الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَالْحُصُرِ فِي ذَلِكَ نُحَاتَةُ الْخَشَبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) يُبَاعُ (جِذْعُهُ الْمُنْكَسِرُ إنْ تَعَذَّرَ جَعْلُهُ بَابًا وَنَحْوَهُ وَجِدَارُ دَارِهِ الْمُنْهَدِمِ كَذَلِكَ) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُهُ إنْ تَعَذَّرَ بِنَاؤُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْجِدَارِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدَّارِ (وَالْمُشْرِفُ) مِنْ الْجِذْعِ، أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى التَّلَفِ كَالتَّالِفِ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ (وَيُشْتَرَى بِمَا بِيعَ) بِهِ (مِثْلُهُ) وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَاَلَّذِي أَفْتَيْت بِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَرْضِ الْمَسْجِدِ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي سَقِيفَةٍ، أَوْ طَبْخِ جِصٍّ، أَوْ آجُرٍّ لِلْمَسْجِدِ، وَالتَّقْيِيدُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدَارِ الْمَسْجِدِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِهِ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا تُبَاعُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَارِقًا بِأَنَّ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى غَيْرِهِ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْبُطُونِ الْمُتَأَخِّرَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَدَارُ الْمَسْجِدِ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ، وَالْمَقْصُودُ بِهَا مَصْلَحَتُهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لَهُ فِي بَيْعِهَا جَازَ وَلَا مَصْلَحَةَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي فِي بَيْعِهَا لِمَصْلَحَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، وَفِي فَرْقِهِ نَظَرٌ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِهَا مُطْلَقًا وَنَقَلَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ مَنْعَ بَيْعِهَا، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ مَوْجُودَةٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ إذْ جَوَازُ الْبَيْعِ يُؤَدِّي إلَى مُوَافَقَةِ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِبْدَالِ لَكِنْ فِي اسْتِدْلَالِهِ بِأَنَّ الْأَرْضَ مَوْجُودَةٌ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَائِلَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ إنَّمَا يَقُولُهُ فِي الْبِنَاءِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِتَعْبِيرِهِ بِالْجِدَارِ (وَإِنْ تَعَطَّلَ مَسْجِدٌ بِتَعْطِيلِ الْبَلَدِ) أَوْ انْهَدَمَ (لَمْ يُنْقَضْ) فَلَا يَبْطُلُ وَقْفُهُ وَلَا يَعُودُ مِلْكًا بِحَالٍ (لِإِمْكَانِ الصَّلَاةِ فِيهِ) وَلِإِمْكَانِ عَوْدِهِ كَمَا كَانَ وَكَالْعَبْدِ إذَا عَتَقَ ثُمَّ زَمِنَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَتُصْرَفُ غَلَّةُ وَقْفِهِ حِينَئِذٍ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَبِهِ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ إنَّهُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ أَيْ فَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ وَحَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَجْهًا وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهَا تُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ مَسْجِدٍ آخَرَ وَمَصَالِحِهِ لَكَانَ أَقْرَبَ، ثُمَّ رَأَيْت الْمُتَوَلِّيَ قَالَ يُصْرَفُ لِأَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ يُحْفَظُ لِتَوَقُّعِ عَوْدِهِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي غَلَّةِ وَقْفِ الثَّغْرِ (فَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ نَقْضٌ نُقِضَ وَبَنَى الْحَاكِمُ بِهِ) أَيْ بِنِقْضِهِ (مَسْجِدًا) آخَرَ (إنْ رَأَى ذَلِكَ) وَإِلَّا حَفِظَهُ (وَ) بِنَاؤُهُ (بِقُرْبِهِ أَوْلَى لَا) أَيْ بَنَى بِهِ مَسْجِدًا لَا (بِئْرًا كَعَكْسِهِ) أَيْ كَبِئْرٍ خَرِبَتْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَبْنِي بِنِقْضِهَا بِئْرًا أُخْرَى لَا مَسْجِدًا وَيُرَاعِي غَرَضَ الْوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ أَمَّا إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ النَّقْضُ فَلَا يُنْقَضُ.
(فَرْعٌ غَلَّةُ وَقْفِ الثَّغْرِ)
وَهُوَ الطَّرَفُ الْمُلَاصِقُ مِنْ بِلَادِنَا بِلَادَ الْكُفَّارِ إذَا اتَّسَعَتْ خِطَّةُ الْإِسْلَامِ حَوْلَهُ وَحَصَلَ فِيهِ الْأَمْنُ (تُحْفَظُ) أَيْ يَحْفَظُهَا النَّاظِرُ (فِي) زَمَنِ (الْأَمْنِ) لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ ثَغْرًا (وَيَدَّخِرُ مِنْ زَائِدِ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ) عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (مَا يَعْمُرُهُ بِتَقْدِيرِ هَدْمِهِ وَيَشْتَرِي لَهُ بِالْبَاقِي عَقَارًا) وَيَقِفُهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهُ (لَا) بِشَيْءٍ (مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَى عِمَارَتِهِ) لِأَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ عَلَيْهَا (وَتُقَدَّمُ عِمَارَةٌ عَلَى حَقِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ الْوَقْفِ (وَيَجُوزُ إنْ اُحْتِيجَ) إلَى النَّقْلِ (نَقْلُ قَنْطَرَةٍ) مَوْقُوفٍ عَلَيْهَا (عُطِّلَ الْوَادِي مَكَانَهَا) فَلَوْ وَقَفَ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَأُغْرِقَ الْوَادِي وَتَعَطَّلَتْ الْقَنْطَرَةُ وَاحْتِيجَ إلَى قَنْطَرَةٍ أُخْرَى جَازَ نَقْلُهَا إلَى مَحَلِّ الْحَاجَةِ.
(فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى قَبِيلَةٍ كَالطَّالِبِيِّينَ أَجْزَأَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ عَلِيٍّ وَالثَّانِي مِنْ أَوْلَادِ جَعْفَرٍ وَالثَّالِثُ مِنْ أَوْلَادِ عَقِيلٍ رضي الله عنهم (فَإِنْ قَالَ) وَقَفْت (عَلَى أَوْلَادِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ وَعَقِيلٍ اُشْتُرِطَ ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمْ (وَفِي دُخُولِ مَقَرِّ شَجَرَةٍ وَجِدَارٍ وَقَفَهُمَا) فِي وَقْفِهِمَا (وَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَأَيْت مَنْ صَحَّحَ دُخُولَهُمَا، وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ وَنُقِلَ تَصْحِيحُهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
إمْكَانُ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ بِالصَّرْفِ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حُصُرِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ تُصْرَفُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي فَرْقِهِ نَظَرٌ) فَإِنَّهُ حَمَلَ نُقُولَ الْأَصْحَابِ الْمُصَرِّحَةَ بِمَنْعِ بَيْعِ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ وَإِنْ تَعَطَّلَتْ وَخَرِبَتْ عَلَى غَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِهَا مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْعُ بَيْعِهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتُصْرَفُ غَلَّةُ وَقْفِهِ حِينَئِذٍ إلَى الْفُقَرَاءِ إلَخْ) الَّذِي تَحَرَّرَ لِي أَنَّهُ إنْ تُوُقِّعَ عَوْدُهُ حُفِظَ لَهُ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ صُرِفَ إلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ أَوْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ شَيْخُنَا قَالَهُ الْوَالِدُ.
(فَرْعٌ) يَنْقُلُ الْحَاكِمُ مَا فِي الْمَسْجِدِ الْخَرَابِ مِنْ حُصُرٍ وَقَنَادِيلَ وَنَحْوِهِمَا إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ نَقْضٌ نُقِضَ إلَخْ) فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ إذَا اقْتَضَتْ تَغْيِيرَ بِنَاءِ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ لِزِيَادَةِ رِيعِهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَيْ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ وَقَالَ، السُّبْكِيُّ: الَّذِي أَرَاهُ الْجَوَازَ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُغَيِّرُ مُسَمَّى الْوَقْفِ، الثَّانِي أَنْ لَا يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ عَيْنِهِ بَلْ يَنْقُلَ بَعْضَهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ وَإِنْ اقْتَضَى زَوَالَ شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ لَمْ يَجُزْ، الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ وَعَلَى هَذَا فَفَتْحُ شُبَّاكِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ فِي جِدَارِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لَا يَجُوزُ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْجَامِعِ فِيهِ وَكَذَلِكَ فَتْحُ أَبْوَابِ الْحَرَمِ لَا حَاجَةَ بِهَا وَإِنَّمَا هِيَ لِمَصْلَحَةِ سَاكِنِيهَا فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَبِنَاؤُهُ بِقُرْبِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنَّهُ إذَا خَصَّ الْوَاقِفُ الْمَسْجِدَ بِطَائِفَةٍ وَقُلْنَا: يَخْتَصُّ بِهِمْ أَنْ لَا يُنْقَلَ إلَّا إلَى مَسْجِدٍ خُصَّ بِهِمْ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ نُقِلَ إلَى غَيْرِهِ.
[فَرْعٌ غَلَّةُ وَقْفِ الثَّغْرِ]
(قَوْلُهُ: لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ الْوَقْفِ) بَلْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ نَحْوُ الْمَسْجِدِ، وَالْعَقَارِ إلَى عِمَارَةٍ يُبْدَأُ بِالْعَقَارِ عَلَى الْمَسْجِدِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ أَصْلِهِ.
[فَصْلٌ فِي مَسَائِل تَتَعَلَّق بالوقف]
(قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ) هُوَ الْأَصَحُّ.
(تَنْبِيهٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَاظِرٍ صَرَفَ شَيْئًا كَانَ النُّظَّارُ قَبْلَهُ يَصْرِفُونَهُ مِنْ مُرَتَّبٍ عَلَى وَظَائِفَ لَمْ يَشْرُطْهَا الْوَاقِفُ، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّ النُّظَّارَ أَخْطَئُوا فِي صَرْفِهَا وَأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ هَلْ يُطَالِبُهُ الْوَرَثَةُ بِمَا صَرَفَهُ فِي الْمُدَّةِ
فِي الْأُولَى عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ.
(وَيُصْرَفُ الْمَوْقُوفُ) أَيْ رِيعُ الْمَوْقُوفِ (عَلَى الْمَسْجِدِ) وَقْفًا (مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى عِمَارَتِهِ فِي الْبِنَاءِ وَالتَّجْصِيصِ الْمُحْكَمِ وَالسُّلَّمِ وَالْبَوَارِيِّ) لِلتَّظَلُّلِ بِهَا (وَالْمَكَانِسِ) لِيُكْنَسَ بِهَا (وَالْمَسَاحِي) لِيُنْعَلَ بِهَا التُّرَابُ (وَ) فِي (ظُلَّةٍ تَمْنَعُ إفْسَادَ خَشَبِ الْبَابِ) بِمَطَرٍ وَنَحْوِهِ (إنْ لَمْ تَضُرَّ بِالْمَارَّةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لِحِفْظِ الْعِمَارَةِ (وَ) فِي (أُجْرَةِ الْقَيِّمِ لَا الْمُؤَذِّنِ، وَإِمَامٍ وَحُصُرٍ وَدُهْنٍ) لِأَنَّ الْقَيِّمَ بِحِفْظِ الْعِمَارَةِ بِخِلَافِ الْبَاقِي عَلَى مَا يَأْتِي (إلَّا) الْأُولَى لَا (إنْ كَانَ الْوَقْفُ لِمَصَالِحِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (فَيُصْرَفُ) مِنْ رِيعِهِ فِي ذَلِكَ (لَا فِي التَّزْوِيقِ وَالنَّقْشِ بَلْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ هُوَ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُصْرَفُ لَهُمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْمَسْجِدِ (وَلَا يُصْرَفُ لِحَشِيشِ السَّقْفِ مَا) عُيِّنَ (لِحَشِيشِ الْحُصُرِ وَ) لَا (عَكْسُهُ) وَالْمَوْقُوفُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يُصْرَفُ إلَى اللُّبُودِ وَلَا عَكْسُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيُصَدَّقُ النَّاظِرُ فِي إنْفَاقٍ مُحْتَمَلٍ) أَيْ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَهُ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ حَلَّفَهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إنْفَاقُهُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْعِمَارَةِ وَفِي مَعْنَاهُ الصَّرْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ إنْفَاقِهِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ.
(وَلِأَهْلِ الْوَقْفِ الْمُهَايَأَةُ) فِي الْمَوْقُوفِ (لَا قِسْمَتُهُ) وَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ شَرْطٍ لَا وَاقِفٍ وَلِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ مَنْ بَعْدَهُمْ (وَلَا تَغْيِيرُهُ) عَنْ هَيْئَتِهِ (كَجَعْلِ الْبُسْتَانِ دَارًا) أَوْ حَمَّامًا (إلَّا إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْعَمَلَ بِالْمَصْلَحَةِ) فَيَجُوزُ التَّغْيِيرُ بِحَسَبِهَا عَمَلًا بِشَرْطِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُغَيِّرُ مُسَمَّى الْوَقْفِ وَأَنْ لَا يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ عَيْنِهِ بَلْ يَنْقُلَ نِقْضَهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ وَأَنْ تَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ وَعَلَيْهِ فَفَتْحُ شُبَّاكِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ فِي جِدَارِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لَا يَجُوزُ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْجَامِعِ فِيهِ وَكَذَا فَتْحُ أَبْوَابِ الْحَرَمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةِ السُّكَّانِ (وَإِنْ انْقَلَعَتْ أَشْجَارُهُ) أَيْ الْوَقْفِ، أَوْ انْهَدَمَ بِنَاؤُهُ (أُجِّرَتْ) بِمَعْنَى، أَوْ أُجِّرَتْ (أَرْضُهُ) لِمَا لَا يُرَادُ دَوَامُهُ كَزَرْعِهَا وَضَرْبِ خِيَامٍ فِيهَا، أَوْ لِمَا يُرَادُ دَوَامُهُ كَغَرْسٍ وَشُرِطَ قَلْعُهُ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ (وَغُرِسَتْ) أَيْ الْأَرْضُ، أَوْ بُنِيَتْ (بِأُجْرَتِهَا) الْحَاصِلَةِ بِإِيجَارِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ.
(وَلِلنَّاظِرِ الِاقْتِرَاضُ) فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ الْإِنْفَاقُ) عَلَيْهَا (مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ) وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقْرِضَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِرَاضُ دُونَ إذْنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ مِمَّا قَبْلَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْحَاكِمِ فِي الِاقْتِرَاضِ لَا سِيَّمَا فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ وَمَالَ إلَيْهِ غَيْرُهُ تَشْبِيهًا لِلنَّاظِرِ بِوَلِيِّ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ يَقْتَرِضُ دُونَ إذْنِ الْحَاكِمِ.
(وَالْوَقْفُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَعْمَلَ كُوزَ الْمَاءِ) الْمُسَبَّلَ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا وُقِفَ لَهُ فَتَلِفَ (ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ فَتَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ (وَإِنْ انْكَسَرَ الْمِرْجَلُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالْجِيمِ أَيْ الْقِدْرُ بِلَا تَعَدٍّ (فَإِنْ تَطَوَّعَ) بِأَنْ تَطَوَّعَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (بِإِصْلَاحِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا أُعِيدَ صَغِيرًا بِبَعْضِهِ) وَأُنْفِقَ الْبَاقِي مِنْهُ عَلَى إصْلَاحِهِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) اتِّخَاذُهُ مِرْجَلًا (فَقَصْعَةً، أَوْ مِغْرَفَةً) أَوْ نَحْوَهَا اُتُّخِذَ (وَلَا حَاجَةَ إلَى إنْشَاءِ وَقْفِهِ) فَإِنَّهُ عَيْنُ الْمَوْقُوفِ وَكُلُّ مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ كَانَ أَوْلَى فَإِنْ تَعَذَّرَ اتِّخَاذُ شَيْءٍ مِنْ نَوْعِهِ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يُمْكِنُ.
(وَيَدْخُلُ فِي) الْوَقْفِ عَلَى (الْفُقَرَاءِ) الْفُقَرَاءُ (الْغُرَبَاءُ وَأَهْلُ الْبَلَدِ) أَيْ فُقَرَاءُ أَهْلِهَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْمَاضِيَةِ قَبْلَ تَبَيُّنِ الْحَالِ فَأَجَابَ بِأَنَّ نَاظِرَ الْوَقْفِ الصَّارِفَ لِلْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ لَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، وَالْوَكِيلِ، وَعَدْلِ الرَّهْنِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ مَنْ ذُكِرَ لَيْسَتْ عَامَّةً بِخِلَافِ نُظَّارِ الْأَوْقَافِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالنَّاظِرُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ، وَالْحَاكِمُ لَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ مُطَالَبَتُهُ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: فَأَجَابَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ: بِأَنَّ نَاظِرَ الْوَقْفِ إلَخْ بِخَطِّ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ شَيْخُنَا: يَتَّجِهُ إلْحَاقُ الدُّهْنِ، وَالْحُصُرِ بِذَلِكَ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ فِي الِاسْتِدْرَاكِ لِلْعِلْمِ بِهِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ اتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ حَلَّفَهُ) أَيْ وُجُوبًا عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ - لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ - فَأَنْكَرَ حَلَّفَهُ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) قَالَ الْقَاضِي شُرَيْحٌ: إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ صَرْفَ الْغَلَّةِ فِي مَصَارِفِهَا الْمَشْرُوعَةِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَادَّعَوْا أَنَّهُمْ لَمْ يَقْبِضُوا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَإِنْ كَانَ لِأَقْوَامٍ مُعَيَّنِينَ ثَبَتَ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالْحِسَابِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُعَيَّنِينَ فَهَلْ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَتُهُ بِالْحِسَابِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا جَدِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ الْمُطَالَبَةُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ظُهُورِ رِيبَةٍ أَوْ تُهْمَةٍ لَا مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَنُّتِ مِنْ غَيْرِ مُقْتَضٍ وَقَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ الْمُطَالَبَةُ هُوَ الْأَصَحُّ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَتْحُ شُبَّاكِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ فِي جِدَارِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا قَالَهُ مِنْ مَنْعِ فَتْحِ بَابٍ مِنْ أَحَدِ الْمَسَاجِدِ إلَى الْآخِرِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ الْوَجْهُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ الْمُتَّصِلَةَ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْقُدْوَةِ وَغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِرَاضُ دُونَ إذْنِهِ) اُسْتُشْكِلَ وَقِيلَ: لِمَ لَا يَقْتَرِضُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الِاقْتِرَاضِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ إثْبَاتُ دَيْنٍ فِي جِهَةِ الْوَقْفِ يَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ الْبُطُونِ وَنَحْوِهِمْ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ النَّاظِرُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَهُ النَّظَرُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَاحْتِيجَ إلَى مَنْ لَهُ النَّظَرُ عَلَى الْجَمِيعِ وَهُوَ الْحَاكِمُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ الِاسْتِقْرَاضُ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ