِ تَبِعَا فِيهِ الْإِمَامَ (وَإِذَا أَسْلَمَ فِي جِنْسَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً (إلَى أَجَلٍ أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ أَسْلَمَ فِي جِنْسٍ إلَى أَجَلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً (صَحَّ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
(الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ) لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (وَقْتَ الْوُجُوبِ) لِلتَّسْلِيمِ لَهُ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَصْلُ لَا يَخْتَصُّ بِالسَّلَمِ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ بَيْعٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا مَعَ الِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الْفُرُوعَ الْآتِيَةَ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمَقْصُودُ بَيَانُ مَحَلِّ الْقُدْرَةِ وَهُوَ حَالَةُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَتَارَةً تَقْتَرِنُ بِالْعَقْدِ لِكَوْنِ السَّلَمِ حَالًّا وَتَارَةً تَتَأَخَّرُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مُؤَجَّلًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ أَيْ لِلْمُعَيَّنِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ اقْتِرَانُ الْقُدْرَةِ فِيهِ بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا (فَإِنْ أَسْلَمَ فِيمَا يَعْدَمُ فِيهِ) أَيْ وَقْتَ الْحُلُولِ (كَالرُّطَبِ فِي الشِّتَاءِ أَوْ) فِيمَا (يَعِزُّ) وُجُودُهُ إمَّا (لِقِلَّتِهِ كَالصَّيْدِ حَيْثُ يُفْقَدُ وَاللَّآلِئِ الْكِبَارِ) وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّزَيُّنِ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ فَلَا يُحْتَمَلُ إلَّا فِيمَا يُوثَقُ بِهِ (وَيَجُوزُ) السَّلَمُ (فِي) اللَّآلِئِ (الصِّغَارِ) وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي وَضَبَطَهَا الْجُوَيْنِيُّ بِسُدُسِ دِينَارٍ تَقْرِيبًا وَإِنْ قُصِدَتْ لِلتَّزَيُّنِ (إنْ عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا) وَالْمُنَاسِبُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ ذِكْرِ اللَّآلِئِ بَعْدَ قَوْلِهِ (أَوْ لِاسْتِقْصَاءِ الْأَوْصَافِ) فِيهِ كَالْيَوَاقِيتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْمَرْجَانِ لِنُدْرَتِهَا بِاسْتِقْصَاءِ أَوْصَافِهَا مِنْ ذِكْرِ حَجْمٍ وَشَكْلٍ وَوَزْنٍ وَصَفَاءٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْبَلُّورِ لِأَنَّ صِفَتَهُ مَضْبُوطَةٌ بِخِلَافِ الْعَقِيقِ فَإِنَّ الْحَجَرَ الْوَاحِدَ مِنْهُ يَخْتَلِفُ.
(أَوْ نُدْرَةِ اجْتِمَاعِهَا) بِضَمِّ النُّونِ (مَعَ الْوَصْفِ) الْمُنَاسِبِ أَوْ نُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِ بِالْوَصْفِ أَيْ الْمَشْرُوطِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ إلَخْ) وَيَقْرَبُ مِنْهُ مَا أَجَابَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مُسَوَّدَتِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ مِنْ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَا يَرُدُّ عَلَى الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَوْقَعُوا الطَّلَاقَ فِي أَوَّلِهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي يَوْمِ كَذَا فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ لَا أَنَّهُ يَقْتَضِيه الْوَضْعُ وَالْعُرْفُ وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَيُّ رَجُلٍ كَلَّمَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَلَا نَقُولُ إنَّهُ اقْتَضَاهُ الْإِطْلَاقُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَلَوْ كَانَ يَقْتَضِي تَعْيِينَ أَوَّلِهِ لَمَا وَقَعَ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ مَنْعُ الْجَامِعِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ السَّلَمَ عَقْدٌ وَالطَّلَاقَ حَلُّ عَقْدٍ وَلَا يَسْتَقِيمُ قِيَاسُ الْعُقُودِ عَلَى الْحُلُولِ لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا الثَّانِي أَنَّ الْآجَالَ يُقَابِلُهَا قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ فِي يَوْمِ كَذَا شَائِعٌ فِي الْيَوْمِ وَالنَّظَرُ فِيهِ لَا دَلَالَةَ لَهَا بِطَرِيقِ النَّصِّ عَلَى أَوَّلِ الْيَوْمِ فَبَطَلَ الْعَقْدُ لِلْإِبْهَامِ كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ وَأَمَّا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ فَيَقَعُ بِوُجُودِ شَرْطِهِ وَأَوَّلُ الْيَوْمِ شَامِلٌ لِذَلِكَ فَوَقَعَ فِيهِ لِصِدْقِ اسْمِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْ الْوَاضِحَاتِ (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ فِيمَا ذَكَرَ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْأَصْحَابِ لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي طَرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ الْجَزْمُ بِمَقَالَةِ الْإِمَامِ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ) عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فِي آخِرِهِ أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَيُحْمَلُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ ذَكَرَ وَغَيْرِهِ إلَخْ) سَوَّى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بَيْنَ إلَى رَمَضَانَ وَإِلَى غُرَّتِهِ وَإِلَى هِلَالِهِ وَإِلَى أَوَّلِهِ فَإِنْ قَالَ إلَى أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ فَالْمَحْمَلُ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ وَكَذَا الْمَاوَرْدِيُّ
(قَوْلُهُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ) يَأْتِي فِي تَعْبِيرِهِ بِالتَّسْلِيمِ مَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) وَهَذَا السُّؤَالُ يَأْتِي عَلَى قَوْلِهِمْ وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَقَوْلُهُمْ وَمَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ لِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ فِيمَا يَعْدَمُ فِيهِ إلَخْ) لَوْ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا وَكَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ فَفِي الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي صَيْدٍ مِنْ مُحْرِمٍ إلَى وَقْتٍ يَعْلَمُ خُرُوجَهُ مِنْ الْإِحْرَامِ عِنْدَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ
(كَجَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا أَوْ أُخْتِهَا وَشَاةٍ وَسَخْلَتِهَا وَكَذَا حَامِلٌ) مِنْ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَصْوِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَمَةِ (وَشَاةٍ لَبُونٍ) وَعَبْدٍ وَوَلَدِهِ أَوْ أَخِيهِ وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الْجَارِيَةِ مَاشِطَةً حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ يَنْدُرُ اجْتِمَاعُ ذَلِكَ بِالصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالْمَشْطَ يَسْهُلُ تَحْصِيلُهُمَا بِالتَّعَلُّمِ بِخِلَافِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْأُخُوَّةِ وَنَحْوِهِمَا (أَوْ لِلْبُعْدِ) عَنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ (كَكَوْنِهِ بِمَسَافَةٍ لَا يُجْلَبُ مِثْلُهُ مِنْهَا فِي الْعَادَةِ) الْغَالِبَةِ (لِلْمُعَامَلَةِ) بِأَنْ لَمْ يُجْلَبْ أَوْ يُجْلَبُ نَادِرًا أَوْ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ بَلْ لِلْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهَا (لَمْ يَصِحَّ) بِخِلَافِ مَا إذَا اُعْتِيدَ جَلْبُهُ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ فَيَصِحُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَئِمَّةِ لَا تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ هُنَا وَنَازَعَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ انْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَحَيْثُ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ صَحَّ وَإِنْ تَبَاعَدَا بِخِلَافِهَا فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَاعْتُبِرَ لِتَخْفِيفِهَا قُرْبُ الْمَسَافَةِ وَاعْتِبَارِي لِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ كَثِيرٍ مَحَلَّ الْعَقْدِ وَإِنْ كُنْت تَبِعْتهمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ.
(وَكَذَا لَوْ عَسُرَ تَحْصِيلُهُ كَالْقَدْرِ الْكَثِيرِ مِنْ الْبَاكُورَةِ) وَهِيَ أَوَّلُ الْفَاكِهَةِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ بِخِلَافِ قَدْرٍ مِنْهَا لَا يَعْسُرُ تَحْمِيلُهُ (فَإِذَا انْقَطَعَ الْمَوْجُودُ) أَيْ مَا يَعُمُّ وُجُودُهُ (بِجَائِحَةٍ) بَعْدَ الْعَقْدِ (قَبْلَ الْحُلُولِ لَمْ يَضُرَّ) فَلَوْ عَلِمَ قَبْلَهُ انْقِطَاعَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ قَبْلَهُ إذْ لَمْ يَجِئْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ (أَوْ) انْقَطَعَ (بَعْدَهُ أَوْ عِنْدَهُ وَلَوْ) كَانَ الْحُلُولُ (بِمَوْتِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثَبَتَ) لِلْمُسَلِّمِ (الْخِيَارُ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (وَلَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَالْوَفَاءُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُمْكِنٌ (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (أَجَازَ) الْعَقْدَ (لَمْ يَسْقُطْ الْفَسْخُ وَإِنْ أَسْقَطَهُ) صَرِيحًا كَزَوْجَتَيْ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ إذَا رَضِيَتَا وَكَالْمُشْتَرِي إذَا أَجَازَ الْعَقْدَ عِنْدَ إبَاقِ الْعَبْدِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلتَّسْلِيمِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَالْإِسْقَاطُ إنَّمَا يُؤْثَرُ فِي الْحَالِ دُونَ مَا يَتَجَدَّدُ فَعُلِمَ أَنَّ الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لَا تَصْبِرْ وَخُذْ رَأْسَ مَالِكِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ) أَيْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ غَلَا وَلَوْ) كَانَ تَحْصِيلُهُ (مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ التَّسْلِيمِ (إلَى دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى ذَلِكَ فَانْقِطَاعُهُ الْمُثْبِتُ لِلْخِيَارِ عَلَى مَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ أَنْ يُفْقَدَ أَوْ يُوجَدَ بِمَحَلٍّ آخَرَ لَكِنَّهُ يَفْسُدُ بِنَقْلِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا عِنْدَ قَوْمٍ لَا يَبِيعُونَهُ أَوْ يَبِيعُونَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَا سِعْرُهُ.
وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَوْ كَانُوا يَبِيعُونَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ حِينَئِذٍ فَهُنَا أَوْلَى وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ الْمَوْجُودَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالْمَعْدُومِ كَمَا فِي الرَّقَبَةِ وَمَاءِ الطَّهَارَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُلُوِّ هُنَا ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ لَا الزِّيَادَةَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُشِيرُ إلَيْهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِمَنْعِ قِيَاسِ السَّلَمِ عَلَى الْغَصْبِ لِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدٌ وُضِعَ لِطَلَبِ الرِّبْحِ وَالزِّيَادَةِ فَكُلِّفَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ التَّحْصِيلَ لِهَذَا الْغَرَضِ الْمَوْضُوعِ لَهُ الْعَقْدُ وَإِلَّا لَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ بَابُ تَعَدٍّ وَالْمُمَاثَلَةُ مَطْلُوبَةٌ فِيهِ فَلَمْ يُكَلَّفْ فِيهِ الزِّيَادَةُ لِآيَةِ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَبَضَ الْبَدَلَ فَالزِّيَادَةُ إنَّمَا هِيَ فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ النَّمَاءِ الْحَاصِلِ مِمَّا قَبَضَهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ
(الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ مَحَلٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مَكَان (تَسْلِيمِ) الْمُسَلَّمِ فِيهِ (الْمُؤَجَّلِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ) كَانَ الْعَقْدُ (بِمَكَانٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ) لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيمَا يُرَادُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَكَانَ الْعَقْدُ بِمَكَانٍ يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ وَيَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ أُخْتِهَا) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّسَرِّي أَوْ أَحَدِ مُنَاسِبَيْهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا حَامِلٌ إلَخْ) أَوْ خُنْثَى وَأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) اعْتَرَضَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَرْقِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ فِي السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مِمَّا يَعُمُّ وُجُودُهُ وَيُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ لَا تَلْحَقُ ذَلِكَ بِمَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ الثَّانِي مِنْ قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ السَّلَمِ حَالًّا فِي عَبْدٍ كَاتِبٍ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِالتَّعْلِيمِ فِي يَوْمَيْنِ وَلَا شَهْرَيْنِ وَمَتَى كَانَ التَّعْلِيمُ مُتَعَذِّرًا وَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ السَّلَمُ حَالًّا فِي الْعَبْدِ الْكَاتِبِ وَالْجَارِيَةِ الْمَاشِطَةِ فَظَهَرَ بُطْلَانُ هَذَا الْفَرْقِ بِالسَّلَمِ الْحَالِّ اهـ وَوَجْهٌ فِي التَّتِمَّةِ الْمَنْعُ فِي الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا بِأَنَّهُ إذَا وَصَفَ الْجَارِيَةَ فَالسَّلَمُ فِي وَلَدِهَا سَلَمٌ فِي بَعْضٍ مُعَيَّنٍ وَالسَّلَمُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ لَا يَصِحُّ.
(قَوْلُهُ يَسْهُلُ تَحْصِيلُهُمَا بِالتَّعْلِيمِ) وَهَذَا مُتَأَتٍّ وَلَوْ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ بِأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصِّفَةُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ تَحُلُّ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَالْحَاصِلُ إنْ تَيَسَّرَ إحْضَارُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَإِلَّا فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ أَخْلَفَ الشَّرْطَ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَسُرَ تَحْصِيلُهُ) بِأَنْ لَا يَحْصُلَ إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ (قَوْلُهُ فَانْقِطَاعُهُ الْمُثْبِتُ لِلْخِيَارِ إلَخْ) فِي مَعْنَى انْقِطَاعِهِ مَا لَوْ غَابَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَى الْوَفَاءِ مَعَ وُجُودِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُشِيرُ إلَيْهِ) حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ جِنْسُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مَوْجُودًا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَلَكِنْ يُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ فَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ وَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ مِلْكَهُ فَتَأَخَّرَ التَّسْلِيمُ حَتَّى ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ وَكَذَلِكَ إذَا أَتْلَفَ عَلَى إنْسَانٍ حِنْطَةً فِي زَمَانِ الرُّخْصِ ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْمِثْلَ ارْتَفَعَتْ الْأَسْعَارُ وَغَلَتْ الْحِنْطَةُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمِثْلِ فَكَذَا هُنَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي ثَمَنِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مُقَابَلَةِ الْأَجَلِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَا أَجَلَ فِيهِ
(قَوْلُهُ الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ مَحَلِّ تَسْلِيمِ الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ
لِلتَّسْلِيمِ لِلْعُرْفِ وَيَكْفِي فِي تَعْيِينِهِ أَنْ يَقُولَ تُسَلِّمْهُ لِي فِي بَلْدَةِ كَذَا إلَّا أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَيَكْفِي إحْضَارُهُ فِي أَوَّلِهَا وَلَا يُكَلَّفُ إحْضَارَهُ إلَى مَنْزِلِهِ وَلَوْ قَالَ فِي أَيِّ الْبِلَادِ شِئْت فَسَدَ وَفِي أَيِّ مَكَان شِئْت مِنْ بَلَدِ كَذَا فَإِنْ اتَّسَعَ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ أَوْ بِبَلَدِ كَذَا وَبِبَلَدِ كَذَا فَهَلْ يَفْسُدُ أَوْ يَصِحُّ وَيَنْزِلُ عَلَى تَسْلِيمِ النِّصْفِ بِكُلِّ بَلَدٍ وَجْهَانِ قَالَ الشَّاشِيُّ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَسَلُّمِهِ فِي بَلَدِ كَذَا وَتَسَلُّمِهِ فِي شَهْرِ كَذَا حَيْثُ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ اخْتِلَافُ الْغَرَضِ فِي الزَّمَانِ دُونَ الْمَكَانِ (فَلَوْ عَيَّنَهُ فَخَرِبٌ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَخَرَجَ عَنْ صَلَاحِيَّةِ التَّسْلِيمِ (فَأَقْرَبُ مَكَان) وَفِي نُسْخَةٍ مَوْضِعٌ (صَالِحٌ) لَهُ (إلَيْهِ) يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَقْيَسِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يُقَالَ مَعَ هَذَا إنْ كَانَ الصَّالِحُ أَبْعَدَ مِنْ الْخَرِبِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الزَّائِدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَضِهِ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَاهُ لِغَرَضِ الْمُسْتَحِقِّ فَجَمَعْنَا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ.
وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فَيُتَّجَهُ تَخْيِيرُ الْمُسَلِّمِ بَيْنَ أَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الْخَرِبِ وَلَا كَلَامَ وَأَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ حَطِّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ إذْ كَيْفَ يُجْبَرُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَلَى النَّقْلِ إلَى مَكَان بَعِيدٍ بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ ذَلِكَ وَكَيْفَ يُسَلَّمُ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ صَارَ الْمُعَيَّنُ مَخُوفًا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهُ النَّقْلَ إلَى مَكَان آخَرَ وَلَهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا قَدْ رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ قَالَ فَلَوْ قَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ أَنَا أَفْسَخُ السَّلَمَ لِأُؤَدِّيَ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ وَتَبْرَأَ ذِمَّتِي مِمَّا عَلَيَّ فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ثَمَّ رَهْنٌ يُرِيدُ فَكَّهُ أَوْ ضَامِنٌ يُرِيدُ خَلَاصَهُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْته عَنْ الْأَصْلِ قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ إعَادَةِ مَا خَرِبَ بِخِلَافِ مَا انْقَطَعَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسَلَّمُ فِيهَا (وَفِي السَّلَمِ الْحَالِّ يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ) لِلتَّسْلِيمِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ بِأَنَّ لِحَمْلِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مُؤْنَةً لِلْعُرْفِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْبَيْعِ وَالتَّصْرِيحُ بِمُطْلَقًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ فَسَّرْته بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ هَذَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ.
(فَإِنْ عَيَّنَا غَيْرَهُ جَازَ) وَتَعَيَّنَ (بِخِلَافِ الْمَبِيعِ) الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَقُبِلَ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ تِلْكَ النَّاحِيَةُ) أَيْ الْمَحَلَّةُ (لَا نَفْسَ الْمَوْضِعِ) أَيْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ (وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَ) الثَّمَنُ (الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ) الْمُعَيَّنِ (وَفِي التَّتِمَّةِ كُلُّ عِوَضٍ) مِنْ نَحْوِ أُجْرَةٍ وَصَدَاقٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ (مُلْتَزِمٌ فِي الذِّمَّةِ) غَيْرُ مُؤَجَّلٍ (لَهُ حُكْمُ السَّلَمِ الْحَالِّ) إنْ عُيِّنَ لِتَسْلِيمِهِ مَكَانٌ جَازَ وَتَعَيَّنَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِأَنَّ كُلَّ عِوَضٍ مُلْتَزِمٌ فِي الذِّمَّةِ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ أَيْ فَيُقْبَلُ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ كَمَا مَرَّ
(الشَّرْطُ الْخَامِسُ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ) فِيمَا يُكَالُ (أَوْ الْوَزْنِ) فِيمَا يُوزَنُ (أَوْ الذَّرْعِ) فِيمَا يُذْرَعُ (أَوْ الْعَدِّ) فِيمَا يُعَدُّ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ مَعَ قِيَاسِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَلَوْ عَيَّنَهُ فَخَرِبَ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَخْرُبْ وَلَكِنْ صَارَ مَخُوفًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَحْضَرَهُ فِيهِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ وَلَيْسَ لِلْمُسَلِّمِ أَنْ يُكَلِّفَهُ نَقْلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ بَلْ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يَزُولَ الْخَوْفُ أَوْ يَأْخُذَهُ فِيهِ اهـ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا بُدَّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَضِهِ إلَخْ) قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَاهُ فَلَا أُجْرَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فَيُتَّجَهُ تَخْيِيرُ الْمُسَلِّمِ إلَخْ) اسْتَبْعَدَهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ إنَّ الْوَجْهَ تَسْلِيمُهُ فِي الصَّالِحِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَلَامٌ عَجِيبٌ إلَخْ) اعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ عَلَى الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمُسْتَحِقِّ الْمُسَلِّمَ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ إنَّهُ يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَرْضَ الَّذِي فَرَضَهُ مِنْ الْمُحَالِ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ إلَى مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ أَبْعَدُ فَمَا ذَكَرَهُ فَاسِدُ التَّصْوِيرِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِأُجْرَةِ الزَّائِدِ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا تَوَهَّمَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الزَّائِدِ بَلْ يُقَالُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الزَّائِدِ وَبِأَنَّهُ أَحَالَ فِي الِاسْتِشْهَادِ عَلَى مَجْهُولٍ وَعَبَّرَ بِنَظَائِرَ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا وَاحِدًا وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ يَدُلُّ لَهُ مَا اعْتَبَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا اللُّقَطَةُ فِي الْبَادِيَةِ تُعْرَفُ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ وَمِنْهَا الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ فِي الْبَادِيَةِ تُنْقَلُ إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُتَخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ كَثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي انْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إلَخْ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَتِلْكَ (قَوْلُهُ فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ مَنْ يُرِيدُ خَلَاصَهُ) وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ هُنَا وَلَا هُنَاكَ اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا كَأَنْ أَسْلَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الشَّعِيرِ وَهُمَا سَائِرَانِ فِي الْبَحْرِ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ) وَهُوَ وَاضِحٌ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَهُوَ حَالٌّ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فِي الْحَالِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ صَالِحًا فِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ فِيهِ بِأَنْ كَانَا فِي سَفَرٍ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَ لِتَسْلِيمِهِ مَكَانٌ جَازَ) وَتَعَيَّنَ لَوْ عَيَّنَ مَوْضِعًا مَخُوفًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ فِيهِ وَهَلْ لَهُ تَكْلِيفُهُ النَّقْلَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيُّ أَقْرَبُهُمَا تَكْلِيفُهُ نَقْلَهُ إلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَيْهِ صَالِحٍ لِلتَّسْلِيمِ لِلْأَمْنِ فِيهِ
(قَوْلُهُ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ فِي كَنْدُوحِ النَّحْلِ وَأَفْرَاخِهَا لَا مَعَ الْكَنْدُوحِ وَلَا بِدُونِهِ لِعَدَمِ الضَّبْطِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَذَرْعًا وَعَدًّا (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ) خَصَّ فِيهِ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ لِغَلَبَتِهِمَا وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى غَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ غَيْرُ مَرْوَ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ مَصْدَرٌ لَا يُمْكِنُ السَّلَمُ فِيهِ فَتَعَيَّنَ التَّقْدِيرُ أَيْ مَنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَالْكَيْلُ وَفِي مَوْزُونٍ فَالْوَزْنُ فَلْيَكُنْ كَيْلُهُ وَوَزْنُهُ مَعْلُومًا وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ