الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مِلَلًا) مُخْتَلِفَةً (جُعِلَ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ ادَّعَى ذِمِّيٌّ) أَوْ نَحْوُهُ (نَسَبَهُ لَحِقَهُ) وَتَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ وَارْتَفَعَ مَا كُنَّا ظَنَنَّاهُ إذْ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ كُفْرُ وَلَدِ الْكَافِرِ (لَكِنْ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) بِذَلِكَ (لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ) وَإِنْ لَحِقَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ مُسْلِمَةٍ وَلِأَنَّهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَلَا يُغَيَّرُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى كَمَا فِي إسْلَامِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ وَصَفَ الْمُمَيِّزُ الْإِسْلَامَ، ثُمَّ إذَا بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ قُرِّرَ لَكِنَّهُ يُهَدَّدُ لَعَلَّهُ يُسْلِمُ (وَيُنْفَقُ عَلَى) اللَّقِيطِ (الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ) إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إذْ لَا وَجْهَ لِتَضْيِيعِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَعُنَا بِالْجِزْيَةِ إذَا بَلَغَ هَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الْمَنْعُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ مَصْرُوفٌ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْمُشْرِكِينَ فَعَلَيْهِ إنْ تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِنَفَقَتِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا جَمَعَ الْإِمَامُ أَغْنِيَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَقَسَّطَ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِمْ قَرْضًا يَرْجِعُونَ بِهَا.
(فَصْلٌ: يَصِحُّ الْإِسْلَامُ) أَيْ مُبَاشَرَتُهُ مِنْ مُكَلَّفٍ (بِالنُّطْقِ) لِلنَّاطِقِ (وَالْإِشَارَةِ لِلْعَاجِزِ) عَنْ النُّطْقِ (لَا مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ وَلَوْ مُمَيِّزًا) كَسَائِرِ الْعُقُودِ قَالُوا وَلَا تُقَاسُ صِحَّتُهُ مِنْ الْمُمَيِّزِ عَلَى صِحَّةِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ مِنْهُ لِأَنَّهَا تَقَعُ مِنْهُ نَفْلًا، وَالْإِسْلَامُ لَا يُتَنَفَّلُ بِهِ وَأَمَّا صِحَّةُ إسْلَامِ عَلِيٍّ رضي الله عنه مَعَ صِغَرِهِ فَأُجِيبَ عَنْهَا بِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا صَارَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْبُلُوغِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فِي عَامِ الْخَنْدَقِ أَمَّا قَبْلَهَا فَكَانَتْ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ، وَإِذَا لَمْ نُصَحِّحْ إسْلَامَهُ فَلَا نَمْنَعُهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ (وَيَدْخُلُ الْمُمَيِّزُ بِهِ) أَيْ بِإِسْلَامِهِ مُبَاشَرَةً (الْجَنَّةَ) قَطْعًا (إذَا أَسَرَّهُ كَمَا أَظْهَرَهُ) وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا وَفِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ إذَا مَاتُوا وَلَمْ يَتَلَفَّظُوا بِالْإِسْلَامِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَيْضًا كَمَا مَرَّ (وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبَوَيْهِ) وَأَهْلِهِ الْكُفَّارِ (اسْتِحْبَابًا) لِئَلَّا يَفْتِنُوهُ وَطَمَعًا فِي أَنْ يَثْبُتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى مَا وَصَفَهُ (فَإِنْ بَلَغَ كَافِرًا) بِأَنْ وَصَفَ الْكُفْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ (هُدِّدَ) وَطُولِبَ بِالْإِسْلَامِ (فَإِنْ أَصَرَّ رُدَّ إلَيْهِمَا) .
(فَصْلٌ: وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ صَغِيرٍ وَذِي جُنُونٍ وَلَوْ طَرَأَ) جُنُونُهُ (فِي الْكِبَرِ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ وَكَذَا لِسَائِرِ أُصُولِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وَارِثِينَ (كَجَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ لِأَبٍ، أَوْ أُمٍّ، وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ حَيًّا) سَوَاءٌ أَسْلَمُوا قَبْلَ الْعُلُوقِ أَمْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جُزْءٌ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِوَسَطٍ وَلِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لِلْفَرْعِيَّةِ وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِمَا ذُكِرَ، فَإِنْ قُلْتَ إطْلَاقُ ذَلِكَ يَقْتَضِي إسْلَامَ جَمِيعِ الْأَطْفَالِ بِإِسْلَامِ جَدِّهِمْ آدَمَ عليه السلام قُلْت أَجَابَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَدٍّ يُعْرَفُ النَّسَبُ إلَيْهِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا التَّوَارُثُ وَبِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ فِي الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ حُكْمٌ جَدِيدٌ لِخَبَرِ «وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ» .
(فَصْلٌ)
فِي تَبَعِيَّةِ السَّابِي (وَإِنْ سَبَى مُسْلِمٌ لَا ذِمِّيٌّ صَبِيًّا) أَوْ مَجْنُونًا (دُونَ) أَحَدِ (أَبَوَيْهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي) لِأَنَّهُ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْهُ فَتَبِعَهُ كَالْأَبِ قَالَ الْإِمَامُ: وَكَأَنَّ السَّابِيَ لَمَّا أَبْطَلَ حُرِّيَّتَهُ قَلَبَهُ قَلْبًا كُلِّيًّا فَعُدِمَ عَمَّا كَانَ وَافْتُتِحَ لَهُ وُجُودٌ تَحْتَ يَدِ السَّابِي وَوِلَايَتِهِ فَأَشْبَهَ تَوَلُّدَهُ -.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
كَوْنِ الْمُسْلِمِ بِهَا وَقْتَ إمْكَانِ الْعُلُوقِ أَمَّا لَوْ طَرَقَهَا مُسْلِمٌ، ثُمَّ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا وُجِدَ فِيهَا مَنْبُوذٌ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالسُّكْنَى ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِيطَانَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ مَنْ انْقَطَعَ عَنْهُ حُكْمُ السَّفَرِ كَالسَّاكِنِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُ بَعْضَ يَوْمٍ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَهِدَتْ بِهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبُ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَسْلِيمُهُ لِمُسْلِمٍ.
[فَصْلٌ مُبَاشَرَة الْإِسْلَامُ مِنْ مُكَلَّفٍ بِالنُّطْقِ]
(قَوْلُهُ: وَصَبِيٍّ) لِأَنَّ نُطْقَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ إمَّا خَبَرٌ أَوْ إنْشَاءٌ فَإِنْ كَانَ خَبَرًا فَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ، أَوْ إنْشَاءً فَكَعُقُودِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَحْكَامَ إلَخْ) وَبِأَنَّهُ كَانَ بَالِغًا عِنْدَ إسْلَامِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ) قَالَ لِشَيْخِنَا فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ الْمُمَيِّزُ بِهِ الْجَنَّةَ إلَخْ) قَالَ الْجَارْبُرْدِيُّ: وَيَرِدُ فِي خَاطِرِي أَنَّ الْجَوَابَ أَنْ يُقَالَ اعْتِبَارُ الْقَوْلِ إنَّمَا هُوَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ
إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا
…
جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلَا
وَإِذَا كَانَ اعْتِبَارُهُ لِدَلَالَةِ مَا فِي الْقَلْبِ وَغَيْرُ الْبَالِغِ لَا يَدُلُّ كَلَامُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ الْقَلْبِ؛ إذْ لَا اعْتِدَادَ بِإِخْبَارِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ قَلْبُهُ مُوَافِقًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ سِرٌّ لَا نَعْلَمُهُ وَلَمَّا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مُطَّلِعًا عَلَى ضَمِيرِهِ وَكَانَ مُوَافَقَةُ قَلْبِهِ لِلِسَانِهِ مَعْلُومًا عِنْدَهُ تَعَالَى كَانَ فَائِزًا بِالْجَنَّةِ لَا مَحَالَةَ.
[فَصْلٌ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ صَغِيرٍ وَذِي جُنُونٍ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ]
(قَوْلُهُ: تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ إلَخْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ» فَجَعَلَ مُوجِبَ كُفْرِهِ كُفْرَهُمَا جَمِيعًا وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ فِي إسْلَامِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِسَائِرِ أُصُولِهِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ أَحَدَ أُصُولِهِ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ زَنَى بِكَافِرَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى أَصْلًا؛ إذْ يَصِحُّ وَيَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْعَلَائِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ إنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَوْلُهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جُزْءٌ مِنْ مُسْلِمٍ) هَذِهِ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَ الْأَبُ مُسْلِمًا أَوْ الْأُمُّ وَقُلْنَا الْوَلَدُ مِنْ مَائِهِمَا فَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّهُ مِنْ الرَّجُلِ فَقَطْ فَلَا. .
[فَصْلٌ تَبَعِيَّةِ السَّابِي وَإِنْ سَبَى مُسْلِمٌ لَا ذِمِّيٌّ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا دُونَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ]
(قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ السَّابِيَ لَمَّا أَبْطَلَ حُرِّيَّتَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْمَسْبِيُّ عَبْدًا فَهَلْ نَقُولُ يَتْبَعُ السَّابِيَ فِي الْإِسْلَامِ كَالْمَسْبِيِّ الْحُرِّ أَمْ نَقُولُ لَا يَتْبَعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ رِقٌّ يَقْلِبُهُ إلَى تَبَعِيَّةِ السَّابِي هَذَا مُحْتَمَلٌ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ النَّاشِرِيُّ قَدْ يُقَالُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ
بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّابِي عَاقِلًا أَمْ مَجْنُونًا بَالِغًا أَمْ صَغِيرًا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الذِّمِّيِّ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ وَلَا فِي أَوْلَادِهِ فَكَيْفَ يُؤَثِّرُ فِي مُسَبَّبِهِ وَلِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الدَّارِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَلَا نَسَبُهُ نَعَمْ هُوَ عَلَى دِينِ سَابِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ سَبَاهُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ (فَإِنْ سُبِيَ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فِي جَيْشٍ وَاحِدٍ تَبِعَهُ فِي دِينِهِ) وَإِنْ اخْتَلَفَ سَابِيهِمَا لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ السَّابِي فَكَانَ أَوْلَى بِالِاسْتِتْبَاعِ وَلَا يُؤَثِّرُ مَوْتُ الْأَصْلِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إنَّمَا تَثْبُتُ فِي ابْتِدَاءِ السَّبْيِ (وَإِنْ سَبَى الذِّمِّيُّ الصَّبِيَّ، أَوْ) الْمَجْنُونَ (وَبَاعَهُ، أَوْ بَاعَهُ السَّابِي الْمُسْلِمُ) وَلَوْ (دُونَ أَبَوَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ) فِيهِمَا (لَمْ يَتْبَعْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (لِفَوَاتِ الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ التَّبَعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَثْبُتُ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ وَلَمْ تَثْبُتْ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ بَيْعِ السَّابِي الْمُسْلِمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ بَلَغَ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي، أَوْ لِلْأَبَوَيْنِ كَافِرًا) بِأَنْ وَصَفَ الْكُفْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ (فَمُرْتَدٌّ) لَا كَافِرٌ أَصْلِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ مَجْزُومٌ بِهِ لِكَوْنِهِ عَلَى عِلْمٍ مِنَّا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ بِخِلَافِهِ فِي تَابِعِ الدَّارِ كَمَا سَيَأْتِي لِبِنَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهَا.
فَإِذَا أَعْرَبَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ تَبَيَّنَ خِلَافُ مَا ظَنَنَّاهُ كَمَا لَوْ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالرِّقِّ يُقْبَلُ، وَإِنْ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ (وَلَا تُنْقَضُ الْأَحْكَامُ الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِرِدَّتِهِ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ) حَتَّى لَا يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ تَرِكَةِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَلَا يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَةِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ مَا حَرَمْنَاهُ مِنْهُ، وَلَا يُحْكَمَ بِأَنَّ إعْتَاقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَمْ يَقَعْ مُجْزِئًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ (فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ) بِشَيْءٍ (لَمْ يُنْقَضْ مَا حُكِمَ بِهِ مِنْ) أَحْكَامِ (إسْلَامِهِ فِي الصِّبَا) لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ (وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَبَلَغَ وَأَفْصَحَ بِالْكُفْرِ فَأَصْلِيٌّ) لَا مُرْتَدٌّ فَيُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ، وَيُنْقَضُ مَا أَمْضَيْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ مِنْ إرْثِهِ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَمَنْعِ إرْثِهِ مِنْ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَجَوَازِ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ إنْ كَانَ رَقِيقًا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَى فِي الصِّغَرِ، أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْكُفْرِ (وَإِنْ لَمْ يُفْصِحْ بِشَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْكُفْرِ (أُمْضِيَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ) أَيْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ (الْجَارِيَةُ فِي الصِّبَا) أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ كَمَا فِي الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبِيهِ.
(الْحُكْمُ الثَّانِي الْجِنَايَةُ) مِنْهُ وَعَلَيْهِ (فَإِنْ جَنَى اللَّقِيطُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فَمُوجَبُهَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ (فِي بَيْتِ الْمَالِ) إذْ لَيْسَ لَهُ عَاقِلَةٌ خَاصَّةٌ وَمَالُهُ إذَا مَاتَ مَصْرُوفٌ إلَيْهِ (أَوْ عَمْدًا وَهُوَ بَالِغٌ) عَاقِلٌ (اُقْتُصَّ مِنْهُ) بِشَرْطِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا عَاقِلًا (فَالدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ كَضَمَانِ مَا أَتْلَفَهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَهِيَ (فِي ذِمَّتِهِ) إلَى أَنْ يَجِدَ فَإِنْ كَانَ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ فَتَرِكَتُهُ فَيْءٌ فَلَا تَكُونُ جِنَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَإِنْ قُتِلَ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحُرِّيَّةِ (تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) كَمَا أَنَّ مَا عَلَيْهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ (وَأَرْشُ طَرَفٍ لَهُ) يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَعْفُوَ) عَنْ قَاتِلِهِ (عَلَى مَالٍ) إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي الْعَفْوِ، وَإِلَّا الْتَحَقَ بِالْحُدُودِ الْمُتَحَتِّمَةِ (لَا مَجَّانًا) لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَ) لَهُ (أَنْ يَقْتَصَّ) مِنْ قَاتِلِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ مَعْصُومٌ (لَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْإِسْلَامِ) بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَلَا يَقْتَصُّ لَهُ صِيَانَةً لِلدَّمِ مَعَ احْتِمَالِ الْكُفْرِ وَلِأَنَّ حُكْمَ التَّبَعِيَّةِ بَطَلَ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِسْلَامُ بِالِاسْتِقْلَالِ فَكَانَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقِصَاصِ (بَلْ تَجِبُ دِيَتُهُ) لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْكُفْرُ بَعْدَهُ وَفَارَقَ عَدَمَ إيجَابِ الْقِصَاصِ بِأَنَّ حَقْنَ الدَّمِ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْمَالِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لَهُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِقَتْلِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الدَّارِ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
إلَى السَّابِي وَتَجَدُّدُ الْمِلْكِ لَهُ بِالسَّبْيِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَحُصُولِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى الْحُرِّ بِالسَّبْيِ فَيَتْبَعُهُ الْعَبْدُ كَمَا يَتْبَعُ الْحُرُّ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَإِذَا سَبَاهُ الذِّمِّيُّ وَحْدَهُ فَهُوَ عَلَى دِينِ سَابِيهِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) أَوْ أُصُولِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ سَابِيهِمَا) فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ سَبَقَ سَبْيُ أَحَدِهِمَا سَبْيَ الْآخَرِ تَبِعَ السَّابِيَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَى الذِّمِّيُّ الصَّبِيَّ إلَخْ) لَوْ سُبِيَ أَبَوَاهُ ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ يَصِرْ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَيَنْتَظِمُ مِنْ هَذَا لُغْزٌ فَيُقَالُ طِفْلٌ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ أَسْلَمَ أَبَوَاهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُمَا فِي الْإِسْلَامِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُمَا لَوْ أَسْلَمَا بِأَنْفُسِهِمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ خَرَجَا إلَيْنَا وَأَسْلَمَا لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِانْفِرَادِهِ عَنْهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِذَلِكَ وَلَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ السَّابِي هَلْ يَتْبَعُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَكَذَا لَوْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ صَغِيرًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَمَلَكَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ هَلْ يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَالظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةً وَكَفَالَةً وَمِلْكًا وَذَلِكَ عِلَّةُ الْإِسْلَامِ فِيمَا إذَا كَانَ السَّابِي مُسْلِمًا. اهـ. وَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِنَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ لَوْ اشْتَرَى الْكَافِرُ عَبْدًا صَغِيرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ السَّيِّدُ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ سَبَى ذِمِّيٌّ صَبِيًّا فَحَمَلَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ؟ وَجْهَانِ. اهـ. . وَأَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَبَلَغَ وَأَفْصَحَ بِالْكُفْرِ فَأَصْلِيٌّ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ فِي الدَّارِ كَافِرٌ، وَإِلَّا فَمُرْتَدٌّ قَطْعًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ.
(قَوْلُهُ: فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) إنَّمَا تُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ فَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهَا تَسْقُطُ وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا إنَّمَا تُؤْخَذُ عِنْدَ فَقْدِ الْعَاقِلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِتُعَادَ إلَيْهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ