الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمُبْهَمَيْنِ وَعَقَّبَهُمَا بِالدِّرْهَمِ مَنْصُوبًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِمُقْتَضَى الْعَطْفِ غَيْرَ أَنَّا نُقَدِّرُهُ فِي صِنَاعَةِ الْإِعْرَابِ تَمْيِيزًا لِأَحَدِهِمَا وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِلْآخَرِ؛ وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ، وَهُوَ يَعُودُ إلَى الْمُتَعَاطِفَاتِ قَبْلَهُ (لَا إنْ خَفَضَهُ أَوْ رَفَعَهُ) أَوْ سَكَّنَهُ فَلَا يَتَكَرَّرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ تَمْيِيزًا لِمَا قَبْلَهُ، وَإِنْ صَلَحَ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِغَيْرِهِ وَالْمَعْنَى فِي الرَّفْعِ هُمَا دِرْهَمٌ وَالْخَفْضُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ بِالْفَاءِ إذَا أَرَادَ بِهَا كَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ وَلَوْ قَالَ كَذَا بَلْ كَذَا فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَالثَّانِي شَيْئَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسُوغُ رَأَيْت زَيْدًا بَلْ زَيْدًا إذَا عَنَى الْأَوَّلَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ إذَا عَنَى غَيْرَهُ وَذِكْرُ ثُمَّ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ.
(فَصْلٌ) وَلَوْ (قَالَ لَهُ) عَلَيَّ (خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ) ؛ لِأَنَّهُمَا اسْمَانِ جُعِلَا اسْمًا وَاحِدًا فَالدِّرْهَمُ تَفْسِيرٌ لَهُ (أَوْ) قَالَ (لَهُ) عَلَيَّ (أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ فَالْأَلْفُ مُجْمَلٌ) فَلَهُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الدِّرْهَمِ أَوْ الثَّوْبِ مِنْ الْمَالِ كَأَلْفِ فَلْسٍ كَمَا فِي عَكْسِهِ، وَهُوَ دِرْهَمٌ وَأَلْفٌ أَوْ ثَوْبٌ وَأَلْفٌ؛ وَلِأَنَّ الْعَطْفَ إنَّمَا وُضِعَ لِلزِّيَادَةِ وَلَمْ يُوضَعْ لِلتَّفْسِيرِ نَعَمْ لَوْ قَالَ أَلْفٌ وَدِرْهَمُ فِضَّةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ أَيْضًا فِضَّةً لِلْعَادَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ.
(وَلَوْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا) أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا (أَوْ أَلْفٌ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّرْهَمَ تَمْيِيزًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ بِمُقْتَضَى الْعَطْفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الدِّرْهَمَ أَوْ نَصَبَهُ فِي الْأَخِيرَةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ اللَّحْنُ وَأَنَّهُ لَوْ رَفَعَهُ أَوْ نَصَبَهُ فِيهَا لَكِنْ مَعَ تَنْوِينَ نِصْفٍ أَوْ رَفْعِهِ أَوْ خَفْضِهِ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ لَزِمَهُ مَا عَدَّدَهُ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ مَنُونِينَ مَرْفُوعِينَ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (نِصْفٌ وَدِرْهَمٌ فَالنِّصْفُ مُجْمَلٌ) كَالْأَلْفِ فِي لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ وَأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ) أَلْفٌ وَ (ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فَالْكُلُّ دَنَانِيرُ) فِي الْأُولَى (أَوْ ثِيَابٌ) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ، وَقَفِيرُ حِنْطَةٍ فَالْأَلْفُ مُجْمَلٌ) بِخِلَافِهِ فِي لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ تَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلْكُلِّ وَالْحِنْطَةَ لَا تَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ أَلْفُ حِنْطَةٍ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفُ دِرْهَمٍ) حَالَةَ كَوْنِهِمَا (مُنَوَّنَيْنِ مَرْفُوعِينَ وَجَبَ مَا عَدَدُهُ أَلْفٌ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمٌ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهُمَا أَوْ خَفَضَهُمَا مَنُونِينَ أَوْ رَفَعَ الْأَلْفَ مُنَوَّنًا وَنَصَبَ الدِّرْهَمَ أَوْ خَفَضَهُ أَوْ سَكَّنَهُ أَوْ نَصَبَ الْأَلْفَ مُنَوَّنًا رَفَعَ الدِّرْهَمَ أَوْ خَفَضَهُ أَوْ سَكَّنَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الْأَلْفَ أَوْ نَصَبَهُ أَوْ خَفَضَهُ وَلَمْ يُنَوِّنْهُ وَنَصَبَ الدِّرْهَمَ أَوْ رَفَعَهُ أَوْ خَفَضَهُ أَوْ سَكَّنَهُ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَوْ سَكَّنَ الْأَلْفَ، وَأَتَى فِي الدِّرْهَمِ بِالْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ إلَى الْأَوَّلِ أَقْرَبُ.
(فَصْلٌ: الْمُعْتَبَرُ) فِي الدَّرَاهِمِ الْمُقَرِّ بِهَا
(دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ) ، وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنْهَا وَزْنًا مَا لَمْ يُفَسِّرْهَا الْمُقِرُّ بِمَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ كَمَا سَيَأْتِي وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ فِي بَابِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: لَا إنْ خَفَضَهُ أَوْ رَفَعَهُ) فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَالْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَالْإِنْشَاءَ أَقْوَى، وَأَسْرَعُ نُفُوذًا وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّ الْيَوْمَ بِدِرْهَمٍ وَغَدًا بِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ فِي، وَقْتَيْنِ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ. الثَّانِي: أَنَّ الدَّرَاهِمَ يَدْخُلُهَا التَّفْضِيلُ فَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ فَدِرْهَمٌ أَجْوَدُ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأُ أَوْ الطَّلَاقُ لَا يُوصَفُ بِجَوْدَةٍ، وَلَا رَدَاءَةٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي شَيْئَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ.
[فَصْلٌ قَالَ الْمُقِرّ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا]
(فَصْلٌ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدَانِقًا بِالنَّصْبِ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِسَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةِ دَوَانِيقَ قَالَ الْمُتَوَلِّي يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَدَانِقًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا فَإِذَا كَانَ عَطْفًا فَيَقْتَضِي وُجُوبَ زِيَادَةٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرًا لَا يَقْتَضِي إيجَابَ زِيَادَةٍ بَلْ يَكُونُ تَقْدِيرُهُ عَلَيَّ اثْنَا عَشَرَ عَدَدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّوَانِيقِ وَغَايَةُ مَا يُطْلَقُ اسْمُ الدَّوَانِيقِ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا يُسَمَّى دِرْهَمًا فَتُجْعَلُ خَمْسَةٌ مِنْ الْعَدَدِ دَوَانِيقَ تَبْقَى سَبْعَةٌ فَتَكُونُ دَرَاهِمَ فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ ثَمَانِيَةً إلَّا دَانِقًا فَهَذَا الْقَدْرُ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَلَا نُلْزِمُهُ بِالشَّكِّ شَيْئًا (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ أَيْضًا فِضَّةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّرْهَمَ تَمْيِيزًا أَيْ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ كَالْوَصْفِ، وَهُوَ يَعُودُ إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الدِّرْهَمَ أَوْ نَصَبَهُ فِي الْأَخِيرَةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ رَفَعَهُ) أَيْ الدِّرْهَمَ، وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ مَا عَدَدُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نِصْفٌ وَدِرْهَمٌ فَالنِّصْفُ مُجْمَلٌ) ، وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ أَوْ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسٌ فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ فِي الْأَصَحِّ، وَأَمَّا إذَا قَالَ وَسُدُسًا بِالنَّصْبِ فَالْأَصَحُّ كَذَلِكَ أَيْ مِنْ لُزُومِ اثْنَيْ عَشَرَ وَسُدُسِ دِرْهَمٍ، وَلَا يَضُرُّهُ اللَّحْنُ إنْ لَمْ يَكُنْ نَحْوِيًّا، وَإِنْ كَانَ نَحْوِيًّا لَزِمَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا كَأَنَّهُ قَالَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَاثْنَا عَشَرَ سُدُسًا، وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَلْزَمُهُ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ كَأَنَّهُ قَالَ اثْنَيْ عَشَرَ فِي الدَّرَاهِمِ وَالْأَسْدَاسِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ رَأَيْت اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةً تَنْزِيلًا عَلَى النِّصْفِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.
وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِسَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةِ أَسْدَاسِ دِرْهَمٍ تَقْدِيرُهُ اثْنَا عَشَرَ عَدَدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْأَسْدَاسِ، وَغَايَةُ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأَسْدَاسِ خَمْسَةٌ، وَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا سُدُسًا سُمِّيَ دِرْهَمًا فَجَعَلَهُ خَمْسَةً مِنْ الْعَدَدِ أَسْدَاسًا يَبْقَى سَبْعَةٌ فَتَكُونُ دَرَاهِمَ فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ سَبْعَةً وَخَمْسَةَ أَسْدَاسٍ قَالَ هَذَا هُوَ الْمُتَيَقَّنُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا تَلْزَمُهُ بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهُمَا إلَى قَوْلِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الْأَلْفَ إلَى قَوْلِهِ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ.
[فَصْلٌ الْمُعْتَبَرُ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُقَرِّ بِهَا]
(قَوْلُهُ: الْمُعْتَبَرُ دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ) قَدْ ذُكِرَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ النُّقْرَةَ حُرِّرَتْ فَوُجِدَ أَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مِنْهَا يَعْدِلُ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا الْآنَ
(فَإِنْ فَسَّرَهَا) أَيْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا (بِفُلُوسٍ لَمْ يُقْبَلْ) وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ قَبُولُ التَّفْسِيرِ بِهَا، وَإِنْ فَصَلَهُ عَنْ الْإِقْرَارِ إذَا غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا بِبَلَدٍ بِحَيْثُ هُجِرَ التَّعَامُلُ بِالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ عِوَضًا عَنْ الْفُلُوسِ كَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ (أَوْ بِنَاقِصَةٍ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ كَدِرْهَمٍ شَامِيٍّ (أَوْ مَغْشُوشَةٍ وَدَرَاهِمِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْإِقْرَارِ (كَذَلِكَ) أَيْ نَاقِصَةٍ أَوْ مَغْشُوشَةٍ (قُبِلَ مُتَّصِلًا) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ وَالْعُرْفَ يَصْرِفَانِهِ إلَيْهِ (وَكَذَا مُنْفَصِلًا) حَمْلًا عَلَى الْمَعْهُودِ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ فَلَوْ لَمْ يُفَسِّرْهَا وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالصَّوَابُ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ نَقْلِ مَنْ يُخَالِفُهُ. انْتَهَى.
وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَقَضِيَّةُ الثَّانِي خِلَافُهُ (أَوْ) فَسَّرَهَا بِمَا ذُكِرَ وَدَرَاهِمُ الْبَلَدِ (تَامَّةٌ أَوْ نُقْرَةٌ قُبِلَ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا) كَالِاسْتِثْنَاءِ فِيهِمَا؛ وَلِأَنَّ لَفْظَ الدِّرْهَمِ صَرِيحٌ فِيهِ وَضْعًا وَعُرْفًا فَلَا يُقْبَلُ مُنْفَصِلًا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ (أَوْ فَسَّرَهُ) أَيْ مَا أُقِرَّ بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ فَسَّرَهَا (مِنْ الْفِضَّةِ بِجِنْسٍ رَدِيءٍ أَوْ) بِدَرَاهِمَ (سِكَّتُهَا غَيْرُ جَارِيَةٍ فِي) ذَلِكَ (الْبَلَدِ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِجِنْسٍ رَدِيءٍ أَوْ بِمَا لَا يَعْتَادُ أَهْلُ الْبَلَدِ لُبْسَهُ وَيُخَالِفُ تَفْسِيرَهُ بِالنَّاقِصِ لِرَفْعِ بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ حَيْثُ يُحْمَلُ عَلَى سِكَّةِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنْشَاءُ مُعَامَلَةٍ، وَالْغَالِبُ أَنَّهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ تَقَعُ بِمَا يَرُوجُ فِيهَا، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ يُحْتَمَلُ ثُبُوتُهُ بِمُعَامَلَةٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَيُرْجَعُ إلَى إرَادَتِهِ. (وَقَوْلُهُ) لَهُ عَلَيَّ (دُرَيْهِمٌ) بِالتَّصْغِيرِ (أَوْ دِرْهَمٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ كَدِرْهَمٍ) عَارٍ عَلَى ذَلِكَ (وَالْجَمْعُ) الْمَوْصُوفُ بِتَصْغِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ دُرَيْهِمَاتٌ أَوْ دَرَاهِمُ صِغَارٌ أَوْ كِبَارٌ (كَالْجَمْعِ) الْعَارِي عَنْ ذَلِكَ فَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِهِ بِالنَّقْصِ وَغَيْرِهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ وَلَيْسَ التَّقْيِيدُ بِالصِّغَرِ كَالتَّقْيِيدِ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الدِّرْهَمِ صَرِيحٌ فِي الْوَازِنِ وَالْوَصْفُ بِالصِّغَرِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّكْلِ، وَأَنْ يَكُونَ بِالْإِضَافَةِ إلَى غَيْرِهِ وَقِسْ بِذَلِكَ الْوَصْفَ بِغَيْرِ الصِّغَرِ.
(فَرْعٌ: يَجِبُ بِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ ثَلَاثَةٌ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهَا فِي الْوَزْنِ) بَلْ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ زِنَةَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ (وَ) يَجِبُ (بِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (أَقَلُّ عَدَدِ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمَانِ) ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ هُوَ الْمَعْدُودُ، وَكُلُّ مَعْدُودٍ مُتَعَدِّدٌ فَيَخْرُجُ عَنْهُ الْوَاحِدُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَ) يَجِبُ (بِقَوْلِهِ) لَهُ عَلَيَّ (مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدٌ أَنْ تَكُونَ وَازِنَةً بِوَزْنِ الْإِسْلَامِ صِحَاحًا) فَلَا يُقْبَلُ مِائَةٌ بِالْعَدَدِ نَاقِصَةُ الْوَزْنِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْدُ الْبَلَدِ) عَدَدًا (نَاقِصًا فَيُقْبَلُ مِنْهُ) حَمْلًا عَلَى الْمَعْهُودِ (وَ) يَجِبُ فِي إقْرَارِهِ (بِمِائَةٍ عَدَدٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْعَدَدُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مِائَةُ دِرْهَمٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ فَالْقِيَاسُ لُزُومُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ نَاقِصَةٍ إنْ كَانَ عَدَدٌ مَجْرُورًا بِالْإِضَافَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ وَكَذَا إنْ كَانَ مَنْصُوبًا؛ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمِائَةِ، وَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا فَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمِائَةَ مُبْهَمَةٌ وَيَلْزَمُهُ تَفْسِيرُهَا بِمَا لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ عَنْ دِرْهَمَيْنِ عَدَدًا لَا وَزْنًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ أَلْفُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ قَبُولُ التَّفْسِيرِ بِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّنْجَانِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ إنْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَيْسَ لَهُمْ نَقْدٌ إلَّا الْفُلُوسَ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهَا فَإِنْ سَاعَدَهُ النَّقْلُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلِلِاحْتِمَالِ فِيهِ مَجَالٌ، قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْعِرَاقِيِّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَقْلِ مَا يُخَالِفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ دَرَاهِمُ) جَمْعُ كَثْرَةٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ تَفْسِيرُهَا إلَّا بِأَحَدَ عَشَرَ. وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا لَهُ صِيغَتَانِ إحْدَاهُمَا لِلْكَثْرَةِ وَالْأُخْرَى لِلْقِلَّةِ أَمَّا مَا لَا صِيغَةَ لَهُ إلَّا جَمْعَ الْكَثْرَةِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ عَلَى الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَدَرَاهِمُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلِذَا عَمِلُوا الْقِلَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا لَهُ صِيغَتَانِ كَأَفْلُسٍ وَفُلُوسٍ أَنْ يَلْزَمَ فِيهِ أَحَدَ عَشَرَ. وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْمُتَيَقَّنِ مُطْلَقًا كَا (قَوْلِهِ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا فِي الْوَزْنِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِسِتَّةِ دَوَانِيقَ كَمَا فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بِقَوْلِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدٌ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدٌ، وَفِي بَعْضِهَا عَدَدًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَتَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَشَرْحِ التَّلْخِيصِ وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ إلَخْ) ، وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَرْدُودٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ مَعْدُودَةٌ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، وَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ مِائَةٌ مَعْدُودَةٌ أَيْ لَيْسَتْ وَازِنَةً، وَكَتَبَ أَيْضًا اعْتِرَاضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. أَحَدُهُمَا حُكْمُهُ عَلَى عَدَدِ الْمُمَيِّزِ لِلْمِائَةِ بِأَنَّهُ جَمْعٌ أَقَلُّهُ اثْنَانِ حَتَّى يَلْزَمَهُ مِائَتَانِ خَطَأٌ صَرِيحٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمِائَةَ تُمَيَّزُ بِمُفْرَدٍ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ فَعَدَدُ الْمُمَيِّزِ لَيْسَ جَمْعًا دَائِمًا بِمَعْنَى مَعْدُودِ الثَّانِي أَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ بَيْنَ عَدَدِ الْمُمَيِّزِ الْمَنْصُوبِ وَبَيْنَ الْمَجْرُورِ فَرْقًا مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ كَمَا تَقُولُ رِطْلٌ زَيْتًا وَرِطْلُ زَيْتٍ نَعَمْ فَرَّقَ ابْنُ قُتَيْبَةَ بَيْنَ الْمَجْرُورِ وَالْمَنْصُوبِ فِي الظَّرْفِ وَالْمَظْرُوفِ فَقَالَ إذَا قَالَ عِنْدِي ظَرْفٌ عَسَلًا كَانَ إقْرَارًا بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ، وَإِنْ قَالَ ظَرْفُ عَسَلٍ كَانَ إقْرَار بِالظَّرْفِ دُونَ الْمَظْرُوفِ، وَذَلِكَ الْمَعْنَى لَا يَأْتِي هُنَا.
وَأَمَّا اسْتِشْهَادُهُ بِمِائَةِ ثَوْبٍ فَخَارِجٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ ثَوْبًا لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْعَدَدِ الثَّالِثِ، قَوْلُهُ: إنَّهُ إذَا رَفَعَ الْمِائَةَ وَالدِّرْهَمَ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ يَلْزَمُ تَفْسِيرُ الْمِائَةِ بِمَا لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ عَنْ دِرْهَمَيْنِ خَطَأٌ بِنَاءً عَلَى الْفَسَادِ السَّابِقِ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ مِائَةٌ مَعْدُودَةٌ فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ مِائَةٌ مَعْدُودَةٌ أَيْ لَيْسَتْ وَازِنَةً، وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ أَلْفُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ دِرْهَمًا مُفْرَدٌ، وَهُوَ عَطْفُ بَيَانٍ لِلْأَلْفِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَلْفٌ لَا تَنْقُصُ عَنْ دِرْهَمٍ وَتِلْكَ الْأَلْفُ قِيمَتُهَا دِرْهَمٌ