الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُخَرَّجِ عَلَيْهَا، وَمَا أُجِيبَ بِهِ مِنْ أَنَّ التَّخْرِيجَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الِاثْنَيْنِ هُنَا مُشْتَرٍ نِصْفَ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا ثُمَّ لَيْسَ مُشْتَرِيًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفَ مِنْ الْعَبْدَيْنِ بَلْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدَهُ، وَالثَّمَنُ مَجْهُولٌ فَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا، وَمِنْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَصَوُّرٌ بِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ مِنْ وَكِيلِهِمَا لِتَتَّحِدَ الصَّفْقَةُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ الشِّرَاءُ مُنَاصَفَةً عَلَى مَا قَالَهُ الْمُجِيبُ فَلَا تَقْوِيمَ، وَشِرَاءُ وَكِيلِ الِاثْنَيْنِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا عُلِمَ مَا لِكُلٍّ مِنْ مُوَكِّلَيْهِ مِنْ الْمَبِيعِ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الثَّمَنِ النَّقْدِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ النَّقْدَيْنِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِالْعَيْنِ وَكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ
(وَأَمَّا شِرْكَةُ الْأَبْدَانِ وَهِيَ) أَنْ يَتَّفِقَ مُحْتَرِفَانِ (عَلَى) أَنَّ (مَا يَكْتَسِبَانِ بِأَبْدَانِهِمَا) بَيْنَهُمَا مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا مَعَ اتِّفَاقِ الصَّنْعَةِ أَوْ اخْتِلَافِهَا
(وَشِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ) وَهِيَ أَنْ يَتَّفِقَا (عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا يَكْتَسِبَانِ وَيَرْبَحَانِ) بِأَبْدَانِهِمَا أَوْ أَمْوَالِهِمَا (وَمَا يَلْتَزِمَانِ مِنْ غُرْمٍ وَيَحْصُلُ مِنْ غُنْمٍ بَيْنَهُمَا)
(وَشِرْكَةُ الْوُجُوهِ) وَهِيَ أَنْ يَتَّفِقَ وَجِيهَانِ عِنْدَ النَّاسِ لِيَشْتَرِيَا فِي الذِّمَّةِ بِمُؤَجَّلٍ (عَلَى أَنَّ مَا يَشْتَرِيَانِ بِوُجُوهِهِمَا بِمُؤَجَّلٍ) يَكُونُ بَيْنَهُمَا يَبِيعَانِهِ، وَيُؤَدِّيَانِ الْأَثْمَانَ وَيَكُونُ الْفَاضِلُ بَيْنَهُمَا (أَوْ) أَنْ يَتَّفِقَ وَجِيهٌ وَخَامِلٌ (عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَجِيهُ فِي الذِّمَّةِ وَيَبِيعَ الْخَامِلُ) وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا (أَوْ) عَلَى أَنْ (يَعْمَلَ الْوَجِيهُ، وَالْمَالُ لِلْخَامِلِ وَهُوَ فِي يَدِهِ) وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ أَنْ يَدْفَعَ خَامِلٌ مَالًا إلَى وَجِيهٍ لِيَبِيعَهُ بِزِيَادَةٍ، وَيَكُونَ لَهُ بَعْضُ الرِّبْحِ، وَأَشْهَرُ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ الثَّلَاثَةِ الْأَوَّلُ انْتَهَى، وَجَوَابُ أَمَّا قَوْلُهُ (فَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ) لِخُلُوِّهَا عَنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ وَلِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهَا لَا سِيَّمَا شِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه إنْ لَمْ تَكُنْ شِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بَاطِلَةً فَلَا بَاطِلَ أَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا إشَارَةً إلَى كَثْرَةِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ فِيهَا وَسُمِّيَتْ مُفَاوَضَةً مِنْ قَوْلِهِمْ: تَفَاوَضَا فِي الْحَدِيثِ إذَا شَرَعَا فِيهِ جَمِيعًا وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ: قَوْمٌ فَوْضَى بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ مُتَسَاوُونَ فَكُلُّ مَنْ اكْتَسَبَ شَيْئًا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِتَفَاسِيرِ الثَّالِثِ فَهُوَ لَهُ يَخْتَصُّ بِرِبْحِهِ وَخُسْرِهِ وَلَا شِرْكَةَ فِيهِ لِلْآخَرِ (إلَّا إذَا وُكِّلَ) هـ وَفِي نُسْخَةٍ وُكِّلَ أَحَدُهُمَا (أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الذِّمَّةِ لَهُمَا عَيْنًا وَقَصَدَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ) أَيْ الشِّرَاءَ لَهُمَا (فَإِنَّهُمَا يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْعَيْنِ الْمَأْذُونِ فِيهَا) وَإِلَّا إذَا حَصَلَ شَيْءٌ فِي النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ اكْتِسَابِ الْمُشْتَرِكَيْنِ لَهُ مُجْتَمِعَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا بِحَسَبِ الشَّرْطِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأَوَّلِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الثَّانِي، وَرُبَّمَا تَقَرَّرَ عِلْمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِنْهُ فِي كَلَامِ أَصْلِهِ كَمَا يَعْرِفُهُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِمَا وَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ كُنْت تَبِعْت الْأَصْلَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ مُوَكِّلُهُ بَلْ هُوَ الْوَجْهُ (فَإِنْ أَرَادَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ شِرْكَةَ الْعِنَانِ) كَأَنْ قَالَا تَفَاوَضْنَا أَوْ اشْتَرَكْنَا شِرْكَةَ عِنَانٍ (جَازَ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ
(فَرْعٌ) لَوْ (أَخَذَ جَمَلًا لِرَجُلٍ وَرَاوِيَةً لِآخَرَ لِيَسْتَقِيَ) الْمَاءَ بِاتِّفَاقِهِمْ (وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمْ لَمْ يَصِحَّ) عَقْدُ الشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ أَشْيَاءَ مُتَمَيِّزَةٍ (وَالْمَاءُ) الْحَاصِلُ بِالِاسْتِقَاءِ (لِلْمُسْتَقِي إنْ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ مُبَاحًا وَقَصَدَهُ لِنَفْسِهِ) أَوْ أَطْلَقَ (وَعَلَيْهِ) لِكُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْهِ (الْأُجْرَةُ) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِ مَالِهِ (وَلَوْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ بِالِاسْتِقَاءِ) فِي الْمُبَاحِ وَفِي نُسْخَةٍ فِي الِاسْتِقَاءِ (فَالْمُبَاحُ بَيْنَهُمْ) لِجَوَازِ النِّيَابَةِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ (وَقِسْمَتُهُ) تَكُونُ (عَلَى قَدْرِ أَجْرِ أَمْثَالِهِمْ) لِحُصُولِهِ بِمَنَافِعَ مُخْتَلِفَةٍ (بِلَا تَرَاجُعٍ) بَيْنَهُمْ وَقِيلَ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ اتِّبَاعًا لِلْقَصْدِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
فِي التَّوَسُّطِ وَمَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ مِنْ الِاحْتِمَالِ ظَاهِرُ الْحَسَنِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةً فِي الْبُوَيْطِيِّ وَنَقَلَهَا هُوَ وَغَيْرُهُ وَسَكَتُوا عَلَيْهَا وَلَعَلَّ مَا فِي الْبُوَيْطِيِّ مِنْ تَفَارِيعِ ذَلِكَ الْقَوْلِ فِي الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الِاثْنَيْنِ مُشْتَرٍ نِصْفَ الْعَبْدِ) التَّنْصِيفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ الثَّمَنُ أَمَّا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَلْيَكُنْ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ بِالنِّسْبَةِ حَالَ الشِّرَاءِ؛ إذْ الْغَالِبُ مَعْرِفَةُ نِسْبَةِ النَّقْدِ غَيْرِ الْغَالِبِ مِنْ الْغَالِبِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ؛ إذْ الْقِيمَةُ فِيهَا لَا تَكَادُ تَنْضَبِطُ
(قَوْلُهُ وَشِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَخْ) وَجْهُ بُطْلَانِهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَنَهْيُهُ عَنْ الْغُرُورِ، وَهَذَا غُرُورٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدْرِي أَيَكْسِبُ صَاحِبُهُ شَيْئًا أَمْ لَا وَكَمْ قَدْرُ كَسْبِهِ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهَا الْعَمَلُ كَمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي شِرْكَةِ الْعِنَانِ الْمَالُ، وَالْمَالُ لَوْ كَانَ مَجْهُولًا فِيهَا لَمْ تَصِحَّ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَمَلُ مَجْهُولًا فِي هَذِهِ
(قَوْلُهُ: أَنْ يَدْفَعَ خَامِلٌ مَالًا إلَى وَجِيهٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالشِّرْكَةِ أَوْ قَصْدِهَا (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَى كَثْرَةِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ فِيهَا) وَلِأَنَّهَا مَعْقُودَةٌ عَلَى أَنْ يُشَارِكَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِسَبَبِهِ فَلَمْ تَصِحَّ كَمَا لَا تَصِحُّ عَلَى مَا يَرِثَانِ أَوْ يَتَّهِبَانِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ خَالَفَ مُوجِبُهُ مُوجِبَ سَائِرِ الْعُقُودِ فِي الْأُصُولِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ، فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ خَلْطٍ كَفَى، وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ لَفْظُ شِرْكَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي الشِّرْكَةِ فِي الْعُرُوضِ: أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ عَرَضِهِ بِبَعْضِ عَرَضِ الْآخَرِ، وَيَأْذَنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ، وَلَيْسَ مِنْهُ لَفْظُ شِرْكَةٍ بِخِلَافِ لَفْظِ الشِّرْكَةِ، وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِنَانِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ
[فَرْعٌ أَخَذَ جَمَلًا لِرَجُلٍ وَرَاوِيَةً لِآخَرَ لِيَسْتَقِيَ الْمَاءَ بِاتِّفَاقِهِمْ وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمْ]
(قَوْلُهُ: فَرْعٌ أَخَذَ جَمَلًا لِرَجُلٍ، وَرَاوِيَةً لِآخَرَ لِيَسْتَقِيَ، وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) لَوْ دَفَعَ بَهِيمَةً أَوْ سَفِينَةً إلَى آخَرَ لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا، وَمَا رَزَقَهُ اللَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا فَهِيَ شِرْكَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا الْآنَ، وَلَوْ دَفَعَ شَبَكَةً أَوْ كَلْبًا إلَى آخَرَ لِيَصْطَادَ، وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا فَسَدَتْ الشِّرْكَةُ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ، وَلِلْمَالِكِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْآلَةِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَمَا فِي الِاسْتِقَاءِ مِنْ الْمُبَاحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى وَلَا يُنْكَرُ
فَيَرْجِعُ الْمُسْتَقِي عَلَى كُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْهِ بِثُلُثِ أُجْرَةِ مَنْفَعَتِهِ؛ إذْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ مِنْهُ إلَّا الثُّلُثُ، وَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ صَاحِبَيْهِ بِثُلْثَيْ أُجْرَةِ مَا لَهُ عَلَى صَاحِبهِ، وَعَلَى الْمُسْتَقِي، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ الْجَمَلَ) مِنْ وَاحِدٍ (وَالرَّاوِيَةَ) مِنْ آخَرَ (وَالْمُسْتَقِي) لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ (وَالْمَاءُ مُبَاحٌ) فَإِنْ اسْتَأْجَرَ (كُلًّا) مِنْهُمْ (فِي عَقْدٍ صَحَّ) الْعَقْدُ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُمْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَسَدَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ كَشِرَاءِ عَبِيدِ جَمْعٍ بِثَمَنِ وَاحِدٍ (وَ) عَلَيْهِ (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَالْمَاءُ لِلْمُسْتَأْجِرِ) فِي الصُّورَتَيْنِ (وَلَوْ قَصَدَ الْمُسْتَقِي) بِهِ (نَفْسَهُ) وَلَا أَثَرَ لِلْفَسَادِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمْ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ لِلْمُسْتَأْجِرِ (وَإِنْ أَلْزَمَ ذِمَّتَهُمْ الِاسْتِقَاءَ بِمَالٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بِأَلْفٍ (صَحَّ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ؛ إذْ لَيْسَتْ هُنَا أَعْيَانٌ مُخْتَلِفَةٌ تُفْرَضُ جَهَالَةً فِي أُجُورِهَا، وَإِنَّمَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُ الْعَمَلِ، وَزَادَ عَلَى الرَّوْضَةِ قَوْلَهُ الِاسْتِقَاءُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَلِيَرْفَعَ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ إيهَامِ صِحَّةِ الْعَقْدِ فِيمَا لَوْ أَلْزَمَ ذِمَّةَ رَجُلٍ جَمَلًا وَآخَرَ رَاوِيَةً وَآخَرَ الِاسْتِقَاءَ مَعَ أَنَّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُبْطِلَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ مَوْجُودٌ فِيهِ (وَإِنْ أَلْزَمَ) مَالِكُ بُرٍّ فِيمَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ بَيْتُ رَحَى، وَلِآخَرَ حَجَرُهَا وَلِآخَرَ بَغْلٌ يُدِيرُهُ وَآخَرُ يَطْحَنُ فِيهَا (ذِمَّةَ الطَّحَّانِ وَمُلَّاكَ بَيْتِ الرَّحَى وَ) حَجَرِ (الرَّحَى وَالْبَغْلِ طَحْنَ بُرٍّ فِي عَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ وَكَانَ الْمُسَمَّى) مِنْ الْأُجْرَةِ (بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا وَيَتَرَاجَعُونَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَمْلُوكَةَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ قَدْ اسْتَوْفَى رُبُعَهَا حَيْثُ أَخَذَ رُبُعَ الْمُسَمَّى، وَانْصَرَفَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا إلَى أَصْحَابِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ اسْتَوَتْ أُجَرُهُمْ حَصَلَ التَّقَاصُّ، وَإِلَّا رَجَعَ مَنْ زَادَتْ أُجْرَتُهُ بِالزَّائِدِ، وَقَوْلُهُ فِي الذِّمَّةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْأَعْيَانَ) أَيْ الطَّحَّانَ وَالْآلَاتِ الْمَذْكُورَةَ.
(وَكُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ (صَحَّ) الْعَقْدُ (بِالْمُسَمَّى) فِيهِ (أَوْ) اسْتَأْجَرَهَا (مَعًا فَسَدَ) الْعَقْدُ كَشِرَاءِ عَبِيدِ جَمْعٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ (وَالْحُكْمُ) فِيهِ (كَمَا سَبَقَ) فِي مَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِ الْجَمَلِ وَالرَّاوِيَةِ وَالْمُسْتَقِي مِنْ أَنَّ لِكُلٍّ عَلَيْهِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ، وَإِنْ أَلْزَمَ مَالِكُ الْبُرِّ ذِمَّةَ الطَّحَّانِ الطَّحْنَ لَزِمَهُ، وَعَلَيْهِ إذَا اسْتَعْمَلَ مَا لِأَصْحَابِهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهُمْ إجَارَةً صَحِيحَةً فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (وَلَوْ اشْتَرَكَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَالْبُذُورِ وَآلَةِ الْحَرْثِ مَعَ رَابِعٍ يَعْمَلُ عَلَى أَنَّ الْغَلَّةَ بَيْنَهُمْ) لَمْ تَصِحَّ شِرْكَةً لِعَدَمِ اخْتِلَاطِ مَالَيْنِ، وَلَا إجَارَةً لِعَدَمِ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْأُجْرَةِ وَلَا قِرَاضًا؛ إذْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ رَأْسُ مَالٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الِانْفِسَاخِ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ مِنْ فَائِدَتِهِ لَا مِنْ عَيْنِهِ، وَلَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهَا (فَالزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ، وَلَهُمْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إنْ حَصَلَ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ بِأَنْ أَصَابَتْهُ آفَةٌ (فَلَا) أُجْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُحَصِّلُوا لَهُ شَيْئًا حَتَّى يَسْتَحِقُّوا بَدَلَهُ، وَاسْتُشْكِلَ بِاتِّفَاقِهِمْ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ عَلَى أَنَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُسَمَّى بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا وَيَتَرَاجَعُونَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ) أَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَعْمَالِ فَقَالَ: لَيْسَ هُنَا أَعْيَانٌ مُخْتَلِفَةٌ نَفْرِضُ جَهَالَةً فِي أُجُورِهَا، وَإِنَّمَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتُهُ مِنْ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَكَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ وَرَقٌ وَلِآخَرَ بَزْرُ الْقَزِّ فَشَارَكَهُمَا ثَالِثٌ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ وَيَكُونَ الْفَيْلَجُ بَيْنَهُمْ لَمْ يَصِحَّ وَالْفَيْلَجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَعَلَيْهِ ثَمَنُ الْوَرَقِ وَأُجْرَةُ الْعَمَلِ وَلَوْ اشْتَرَكُوا فِي الْبَذْرِ أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ الدُّودِ مِنْ صَاحِبِهِ لَا يَشْتَرِكُونَ فِي الْفَيْلَجِ، وَلَا نَظَرَ إلَى التَّفَاوُتِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الدُّودِ كَمَا لَا يَنْظُرُ فِي الْبَذْرِ الْمُشْتَرِكِ إلَى التَّفَاوُتِ فِيمَا يَنْبُتُ وَمَا لَا يَنْبُتُ قَالَ الْقَاضِي فِي الْفَتَاوَى: وَلَوْ عَقَدَ الشِّرْكَةَ عَلَى أَنَّ مِنْ أَحَدِهِمَا الْعَمَلَ، وَمِنْ الْآخَرِ الْوَرَقُ لَمْ يَصِحَّ، وَالْفَيْلَجُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى صَاحِبِ الْوَرَقِ نِصْفُ أُجْرَةِ الْعَمَلِ وَعَلَى الْعَامِلِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَرَقِ فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا وَالْوَرَقُ بَيْنَهُمَا صَحَّ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْوَرَقِ أَوْ فِي الْعَمَلِ رَجَعَ صَاحِبُ الزِّيَادَةِ بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ صَحَّتْ الشِّرْكَةُ، وَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا بِغِرَاسٍ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْغِرَاسُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: وَلَيْسَ هَذَا شِرْكَةً وَلَا قِرَاضًا فَتَكُونُ الْأَرْضُ لِرَبِّهَا، وَالْغِرَاسُ لِلْعَامِلِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ أُجْرَةُ أَرْضِهِ فَإِنْ طَالَبَهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِالْقَلْعِ فَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِهِ لَزِمَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَنْقُصُ فَلِرَبِّهَا مُطَالَبَتُهُ بِهِ، وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى إبْقَاءِ الْغِرَاسِ بِأُجْرَةٍ فَذَاكَ، وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: اقْلَعْ غِرَاسَكَ، وَعَلَيَّ مَا نَقَصَ وَقَالَ رَبُّ الْغِرَاسِ: أُقِرُّهُ بِالْأُجْرَةِ قَدَّمْنَا قَوْلَ رَبِّ الْأَرْضِ.
وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْغِرَاسِ: اقْلَعْ وَعَلَيْك مَا نَقَصَ، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: أُقِرُّهُ بِالْأُجْرَةِ قَدَّمْنَا قَوْلَ صَاحِبِ الْغِرَاسِ وَيُقَالُ لِلْآخَرِ: إنْ اخْتَرْت أَنْ تُقِرَّهُ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَإِلَّا فَاقْلَعْ وَعَلَيْك مَا نَقَصَ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: أُعْطِيك قِيمَةَ الْغِرَاسِ، فَقَالَ رَبُّ الْغِرَاسِ: اقْلَعْ وَعَلَيْك مَا نَقَصَ أَجَبْنَاهُ، وَلَوْ قَالَ الْغَارِسُ: أَعْطِنِي قِيمَةَ غِرَاسِي، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: بَلْ اقْلَعْ وَعَلَيَّ مَا نَقَصَ أَجَبْنَاهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ وَالْأُجْرَةِ، فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: خُذْ الْقِيمَةَ فَيَكُونُ الْكُلُّ لِي، وَقَالَ الْغَارِسُ: بَلْ أُقِرُّهُ وَلَك الْأُجْرَةُ أَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: أَعْطِنِي الْأُجْرَةَ وَأُقِرُّهُ، وَقَالَ: بَلْ أَعْطِنِي الْقِيمَةَ، وَيَكُونُ الْكُلُّ لَك لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَطْلُبُهُ الْآخَرُ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْغِرَاسِ زَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ مُطَالَبَتُهُ بِقَلْعِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَى الْحَصَادِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ بِاتِّفَاقِهِمْ فِي الْقِرَاضِ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ إلَّا حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحِ وَهُوَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ إذَا لَمْ يَتْلَفْ الْمَالُ فِي يَدِهِ بِآفَةٍ فَإِنْ تَلِفَ بِهَا فِي يَدِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَكَذَا الْعَامِلُ فِي الْفَاسِدِ وَمِثْلُهُ الْعَامِلُ فِي الْجَعَالَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَطْلُوبُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ، فَلَوْ رُدَّ الْآبِقُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَمَاتَ عَلَى بَابِ دَارِ مَالِكِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ كَمَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمْ تَلِفَتْ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً تَحْتَ أَيْدِيهِمْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَهَا إذَا حَصَلَ لَهُ نَفْعٌ بِالزَّرْعِ لِدُخُولِ مَنْفَعَتِهِمْ بِوَاسِطَتِهِ فِي ضَمَانِهِ