الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ بِقِيمَتِهِ إنْ وَجَدَهُ (فِي الْمَفَازَةِ لَا فِي الْعُمْرَانِ) لِسُهُولَةِ الْبَيْعِ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَفَازَةِ فَقَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ يَشْتَرِي وَيَشُقُّ النَّقْلُ إلَى الْعُمْرَانِ، وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ عِنْدَ اسْتِوَائِهَا فِي الْأَحَظِّيَّةِ أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ الثَّالِثَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ فِي الثَّالِثَةِ كَمَا لَا يَجِبُ فِيمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ عَلَى الظَّاهِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِيهِ وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ عَلَى أَنَّ تَعْلِيلَ الْإِمَامِ يُنَافِي ظَاهِرَ قَوْلِهِمْ لَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ فَوْرًا وَسَيَأْتِي كَلَامُ الْإِمَامِ مَعَ زِيَادَةٍ ثُمَّ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الثَّلَاثِ لَيْسَ تَشَهِّيًا بَلْ عَلَيْهِ فِعْلُ الْأَحَظِّ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ.
(أَمَّا غَيْرُ الْمَأْكُولِ) كَالْجَحْشِ (فَلَهُ فِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ لَا التَّمَلُّكُ فِي الْحَالِ) فَلَا يَتَمَلَّكُهُ إلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا صِغَارَ السِّبَاعِ فَقَطْ لِكَثْرَتِهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ كِبَارِهَا ضَالَّةٌ.
(فَرْعٌ: لَوْ أَمْسَكَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ (وَأَرَادَ الْإِنْفَاقَ) عَلَيْهِ (لِيَرْجِعَ اُشْتُرِطَ إذْنُ الْحَاكِمِ) فِيهِ إنْ وَجَدَهُ ثَمَّ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَشْهَدَ) كَنَظَائِرِهِ (وَلَوْ أَرَادَ بَيْعَ كُلِّهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (فِي الْحَالِ) حَيْثُ جَازَ بِأَنْ كَانَ بَيْعُهَا أَحَظَّ مِنْ إبْقَائِهَا (وَلَمْ يَجِدْ ثَمَّ حَاكِمًا اسْتَقَلَّ بِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ اسْتَأْذَنَهُ) قَالَ الْإِمَامُ وَيَجُوزُ بَيْعُ جُزْءِ الْحَيَوَانِ لِنَفَقَةِ بَاقِيهِ كَبَيْعِ كُلِّهِ وَحَكَى عَنْ شَيْخِهِ احْتِمَالًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَسْتَغْرِقَ نَفْسَهُ وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالثَّانِي هُوَ الْأَوْجَهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الْآتِي قُبَيْلَ الْحُكْمِ الثَّالِثِ (وَلَا يَسْتَقْرِضُ عَلَى الْمَالِكِ) لِذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَحْوِهِ، وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ بِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ أَيْ تَعَسُّرِهِ ثَمَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُكْتَرِي بِخِلَافِهِ هُنَا فَيَمْتَنِعُ الْإِضْرَارُ بِالْمَالِكِ بِلَا ضَرُورَةٍ.
(فَرْعٌ: الضَّالَّةُ) إذَا حَصَلَتْ (فِي يَدِ الْحَاكِمِ
يَسِمُهَا) وَنِتَاجَهَا (بِسِمَةِ الضَّوَالِّ وَيُسَرِّحُهَا فِي الْحِمَى) إنْ كَانَ (فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حِمًى بَاعَهَا) كُلَّهَا وَفِي بَيْعِ بَعْضِهَا مَا مَرَّ (وَيَتَأَنَّى) بِبَيْعِهَا أَيَّامًا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (إنْ تَوَقَّعَ وُصُولَ الْمَالِكِ) أَيْ مَجِيئِهِ فِي طَلَبِهَا (عَلَى قُرْبٍ) بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهَا مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلَانٍ.
(وَلَوْ الْتَقَطَ كَلْبًا) يُقْتَنَى (عَرَّفَهُ سَنَةً) أَوْ مَا يَلِيقُ بِهِ (ثُمَّ اخْتَصَّ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُهُ أَخَذَهُ) إنْ وَجَدَهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَتُعَرَّفُ الْخَمْرُ الْمُحْتَرَمَةُ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَهُوَ مُكَرَّرٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدُ.
(فَصْلٌ: لَا يُلْتَقَطُ إلَّا مَا ضَاعَ بِسُقُوطٍ أَوْ غَفْلَةٍ) عَنْهُ، أَوْ نَحْوِهِمَا
(وَكَانَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ) كَمَوَاتٍ وَشَارِعٍ وَمَسْجِدٍ (وَ) فِي (بَلَدٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ) بِأَنْ يَكُونَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَفِيهَا مُسْلِمُونَ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَلْقَى هَارِبٌ، أَوْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ) مَثَلًا (أَوْ خَلَّفَ مُوَرِّثُهُ وَدِيعَةً وَجَهِلَ الْمَالِكُ) كَذَلِكَ (لَمْ يَتَمَلَّكْهُ بَلْ يُحْفَظُ) لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ (وَمَا وُجِدَ فِي) أَرْضٍ (مَمْلُوكَةٍ فَلِذِي الْيَدِ) فِيهَا فَلَا يُؤْخَذُ لِتَمَلُّكِهِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ. (فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) ذُو الْيَدِ فَلِمَنْ كَانَ ذَا يَدٍ (قَبْلَهُ) وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ (إلَى الْمُحْيِي، ثُمَّ) إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُحْيِي (يَكُونُ لُقَطَةً) كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ مَعَ جَوَابِهِ فِي زَكَاةِ الرِّكَازِ وَمَا وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا مُسْلِمَ فِيهَا (فَغَنِيمَةٌ: الْخُمُسُ مِنْهَا لِأَهْلِهِ، وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ) .
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْقَفَّالُ: وَإِذَا وَجَدَ دِرْهَمًا فِي بَيْتِهِ لَا يَدْرِي أَهُوَ لَهُ، أَوْ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ فَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ لِمَنْ يَدْخُلُ بَيْتَهُ كَاللُّقَطَةِ أَيْ الْمَوْجُودَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ مِمَّا مَرَّ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ الصَّحِيحِ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ الصَّحِيحِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ)
(الْأَوَّلُ فِي الْأَمَانَةِ وَالضَّمَانِ) الْأَوْلَى حَذْفُ " فِي "، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْآخِذِ (فَإِنْ أَخَذَهَا)(لِلْحِفْظِ فَهِيَ أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُهَا لِلْمَالِكِ فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ (فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا)(عَرَّفَهَا مِنْ حِينَئِذٍ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا سَبَقَ) مِنْ تَعْرِيفِهِ لَهَا (فَإِنْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَكَذَا لَوْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ سَلَّمَهَا لَهُ لَزِمَهُ الْقَبُولُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِخِلَافِهِ فِي الْوَدِيعَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ ثَمَّ، وَمَا رُوِيَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ وَجَدَ بَعِيرًا ضَالًّا فَعَرَّفَهُ، ثُمَّ ذَكَرَهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ: إنَّهُ شَغَلَنِي عَنْ صَنْعَتِي قَالَ عُمَرُ أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ضَالَّةٍ لَا يَحِلُّ الْتِقَاطُهَا (فَإِنْ الْتَقَطَهَا بِنِيَّةِ الْخِيَانَةِ.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
لَك يَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهَا إلَيْهِ وَهِيَ تُلَائِمُ الْمِلْكَ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَنَّهَا تَصِيرُ لَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ) لِأَنَّ فِيهَا حِفْظَ الْعَيْنِ عَلَى مَالِكِهَا (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ أَوْلَى مِنْ الثَّالِثَةِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ يَتَوَقَّفُ اسْتِبَاحَةُ الثَّمَنِ فِيهِ عَلَى التَّعْرِيفِ وَفِي الْأَكْلِ تَتَعَجَّلُ الِاسْتِبَاحَةُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ: لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ) قَالَ شَيْخُنَا فَلَا يُعَرِّفُ فِيهَا فَإِذَا جَاءَ الْعُمْرَانَ عَرَّفَهَا (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) قِيَاسًا عَلَى مَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ فَإِنَّ الشَّيْخَيْنِ صَرَّحَا بِاعْتِبَارِ الْغِبْطَةِ فِيهِ، وَإِنْ اعْتَبَرَا هُنَا بِالتَّخْيِيرِ وَقَالَا إنَّ الْخَصْلَةَ الْأُولَى أَوْلَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ وَنَقَلَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ صَرَّحَ بِهِ فِي خَصْلَةِ الْبَيْعِ فَقَالَ يَجُوزُ إنْ كَانَ فِيهِ أَحَظُّ.
[فَرْعٌ أَمْسَكَ الْمُلْتَقِطُ وَأَرَادَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ]
(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَقْرِضُ) قَالَ شَيْخُنَا رُبَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ كَوْنِهِ يُنْفِقُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ كَوْنِهِ قَرْضًا عَلَى الْمَالِكِ بِأَنَّ هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ حِفْظًا لِلرُّوحِ بِخِلَافِ اقْتِرَاضِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ الْمُقْتَرِضَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ قَبْلَ إنْفَاقِهِ فَلَرُبَّمَا تَلِفَ وَيَصِيرُ دَيْنًا مَعَ عَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهِ وَلَا كَذَلِكَ إنْفَاقُهُ هُوَ فَلَا يَصِيرُ دَيْنًا حَتَّى يُنْفِقَهُ فَافْتَرَقَا، كَاتِبُهُ.
[فَرْعٌ الضَّالَّةُ إذَا حَصَلَتْ فِي يَدِ الْحَاكِمِ]
(قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَقَطَ كَلْبًا عَرَّفَهُ سَنَةً) ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ دَائِمَةٌ فَهُوَ كَكَثِيرِ الْمَالِ وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ يُعَرِّفُهُ سَنَةً. .
[فَصْلٌ لَا يُلْتَقَطُ إلَّا مَا ضَاعَ بِسُقُوطٍ أَوْ غَفْلَةٍ عَنْهُ أَوْ نَحْوِهِمَا]
(قَوْلُهُ: وَكَانَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ) وَإِنْ كَانَ لِلْوَاجِدِ فَسَبَّلَهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.
[تَنْبِيهٌ وَجَدَ دِرْهَمًا فِي بَيْتِهِ لَا يَدْرِي أَهُوَ لَهُ أَوْ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ الصَّحِيحِ)(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ فَهِيَ أَمَانَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ جَوَازِ الْتِقَاطِ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ وَنَحْوِهِمَا فِي لُقَطَةِ التَّمَلُّكِ خَاصَّةً، أَمَّا لُقَطَةُ الْحِفْظِ فَمُخْتَصَّةٌ بِالثِّقَةِ الْأَمِينِ الْمُسْلِمِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ نَصًّا وَلَكِنَّهُ ظَاهِرٌ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
فَهُوَ غَاصِبٌ)
فَيَضْمَنُهَا ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ كَالْمُودَعِ (فَلَوْ أَرَادَ) بَعْدَ ذَلِكَ (التَّعْرِيفَ لِلتَّمَلُّكِ) لَهَا (لَمْ يَجُزْ) كَالْغَاصِبِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ عَرَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَرَادَ التَّمَلُّكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ (لَكِنْ لَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ بَرِئَ) مِنْ الضَّمَانِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْغَاصِبِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ " لَكِنْ " بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِأَصْلِهِ (وَإِنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ فَهِيَ أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ (وَلَوْ بَعْدَ السَّنَةِ حَتَّى يَتَمَلَّكَ) كَالْمُودَعِ وَيُفَارِقُ الْمُسْتَلِمَ بِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ لِحَظِّ آخِذِهِ حِينَ أَخَذَهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ فَإِذَا تَمَلَّكَهَا فَلَيْسَتْ أَمَانَةً بَلْ يَضْمَنُهَا كَالْقَرْضِ (فَلَوْ أَحْدَثَ) بَعْدَ الْأَخْذِ لِحِفْظٍ، أَوْ تَمَلُّكٍ (قَصْدَ خِيَانَةٍ لَمْ يَضْمَنْ) بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ كَالْمُودَعِ (أَوْ) أَحْدَثَ (خِيَانَةً ضَمِنَ) لِتَحَقُّقِهَا (فَلَوْ أَقْلَعَ) عَنْهَا (وَعَرَّفَ) اللُّقَطَةَ (لِيَتَمَلَّكَهَا)(جَازَ) لِأَنَّ الْتِقَاطَهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَقَعَ مُفِيدًا لِلتَّمَلُّكِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُهُ بِطُرُوِّ تَفْرِيطِهِ (وَإِنْ أَخَذَهَا وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) مِنْ حِفْظٍ، أَوْ تَمَلُّكٍ، أَوْ خِيَانَةٍ (أَوْ قَصَدَ) وَاحِدًا مِنْهَا (وَنَسِيَ) هـ (لَمْ يَضْمَنْ وَلَهُ التَّمَلُّكُ بِشَرْطِهِ) .
(الْحُكْمُ الثَّانِي فِي التَّعْرِيفِ) لِلُّقَطَةِ الْأَوْلَى حَذْفُ " فِي " كَمَا فِي نُسْخَةٍ (وَيَنْبَغِي) لِمُلْتَقِطِهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ يَجِبُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْ يُنْدَبُ (أَنْ يُحِيطَ عِلْمًا بِالْعِفَاصِ) أَيْ الْوِعَاءِ (وَالْوِكَاءِ) أَيْ الْخَيْطِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ (وَالْجِنْسِ) أَيْ ذَهَبٍ أَمْ غَيْرِهِ (وَالنَّوْعِ) أَهَرَوِيَّةٌ أَمْ غَيْرُهَا (وَالْقَدْرِ) بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ، أَوْ عَدَدٍ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِسَائِلِهِ عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» وَقِيسَ بِمَعْرِفَةِ خَارِجِهَا فِيهِ مَعْرِفَةُ دَاخِلِهَا وَذَلِكَ (لِيَعْرِفَ صِدْقَ مُدَّعِيهَا) وَلِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِمَالِهِ (وَيُنْدَبُ كَتْبُهَا) أَيْ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَنَّهُ الْتَقَطَهَا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا (وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ سَنَةً وَلَوْ قَصَدَ) بِأَخْذِهَا (الْحِفْظَ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَلِئَلَّا يَكُونَ عَدَمُ التَّعْرِيفِ كِتْمَانًا مَفْتُونًا لِلْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَالْمَعْنَى فِي كَوْنِهَا سَنَةً أَنَّهَا لَا تَتَأَخَّرُ فِيهَا الْقَوَافِلُ وَتَمْضِي فِيهَا الْأَزْمِنَةُ الْأَرْبَعَةُ وَمَا قَالَهُ مِنْ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ فِيمَا إذَا الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ الْأَقْوَى وَالْمُخْتَارَ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ الْأَكْثَرُونَ عَدَمُ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ لِتَحَقُّقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفُورَانِيُّ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَنَةً قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي النِّصْفِ كَمُلْتَقِطٍ وَاحِدٍ وَقَالَ السُّبْكِيُّ بَلْ الْأَشْبَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعَرِّفُهَا نِصْفَ سَنَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا لُقَطَةٌ وَاحِدَةٌ وَالتَّعْرِيفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِكُلِّهَا لَا لِنِصْفِهَا، وَإِنَّمَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ التَّمَلُّكِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ قَالُوا يَبْنِي الْوَارِثِ عَلَى تَعْرِيفِ مُوَرِّثِهِ نَعَمْ لَوْ أَقَامَا مُعَرِّفًا وَاحِدًا، أَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَلَا تَرَدُّدَ فِيمَا رَآهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ بَلْ مِنْ جَوَازِهِ مَا قَدَّمْته عَنْ نُكَتِ النَّوَوِيِّ أَوَّلَ الْكِتَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَالِبُ الرِّوَايَاتِ مُصَرِّحٌ بِتَأْخِيرِ التَّعْرِيفِ عَنْ التَّعَرُّفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «عَرِّفْهَا، ثُمَّ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا» وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا تَعَرُّفٌ آخَرُ عِنْدَ إرَادَةِ التَّمَلُّكِ فَيُنْدَبُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَحَقَّقَ أَمْرَهَا قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهَا.
(وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ) لِلتَّعْرِيفِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ تَعْرِيفُ سَنَةٍ مَتَى كَانَ، وَلَا الْمُوَالَاةُ (فَلَوْ فَرَّقَ -.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ بَرِئَ) مَحَلُّهُ فِي الْأَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فَسَلَّمَهَا لَهُ كَانَ ضَامِنًا قَطَعَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقْلَعَ وَعَرَّفَ لِيَتَمَلَّكَ جَازَ) وَفَارَقَ مَا لَوْ تَعَدَّى الْمُودَعُ فِي الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ أَمِينًا إلَّا بِاسْتِئْمَانٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمَالِكِ بِأَنَّ ذَاكَ عَقْدٌ جَائِزٌ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ.
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ يَجِبُ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ وَإِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ فَعَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا وَيَتَأَمَّلَهَا حَقِيقَةَ التَّأَمُّلِ لِيَعْرِفَ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَالصِّفَةَ وَالْقَدْرَ وَزْنًا، أَوْ عَدَدًا، أَوْ يَتَأَمَّلَ ظَرْفَهَا وَالْخَيْطَ الْمَشْدُودَ عَلَيْهَا وَعِبَارَةُ الْمُقْنِعِ: وَكُلُّ مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ سِتَّةَ أَشْيَاءَ وَعِبَارَةُ الصَّيْمَرِيِّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَمَتَى أَخَذَهَا لَزِمَهُ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ وَعَدَّ مِنْهَا الْإِشْهَادَ عَلَيْهَا وَصَرَّحَ غَيْرُهُمْ بِوُجُودِ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ كَثِيرِينَ وَعَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَحَصَلَ فِي إيجَابِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الِاسْتِحْبَابُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا إذَا انْتَهَى الْحَالُ إلَى التَّمَلُّكِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالنَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا إذَا انْتَهَى الْحَالُ إلَى التَّمَلُّكِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَدٍ) ، أَوْ ذَرْعٍ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ سَنَةً) لَوْ مَاتَ الْمُلْتَقِطُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ فَهَلْ يَبْنِي وَارِثُهُ عَلَى مَا مَضَى أَوْ يَسْتَأْنِفُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَالْأَقْرَبُ الِاسْتِئْنَافُ كَمَا فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ لَا يَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَالْأَرْجَحُ الْبِنَاءُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَقَدْ انْقَطَعَ حَوْلُ الْمُوَرِّثِ بِخُرُوجِ الْمِلْكِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ فَيَسْتَأْنِفُ الْوَارِثُ لِابْتِدَاءِ الْمِلْكِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ قَرِيبًا أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلِئَلَّا يَكُونَ عَدَمُ التَّعْرِيفِ كِتْمَانًا لِلْحَقِّ) وَلَا يُقَالُ إنَّ رَبَّهَا يَنْشُدُهَا فَيُعْلِمُ بِهِ آخِذُهَا لِلْحِفْظِ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْقُطُ مِنْ عَابِرِ سَبِيلٍ وَمَنْ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ لِعَارِضِ مَرَضٍ أَوْ جُنُونٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالْغَزَالِيُّ) أَيْ وَالْبَغَوِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الْجَزْمُ بِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ بَلْ الْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّ الْمُلْتَقِطِ أَنَّ التَّأْخِيرَ يُفَوِّتُ مَعْرِفَةَ الْمَالِكِ وَإِلَّا وَجَبَ الْبِدَارُ، وَلَوْ مَاتَ الْمُلْتَقِطُ فِي أَثْنَاءَ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ أَتَمَّهَا وَارِثُهُ وَوَجْهُ اعْتِبَارِ السَّنَةِ أَنَّ الْقَوَافِلَ لَا تَتَأَخَّرُ فِيهَا وَتَمْضِي فِيهَا الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَلَوْ لَمْ يُعَرِّفْهَا سَنَةً لَضَاعَتْ الْأَمْوَالُ عَلَى أَرْبَابِهَا وَلَوْ جُعِلَ التَّعْرِيفُ أَبَدًا لَامْتَنَعَ مِنْ الْتِقَاطِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ السَّنَةِ لُقَطَةُ دَارِ الْحَرْبِ فَقَضِيَّةُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِتَعْرِيفِهَا.